يؤدي الوجه المشرق الدور الأبرز في الحفاظ على مظهر شاب، وبالتالي التقدّم في السن بطريقة سليمة من دون إظهار عمرنا الحقيقيّ. صحيح أنّ شكل الجسم يحتلّ أهمية كبرى في هذا المجال أيضاً، لكن يمكن فعل الكثير لإخفاء الأمور المزعجة فيه. أما في ما يخصّ الوجه، فقد يساعد الماكياج على تحسين الملامح لكن يبقى مفعوله محدوداً في بعض الحالات.

تشكّل النظرة تحديداً، عنصراً أساسياً في الانطباع الذي تمنحه المرأة عند إطلالتها الأولى.

Ad

ولا شكّ في أنّ الهالات السوداء والجيوب تحت العين تنعكس سلباً على شكل الوجه.

البشرة التي تحيط بالعين هي الأكثر رقّة في الجسم. لهذا السبب، تظهر معالم التقدّم في السن والإرهاق في هذه المنطقة تحديداً. من الشائع أن تتراكم الدهون والماء تحت الجفون السفليّة، وتتعزز هذه الظاهرة بفعل ترهّل البشرة.

تكون هذه الحالة غالباً وراثية، لذا قد نلاحظ ظهور جيوب أو هالات سوداء تحت العين عند الشباب أيضاً. لكن ثمّة عوامل أخرى تعزّز ظهور هذه المشكلة مثل الضغط النفسي، قلة النوم لفترة طويلة، النظام الغذائي الدسم، والتدخين. سرعان ما تتعقّد المشكلة حين تتراكم عوامل التعب والإفراط في التدخين. لكن إذا كانت هذه العوامل عابرة، فلن تتفاقم حالة البشرة حول العين لتصبح مشكلة مزمنة مدى الحياة. لكن يبقى عامل السن هو الأكثر تأثيراً في هذا المجال. مع مرور الوقت، تميل البشرة حول العين إلى الترهّل وتبرز عظام الوجه وتتشكّل الجيوب تحت العين. حتى لو لم تكن التجاعيد كثيرة، قد تشيخ البشرة حول العين دون سواها. لكن لا داعي لفقدان الأمل، فالحلول موجودة!

هالات العين

تتعدد أنواع الهالات السوداء التي تظهر تحت العين:

-  هالات ناجمة عن سوء أسلوب الحياة المُعتمَد: إنها حالة شائعة بالنسبة إلى كثر وتشمل كثرة الإرهاق والإفراط في التدخين مثلاً. عادةً، تكون الهالات السوداء عميقة صباحاً، وتستمرّ على هذه الحالة طوال اليوم حتى التمكّن أخيراً من أخذ قسطٍ من الراحة أو اتّخاذ قرار حاسم بالتوقف عن التدخين أو الإكثار من استهلاك الماء. الحلّ موجود إذاً، لكنه يكون أسهل وأبسط في مرحلة الشباب. في المقابل، تتفاقم الحالة وتتعقّد مع التقدم في السن، وقد تصبح العيون غائرة بشكلٍ مزمن، ما يدلّ على الشيخوخة ويعطي انطباعاً بالإرهاق الشديد. في هذه الحالة، يكمن الحلّ الأساسي في الراحة والنوم لساعات كافية ومنتظمة.

-  هالات وراثية: إنها حالة شائعة لأنّ المرء قد يأخذ بعض الخصائص الجسدية من أفراد أسرته بناءً على العوامل الوراثية. تكثر هذه الحالة لدى شعوب منطقة حوض المتوسط حيث تكون الهالات السوداء داكنة جداً. غالباً، يكون هذا اللون داكناً أكثر من لون البشرة العاديّ، ما يعزز ملامح التعب على الوجه. في معظم الأحيان، يكون تلوّن البشرة ببقعٍ داكنة ناجماً عن عوامل عرقية وإثنيّة.

- هالات ناجمة عن خلل في الدورة الدموية: ينجم بعض الهالات السوداء حول العين عن دورة دموية غير سليمة، فقد يؤدي تدفّق الدم في الأوردة إلى تكوّن الهالات الداكنة اللون.

جيوب العين

في معظم الحالات، تظهر الجيوب تحـت العـين مــع التــقـــدّم فـي السـن، ولا شكّ في أنّ الوضع يتفاقم بسبب قلة النوم. يتعلّق الأمر بتراكم الدهون أو الماء، بحسب كلّ حالة، ويرتبط ذلك غالباً بخلل في الدورة اللمفاوية أيضاً.

يصعب تقبّل هذا المظهر بالنسبة إلى النساء خصوصاً. تقضي العلاجات الأوليّة بإجراء خطوات شخصيّة كوضع كيس من الماء المثلّجة على العينين لتخفيف حدّة الانتفاخ. لكن بعد أن تترسّخ الجيوب تحت العين، لا تعود هذه الخطوات فاعلة.

في المرحلة الأولى، يمكن اللجوء إلى تدليك ذاتيّ منزلي بدءاً من جهة العين الداخلية باتجاه الخارج.

كذلك يساهم بعض المستحضرات في تخفيف الانتفاخ الناجم عن الإرهاق، وقد يكون بخلاصة البابونج مثلاً. يُذكَر أنّ فاعلية هذه العلاجات تزداد إذا كانت الجيوب منتفخة بالماء. لكن إذا ترسّخت الدهون تحت العين، لا تكفي هذه العلاجات بأيّ شكل. بالتالي، لا بدّ من تحديد نوع الهالات السوداء وجيوب العين التي يجب معالجتها، إذ سيكون العلاج مختلفاً في كل حالة.

تدابير ممكنة مختلفة

• مُخفيّ العيوب: تتعدد أنواع المستحضرات في هذا المجال. الأهمّ هو اختيار مُخفيّ الهالات السوداء الذي يكون لونه أفتح من لون البشرة، ويأتي على شكل أنبوب صلب أو كريم. يجب دهن كميّة قليلة منه في محيط الهالات السوداء وصولاً إلى حدود الخدود. ربّتي بهدوء على محيط العين كي يخترق المستحضر البشرة. يمكن استعماله حتى لو لم ترغبي في وضع كريم الأساس.

يُعتبر هذا الماكياج فاعلاً أيضاً لإخفاء الهالات السوداء العميقة والداكنة في آن، لكنه ليس كافياً للتخلّص منها بشكلٍ نهائيّ. باختصار، يقتصر دور مُخفيّ الهالات السوداء على طمسها موقتاً لا معالجتها جذريّاً.

• كريمات محفِّزة للدورة الدموية: هذه الكريمات سهلة الاستعمال، إذ يكفي استخدامها صباحاً ومساءً، أو في فترة الصباح حصراً، لتخفيف الهالات السوداء.

كذلك، تفيد في معالجة بعض أنواع جيوب العين الناجم عن مشكلةٍ في الدورة الدموية. يجب دهن هذه الكريمات في محيط العين كلّه مع الحرص على أن تخترق البشرة قبل وضع مخفيّ الهالات السوداء أو الماكياج عموماً.

• حقن مستحضر يمتصّه الجسم: غالباً، يتكوّن هذا المنتج من حمض الهيالورونيك لأنه الأكثر شيوعاً راهناً في مجال الطب التجميلي. كذلك، يمكنك تحسين مظهر الهالات السوداء من خلال معالجة فجوات الوجه التي تتكوّن مع مرور السنوات. تنعكس زيادة حجم الخدّين تحديداً على وضع الهالات السوداء بشكلٍ غير مباشر. عادةً، يكون الوجه الشاب ممتلئاً وخالياً من الفجوات. إنها عمليّة سريعة لأنّ حقن المنتج يتمّ فور دهن كريم مخدِّر. تكون الإبرة المستعملة رفيعة طبعاً كي يتمكّن الطبيب من التحكّم بالكميّة المحقونة. تتفاوت مدّة فاعلية هذه الحقن بحسب نوع المنتجات التي تُحقن. عدا عن حمض الهيالورونيك، قد تُستعمل مواد التوكسين بوتولينوم أو الكولاجين... عادةً، يدوم مفعول المنتجات الخفيفة بين ستة وتسعة أشهر، بينما يمكن التمتّع بمفعول يمتدّ على سنتين عبر استعمال منتجات أقوى. إذا كنت تريدين إعادة نفخ الخدّين مثلاً، ما ينعكس بشكلٍ غير مباشر على الهالات السوداء، لا بدّ من الخضوع لجلسة مطوّلة تدوم ساعة تقريباً، وتخلّف هذه الجراحة طبعاً بعض علامات التورّم على الوجه.

معلومات دقيقة

من الضروري أن تناقشي مع طبيبك النتائج التي قد تترتّب عن أي جراحة وطبيعة المنتجات المتوافرة للقيام بأفضل خيار ممكن. يجب أن تحصلي على معلومات دقيقة بشأن التقنيّة المتّبعة، وعواقبها، ومدّتها، وكلفتها، وعدد الجلسات المرتقبة.

• جراحة النفخ بالدهون: تتعلّق هذه الجراحة بحقن كمية صغيرة من الدهون تحت الجلد. قد تكون العين الغائرة حالة وراثية أو ببساطة نتيجةً للتقدّم في السن. يقترح الجرّاح إعادة نفخ المكان المتجوّف حول العين. غالباً، تُستخرج كميّة دهون قليلة من البطن أو الأرداف. تأتي النتائج إيجابية عموماً، ويدوم مفعول الجراحة، في 80% من الحالات، حتى سنة من إجرائها. غير أنّ هذه النتيجة ليست دائمة لأنّ الجسم سرعان ما يمتصّ الخلايا الدهنيّة.

قد يستهدف هذا العلاج جيوب العين والهالات السوداء في آن. غير أنّ القضاء على الجيوب قد يؤدي إلى تفاقم حالة الهالات السوداء. من الأفضل إذاً تغيير موقع الجيوب الدهنية القبيحة واستعمال جزء من ذلك الدهن لسدّ الفجوة التي تخلّفها الهالة السوداء حول العين. إنه حلّ مزدوج!

• تقشير البشرة: تتيح هذه الجراحة إخفاء البقع الجلدية خلال ثلاثة أسابيع تقريباً، ولها إيجابيّات عدة لأنها تناسب جميع أنواع البشرة ويمكن إجراؤها في أي وقت من السنة، حتى صيفاً. الجراحة بسيطة جداً وتتمّ تحت إشراف طبيّ بلا شك. بعد فحص البشرة، يوضع قناع خلال ساعات عدّة، وأحياناً طوال اليوم. وعند العودة إلى المنزل، يمكنك غسله بالماء والصابون. منذ اليوم التالي، إبدئي بدهن الكريم المناسب الذي يوصي به الطبيب، مرّة أو مرّتين يومياً. من الطبيعي أنّ معالجة البشرة الداكنة تستلزم وقتاً أطول من تلك الفاتحة. يستمرّ استعمال الكريم طوال أسابيع عدّة، وسرعان ما تختفي البقع الداكنة بنسبة 95%. لكن قد تُصاب البشرة بطفح جلديّ، ما يستلزم إيقاف العلاج خلال يوم أو يومين. إنها عملية تقشير خاصّة جداً، لأنّ البشرة الجافّة والداكنة قد تعاني من بهتان في لون البشرة في حال الخضوع لعملية تقشير غير مناسبة. الأهمّ إذاً، اختيار التقنية المناسبة لكلّ نوع بشرة.

• العلاج بالليزر: يتيح الليزر معالجة الوجه عموماً والهالات السوداء وجيوب العين خصوصاً. حين يبدأ الدهن الواقع في محيط العين والمسؤول عن حماية العين بالظهور نحو الخارج وتشكيل جيب تحت العين، يمكن سحب تلك الدهون عن طريق الليزر، مروراً بمنطقة الجفن الداخلية.

في هذه الحالة، لن يحدث أي نزيف ولن تظهر أي ندبة، حتى لو تشكّل تورّم صغير فور انتهاء الجراحة.

من استعمالات الليزر الأخرى: تبييض الهالات السوداء الذي يُخفي الندبات والأوشام الملوّنة والهالات الداكنة. الليزر إذاً جراحة مفيدة لأصحاب البشرة الجافّة والمختلطة التي لا تناسبها جراحات تقشير البشرة التقليديّة.

• جراحة تجميل الجفون: تستهدف الجفون العليا والسفليّة، ما يعني أنها تطاول جيوب العين مباشرةً. في هذه الحالة، لا تكون البشرة تالفة بل تكمن المشكلة في طبقتها الداخليّة. تتمّ هذه الجراحة سواء بالمشرط أو بالليزر. تقضي التقنيّة المُعتمدة الأولى بإحداث شِقّ صغير بين رموش الجفن السفليّ، بينما تقضي التقنية الثانية بإحداث شِقّ داخل الجفن السفليّ مباشرةً. تتطلّب هذه الجراحة ساعة عموماً إذا لم تترافق مع جراحة أخرى. من الضروري وضع نظارات شمسية كبيرة بعد الخروج من الجراحة بسبب التورّم الذي قد يظهر فور انتهائها. قد تبقى الكدمات ظاهرة على الوجه أياماً عدّة أو حتى أسبوعين أحياناً. يتوقف الأمر على مدى براعة الجرّاح الذي يضع ضمادة في مكان الشِّق في البداية. ولا بدّ في هذه المرحلة من وضع ضمادات باردة على الجفون للتخفيف من انتفاخها.

• جراحة فاعلة جداً: ينجح بعض الجراحات في القضاء على جيوب العين نهائياً. إنها جراحة شائعة في عالم الجراحة التجميليّة. المهمّ هو الاستعانة بجرّاح بارع في مجاله لأنّ الجراحة التي تستهدف الجفون تؤثّر حتماً على البصر. يُذكَر أنّ التقنيات في هذا المجال لا تزال في طور التحسّن. تتعلّق المضاعفات التي قد تنجم عن الجراحة بنسبة رضى المريض عن النتيجة، ما قد يستلزم تكرار الجراحة مجدداً. يحصل هذا الأمر حين يكون هدف الجراحة إعادة الشباب إلى الجفون وحين لا تقتصر على إزالة الجيوب. قد لا ينزع الجرّاح ما يكفي من الأنسجة، لكن يمكن إصلاح ذلك بسهولة. غير أنّ المشكلة الكبرى تقع إذا بالغ الجرّاح في سحب الأنسجة.

ككلّ جراحة، يجب التنبّه إلى جميع الجوانب الصحية قبل الخضوع إليها، مثل ضغط الدم، داء السكري، مشاكل القلب والأوعية...

من الطبيعي أحياناً أن تقضي المريضة فترة في العيادة لأنها قد لا تتمكّن من إغلاق جفونها بالكامل في الأيام الأولى وقد تذرف العينان الدموع أيضاً.

ما سبب شهرة حمض الهيالورونيك؟

يجب التنبّه دوماً إلى طبيعة المنتج الذي يُستخدَم خلال الجراحة وعدم الإقدام على تجربة منتجات جديدة لم تثبت فاعليّتها بعد. لذا يفضّل الأطباء عموماً استعمال موادّ موجودة طبيعيّاً في جسمنا. هذه هي حال حمض الهيالورونيك الذي يساهم في الحفاظ على مستوى مناسب من الترطيب في البشرة. كذلك، يتيح هذا الحمض حبس كمية الماء حتى تخترق الطبقات الجلديّة العميقة. وبالتالي، حين يُحقَن هذا الحمض في الجسم، لا يكتفي بحفظ الماء، بل ينخلط في الطبقة الجلدية أيضاً. هكذا تأتي النتيجة طبيعية لكن موقّتة.

غالباً، تُستعمَل هذه المادة لمعالجة التجاعيد حول الأنف والفم، وفي منطقة الجبين والخدّين وحتى الشفاه. نظراً إلى نجاحها الكبير، يمكن استخدامها على جميع أنواع البشرة، حتى الداكنة منها. إذا حالفك الحظ، قد يستمرّ مفعول الجراحة طوال سنة كحدٍّ أقصى، أو أقلّ من ذلك، ما يعني ضرورة زيارة الطبيب مجدداً، وهذا أمر مكلف.

باختصار، تتوافر حلول فاعلة لمعالجة الهالات السوداء وجيوب العيون. لكن إذا أردت نتائج جذريّة لإزالة الجيوب من تحت العين، لا مفرّ من الجراحة. أما بالنسبة إلى الهالات السوداء، فيمكن تجنّب الجراحة من خلال دهن الهالات بالكريمات موقتاً. لكلّ من يخشين الجراحات والحقن، يمكنهنّ الاكتفاء بالماكياج والكريمات المضادة للاحتقان وأقنعة الوجه، ولا ننسى أهميّة النوم السليم والنظام الغذائي الصحي والامتناع عن التدخين!