بعد الحديث في الحلقة السابقة عن أول عربة تجرها الخيول في الكويت، نتحدث اليوم عن أول سيارة وصلت إلى الكويت، وفي هذا الموضوع روايتان، الأولى رواها المؤرخ الفاضل العم سيف مرزوق الشملان في كتابه «من تاريخ الكويت»، والثانية رواها المرحوم المؤرخ والأديب عبدالله خالد الحاتم في كتابه «من هنا بدأت الكويت». الرواية الأولى تقول إن أول سيارة وصلت إلى الكويت هي سيارة مستعملة اشتراها الشيخ مبارك الصباح من الهند بواسطة وكيله في بومبي المرحوم محمد سالم السديراوي وجلبها إلى الكويت عام 1911 وهي من نوع «منيرفا» بلجيكية الصنع، لها أربعة أبواب، ومكشوفة السقف (تنته)، وكان يقودها في البداية سائق هندي اسمه علي «بيلا»، أتى إلى الكويت مع السيارة، ثم تعلم منه أول سائق كويتي وهو المرحوم علي حسين الخنفر.  هذه السيارة حسب رواية العم سيف الشملان لم تستعمل في الكويت كثيراً لتعطلها المتكرر، فتم إعادتها إلى الهند وبيعها هناك. والرواية الثانية تقول إن أول سيارة كانت سيارة جلبها إلى الكويت التاجر الكويتي قاسم بن محمد الإبراهيم، الذي يعد من أكبر تجار اللؤلؤ ويملك ثروة طائلة في وقتها، وأهداها إلى الشيخ مبارك الصباح وهي أيضا من نوع «منيرفا» بلجيكية الصنع موديل عام 1912م، ولونها أحمر، وسميت بالفيل نظراً لحجمها الكبير وصوتها العالي. وقد أدهشت السيارة أهالي الكويت حتى قال بعضهم إنها من علامات الساعة، كما دفعت الشاعر زين العابدين باقر إلى نظم قصيدة فيها مطلعها:   أرى الأرضين ترجف بارتعاد    وأسمع صوت رجف للجياد وصم مسامعي زفرات خـيل       إذا صهلت ومالت للط راد يشاهدها الغريب يراه فيــلا       ووهج النار فيها كاتقـادي

Ad

ويؤكد الشاعر أن هذه السيارة هي هدية من التاجر قاسم الإبراهيم إلى الشيخ مبارك فيقول في نهاية القصيدة:

هدية قاسم جزل العطايـــا     ليركب شيخنا عوض الجيـادي

هذا ما ورد في بعض كتب التاريخ من روايات عن أول وثاني سيارة، ولست هنا أقول إن الروايتين صحيحتان، ولكني أنقل ما ورد في هذا الموضوع، بدون تجاهل لأي رواية. في نهاية هذه الحلقة، ننشر الصورة الوحيدة لأول سائق كويتي وهو في الاستوديو في الهند في العقد الثاني من القرن العشرين. أما رواد السائقين الذين وثقوا في التاريخ الكويتي فنذكر منهم محمد السيد عمر السيد عاصم، وعيسى صالح العبدالجادر، وعبدالله شملان بن علي السيف، وفهد صالح العبدالجادر، رحمهم الله جميعاً. هؤلاء هم أوائل السائقين، ولكن كان أيضا هناك تجار ممن اشتروا سيارات مبكرا، ولكنهم لم يقودوها بأنفسهم مثل شملان بن علي آل سيف، وحمد الخالد، وهلال المطيري، وحمد العبدالله الصقر، والشيخ احمد الجابر الصباح، وغيرهم، رحمهم الله جميعا. في الحلقات القادمة سأتحدث، إن شاء الله، عن بعض هؤلاء الرواد في قيادة السيارة في الكويت، وسأعرض بعض الصور النادرة لهم.