أخرج براد بيرد عدداً من بعض ألمع الأفلام المعدة على الكمبيوتر (أنيميشن) وأكثرها إثارة خلال العقدين الماضيين، هذا إن لم نقل على الإطلاق. فقد رفع معايير هذا النوع من الأفلام مع The Iron Giant. كذلك فاز بأوسكار أفضل فيلم أنيميشن مع The Incredibles وRatatouille. هكذا، حقق نجاحاً تجارياً كبيراً، حاصداً في الوقت عينه كثيراً من مدح النقاد. أخيراً، خاض هذا المخرج تجربة جديدة في عالم أفلام الحركة، ماذا يقول عنها؟يمقت المخرج براد بيرد الشعور بالاكتفاء والرضا عن الذات، مستشهداً بكلمات ستيف جوبز خلال حفلة تخرج في جامعة ستانفورد عام 2005: «ابقوا جائعين، ابقوا مجانين». يسعى بيرد اليوم إلى تحقيق أحلام أكبر مما حقق، محاولاً خوض تجربة جديدة بالغة الأهمية في عالم أفلام الحركة مع فيلم المغامرة الحافل بالمجازفات الذي يتطلب ميزانية ضخمة ويشارك فيه توم كروز MissionImpossible: — Ghost Protocol.انتقل فريق الإنتاج إلى مواقع تصوير في روسيا والجمهورية التشيكية وكندا والولايات المتحدة ودبي، حيث نزل كروز بالحبل على واجهة برج خليفة الشاهق. لكن المفاجئ حقاً قول بيرد إن تصوير أحد أبرز نجوم العالم وهو يتسلق أطول مبنى في العالم لا يختلف كثيراً عن إخراج شخصيات كرتونية معدة بواسطة الكمبيوتر.يوضح بيرد: «تقوم الأفلام كافة، باختلاف أنواعها، على تصوير اللقطات وسرد الرواية». صحيح أن أفلام الحركة تلجأ دوماً إلى تقنيات الكمبيوتر، لكن بيرد أدرك أن جعل كروز «يتدلى فعلاً» فوق برج شاهق سيولد لدى المشاهدين إثارة حقيقية لا يمكن بلوغها بأي وسيلة أخرى.أعطى القيمون على سلسلة:Mission Impossible بيرد حرية كبرى. فقد استخدم كروز، الذي ينتج أيضاً هذه الأفلام، مخرجاً مختلفاً لكل جزء من الأجزاء الأربعة. في هذا الجزء، يشمل فريق كروز النجم سيمون بيغ الذي سبق أن شارك معه في هذه السلسلة، فضلاً عن عدد من الممثلين الجدد مثل جيريمي رينير وباولا باتون. يؤدي هؤلاء أدوار زملاء لا يعرفون أحدهم الآخر يقعون في ورطة عندما يتوقف الدعم الرسمي الذي يحظون به. يذكر بيرد أنه مع غياب خطة مفصلة للشكل الذي سيتخذه الفيلم، نعم بحرية مطلقة ليطبع الفيلم بطابعه الخاص، فقدّم فيلماً مليئاً بالإثارة وبطلاً يتمتع بمهارات خارقة، إلا أنه يبقى إنساناً.يذكر بيرد: «راقني أن يتحلى كل جزء بنكهته الخاصة. رغب توم في أن يحمل كل فيلم بصمات مخرجه، وهذا أحد الأسباب التي جذبتني إلى هذه السلسلة».فكاهةبعض أفلام بيرد المفضلة أفلام حركة ممزوجة بالفكاهة، «إلا أن هذه الأخيرة بعيدة تماماً عن العبارات المبتذلة أو المستهلكة التي نراها مطبوعة على القمصان القطنية. كذلك، لا تعتمد هذه الفكاهة على التلميح والإيحاء، بل تنبع بصدق من الشخصية». يؤكد بيرد أنه يحب Raiders of the Lost Ark «لأنه يتمتع بنوع من التوازن بين الطاقة وسرعة الحركة والمخاطر، ما يجعلك تتسمر أمام الشاشة وتتعاطف مع إنديانا جونز. تحب هذه الشخصية لأنها قُدّمت بطريقة ذكية، وينطبق الأمر عينه على الجزء الأول من سلسلة أفلام Die Hard. يحتوي هذا الفيلم على كثير من الفكاهة، بيد أنها لا تطغي على الحركة والإثارة».إحدى اللحظات المميزة في فيلم بيرد عندما يعلم الجاسوس الخارق إيثان هانت أن عليه تسلق واجهة برج خليفة الزجاجية، معتمداً على قفازي غراء فحسب. يكون الوضع حرجاً، لكنك ترى علامات الصدمة والتردد على محيَّا كروز قبل القبول بالقيام بهذه المجازفة.يقول بيرد: «أكره أن أرى أبطال أفلام الحركة يواجهون المخاطر بفرح ويتصرفون بلامبالاة. فيبدو جيمس بوند، الذي يؤديه روجر مور، كما لو أنه في جلسة صونا. صحيح أن شون كونري يتصرف كبطل جريء، إلا أنك تشعر أن حياته كلها تمر أمام عينه في المواقف الخطرة. لذلك، تتعاطف مع الشخصية لأنها تبدو لك واقعية».يعتبر بيرد البالغ من العمر 54 سنة أن المجازفة والخروج عن المألوف أمر ضروري. يُعتبر هذا المخرج، الذي وُلد في مونتانا ونشأ في أوريغون، خبيراً في عالم الأنيميشن. فقد أعد فيلمه القصير الأول (قصة السلحفاة والأرنب) وهو في الحادية عشرة من عمره، واستغرق في تنفيذه سنتين. في عام 1977، بعث بنسخة منه إلى استوديوهات «والت ديزني»، فأثار عمله إعجابهم فدعاه القيمون عليها وهو في الرابعة عشرة من عمره للالتحاق ببرنامج تعليمي. هكذا، تدرب تحت إشراف خبراء ديزني المحترفين، وساهم في إعداد فيلم The Fox and the Hounds الذي أطلقته هذه الاستوديوهات عام 1981.خاب أمل بيرد من القدرات الإبداعية المحدودة في ديزني مطلع ثمانينيات القرن الماضي، فغادر هذه الشركة وبنى لنفسه بسرعة سمعة كأفضل كاتب سلسلة ستيفن سبيلبرغ الخيالية Amazing Stories، ثم شارك لفترة في The Tracey Ullman Show ليمضي بعد ذلك ثمانية مواسم مع The Simpsons.ولد وآليكانت انطلاقة بيرد في عالم الإخراج عام 1999 مع فيلم The Iron Giant، تصوير مؤثر لقصة الشاعر البريطاني تيد هيوغز عن الوفاء والصداقة بين ولد وآلي. صحيح أن هذا الفيلم لم يحقق أرباحاً هائلة على شباك التذاكر، غير أنه ترك انطباعاً كبيراً عند كل مَن شاهده، بمن فيهم ستيف جوبز، الذي وظف بيرد في بيكسار عام 2000 لينشّط هذه الشركة ويحافظ على إبداعها وتطورها. بفضل بيرد، حققت هذه الشركة سلسلة غير مسبوقة من النجاحات. تميز The Incredibles، أول فيلم طوره بيرد لبيكسار (وكتبه وأخرجه) وتناول فيه قصة البطولة الخارقة، بمشاهده المليئة بالحركة أظهرت براعته في استخدام الصور لسرد الرواية. نتيجة مهاراته هذه أسندت إليه مهمة إخراج الجزء الجديد من Mission: Impossible.واجه بيرد مع سلسلة مجازفات Mission: Impossible تحديات لم يسبق أن صادفها، يخبر: «بدت مجازفة البرج معقدة جداً ويستحيل تنفيذها. فلا تقتصر صعوبتها على تعليق الممثل في الهواء، بل تتخطاه لتشمل تصوير المشهد بتقنية آيماكس»، التي تتطلب كاميرات خاصة ضخمة، ثقيلة، وتصدر ضجيجاً عالياً. يتابع بيرد موضحاً: «لا شك في أننا قررنا أداء المجازفات الأصعب ونجحنا في ذلك».يؤكد بيرد أن الميزة الأبرز في إخراج أفلام الحركة هي العفوية. يقول: «من الممتع أن تتمكن من أن تضيف بعض الحركات أو التفاصيل إلى المشاهد قبل بدء التصوير مباشرة ورؤية ما قد يحدث. لا شك في أنك ستحصل على لقطة مميزة لا تتكرر. ثمة مشهد في الفيلم يجمع جيريمي رنير وسيمون بيغ صُور في لقطة واحدة، وتُلاحظ فيه طريقة تفاعلهما العفوية المليئة بالحياة. تضيع هذه الحيوية والعفوية إن اعتمدت تقنية الأنيميشن».صحيح أن بيرد يعتبر نوعي الأفلام هذين على قدر ذاته من الأهمية، إلا أنه يقول إن أفلام الحركة «تحظى بمكانة أفضل في صناعة الأفلام. فلطالما اعتبرت أفلام الأنيميشن مخصصة للأولاد». لم يسبق أن رُشح، وفق بيرد، أي مخرج أفلام أنيميشن لجائزة أفضل مخرج: «لا شك في أن أوسكار أفضل فيلم أنيميشن جائزة بالغة الأهمية، إلا أنها تفصل هذا النوع من الأفلام عن سائر الأنواع. سرني أن أُرشح بضع مرات لجائزة أفضل سيناريو لأنني كنت أتنافس مع كتاب كل أنواع الأفلام، لا أفلام الأنيميشن فحسب. أحب أن أكون جزءاً من مجموعة أكبر».صحيح أن هذا الفيلم الجديد سيفتح أمامه أفاقاً جديدة في مسيرته كمخرج، لكن بيرد ينوي أن يبقى ناشطاً في بيكسار كعضو من اللجنة المشرفة على الإبداع. يقول: «لم أعد أمضي وقتاً طويلاً في بيكسار كالسابق، غير أنني ما زلت فاعلاً. إنها شركة مذهلة، فهي تضم فريقاً داعماً من كبار المواهب وأنا أحبهم كثيراً».
توابل - Movies
براد بيرد يدخل أفلام الحركة مع 4 Mission Impossible
19-12-2011