تجاوزت أيام التسجيل باقتدار... والفترة المقبلة هي الأصعب

Ad

تواجه الحكومة أصعب اختبار لها لتجاوز مرحلة الانتخابات البرلمانية، والعبور بها إلى النجاح، وهو ما تسعى إليه حالياً، لتخطي عقبات قد تصطدم بها لاحقاً.

وضعت الأحداث السياسية السابقة الحكومة الجديدة برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك أمام تحديات كبيرة، أولها عبور مرحلة الانتخابات البرلمانية، وثانيها إعادة العلاقة المبتورة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأخيرا تحقيق إنجازات ملموسة للشعب بما يعيد الثقة لدور الحكومة في إرساء قواعد البناء والتنمية والإصلاح ومحاربة الفساد.

ولعل الانتخابات البرلمانية ونجاحها، من حيث نزاهتها والتصدي لما قد يؤثر على سيرها من انتخابات فرعية أو عمليات شراء الأصوات، تمثل أهم بداية تتطلع لها الحكومة الحالية لتمهيد الطريق لحكومة ما بعد الانتخابات، فإن نجحت فهي نزعت فتيل مواجهة، وتجاوزت صداع الاتهامات بإسقاط مرشحين لصالح آخرين يدعمونها، وهو ما حذر منه أكثر من مرشح، سواء من النواب السابقين أو المرشحين الجدد.

إشارات إيجابية

يقول المراقبون لانتخابات أمة 2012 أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة في شأن الانتخابات تمثل إشارات إيجابية لبداية نهج جديد، فتكليفها لمؤسسات المجتمع المدني في متابعة الانتخابات في الدوائر الخمس سابقة غيرت من مجرى المشاركة الشعبية في العرس الديمقراطي، فلم تعد المشاركة ترشيح وانتخاب فقط بل أضيف إليها بعد المتابعة والمراقبة الشعبية.

ويصف المراقبون المخاوف السياسية التي رافقت دخول مؤسسات المجتمع المدني على خط الإشراف على الانتخابات بـ"المستحقة"، خصوصا كونها تجربة أولى جاءت بعد أزمة سياسية شديدة أفقدت الثقة الشعبية في النظام الحكومي الإداري، ووضعت التكليف في دائرة الشك، الأمر الذي يزيد من مسؤولية جمعيات النفع العام في تقديم مشاركة فاعلة وحقيقية وليست صورية لإعطاء الانتخابات صك البراءة من التدخلات الحكومية.

ويبين المراقبون أن رغبة الحكومة في مشاركة المجتمع المدني في متابعة الانتخابات، ونجاح التجربة يمهد بشكل كبير لإنشاء المفوضية العليا لإدارة الانتخابات، وهو ما تفتقده العملية الديمقراطية في الكويت رغم عمرها المديد.

الانتخابات الفرعية

ومن الإشراف إلى الانتخابات الفرعية التي يرى المراقبون أن الموقف الحكومي منها كان متذبذباً، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة، لا سيما من مرشحي الدائرتين الرابعة والخامسة الذين قرروا مقاطعة "الفرعيات" التزاماً بالقانون وحكم المحكمة الدستورية. ويضيف المراقبون أن نجاح إقامة "الفرعيات" أعطى انطباعاً لدى بعض المرشحين أن هناك استهدافاً لمرشحي المعارضة بهدف تقوية مرشحي الفرعيات، لافتين إلى أن نتائج الفرعيات بالمقابل أسقطت نوابا متهمين في قضية الإيداعات المليونية.

الموقف الحكومي الحالي من "الفرعيات" كان أمامه تجربتان سابقتان، الأولى كانت في انتخابات 2008 والتي استخدمت فيها القوات الخاصة، ما أدى إلى مواجهات أمنية في فرعية "العوازم" وفرعية "مطير"، والتجربة الأخرى كانت في أمة 2009 حيث جرت "الفرعيات" بمراقبة الأجهزة الأمنية ولكن بأدلة ضعيفة لا تدين مرتكبي جريمة "الفرعيات" وهو ما تبين بصدور أحكام بالبراءة لمعظم الفرعيات.

وبعكس الانتخابات الماضية وما قبلها، اتخذت الحكومة موقفاً لافتاً في التعامل مع "الفرعيات"، إذ سجلت وزارة الداخلية سابقة جديدة تمثلت في الإعلان الرسمي برصدها لانتخابات فرعية وتوثيقها لعمليات الاقتراع والفرز صوتاً وصورة، بل ذهبت الوزارة إلى ما هو أبعد من ذلك في نشر صور لانتخابات فرعية على وسائل الإعلام، وهو ما يسجل لصالح الحكومة و"الداخلية" على حد سواء. إلا أن المراقبين يرون في نجاح "الفرعيات" بحد ذاته أمراً ترك بصمة سوداء على الانتخابات العامة، مشيرين إلى أن الحكومة كان بإمكانها الحد من المشاركة في الانتخابات الفرعية أو تعطيلها دون اللجوء إلى المواجهة الأمنية السابقة.

ويتساءل المراقبون: "هل ما لدى الداخلية من أدلة كفيل بإدانة القائمين على الفرعيات قضائيا؟"، مستكملين حديثهم بالإشارة إلى أن متابعة إجراءات المحاكمة والأحكام التي ستصدر كفيل بإيضاح حقيقة الموقف الحكومي منها، فإمّا كانت تلك الانتخابات برعاية حكومية فعلاً، وهو ما يؤكد مخاوف المرشحين، أو أنها كانت جادة في تطبيق القانون لمحاربتها، وهو ما يعكس نهجاً جديداً.

الإعلام الإلكتروني

وعلى صعيد متصل، يدخل الجانب الإعلامي للانتخابات المقبلة كتحدٍ آخر أمام الحكومة، خصوصاً أمام الانتشار الواسع لاستخدام الإعلام الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، فقانون المطبوعات والنشر لا يشير بصورة صريحة الى تلك الوسائل الحديثة ولا يجرمها.

وعلى المستوى الحكومي، لابد من الإشارة الى قرار وزارة الإعلام بإعطاء المرشحين فرصة للظهور على التلفزيون الرسمي للدولة لبيان برامجهم الانتخابية، وهي خطوة تستحق الإشادة، لا سيما أن الظهور على الإعلام الخاص مكلف مادياً ولا يحقق العدالة لجميع المرشحين.

غير أن خطوة الحكومة في المقابل قد تشكل عبئاً عليها إذا ما استخدمت منهج الانتقائية في اختيار المرشحين، ما يعد أحد صور التدخل الحكومي في الانتخابات، وبالتالي فإن القرار الحكومي سيكون محط الأنظار والتقييم خلال الفترة المقبلة.

بشكل عام، وحتى إغلاق باب التسجيل للانتخابات، استطاعت الحكومة تجاوز الأيام العشرة باقتدار، ولكن تلك الأيام قد تكون الأسهل، والشهر المقبل هو الأصعب مع تصاعد وتيرة الخطاب الانتخابي، ودخول المال السياسي طرفاً، وانتشار الشائعات "الإلكترونية"؛ فكيف ستتعامل الحكومة مع الأيام المقبلة؟