ضمن كلمة دولة الكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك

Ad

أكد المحمد أن الكويت تحرص على تعزيز وتطوير علاقاتها مع جيرانها على أسس ثابتة ومتينة، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

قال رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد أن "ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حالياً من تطورات وأحداث هو مبعث للقلق الشديد وينذر بمزيد من التدهور لأمن المنطقة واستقرارها"، موضحاً أن "استخدام القوة وأعمال العنف التي راح ضحيتها الآلاف لا بد أن تتوقف حقنا للدماء، ولا بد أن تتم الاستجابة للمطالب المشروعة للشعوب وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جادة وسريعة"، ومشدد في الوقت نفسه على دعم دولة الكويت في هذا الصدد جميع الجهود الداعية إلى الحوار والتفاهم ونبذ العنف.

جاء ذلك في كلمة دولة الكويت التي ألقاها الشيخ ناصر المحمد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ممثلاً لسمو أمير البلاد، وفي ما يلي الكلمة:

"إن أهمية منظمتنا هذه أصبحت وبدون شك تزداد مع مرور الوقت، فالساحة الدولية شهدت خلال العقود الستة الماضية الكثير من الأحداث والتطورات التي كان لها تأثير مباشر على السلم والأمن الدوليين، واستطاعت الأمم المتحدة باعتبارها أكثر الآليات الدولية متعددة الأطراف شرعية ومصداقية واستقلالية أن تكون الملاذ الآمن للدول الأعضاء للبحث عن حلول جماعية وموحدة لمواجهة عدد من المشاكل والأزمات، فهناك قناعة بأن دولة بمفردها مهما كانت إمكاناتها وقدرتها لا تستطيع التصدي لمخاطر، كالإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وظاهرة التغير المناخي والأوبئة والجريمة المنظمة وغيرها من التحديات التي لم تعد الحدود الجغرافية والوطنية حاجزا لانتقالها وانتشارها وتأثيرها.

الشرق الأوسط

إن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليا من تطورات وأحداث هو مبعث للقلق الشديد وينذر بمزيد من التدهور لأمن المنطقة واستقرارها فاستخدام القوة وأعمال العنف التي راح ضحيتها الآلاف لا بد أن تتوقف حقنا للدماء، ولا بد أن تتم الاستجابة للمطالب المشروعة للشعوب وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جادة وسريعة، وتدعم دولة الكويت في هذا الصدد جميع الجهود الداعية إلى الحوار والتفاهم ونبذ العنف.

وتحرص دولة الكويت على تعزيز وتطوير علاقاتها مع جيرانها على أسس ثابتة ومتينة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والارتقاء بالعلاقات إلى المستوى الذي تطمح له شعوب المنطقة. وفي هذا السياق، تدعو دولة الكويت جمهورية إيران الإسلامية إلى اتخاذ تدابير جادة وحقيقية لبناء الثقة تتمثل بالالتزام بقرارات  الشرعية الدولية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتبديد المخاوف والشكوك حيال برامجها النووية، والتعاون الإيجابي لحل النزاع حول الجزر الإماراتية المحتلة وفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي.

احتفالات الكويت

لقد احتفلت دولة الكويت هذا العام بالذكرى الخمسين لاستقلالها والذكرى العشرين لتحريرها من الاحتلال العراقي الصدامي، هذا التحرير الذي أعتبر بحق واحدا من أبرز نجاحات الأمم المتحدة في سعيها لردع العدوان، وإزالة آثاره، استنادا إلى مبادئ الميثاق وقرارات الشرعية الدولية. كما ستحتفل الكويت في شهر نوفمبر القادم بمرور خمسين عاما علي صدور دستورها، والذي قنن الديمقراطية التي جبلت عليها الكويت منذ تأسيسها، وهو يعتبر أحد ابرز انجازات الكويت نظاما وشعبا، وهذه كلها مناسبات تاريخية لدولة صغيرة محبة للسلام، مؤمنة بمبادئ وأهداف الميثاق والقانون الدولي، مستندة في علاقاتها على مبادئ احترام السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وحل كافة الخلافات بالطرق والوسائل السلمية. وتحرص دولة الكويت على تجاوز ذكرياتها الأليمة من خلال إقامة علاقات وثيقة يسودها التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار مع جمهورية العراق الشقيق، الذي نأمل أن يعمه الاستقرار والتنمية، ويحقق مزيدا من التقدم في مساعيه وجهوده لفرض الأمن وإعادة بناء اقتصاده الذي دمره النظام السابق بسياساته العدوانية والتوسعية، ونجدد هنا التزامنا بتقديم كافة أشكال الدعم لمساعدة العراق على تنفيذ الالتزامات الدولية المتبقية عليه التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يمكن العراق من استعادة دوره في محيطه الإقليمي والدولي.

القضية الفلسطينية

لقد مضت أكثر من ستة عقود والأمم المتحدة تقف عاجزة عن إيجاد حل للقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بل إن معاناة الشعب الفلسطيني تتفاقم مع مرور السنين، فأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية تزداد سوءا، فالمستوطنات تتوسع، والأراضي تصادر، والمياه تسرق، ومناطقه تحاصر وتنقلات شعبه تقيد وأبناؤه يعتقلون، وما يبعث على القلق أن المجتمع الدولي يقف متفرجا على هذه الممارسات والسياسات الإسرائيلية دون أن يتصدى لها أو يردعها رغم مخالفتها وانتهاكها الصريح لأبسط قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتقويضها لفرص تحقيق السلام. ونجدّد هنا التزامنا ودعمنا الكامل لمطالب السلطة الفلسطينية ومساعيها للحصول على عضوية الأمم المتحدة كدولة مستقلة ذات سيادة كاملة العضوية.

تقارير الأمم المتحدة

وترحب دولة الكويت بالتقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ووكالاتها حول ما تحقق من الأهداف الإنمائية للألفية التي اعتمدتها القمة العالمية سنة 2005، ويحق لنا جميعا أن نفخر بالانجازات التي تحققت في مجال انخفاض عدد المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وتوفر الدواء لأعداد أكبر من المصابين بهذا المرض والأمراض المعدية الأخرى كالملاريا والسل.

ولكن ورغم هذه الانجازات مازال هناك الكثير الذي يجب علينا جميعا عمله، فالإنجازات غير متوازنة ومتفاوتة بين دولة وأخرى، وهناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد عدم قدرة بعض الدول على الوصول إلى أهداف الألفية الإنمائية بحلول عام 2015 لأسباب عديدة لعل أبرزها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي طالت آثارها وانعكاساتها السلبية أغلب الدول كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، ولكن الدول النامية والدول الأقل نموا وبسبب ضعف وهشاشة اقتصادياتها عانت الكثير، فقد تباطأ نموها الاقتصادي وانخفض حجم صادراتها وارتفعت معدلات البطالة فيها، وفي المقابل ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية مما فاقم من آثار الأزمة اقتصاديا واجتماعيا، وما كاد العالم يتعافى من هذه الأزمة حتى ظهرت بوادر أزمة أخرى تهدد النمو الاقتصادي العالمي من جديد، وتتمثل في مشكلة الديون السيادية للولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.

المساعدات الكويتية

وفي هذا السياق، فإن دولة الكويت لم تأل جهدا في تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للدول المنكوبة من الكوارث الطبيعية والاستجابة لنداءات الأمم المتحدة ووكالاتها للتخفيف من معاناة شعوب هذه الدول، وإيمانا منها بأهمية دور الأمم المتحدة في مجال العمل الإنساني زادت دولة الكويت من مساهماتها الطوعية لعدد من المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة، كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة المركزي للطوارئ واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ورغم أن الكويت دولة نامية إلا أنه ومنذ استقلالها عام 1961 خطت لنفسها نهجا وسياسة ثابتة بالوقوف إلى جانب الدول النامية والدول الأقل نموا من خلال تقديم يد العون والمساعدة الإنسانية والتنموية لها، حيث استفادت أكثر من 100 دولة من مختلف مناطق العالم من مساعدات تجاوزت قيمتها 15 مليار دولار.

ولقد أطلق أمير دولة الكويت مبادرات عدة هي: مبادرة الحياة الكريمة، مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة, مبادرة إعمار شرق السودان، وذلك للتخفيف من معاناة العديد من الدول التي تأثرت بارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة وتلك التي تأثرت اقتصاداتها بالأزمة المالية العالمية وارتفعت فيها معدلات البطالة ومستوى الفقر, ولقد استفادت فعليا العديد من الدول من تلك المبادرات.