قضيت اثني عشر عاما خلال سنوات التعليم الإلزامي في مصر أردد في كل صباح لحن "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي"، ولأن مولدي كان مواكباً لزمن الانتصارات فقد نشأت في جو مفعم بالوطنية تغنيت فيه بحب بلادي، وبتلقائية الأطفال تبارينا في حفظ الأناشيد الوطنية وترديدها في كل وقت بعزة وفخر نسطر يوماً بعد يوم رسالة رد الجميل لهذا الوطن.رددتُ أيضا اثنتي عشرة سنة أخرى في كل صباح "وطني الكويت سلمت للمجد" في وطن آخر لم شعر فيه يوما بغربة، وأنا أرى علمه بألوان لا تزيد على علم بلادي سوى بلون الخير الأخضر، وما زلت أحمل تلك الرسالة التي عقدت النية لتقديمها إلى وطني فقدمتها إلى وطن آخر عن طيب خاطر، مؤمناً بأن انتماء الأشخاص إلى وطن شرط ضروري لكنه ليس الوحيد الذي يحقق معنى الوطنية. أقدر وأحترم أصحاب الأرض، لكني أتحفظ على نظرة البعض للوافد الذي يشاركهم في بناء نفس الوطن، فالكل يعمل من أجله مهما اختلفت الدوافع، وأتذكر كلمات والدي- رحمه الله- والذي عمل أيضا في هذا الوطن رافعاً نداء "حي على الصلاة، حي على الفلاح" وهو يقول: "هذا بلد خير ولا ينكر خيره إلا جاحد". إن ما حدث من الطفل الوافد الذي لم يتجاوز عمره السنوات العشر حين تساءل ببراءة عن سر عدم امتداد الثورة إلى الكويت ما هو إلا انعكاس لشعوره أنه يعيش في وطنه، وكانت كلمات قليلة كفيلة بإجابته بدلا من تصعيد الموقف ليصل إلى ما آل إليه، فدور المدرسة لا يقتصر على ألف وباء، فهي معنية بترسيخ المفاهيم لدى الطفل منذ مراحل نموه الأولى، فيتعلم أنه يعيش في مجتمع، وأنه عنصر فيه له حقوق وعليه واجبات، من خلال تفاعل حقيقي بين الأسرة والمدرسة لتعزيز الخبرات المكتسبة، وأهمها مفهوم الوطنية والمواطنة.روى لي أحد الأصدقاء عن ابنه الذي ولد وتعلم في الكويت، والذي تقدم لإحدى الكليات العسكرية في مصر، وأثناء المقابلة الشخصية سُئل: هل تحفظ النشيد الوطني؟ لم يتردد الشاب لحظة ليردد بكل ثقة وحماس «وطني الكويت سلمت للمجد».
مقالات
بلادي والكويت... سلمتما للمجد
11-06-2011