بقي التمييز بين الرجل والمرأة مشكلة قائمة في عالم المال والأعمال منذ سنوات طويلة. اليوم، يؤكد علم {الاقتصاد العصبي} الناشئ وجود فرق في الأداء بين الجنسين تأكيداً لا يحتمل الشك ويعتبر أنه لا يجب السماح للشبان الذين تحرّكهم هرموناتهم الذكورية بأن يتولوا وحدهم مهمة إدارة مواردنا المالية...The Observer تناولت هذا الاكتشاف، وإليكم التفاصيل. خلال الأسابيع الأخيرة، كنت منهمكاً في قراءة كتابين يقدّم كلاهما مسودة أولية عن الأحكام التي قد يصدرها التاريخ بحق أبرز حدث شهدناه أخيراً ألا وهو الأزمة المالية التي حدثت في العام 2008. وبعدما قرأت كلا الكتابين، وجدت أنهما توصلا إلى خلاصة تشبه إلى حد كبير خلاصة كتاب The Rise and Fall of the American Empire. من الناحية الأدبية، وجدت أن أحد الكتابين- وهو التقرير النهائي الذي قدّمته اللجنة التي شكّلتها الخزينة الأميركية للتحقيق في الأزمة المالية - يصعب فهمه إذ يأتي على ذكر الكثير من الرجال الأشرار من دون أن يسمّيهم. ومما استرعى انتباهي في هذا الإطار أنه لم يُذكر في الكتاب اسم أي امرأة. ولما رحت أقرأ التقرير، توقّفت عند أمور كثيرة – منها الخطوات الخيالية التي سمحت لبعضهم بتحويل الملايين إلى مليارات فإلى تريليونات - ولكن أكثر ما شدّني في الموضوع هو الذكورية الطاغية على العالم الموصوف. ففي هذا الكتاب المؤلف من 662 صفحة، لم يُذكر ضمير {هي} أو كلمة {امرأة} ولو مرّة واحدة. يتحدّث هذا الكتاب، على غرار معظم الكتب التي تتطرّق إلى الكوارث التاريخية، عن غرور الرجال وحماقاتهم.أما الكتاب الثاني فهو مثير للاهتمام يكمّل أفكار الكتاب الأول. إنه كتاب The Big Short لمايكل لويس الذي يأخذك إلى أعماق الأزمة وجذورها. في الحقيقة، لا يقدّم لويس في كتابه المذكور صورة عامة وشاملة عن الأزمة فحسب إنما يأخذك إلى غرف نوم أصحاب الشركات الذين مُنيوا بخسائر كارثية تقدَّر بمليارات الدولارات ويدخلك إلى قاعات اجتماعاتهم، كذلك يعرض لك نقيض هؤلاء المتضرّرين من الأزمة وتحديداً مجموعات الأشخاص المهووسين الذين استغلوا الفرصة وحققوا ثروات لا تعدّ ولا تُحصى. وينسب هذا الكتاب الى الأزمة وجهاً إنسانياً، وهو كما في كل مرّة وجه ذكوري صرف.في الواقع، ليس الموضوع وحده هو القاسم المشترك بين هذين الكتابين. فلويس الذي عمل سابقاً كوسيط سندات والذي ترك منذ 20 عاماً هذه المهنة التي أثارت في نفسه الشك والاشمئزاز كي ينصرف إلى كتابة تجربته الخاصة في كتاب Liar's Poker، كان قد قدّم شهادته إلى لجنة التحقيق في الأزمة المالية خلال جلسات الاستماع التي دامت 18 شهراً. وفي النهاية، رفض لويس التوقيع على التقرير؛ بل ورفض كذلك أن يُدرج اسمه في الملحق الذي قدّمه المعارضون على التقرير والذي ألّح ثلاثة أعضاء في اللجنة على توقيعه. وأكثر من ذلك كلّه، رفض لويس إضافة إسمه إلى لائحة الأشخاص الذي طالبوا بملحق إضافي زاعماً في ذلك أنه يعارض وجهة نظر المعارضين للتقرير. وباختصار، لم يحبّذ لويس التقرير من أساسه.في هذا الإطار، يقول لويس إن السبب الذي حداه إلى فعل ذلك بسيط. إذ شعر من خلال الأحكام الصادرة بأن اللجنة لم تفهم منذ بداية التحقيق كلمة واحدة محورية هي كلمة {جديد}. فعلى رغم أن اللجنة آمنت بفكرة أن هذه الأزمة فريدة من نوعها ولا تشبه أياً من الأحداث السابقة، إلا أنها قيّمتها وأصدرت أحكاماً عليها من خلال مقارنتها بالأزمات المالية السابقة. وفي نظر لويس، كمُن فشل اللجنة في أنها تجاهلت البحث عن الأمور التي تغيّرت في {وول ستريت}، أي الأمور التي دفعت العاملين في مكاتب التداول التجاري إلى التصرّف بطرق متهوّرة لم يسبق لها مثيل. وعندما راح لويس يراجع هذه الأمور بنفسه، شعر بأنه قد يكون العنصر الأبرز في المستجدات التي لم يسبق لها مثيل هو العنصر النسائي.في هذا الإطار، يقول لويس بنبرة ساخرة: {طبعاً، العنصر النسائي هو الأبرز. فالنساء اللواتي عملن في شركات {وول ستريت} قبل وقوع الأزمة لم يُسمح لهنّ عادةً بالقيام بصفقات مالية تنطوي على مخاطر كبيرة. وكانت تقضي قواعد العمل بإبقاء النساء في الكواليس ليكنّ بمثابة {مساعدات}. إلا أن وجودهن كان يشوّش بوضوح على قرارات وسطاء السندات من الرجال، علماً أن اللجنة لم تكتشف حتى الآن كيفية تأثير النساء في قرارات الرجال. لعلّ وجودهن كان يدفع الرجال إلى القيام بصفقات ذات خطورة عالية {للتباهي أمام السيدات} على سبيل المثال أو ربما لأن تأثيرهن كمن في الأسئلة المزعجة التي كنّ يطرحنها على الرجال العاملين في قطاع البورصة والتي كانت تهزّ ثقة هؤلاء بنفسهم وتؤثر في قراراتهم. على أية حال، ما يدلّ حتماً على أنه كان للنساء دور هام في الأزمة المالية هو ردة فعل السوق التي تلت الأزمة والتي طالبت بإقالة النساء من المناصب المهمة في {وول ستريت}}.حين قرأت هذه الملاحظات للمرّة الأولى، لم يكن واضحاً لي مدى جدية أقوال لويس. ولكن في وقت لاحق، سمعته يتحدّث في مدرسة لندن للاقتصاد فلاحظت أنه وجّه فكرته هذه باتجاه مختلف قليلاً. عندما سئل لويس عن الخطوة الوحيدة التي قد يتّخذها لإصلاح الأسواق وللحيلولة دون حصول كارثة مماثلة ثانيةً، أجاب قائلاً: {لو كان الأمر عائداً إلي، لاتخذت إجراءً يقضي بتعيين 50% من النساء في مناصب اتخاذ القرارات الحساسة في البنوك}. ولمّا طُلب إلى لويس تفسير إجابته هذه، تابع حديثه مبيّناً أن الأبحاث العملية أظهرت أن النساء يتّخذن عادةً قرارات استثمارية أذكى من قرارات الرجال وأن الزوجات أكثر براعةً من أزواجهن في تقييم المخاطر المرتبطة بالمسائل المالية وأن النساء العازبات هن الأبرع في هذا المجال.ومع أننا نحن الرجال الذين نتحلّى بقدرة عجيبة على جني الأموال قد ننظر إلى أقوال لويس بكثير من السخرية والاستخفاف، إلا أنني تفاجأت كثيراً عندما عرفت أن فرضيّته حقيقة علمية أثارت في نفسي أسئلة كثيرة. أولاً، إذا كانت النساء فعلاً أفضل من الرجال في اتخاذ هذه القرارات، فإذاً لماذا الرجال هم من يمثلون دوماً، ومن دون استثناء، أمام لجان الاختيار ليفسّروا أسباب فشل صفقة مالية ما وليبرروا أن اللوم لا يقع عليهم؟ وثانياً، هل كانت الأمور لتختلف فعلاً لو كان القرار بيد النساء؟في الواقع، لستَ مضطراً الى الاطلاع كثيراً على المواضيع العلمية لتعي أن ادعاءات لويس صحيحة بالإجمال. لقد نُشرت أول دراسة مؤكدة في هذا المجال في العام 2001 في مجلة شهيرة حلَّلت القرارات الاستثمارية التي اتخذتها 35000 أسرة في أميركا بمساعدة شركة وساطة. وقد وجدت الدراسة التي حملت عنوان {الصبيان يبقون صبياناً} أنه صحيح أن الرجال لا يترددون في إجراء بعض التعديلات على استثماراتهم، إلا أن معدّل عائداتهم السنوية أقل بنسبة 1% من عائدات النساء المتزوجات اللواتي يستثمرن الموارد العائلية، وأقل بنسبة 1,5% من عائدات النساء العازبات.في هذا الإطار، أظهرت دراسة أحدث شملت 2،7 مليون مستثمر، أنه خلال الأزمة المالية التي وقعت عامي 2008 و2009، كان الرجال أكثر ميلاً من النساء إلى بيع أسهمهم في البورصة بأدنى سعر. وقد قال كاتب هذه الدراسة أن المستثمرين الرجال كانوا واثقين للغاية من أفعالهم. { ثمة الكثير من الأبحاث الأكاديمية التي تعتبر أن الرجال يعتقدون أنهم يعرفون ما يفعلون، حتى عندما لا يكونون على دراية فعلية بما يفعلون}. إنها حقيقة قد تفاجئ كثراً منا. ويبدو أن الرجال يعتقدون عادة بأنهم يستطيعون فهم كل خبر مالي قصير وتحليله بصورة دقيقة. أما النساء، فلا يخجلن من طرح الأسئلة ويملن أكثر من الرجال بكثير إلى الاعتراف بما لا يفهمنه أو لا يعرفنه. ونتيجة لذلك، قلما تتحوّل النساء عن مواقفهن وفي نهاية المطاف نجدهن يجنين مبالغ مالية أكبر من تلك التي يجنيها الرجال.عموماً، في حال أظهرت هذه النتائج صحّتها على نطاق واسع، لن يسعنا سوى أن نوافق على اقتراح لويس الداعي إلى إصلاح مشاكل النظام الرأسمالي. فعوضاً عن المطالبة بإنشاء بنوك معنية بمساعدة الكازينوهات في الاستثمار وعوضاً عن مطالبة المصارف الضخمة بزيادة رأسمالها، ألن يكون من الأفضل والأكثر أماناً توظيف المزيد من النساء؟لفهم هذه المسألة، قد تحتاج على الأرجح إلى أكثر من مجرّد دليل سلوكي؛ أي إلى فهم بعض الآليات التي أسفرت عن اتخاذ قرار خاطئ أدى إلى خسائر مالية فادحة بقيمة تريليون دولار في العام 2008. في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ أزمة 2008، برز في الجامعات وغيرها من الأماكن علمٌ جديد يُدعى {الاقتصاد العصبي} يدرس العمليات الذهنية والعصبية التي تقف وراء اتخاذ القرارات. ويساعد هذا العلم في فهم الطريقة التي يتخذ بها الناس قراراتهم من خلال تتبّع الآليات العصبية والنفسية والسلوكية إلى جانب دراسة النماذج الاقتصادية الرياضية التقليدية. وليس مستغرباً أن يكون لدى علم الاقتصاد العصبي الكثير ليقوله بشأن ما إذا كانت طرق اتخاذ القرارات في المواقف الحاسمة والمتوترة، تختلف ما بين الرجل والمرأة. في الحقيقة، تكمن المشكلة في أن معظم السيناريوهات المستخدمة للتحقيق في الاختلاف في اتخاذ القرارات، سيناريوهات اصطناعية. إذ ثمة فارق كبير بين أن توصل أحدهم بجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وتخبره بأنه قد يخسر مليوني دولار في لعبة ما إن لم يتّخذ القرار الصحيح، وبين أن يكون هذا الشخص معرّضاً فعلياً لخسارة مليونَي دولار. وبحسب ما قرأته، لم تتطرّق سوى دراسة واحدة إلى الآليات الدماغية والعصبية التي تُجرى في دماغ الشبان الذي يعملون عادةً في مكاتب التداول التجاري. صحيح أنه لم تصدر في هذا الصدد إلا دراسة واحدة، إلا أن نتائجها كانت مذهلة.أجرى هذه الدراسة باحثان من جامعة كامبردج. الأول هو جو هربرت الأستاذ في علم الغدد الصماء، والثاني هو جون كوتس الباحث في علم الأعصاب وعلم المال. في الواقع، أراد الدكتور هربرت، المتخصص في دراسة تأثير الهرمونات على الإحباط، أن يطبّق على أرض الواقع بعضاً من نظرياته المتعلّقة بدور المواد الكيماوية في الدماغ في اتخاذ القرارات. وقد أخبرني الدكتور هربرت {أن المثير للاهتمام لدى البنوك هو أنها تعرف كل شاردة وواردة حول أجهزة الكمبيوتر والأنظمة والأسواق ولكنها لا تعرف أي شيء تقريباً عن الإنسان الذي يجلس على الكرسي أمام الشاشات التي تتخذ مختلف القرارات. لا تعرف عنه شيئاً بتاتاً. وقد أردنا من دراستنا هذه إلقاء الضوء على هذا الموضوع ولفت النظر إليه}.في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن الدكتور كوتس هو الذي جعل التجربة ممكنة. لقد قابلت الدكتور هربرت في مختبره في جامعة كامبردج في حين التقيت بالدكتور كوتس في إحدى الحانات الواقعة شرق لندن. أخبرني الأخير بأنه يتمتع بقدرة مميزة على التغلغل إلى داخل عقول تجار السندات لأنه هو نفسه كان واحداً منهم. في الواقع، تولى كوتس، صاحب النظرة الحادة واللياقة البدنية العالية، إدارة مكتب للتداول التجاري في شارع {وول ستريت} خلال فقاعة دوت كوم. بدأ مسيرته المهنية في شركة {غولدمان ساكس} ثم انتقل بعدها إلى مصرف {دوتش بنك}. وبعد سنوات من العمل التجاري ومن كسب المبالغ الطائلة، بدأ يتزايد اهتمام كوتس بالتغير الجذري الذي طرأ خلال سنوات الدوت كوم على سلوك التجار الذين كان يعمل معهم. يقول كوتس: {جعلهم المال يغرقون في النشوة والضياع. إذ كانوا يقدِمون على عمليات تنطوي على مخاطر أكبر ويطرحون صفقات تجارية مرفقة بجدول مخاطر عالية للغاية}. ويعتبر كوتس {أن فترة فقاعة دوت كوم كانت ممتعة نوعاً ما؛ لقد كانت أشبه بفترة العشرينيات المزدهرة اقتصادياً. ولكن لا أعتقد بأن ثمة اليوم من يستعيد أزمة الرهن العقاري بفرح وبهجة}.يقول كوتس عن نفسه إنه كان تاجراً حذراً ولكنه لا يخفي في المقابل أنه كان يشعر بين الحين والآخر بذلك الاندفاع، بتلك النشوة. ويسترجع تلك الأيام قائلاً: {عندما أصبحت أكسب الكثير من المال، شعرت بقوة لا توصف. أصبحت أمشي كالديك المتبختر ولم يكن بوسعي التوقّف عن ذلك. لقد وصف مايكل لويس التجار الذين يعيشون هذه الحالة بـ{الفتيان الكبار المتأرجحين} في حين أشار إليهم توم ولف بعبارة {أسياد العالم}، وكلاهما كانا محقّين. فالتاجر الذي يحقّق نجاحات متتالية يتصرّف بالضبط على هذا النحو}.ثمة شيء آخر لاحظه كوتس في تلك الفترة وعنى له الكثير. يقول كوتس: {لاحظت أن النساء لم يشاركن في عمليات التداول التجاري خلال فترة الدوت كوم. بالكاد كنا نجد امرأة تفعل ذلك. لقد بدا لي هذا الأمر مثيراً للاهتمام}.أبقى كوتس هذه الفكرة في باله وراح يقسّم وقته ما بين العمل التجاري في {وول ستريت} ونشاطه الأكاديمي في جامعة روكيفيلر في منهاتن التي تعد على الأرجح أهم معهد في العالم لدراسة المواد الكيماوية الموجودة في الدماغ. هناك، بدأ اهتمام كوتس بالاسترويدات وتحديداً بما يسمى {استرويدات النجاح}. ويلاحظ تأثير الاسترويدات هذا في المسابقات ومباريات التحدي. إذ عندما يدخل رجلان في منافسة ما، ترتفع لديهما معدلات التستوستيرون ما يؤدي إلى زيادة كتلتهما العضلية وقدرة دمهما على نقل الأوكسيجين. إضافة إلى ذلك، يزيد معدلُ التستوستيرون العالي لديهما الرغبةَ في الفوز. ويبقى معظم كمية هذا التستوستيرون في جسد الفائز بالمسابقة في حين تبدأ معدلات التستوستيرون لدى الخاسر بالانخفاض بسرعة حتى تخمد عزيمته في نهاية المطاف ويبدأ بالاستسلام. وفي الجولة التالية من المسابقة، تكون معدلات التستوستيرون لدى الفائز مرتفعة لذا يستأنف المنافسة وهو متقدّم على غريمه، ويستمر هذا الوضع على هذا النوال حتى يفوز صاحب معدل التستوستيرون العالي.في هذا الإطار، يشرح كوتس: {على غرار معظم المواد الكيماوية في الجسد، تصدر الاسترويدات استجابة منحنية ومعكوفة بشكل حرف U. ما معناه أنه عندما يكون معدل الاسترويدات لديك منخفضاً، تخفّ طاقتك وحيويّتك ويتراجع أداؤك في المهام العقلية والجسدية. لكن كلما ارتفعت هذه المعدلات، تحسّنت رؤيتك للأمور وزاد تركيزك حتى بلغ ذروته. لكن ثمة فكرة أساسية يجب التوقف عندها في هذا السياق: في حال استمريت في الفوز، سيبلغ معدل التستوستيرون حدّه الأقصى ومن ثم يبدأ بالانخفاض. عندها، تبدأ بالقيام بأمور سخيفة. حين يحصل ذلك لدى الحيوانات، نجدها تطلق العنان لنفسها كثيراً وتخوض معارك عدة وتهمل واجباتها تجاه أولادها. ويلاحظ أنها تعمد إلى التجوال في المساحات الطبيعية الشاسعة. باختصار، تتصرّف كالتجار المتبجحين بأنفسهم أي أنها تصبح مغرورة}.ازداد كوتس قناعةً بأن {تأثير الاسترويدات} هذا، هو الذي كمن وراء ما حصل في أسواق التداول التجاري الآخذة بالارتفاع، وهو نفسه الذي قضى عليها بصورة دراماتيكية، وهو الذي يفّسر سبب عدم تأثر النساء بهذه النشوة بحيث أظهرت الدراسات أنه لدى النساء 10% من نسبة التستوستيرون الموجودة لدى الرجال. وأكثر ما صدم كوتس في هذه الأبحاث هو أنه على رغم كثرة الكتب التي تناولت عدم الاستقرار المالي وعلم الاقتصاد وعلم النفس ونظريات التداول التجاري، إلا أنه لم يعمد أحد إطلاقاً إلى إجراء تجارب سريرية على دماغ تاجر في فترة حدوث فقاعة اقتصادية.كتب كوتس مقترح بحث عن هذا الموضوع وعاد إلى جامعة كامبردج حيث كان قد حاز شهادته العلمية الأولى. ونظراً إلى مسيرته المهنية استطاع هو وزميله الدكتور هربرت النفاذ إلى مكتب مهم في لندن يتداول السندات التجارية للقيام بتجارب على العاملين فيه. في الواقع، ركزت تجاربهما بشكل خاص على هرمونين: التستوستيرون والكورتيزول ( {هرمون الضغط النفسي} الذي يفرزه الجسم في حالات القلق والإحباط). وسجّلا خلالها معدلات هذين الهرمونين على مدى أسابيع من الصفقات الرابحة والخاسرة، أي من الربح والخسارة. تصوّر كوتس في بادئ الأمر أن تجربته هذه ستكون دراسة أولية، لكن العلاقات المتبادلة التي وجدها، كالعلاقة بين مفعول التهور ومفعول النجاح الذي تحدثه هذه الهرمونات، كانت أشبه بحلم يتحوّل إلى حقيقة. إذ لم يكتشف كلّ من كوتس وهربرت أن معدل التستوستيرون لدى التاجر قد يُستخدم للتنبؤ بأرباح يومه فحسب، بل وجدا أيضاً أن معدل الكورتيزول لدى التاجر يرتفع مع تغيّر نتائج صفقاته ومع تقلّب أحوال السوق. كذلك، أشارت النتائج إلى احتمال إضافي: مع تزايد تقلّبات السوق، بدأت الهرمونات تؤثر في اختيار الصفقات وحتى في قدرة التاجر على القيام بخيار عقلاني.ومع أن التجربة شملت عينةً محدودة من التجار وافتقرت إلى الأدلة المناسبة لتأكيد فرضياتها، إلا أن العلاقات المتبادلة الناتجة منها أظهرت أنه بعدما يبلغ معدل التستوستيرون ذروته، يبدأ هذا الهرمون بالتأثير سلباً في قدرة التجار على تقييم المخاطر. يقول كوتس في هذا المجال: {كان تأثير الكورتيزول نوعاً ما أكثر إثارة للاهتمام من تأثير التستوستيرون. ظننا في البداية أن معدل الكورتيزول يرتفع عندما يخسر التجار المال ليجعلهم أكثر حذراً وتنبهاً. لكن تبيّن لنا في الواقع أنه يرتفع بشكل لا يصدَّق عندما يساور الأشخاص الشك والحيرة. كانت معدلات هرمون الضغط النفسي تسجّل أعلى مستوياتها طوال الوقت. صحيح أن لهرمونات الضغط النفسي حداً أقصى إلا أن تأثيرها قد يدوم لأشهر حتى بعد بلوغ هذا الحد، ما قد يتسبّب بمختلف أنواع السلوكيات المرضية. فإذا كنتم تتعرّضون باستمرار للتوتر العالي، قد يؤثر ذلك في دماغكم ويوقظ لديكم ذكريات مقلقة، ما قد يحوّلكم إلى أشخاص عاجزين ينفرون بصورة مبالغ فيها من أي مخاطرة في حياتهم}.لسوء الحظ، انتهت هذه الدراسة في العام 2007 أي قبل انتهاء الأزمة المالية العالمية الأخيرة، إلا أن كوتس يعتقد بأن نتائجها ساعدت في تفسير بعض مما سمعه لاحقاً في مكاتب التداول التجاري: {إذا تخطى معدل الكورتيزول حداً معيناً، سيصعب كثيراً على تجار السندات تقييم المخاطر. فهؤلاء الشبان غير مهيّئين لتحمّل هذه المحن كلّها. ثمة في هذا الإطار، ما يعرف بـ{العجز المكتسب} وهو حالة من الاستسلام المفاجئ تصيب كل من يتعرّض لفترات طويلة من التوتر والضغط. وتظهر هذه الحالة لدى حيوانات المختبر التي إذا ما فتحت لها القفص، وجدتها بقيت في داخله ورفضت الهرب. وتنطبق الحالة عينها على التجار. فكثرة الضغط، تجعلهم يتسمّرون في كراسيهم ولا يبادرون إلى العمل. وفي الأزمة المالية الأخيرة، كان يمكن انتهاز فرص تحكيم كلاسيكية وجني مبالغ كبيرة. إلا أن التجار لم يبادروا إلى فعل شيء واكتفوا بالتحديق في الأرقام من دون المسّ بها}.ومنذ ذلك الحين، راح كوتس يعمل معظم وقته على الجانب الآخر من فرضيّته الأصلية ويدرس المواد الكيماوية في دماغ النساء اللواتي يعملن في الأسواق. ونظراً إلى صغر حجم العينات التي عمل عليها- لم يكن هناك سوى ثلاث نساء من أصل 250 موظفاً في أول شركة تداول تجاري قام بدراستها- لم يستطع كوتس بلورة دراسته ورفض أن يستخلص منها نتائج نهائية. ويمكن تلخيص ما توصل إليه كوتس بما يلي: {يمضي محافظو المصارف المركزية، الذين غالباً ما يتميزون بذكائهم، حياتهم وهم يحاول إيقاف الفقاعات الاقتصادية أو تدارك الأزمات المالية وغالباً ما يفشلون في ذلك فشلاً ذريعاً. وأعتقد أن هذا الواقع يُعزى إلى هؤلاء الشبان في سوق العمل الذين تفيض لديهم معدلات التستوستيرون أو الكورتيزول إلى درجة تجعلهم غير مبالين بالأسعار والمخاطر}.بعدما نشر كوتس بحثه هذا، كتب بضع مقالات أشار فيها إلى أنه إذا ثبتت صحة {مفعول النجاح} الذي تحقّقه الاسترويدات، فمن الممكن جداً أن تكون الفقاعات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد ظواهر شبابية ذكورية بامتياز. وفي حال تبيّن أن هذه هي فعلاً حقيقة الأمر، سيكمن الحل الأمثل لتدارك الازدهار الاقتصادي ومنع وقوع الأزمات المالية في زيادة عدد النساء والرجال المتقدّمين في السن- الذين تقلّ لديهم معدلات التستوستيرون- في أسواق العمل. يقول كوتس في هذا السياق: { نعلم أن الاختلاف في الرأي مهمّ لتحقيق استقرار الأسواق. لكن ما لا يأتي أحد على ذكره هو الاختلاف في الغدد الصمّاء، أي الاختلاف في الهرمونات. ويكمن السؤال الجوهري في كيفية أخذ هذا الاختلاف بالاعتبار}.قد يبدو هذا الكلام بالنسبة إلى معظم المصرفيين المستثمرين المخضرمين من الرجال كلاماً استفزازياً. فحين عرضتُ أدلةَ الدكتور كوتس على صديق قديم لي قرّر العمل في مجال تجارة السندات ليعيش حياة الترف والثراء، علماً أنه يحمل شهادة في الأدب الإنكليزي من جامعة كامبردج، قال لي صديقي هذا: {سيكون من اللطيف أن نعتقد بأن زيادة عدد النساء في سوق التداول التجاري ستخفّف من نسبة التقلبات في السوق. لكن هذا الكلام مبني على الرغبات والتمنّيات ولا يمت الى الحقيقة بصلة. أصبحت اليوم أسواق المال عالمية. وإذا قررنا نحن في الغرب عدم متابعة أسعار السوق أو عدم الاستجابة تلقائياًً للمستجدات المالية لأن ثمة نساء ناضجات في مجالس الإدارة وفي لجان الحدّ من المخاطر، إعلموا جيداً أن باقي العالم سيفعل ذلك وستكون مصارفنا هي الخاسرة في نهاية المطاف}. ليس هذا كل شيء. أعرف الكثير من النساء اللواتي تولّين إدارة الأموال أو عرّضن رأسمال المصارف للخطر وأقول بصراحة إنهن كنّ أكثر عدائية من زملائهن الرجال وكأنهن حاولن بتصرّفهن هذا التعويض عن قلة ثقتهن بنفسهن. في الواقع، شقّ طريق النجاح في عالم ذكوري للحصول على مركز تستطيع فيه المرأة أن تستثمر/تراهن/ تدير المخاطر، يجبر نساء كثيرات على تبنّي شخصية ذكورية قوية فيصبحن بذلك نساء حديديات يُحسب لهنّ ألف حساب.وإذا ألقينا نظرة خاطفة على أحدث الكتب والمدوّنات الإلكترونية التي تحدّثت فيها نساء شابات عملن في سوق المال والأعمال عن تجربتهنّ المهنية، لوجدنا أن الملاحظة المذكورة أعلاه حقيقة لا ريب فيها. لنتوقف مثلاً عند ميلاني برلي التي كانت أول امرأة تعمل في سوق التداول التجاري في {وول ستريب}. تلخّص برلي تجربتها في مدوّنتها الإلكترونية كما يلي: {أهم ما منحني إياه عملي هو ذاك الشعور القوي باللذة والمتعة. كنت أستمتع بسماع عبارة {المرأة الغبية} التي كانوا يطلقونها عليّ ، وبالأوامر التي كانت تُعطى لي بفوقية عالية والتي كانت تطلب مني إنقاذ المواقف، لأنني في شتى الحالات لم أكن أنهار وأبكي إنما كنت أبقى متماسكة ومبتسمة ما كان يترك انطباعاً جيداً لدى زملائي الرجال. كنت أحب اهتمامهم بي ومنحهم لي فرصاً يومية لأثبت أن مكاني بينهم. الشيء الوحيد الذي ميّزني عنهم هو شكلي الخارجي: طولي (1،70 متر) ووزني (54 كغ) وشعري الأشقر الطويل ومفاتني الأنثوية. في الواقع، كان لدي خياران في التعامل مع مديري في العمل: فإما أن أفسح له في المجال للتقرّب مني ومغازلتي وأتحمّل إيحاءاته وإما أتصدّى له وأقاومه. وعادةً، كنت ألجأ إلى الخيار الثاني. وعلى غرار معظم العاملين في هذا القطاع، لم يكن راتبي عالياً للغاية بحيث لم يصل إلى 75000$ إلا في بداية السنة الثالثة من عملي}.في هذا الإطار، بدأ علم الاقتصاد العصبي بتقديم إجابات عن بعض الأسباب الكامنة وراء تلك التصرّفات. وأحد أبرز الباحثين في هذا الميدان الأستاذة في جامعة ستاندفورد مورييل نييدرلي التي تدرس راهناً الفروقات بين الرجل والمرأة في اتخاذ القرارات الخطيرة. وعلى مدى سنوات من البحث، جمّعت نييدرلي أدلة دامغة لتؤكد نظريّتها التالية: صحيح أنه في المواقف الخالية من المنافسة والتوتر تتخذ النساء قرارات استثمارية أفضل من قرارات الرجال، إلا أن أداءهن هذا يختلف كلياً في مواقف المنافسة والضغط. فإما أنهن يخجلن من اتخاذ القرارات في لحظات المنافسة المحتدمة وإما يجدن صعوبة في الاستجابة لمثل هذه المواقف التي يسودها توتّر قصير والتي تتطلب تركيزاً عالياً. وقد أكدت نييدرلي أن هذا النمط يُحدَّد لدى الجنسين منذ سن مبكرة جداً (كذلك يرتبط حتماً باختلاف معدلات التستوستيرون بين الرجل والمرأة). أخبرني الدكتور جو هربرت في مختبره في كامبردج: {ثمة فروقات عصبية واضحة بين الرجل والمرأة. إذ يُلاحَظ عموماً، أن النساء أقل تنافساً من الرجال وأقل اهتماماً بفكرة النجاح المهني. إذا أردت أن تجعل المرأة أقوى حضوراً، عليك أن تتذكّر شيئين: العالم الذي ستدخله المرأة، أي عالم المال والأعمال، هو عالم ذكوري بامتياز. فإما أن تحلّ مكان الرجل ... وإما أن نغيِّر هذا العالم}.لنتوقّف قليلاً عند فكرة تغيير العالم. في أعقاب الأزمة المالية التي وقعت في العام 2008، جرى الحديث كثيراً عن هذه الفكرة الطائشة. وتطرّق معظم هذه الأحاديث الى ضرورة إقامة توازن أكبر بين الجنسين في عالم المال والأعمال. وكانت مجلة The Economist قد ابتكرت في إحدى مقالاتها عبارة {الاقتصاد النسائي} وبيّنت أن استبعاد نحو 50% من النساء الكفوءات من المناصب المالية القيادية لا يُعتبر تحيّزاً ضد المرأة فحسب، إنما يضرّ كذلك بالاستقرار والنمو الاقتصاديين. ففي آيسلاندا مثلاً، استعانت المصارف بالنساء لترتيب الفوضى التي خلّفها الموظفون الرجال. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أن النجاح الساحق الذي حققته مشاريع التمويل الصغيرة في الدول النامية يُعزى إلى حقيقة أن 97% من هذه القروض مُنحت لنساء (ما الذي يمنع من أن يكون الرجال محط ثقة؟ أهي تركيبتهم البيولوجية أم مخزونهم الثقافي؟). والحالة هذه، راح الباحثون يسخّرون العلوم وعلم الاقتصاد العصبي لتطوير بعض هذه المواضيع. لكن هل تغير شيء ما فعلياً؟ كلا، لا شيء. إذ قرّرت اللجان الاقتصادية واللجان المعنية بتعيين الأشخاص في المناصب القيادية أن الإبقاء على الوضع الراهن، بكل ما ينطوي عليه من خطر وعدم مساواة، هو الحل الوحيد.مع ذلك، لا يزال الاقتصاد النسائي قائماً في بعض الأماكن. ففي شهر نوفمبر الماضي، أطلقت مجموعة من المديرات التنفيذيات وبعض المدراء في مجموعة الـ{فاينانشل تايمز ستوك اكستشايج} (FTSE) التي تضم مئة شركة متخصصة في الشؤون التجارية وشوؤن المحاسبة والشؤون القانونية، مبادرة {نادي الثلاثين بالمئة} (The 30% Club) بغية زيادة عدد النساء في مواقع اتخاذ القرار وفي الوظائف القيادية حتى تصل نسبتهن إلى 30%. في الواقع، تخطّت هذه المبادرة باقتراحها نسبة الـ30% النسبة المذكورة في تقرير اللورد دايفيس الأخير حول هذا الموضوع. لكن ليست نسبة 30% رقماً اعتباطياً. إذ وجد علماء الطب العصبي بعد مراقبتهم أحوال السوق، أن نسبة الثلاثين بالمئة التي يجب أن تكون الحد الأدنى المخصص للنساء في المناصب القيادية، هي النسبة المطلوبة لتغيير الثقافة الاقتصادية. وتعدّ هذه النسبة هي الأنسب لأنه في حال خُصصت للنساء نسبة أقل من 30%، فإنهن سيعمدن إلى التصرّف {كنساء مسترجلات}؛ في المقابل إذا ما خُصّص لهن ما يزيد على الـ30%، قد تبدأ الفروقات الدقيقة بين الجنسين بالتأثير في طريقة اتخاذهن القرارات. وفي بريطانيا، ثمة تغييرات كثيرة لا بد من إجرائها، إذ لا تشكّل النساء سوى 5،5% من إجمالي المدراء التنفيذيين في مجموعة FTSE المؤلفة من 100 شركة (علماً أن الإحصائيات أظهرت بأن الشركات التي تقودها نساء تحقق أرباحاً أعلى بنسبة 35%، والشركات التي تضم في مجلس إدارتها أكثر من ثلاث نساء تحقق أرباحاً أعلى بنسبة 80%). بالإضافة إلى ذلك، لا تزال نسبة النساء العاملات في مكاتب التداول التجاري تتراوح من 3 إلى 4% لبعض الأسباب المذكورة أعلاه. وخلاصة القول، يخضع عالم المال والأعمال لسلطة الرجل.في هذا السياق، تعد النرويج أحد أبرز البلدان التي حاولت تغيير هذا الواقع تغييراً جذرياً، إذ أصدر رئيس الوزراء النرويجي المحافظ قراراً يقضي بأن يكون 40% من أعضاء مجلس إدارة أي شركة من النساء. ووفقاً لمعظم المعطيات، حققت هذه المبادرة نجاحاً باهراً على الصعيدين الثقافي والتجاري (مع أن بعض المحللين يعتبر أن التحوّل في الاقتصاد يُعزى إلى ارتفاع أسعار النفط).وفي الحقيقة، من الصعب أن نجد في عالم المال والأعمال، وحتى في صفوف النساء، عدداً كبيراً من المؤيدين لنظام الكوتا علماً أن تطبيقه عملية ممكنة. ويقترح جون كوتس، الذي يعتمر قبعة تاجر الصفقات خاصته، حلاً عملياً قائلاً: {لا يكمن السؤال في ما إذا كان الرجال يحبون المخاطرة أو ما إذا كانت النساء ينفرن منها، بل في نوعية المخاطر التي يرغب فيها كلا الطرفين. ينبؤني شعوري بأن النساء لا يحبذن ممارسة التجارة التي تنطوي على مخاطر كبيرة، لذا ما علينا فعله هو تغيير الفترة التي تتم مساءلتهنّ فيها وإصدار الأحكام عليهن}.ومن ثم قدّم لي كوتس وصفاً ملخصاً عن الطريقة التي تبقى فيها الأمور على حالها: {لنقل إن لديك تاجرين. الأول امرأة والثاني رجل. لنعتبر أن المرأة حققت أرباحاً بقيمة 20 مليون دولار سنوياً لمدى خمس سنوات وأنها راحت تحتفظ لنفسها من هذه الأرباح ببعض الملايين سنوياً. بعد انقضاء فترة الخمس سنوات، ستكون المرأة قد جنت للمصرف مبلغ 90 مليون دولار. لننتقل إلى الرجل ونعتبر أنه راح يحقق سنوياً مبلغ 100 مليون دولار لمدى أربع سنوات. لم يرد المصرف أن يسرق الشاب من هذا المبلغ حصّته لذا سمح له بأن يأخذ لنفسه مبلغ 20 مليون دولار سنوياً. لكن في السنة الخامسة، أصابت الشاب نشوة النجاح فخسر مبلغاً بقيمة 500 مليون دولار. هذا ما حدث في الأساس خلال الأزمة المالية الماضية. لقد خسر المصرف مبلغ 100 مليون دولار في حين ربح التاجر مبلغ 80 مليون دولار. فإذا رحت تحكم على هذه الأمور طوال فترة خمس سنوات، ستجد من هو الشخص الأنسب ليعمل لديك}.لكن بالطبع، تتطلّب عملية التقييم السليم نظرةً إلى الأسواق والمال مختلفة تماماً عن النظرة التي يتم تحديثها راهناً والدفاع عنها بطريقة يائسة. كذلك، تتطلب حتماً مستوى أعلى من {التنوّع في الغدد الصماء}. ومع ذلك، عندما تسمعون في المرة المقبلة أحدهم يقول لكم إن الأمور عادت إلى {طبيعتها} في عالم المال، تستطيعون أقلّه النظر إلى عينيه ونصحه بأن يفحص معدلات الهرمون لديه لأنها حتماً ليست على أفضل ما يرام.6 حقائق يكشف عنها علم اتخاذ القرارات• إذا عرضنا صوراً إباحية أمام مجموعة أولى من الشباب وطلبنا منهم في ما بعد أن يختاروا ما بين القيام باستثمار آمن أو استثمار ينطوي على مخاطرة، لوجدنا أن قراراتهم أكثر خطورة من قرارات مجموعة أخرى من شبان لم يشاهدوا أفلاما إباحية.• خُلقت أدمغتنا للبحث عن كل جديد. إلا أن حشوها بقدر هائل من المعلومات قد يربكها؛ هذا ما يفسر لمَ نحسن تقييم المخاطر أثناء الاستماع إلى موسيقى باخ أكثر منه أثناء مشاهدة نشرة الأخبار.• يميل دماغ الرجل إلى التوقّف عن العمل بعد عرض الصفقات ولا يستعيد نشاطه إلا بعد حصوله على نتيجة هذه الصفقة. في المقابل، يظهر مسح دماغ المرأة أن الأخير لا يتوقّف عن العمل ويظل نشيطاً ليحلّل ما إذا كان تصرُّف المرأة صائباً.• يتمتّع البشر دون سواهم من الكائنات الحية بالقدرة على تأجيل رغبة الإشباع لديهم التي تؤديها قشرة الفص الجبهي. لكن هذه الأخيرة لا تنضج عادةً إلا بعد سن الثلاثين وهي تتأخّر بالنضوج لدى الرجال أكثر منه لدى النساء. أما قبل سن الثلاثين، فيسهل على الإنسان الشعور بالإشباع والرضا.• تستجيب أدمغتنا للتفاعل الاجتماعي بإفراز مادة كيماوية تُدعى الأوكسيتوسين. يجعلنا هذا الهرمون نشعر بالسعادة والراحة عندما نكون على توافق مع الآخرين ونفكّر ونعيش مثلهم. ومن المرجح أن تكون الفقاعات الاقتصادية إحدى نتائج هذا الهرمون.• تتميّز أدمغتنا بقدرة على إفراز هرمون الأوكسيتوسين في لحظات الحب. وبحكم تركيبتنا البيولوجية، فإننا نميل إلى حب أو كره الأشخاص والأشياء الأقرب إلينا. لقد وُلدنا لنقيم روابط عاطفية مع محيطنا ونقدّر ما نملكه أكثر مما لا نملكه. وتؤثر هذه الحقيقة البيولوجية في عقلانية قراراتنا الاستثمارية كافة.
توابل - EXTRA
التستوستيرون وعالم المال والأعمال لا يلتقيان... فاطلبوا مساعدة النساء!
29-06-2011