لم يكن ينقص النائب صالح عاشور لتلميع صورته "البهية" في العمل البرلماني والوطني إلا وقاحة سؤاله عن "اللجنة الشعبية لجمع التبرعات" بلهجة التشكيك والاتهام.

Ad

وكان يفترض في النائب عاشور قبل أن يبادر إلى سقطته الجديدة أن يتحرى قليلاً تاريخ اللجنة ويسأل العقّال والكبار، إن كان يجهل شورى الاختصاصيين، عن تاريخ اللجنة وتاريخ مؤسسيها وعن أعمالها على مدى خمسين عاماً بالتمام والكمال.

ويبدو أن عاشور ليس وحده في نهج الاعتداء على ما هو جميل وخيّر في الكويت، بل ممثلٌ لمجموعة بدأت بالهجوم على الغرفة منتقصة من دورها الوطني وتاريخها الحافل بالإنجازات وتريد اليوم أن تشوه صورة عمل خيري أصيل ومشهود له قام به جيل المؤسسين مرضاةً للضمير ولوجه الله.

وبئس السؤال الذي تقدم به النائب المذكور إلى وزير التجارة، فهو يعجب كيف أن للجنة محفظةً في البورصة حجمها 50 مليون دينار، ليتبعه بسؤال أشنع لوزير الشؤون عن الرخصة التي حصلت عليها اللجنة، بالتوازي مع عزف إعلامي مرافق وصف المحفظة بأنها "لايثة" في السوق. والظاهر أن الأوركسترا جاهزة، فما إن ينطق كبار المُغرضين والمُرجفين بما لُقِّنوا حتى يتناغم صغارهم مع صغائرهم.

ومادامت حملة التشويه غير محكومة لا بضمير ولا بأخلاق فمن حق الناس علينا أن نذكِّرهم بأن اللجنة تأسست في عام 1954، ورأسها عبدالعزيز الصقر قبل أن تتأسس غرفة التجارة، ومنذ ذلك الحين كان رئيسها الفخري الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي رعاها منذ توليه رئاسة دائرة الشؤون الاجتماعية. واللجنة التي نحن بصدد الدفاع عنها مثَّلت طيبة أهل الكويت وكرمهم وحسهم الإنساني وأفضل ما يمكن أن يقدمه إنسان إلى أخيه الإنسان، فبدأت بدعم نضال ثورة الجزائر، ثم ساندت الفلسطينيين المنكوبين،  وتحولت بعدئذ إلى إقامة مشاريع خصوصاً في مجال المدارس والمستوصفات والمستشفيات.

ويكفي أن نذكر أسماء المؤسسين ليعرف الناس أن ما يريد الحاقدون تشويهه عصيٌّ عليهم. فهم:  عبدالعزيز الصقر، يوسف الفليج، محمد عبدالمحسن الخرافي، عبدالعزيز الشايع، محمد بن يوسف النصف، جاسم القطامي، بدر السالم العبدالوهاب، مرزوق عبدالوهاب المرزوق. وإذ عرفت اللجنة باسم الحاج يوسف الفليج فلأنه كان أمين صندوقها والأكثر تفرغاً لخدمة الناس والعمل الخيري، فاخترق سقف الشموخ بتواضعه وجعل الخير صنواً لاسمه.

ليطمئن النائب عاشور وأترابه. فليس للغرفة علاقة من قريب أو بعيد بمبلغ الـ50 مليون دينار. ولا يحق للغرفة أصلاً أن تمتلك أسهماً، فكل موجوداتها يجب أن تكون ودائع أو سندات مضمونة من الحكومة.

أما عن علاقة أهل الغرفة باللجنة فهي وسام على صدورهم، لأنها تمثل النسخة الطيبة للكويت وتبرهن أن أهل الكويت وضعوا تبرعاتهم وجادوا من أموالهم عند أهل الثقة، فتوزع خيرهم على المنكوبين والمحتاجين من جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية في مصر وسورية ولبنان والأردن والعراق واليمن وفلسطين والجزائر وإريتريا وصولاً إلى باكستان وبنغلادش وأفغانستان. أما الربط العشوائي بين اللجنة والغرفة فسببه أن اللجنة كانت تستخدم الغرفة مكاناً للاجتماع لا أكثر ولا أقل.

ولنزيدَ معلومات النائب عاشور عن اللجنة التي يبحث عن ترخيصها نقول إن أمراء وشيوخاً تبرعوا لها على التوالي بملايين الدنانير، وكانوا يعرفون أين تذهب أموالهم. أما قوائم المتبرعين فمنشورة في كتب اللجنة ولا نرى فيها اسم عاشور نفسه ولا أسماء نظرائه الذين يشوهون سمعة الناس الطيبين ويطعنون في قيم أهل الكويت وأعمالهم الجليلة.

كان أحرى بالنائب عاشور وبمن فخَّخه للانقضاض على اللجنة أن يعلم أنها توقفت عن جمع التبرعات منذ عام 2004 بعدما تكاثرت الجمعيات، وهي تنتظر لتنفذ مشاريع مناسبة تندرج في سياق ما فعلته على مدى نصف قرن وتفتخر به ويفتخر به أهل الكويت.