يمرّ المرء بمراحل عدة في حياته تختلف ملامحها النفسية والاجتماعية، وتعد مرحلة منتصف العمر أو كما يعرّفها خبراء النفس بـ «المراهقة الثانية» أبرز هذه المراحل وربما أخطرها، وتتجلى أعراضها بين سن الأربعين والخمسين، إذ يطرأ على المرء تحوّل جذري ينعكس على تصرّفاته وأفعاله بشكل ملحوظ، فإذا لم يتمكن من اجتيازها تتحوّل إلى أزمة نفسية واجتماعية، ما يؤثر سلباً عليه وعلى المحيطين به، خصوصاً أسرته. يقول د. سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب جامعة القاهرة: «تكمن أزمة منتصف العمر في شعور المرء بالفراغ الشديد، والتحوّل من حالة النشاط التي سيطرت عليه في فترة الشباب إلى بداية المشاكل الصحية والإحساس بالضعف والوهن». يضيف المصري: «تتصاعد حدة أعراض هذه الأزمة عند الشعور بفقدان الخصوبة، فالمرأة مثلاً في مرحلة انقطاع الطمث تمر بمراحل توتر عصبي واضطرابات نفسية مستمرة، لذا تحتاج دائماً إلى مساندة الزوج. أما أعراضها عند الرجال فتتمثّل في التصابي ومحاولة العودة إلى حياة الشباب من خلال الاهتمام بالذات والزواج من فتيات في عمر العشرين، فيما تتجلى عند المرأة في إعادة الاهتمام بجمالها ومظهرها».عن كيفية اجتياز تلك الأزمة، يشير المصري إلى أن الدول الغربية تقوم دائماً بحملات توعية مكثفة وتركّز في تلك المرحلة على الاندماج في العمل والتوجه إلى العمل التطوعي لإقناع المرء بأنه ما زالت لديه القدرة على العطاء وتحقيق الإنجازات.بدوره، يقول د. محمد خطاب، أستاذ علم النفس في كلية الآداب جامعة عين شمس، إن مرحلة منتصف العمر تمثل أزمة بالنسبة الى فئتين من الأشخاص، الأولى تلك التي تتمنى خلال تلك الفترة أن تنهل من ملذات الدنيا كافة، ما يسبّب العنف خصوصاً الأسري، أما الفئة الثانية فتمرّ بما يُعرف بـ «المراهقة العاطفية» المتزايدة بشكل ملحوظ عند الشعب العربي نتيجة عدم توافر الإشباع الجنسي والنفسي لدى الأزواج وانعدام التواصل بينهم، ما يؤدي إلى البحث عن نزوات وتجارب غير محسوبة بأي اعتبارات عقلية أو اجتماعية.يؤكدّ خطاب أن بعض الأمراض العقلية مثل «الفصام» يبدأ في هذه المرحلة، إذ يشعر المريض بأنه ينتقل من حياة انتهت إلى حياة جديدة، ولاجتياز هذه الأزمة ينصح بالاعتماد على التنشئة والمؤسسات الاجتماعية، حيث الاهتمام بتجديد النشاط والبعد عن الروتين والملل.أما د. أحمد عثمان، استشاري الطب النفسي في دار المقطم للصحة النفسية، فيعتبر أن مرحلة منتصف العمر بمثابة فترة مراجعة للنفس والعمر الذي تجاوز الملذات والتجارب والاستكشاف، ما يسبّب الاكتئاب، وفي حال تزايد الأعراض وتعارضها مع حياة المرء الخاصة، ينصح باللجوء إلى الطبيب المختص. وللوقاية من تلك الأزمة، يشير عثمان إلى أهمية البعد عن الوحدة واستكمال التصدي للمسؤوليات والأزمات والانهماك في العمل.من جهتها، توضح د. ماجدة عامر، خبيرة العلاقات الأسرية، أن المرأة عادةً، تسبق الرجل في الوصول إلى أزمة منتصف العمر، إذ إن مرحلة انقطاع الطمث تبدأ لديها فتظهر معها تقلبات نفسية ومزاجية فتميل المرأة في هذه المرحلة الى العصبية والانفعال وربما تصل إلى مرحلة الاكتئاب المرضي.للتخفيف من تلك الأعراض، تنصح عامر باللجوء إلى الرياضة وتناول الأسماك والمكسرات باستمرار وبذر الكتان والحلبة والمرامية، وبعد مرور فترة انقطاع الطمث تماماً ينبغي، برأيي عامر، العمل على تقوية الذاكرة عن طريق تناول الجوز مثلاً، وتقليل معدل الغذاء بنسبة 50% على الأقل للحفاظ على الرشاقة، والحرص على الإكثار من تناول الألبان والمكسرات والكالسيوم عموماً لتجنّب أخطار هشاشة العظام التي تكون المرأة أكثر عرضة لها في هذه المرحلة.تشدّد عامر على أهمية الحفاظ على نضارة البشرة وشبابها عن طريق تناول الخضار والفاكهة بشكل دائم، ما يعيد الى المرأة الثقة بأنوثتها وجمالها. بالنسبة الى الرجل تؤكد عامر أن فترة منتصف العمر تؤثر سلباً على حالته النفسية، فتظهر عليه أعراض عدة كالزواج من فتاة شابة واللجوء إلى علاقات عابرة وافتعال المشاكل وإساءة معاملة الزوجة والبعد عن أداء الواجبات الزوجية.لتجنّب هذه المشاكل، تنصح عامر بتمتين العلاقة بين الزوجين وتوحيد الأهداف في ما بينهما، وتضيف: «يلاحظ في الدول الأوروبية استمرار الاستقرار الأسري حتى بعد سن الثمانين، نظراً الى قدرة المرء فيها على تخطّي الصعوبات النفسية التي تطرأ عليه والعمل دائماً على اجتياز هذه التغيرات العمرية».
توابل - علاقات
أشهر أعراضها التصابي والاكتئاب والأرق أزمة منتصف العمر تطارد الرجال والنساء
04-01-2011