ليس أصعب من أن تنعى من هو عزيز عليك وله مكانة في قلبك وتقدير واحترام، فالكتابة عن الأخ الكبير محمد مساعد الصالح، رحمه الله، صعبة جداً لا أعرف من أين أبدأها وأين أنهيها.

Ad

لقد كان الأخ محمد مساعد علماً من أعلام الصحافة الكويتية وأحد مؤسسيها منذ رئاسته تحرير مجلة "الهدف" في ستينيات القرن الماضي، وتأسيسه جريدة "الوطن" في أوائل السبعينيات واستمراره في الكتابة حتى آخر أيامه، رحمه الله.

لم تنقطع علاقته بالكتابة حتى آخر الأيام، فكلما خرج من المستشفى عاود الكتابة ساخراً مرحاً كعادته، وأتذكر خلال رئاستي تحرير "القبس" أنني زرته في مكتبه بعد أن باعت أسرته جريدة "الوطن" وقرر اعتزال الكتابة، وأقنعته بأن يكتب في "القبس" فعاد بزاويته اليومية "الله بالخير".

وللفقيد أسلوبه المميز في عرض أفكاره بسلاسة وعذوبة ومرح بكلمات قليلة يختصر فيها فكرة مطوّلة ليوصلها إلى القارئ بأسرع وقت وبروح مرحة، وكانت الكتابة بالنسبة للأخ محمد علاجاً يداوي كل الأمراض، وبها استطاع ـ كما قال ذات مرة ـ أن يقاوم تكسّر صفائح الدم.

ويشهد تاريخ رئاسته تحرير مجلة "الهدف" وجريدة "الوطن" ثبات موقفه الوطني رغم تعارضه مع من هم قريبون له، وكان يجاهر بمواقفه ولم تثنِه علاقات القرابة غير القابلة لتلك المواقف عن الثبات والدفاع عن آرائه.

سيفتقد كثيرون عمود "الله بالخير" وإطلالة «أبو طلال» منه، لكنهم سيتذكرون أنه عمود شامخ أسسه إنسان نقي ومحب لحرية الرأي والصحافة.

وسيفقد رواد ديوان برجس البرجس أحد أركانه، كما سيفقد ديوان الصقر واحداً من أهم رواده، وستفتقده دواوين الكويت الأخرى التي كان مواظباً على زيارتها.

عزاؤنا لأهله وذويه ومحبيه وقرائه، فإلى جنة الخلد يا أبا طلال، و"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".