غالباً ما يعتبر الرجال نفسية النساء لغزاً... والعكس صحيح، فعلى رغم أنّ الرجال لا يأتون من كوكب آخر ولا النساء كذلك، إلا أنّ ثمة فوارق بين الجنسين، سواء على صعيد السلوك والتصرّف أو على مستوى التمييز والحكم على الأمور. ثمة فوارق استنتجها البحث العلمي بعضها مدهش وبعضها الآخر مسلٍّ، أي قد يكون بعضها فطرياً، موروثاً في جيناتنا بينما قد يرتبط البعض الآخر بالتغيّرات على مستوى الهورمونات أو يتعلق أكثر بالثقافة والتعليم. وليس من السهل دوماً اكتشاف الفرق بسبب وجود تفاعل بين هذه المصادر. مثلاً يفضّل الفتيان أن يلعبوا بالسيارات والفتيات بالدمى، وخلافاً لما يقوله البعض، تبيّن أن هذا الفرق فطري بما أنّه موجود منذ الولادة. في كتاب «الرجال والنساء: حقائق مذهلة» الصادر عن «دار الفراشة» في بيروت تفاصيل كثيرة حول الموضوع. عندما يبرز العلم فوارق بين الرجال والنساء، المهم ألاّ ننكرها. فرفضها قد يكلّفنا أكثر من الاعتراف بوجودها. إذ إن القول بأنّ النساء والرجال متشابهون ومتماثلون فهذا يعني إنكار الحقائق الطبية، كأنّ ننكر أن النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة بثلاث مرات من الرجال من غير المدخنين، أو ننكر حقيقة أنّ النساء أكثر عرضة بمرتين أو ثلاث مرات للإصابة بالتصلّب اللويحي MS من الرجال وفي سن أصغر. إليكم مثلاً آخر، تناول الأسبيرين كإجراء احترازي يقلّل من خطر الإصابة بانسداد الشرايين لدى الرجال إلا ليس لدى النساء، لكنه يقلّل من خطر إصابتهن بجلطة دماغية. 1- الصحة هل عدد الرجال على كوكب الأرض أكبر من عدد الفتيات أم العكس؟ لم يعد توزيع جنس الأطفال كما كان عليه في بداية الحياة: عدد الولادات من الصبيان على الأرض يفوق عدد الفتيات. في فرنسا، تسجّل ولادة حوالى 105 صبيان مقابل 100 فتاة. وفي العام 2006 تحديداً، كان عدد ولادات الفتيات (388840) أقل من عدد ولادات الفتيان (407960). ولا يقتصر ذلك على فرنسا، ففي دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، نجد 2,6 مليون صبي دون سن السنة مقابل 2,4 مليون فتاة. إذن، يُفترض أنّ عدد الفتيان على الأرض يفوق عدد الفتيات. لكن لا، فعدد النساء يفوق عدد الرجال في الجنس البشري. وإذا أخذنا مجموع سكان أوروبا، من الفئات العمرية كافة، يصبح الرقم لصالح الفتيات بما أنّ عدد الرجال في أوروبا وحدها هو 240 مليون مقابل 252 مليون إمرأة. في العام 2007، وفي فرنسا، كان عدد النساء 31 مليوناً مقابل 29 مليون رجل. وهذا ليس بجديد، ففي العام 1946، كان عدد النساء في فرنسا 21 مليوناً مقابل 19 مليون رجل. ويعود سبب هذا «الانقلاب الديموغرافي» إلى أنّ الصبيان يموتون بنسبة أكبر من الفتيات وفي المراحل العمرية كافة. مثلاً، يغرق الفتيان أربع مرات أكثر من الفتيات، ويُصاب أربعة فتيان بحروق أو جروح مقابل كلّ فتاة. كذلك، نلاحظ أنّ النساء يعشن 65 سنة كمعدلٍ وسطي في حين أن معدّل حياة الرجال هو 62 سنة. في فرنسا، كان معدل الحياة للعام 2006، 77,2 سنة للرجل، و81,4 سنة للنساء. لم تستفيق النساء أسرع من الرجال بعد الخضوع لتخدير عام؟ هل تعلمون أن النساء يستعدن الوعي أسرع من الرجال بعد الخضوع لتخدير عام؟ إنه استنتاج توصّلت إليه دراسة طبية قام بها الدكتور غان وزملاؤه من جامعة دوك في كارولينا الشمالية. عند الخضوع لجراحة، يعطي الأطباء جرعات التخدير بحسب وزن المريض وطوله، ما يعني أنّ جرعة التخدير التي تُعطى للمرأة أقل من تلك التي تُعطى للرجل. إلا أنّ بعض الأطباء استخدم تقنية جديدة تسمح بحقن الكمية نفسها من المخدّر للنساء والرجال كي يناموا أثناء الجراحة، ثم راقبوا مستوى الوعي لديهم والسرعة التي استفاق بها المرضى بعد أن فقد المخدر مفعوله. تم تخدير 96 رجلاً و 178 امرأة يفترض أن يخضعوا لجراحات (عمليات نسائية، في المثانة، في الأنف والأذن والحنجرة...) بالطريقة التالية: - الجرعة نفسها من البروبوفول Propofol (دواء يؤثر في الوعي هدفه جعل المريض ينام). - دواءان مسكّنان للألم (الفانتانيل alfentanil وبروتوكسيد دازوت Protoxyde d’azote). لاحظ الباحثون أنّ النساء يستفقن أسرع من الرجال: فهن يستعدن الوعي بعد انتهاء التخدير بسبع دقائق مقابل 11 دقيقة للرجال. كذلك، تبدأ النساء بالتكلّم بعد ثماني دقائق من وقف الدواء في حين يحتاج الرجال الى 12 دقيقة. قد تعني هذه النتائج أنّ النساء أقل حساسية من الرجال على الأدوية المخدّرة التي تؤدّي إلى فقدان الوعي ويحتجن إلى جرعة أكبر من التخدير أثناء الجراحة. يسمح هذا الاكتشاف بتفسير مسألة أن عدد النساء اللواتي يشتكين من أنهن كن واعيات أثناء الجراحة يفوق عدد الرجال بثلاث مرات. لا يعرف غان وفريقه سبب هذا الفرق. فهل دماغ المرأة أقل حساسية من دماغ الرجل على الأدوية المخدّرة؟ أم أنّ عملية الأيض لدى المرأة تفتّت تلك الأدوية أسرع من الرجال؟ يبقى الأمر لغزاً حتى الساعة... الفرق العصبي علينا معرفة أن بشرة المرأة أرق من بشرة الرجل وهي غنية أكثر بالناقلات العصبية، ما يجعل المرأة تشعر بالألم أكثر... عند أخذ عيّنات بقدر1سم2 من بشرة الوجه من 20 جثة رجل وامرأة ودراستها تحت المهجر، لاحظ الباحثون أنّ المعدل الوسطي للألياف العصبية في السنتيمتر المربع من بشرة الوجه هو 34 لدى النساء مقابل 17 لدى الرجال. وتعني هذه النتائج أنّ النساء لديهن عتبة تحمّل للألم الجسدي أدنى من عتبة الرجال. الفرق الهرموني في جامعة ميتشغن، درس جان كار زوبييتا وزملاؤه تأثير الهورمونات الجنسية في الجهاز الدماغي المسؤول عن الإحساس بالألم. وقد تبيّن أنّ الألم مرتبط جزئياً بالفرق الهرموني بين الرجال والنساء. عندما نتألّم، يطلق الأندورفين في الجسم، ويرسل هذا المورفين الطبيعي معلومات إلى الدماغ طالباً منه إيقاف الألم. عندما يستمر المنبّه الذي يتسبّب بضغط نفسي، كالألم الجسدي الشديد، ويهدّد راحة المرء، يطلق الدماغ مواد تلتصق على المتقبّلات الموجودة في أجزاء مختلفة من الدماغ. تنشيط هذا الجهاز سريع ويقضي على الشعور بالألم فضلاً عن الانفعالات الأخرى التي تترافق معه أو يخفّفها. عندئذ، يصبح الجسم أكثر قدرة على احتمال الألم. في هذا الاختبار، تسبّب زوبييتا بألم معتدل لثمانية وعشرين متطوّعاً من نساء ورجال عبر حقن الماء المالح في عضلة الفك بطريقة لا تسبب الأذى. خلال العشرين الدقيقة التالية، خضع المشاركون للتصوير بالرنين المغناطيسي IRM وطُلب منهم أن يقيّموا ألمهم على سلم يبدأ من»غير مؤلم أبداً» ليصل إلى «مؤلم للغاية». لاحظ الباحثون ارتفاعاً في كمية الأندورفين المطلقة في بعض مناطق الدماغ لدى الرجال أثناء حالة الألم، بينما لاحظوا العكس لدى النساء، أي انخفاض في كمية الأندورفين... عند إجراء اختبار ثانٍ، لاحظ الباحثون أنّ هذا الفرق بين النساء يتغيّر بحسب فترة الدورة الشهرية التي يمررن بها. درس العلماء مجموعة من النساء خلال الفترة التي تلي الحيض، عبر طريقة التسبّب بالألم نفسها، وقارنوا هذه المجموعة بمجموعة أخرى من النساء في مرحلة أخرى من دورتهن. فاجأت النتائج العلماء: عندما كانت النساء في الفترة التي تلي الحيض بقليل، أي حين كانت معدلات الأستروجين والبروجسترون في مستويات متدنيّة، شعرت النساء بألمٍ شديد فيما تدنى معدل الأندورفين. وعندما كانت معدلات الأستروجين مرتفعة، بلغت معدلات الأندورفين مستوى عالياً ينافس ذاك الذي يسجّله الرجال ويتجاوزونه حتى أحياناً. الفرق الدماغي يبدو أن دماغ المرأة ودماغ الرجل يعملان بطريقة مغايرة في مواجهة الألم... راقب باحثون في الطب في ULCI بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي أدمغة رجال ونساء يعانون «القولون العصبي». وكان هؤلاء المرضى قد خضعوا سابقاً لتنظير للبطن للتحقّق من عدم معاناتهم من أمراضٍ عضوية أو أمعائية أخرى. اكتشف الباحثون أن ردّة فعل أدمغة الرجال تختلف عن ردّة فعل أدمغة النساء. ففي مواجهة الألم، سجّل «الجزء اللمبي» لدى النساء نشاطاً أكبر منه لدى الرجال. ويشكّل الجزء اللمبي مجموعة البنى الدماغية المعنية بالانفعالات. أما لدى الرجال فتنشط المناطق الإدراكية أي مراكز التحليل. كذلك، لاحظ الباحثون أنّ توقّع الألم يفضي إلى ردود الفعل نفسها في الدماغ كالألم الحقيقي. هكذا، قد يضطر الرجال الى المعاناة من الألم بعد القتال للدفاع عن أراضيهم وعائلاتهم. إذن، لا بدّ من الحفاظ على القدرة على التحليل والإحساس بالخطر بغية اتخاذ القرارات الأمثل في مثل هذه الظروف. ولهذا السبب، تنشط التركيبات الدماغية المعنية بالتفكير المنطقي لدى الرجال الذين يتألمون أكثر مما تفعل لدى النساء. وإذا كان الدماغ الانفعالي لدى النساء أنشط في مواجهة الألم، فلتحذيرهن في أسرع وقت ممكن من التعديات والاعتداءات الجسدية التي قد تلحق الأذى بالجنين وذلك بهدف الحفاظ عليه. إذن، يفضي تنشيط التركيبات الدماغية الانفعالية في مواجهة الألم إلى ردّ فعل سريع يتمثّل بالحذر والفرار. ما فائدة نهدي الرجل؟ لمَ للرجال حلمتان؟ علينا أن نعلم أنّ حياة الجنين في رحم أمه تبدأ بالطريقة نفسها سواء أصبح صبياً أم فتاة. فيتشكّل منذ ساعات حياته الأولى وفق النموذج الأنثوي. وبعد ستة أسابيع، يبدأ التخصّص تحت تأثير الصبغة Y، في حال وجودها. في هذه الحالة، يتحوّل الجنين إلى صبي. لكنّ الثديين يكونان موجودين أصلاً لأنهما تكوّنا قبل التخصّص الجنسي ولهذا السبب نجد أن للرجل ثديين! لم تنتحر النساء الأرامل أكثر من الرجال الأرامل؟ كلنا نعلم أن حالات الانتحار كثيرة في بلاد الشمال الأوروبي. لهذا، درس فريق دنماركي بشكل معمّق الإطار العائلي والطبي والاجتماعي والاقتصادي لتسعة آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 25 و 60 سنة أقدموا على الانتحار. أظهرت الدراسات أنّ الرجال الذين فقدوا شريكة العمر هم أكثر عرضة من سواهم للانتحار بمعدل 64 مرة، في حين أن إمكان انتحار النساء الأرامل يُضرب بثلاثة فقط. لعل المسألة قد تفسَّر بأنّ الرجال يبحثون عن الدعم ويطلبون المساعدة أقل من النساء في مثل هذه الأوضاع. وهكذا، لا يتم اكتشاف اكتئابهم بعد انتحار الشريكة بسهولة ولا يعالجون كالنساء. لذا، فإن إمكان الانتقال إلى فعل الانتحار أكبر لدى الرجال. وفي مواجهة ألم نفسي آخر، نجد فارقاً آخر هاماً بين الجنسين، إنّه الضيق الناجم عن الطلاق. هذه المعاناة النفسية أقوى لدى النساء منها لدى الرجال في الأشهر التي تسبق الطلاق. ألاّ أنّ الدراسات تبيّن أنّ المعاناة والاكتئاب يدومان لوقت أطول لدى الرجال بعد الطلاق. ولعل هذا يفسّر واقع أنّ الرجال لا يتنبّهون بما يكفي من السرعة الى مرحلة تدهور العلاقة بين الثنائي. 2- مشاعر وانفعالات مَن هم الأكثر غيرة، الرجال أم النساء؟ إذا قالت لك زوجتك في أحد الأيام إنها منجذبة إلى رجل آخر، كيف سيكون ردّ فعلك؟ أـ أنت في سهرة مع زوجتك وتتحدّث مع مجموعة من الأصدقاء. تلاحظ أنّ زوجتك في الناحية الأخرى من القاعة تتحدث إلى رجل لا تعرفه. خلال السهرة، تغيب زوجتك عن ناظريك. في اليوم التالي، تعترف لك بأنها عانقت ذلك الرجل وأنها لم تشعر بمثل هذا الإحساس مع أيّ رجل آخر، لكنها تؤكد أنه انجذاب جسدي فحسب، وأنها لا تكنّ له أيّ شعور. ب ـ أنت في سهرة مع زوجتك وتتحدّث مع مجموعة من الأصدقاء. تلاحظ أنّ زوجتك في الناحية الأخرى من القاعة تتحدث إلى رجل لا تعرفه. خلال السهرة، تغيب زوجتك عن ناظريك. في اليوم التالي، تقول لك زوجتك إنّها انسجمت على الفور مع ذاك الرجل وإنها نادراً ما تقابل شخصاً يمكنها أن تتواصل معه بهذه الطريقة. تشعر على الصعيد الشخصي أنّها مرتبطة به بطريقةٍ فريدة، لكنها تؤكد أنها لا تشعر نحوه بأيّ رغبة. هذا ليس انجذاباً جسدياً بل علاقة صداقة وهي تشعر بأنها تعلّقت به من هذه الناحية. ما الذي ستشعر به؟ في عام 2004، عرض بونك ودجكسترا، باحثان في جامعة غرونينجين في هولندا، هذين النصين على 151 شخصاً. وحصلت الفتيات على النص نفسه مع استبدال صيغة المؤنث بالمذكر والعكس بالعكس. تلقّى المشاركون مع النص صورة للغريم أو للغريمة. وتعود الصورة إما الى شخص جميل جداً وإما الى شخص عادي جداً. وأُرفقت الصورة بوصفٍ للشخص حيث ورد أنه إما شخص مسيطر (أستاذ جامعي شاب، رئيس جمعية تضم 600 عضو، شخص صاحب نفوذ على الآخرين ويتمتع بحب المبادرة)، وإما شخصٌ قليل السيطرة (مطيع، خاضع، يتمتع بنفوذ محدود جداً). ثم طُلب من المشاركين ملء استبيان يقولون فيه إلى أيّ درجة قد يشعرون بالغيرة، الغضب، الشك، الحزن، القلق... لاحظ الباحثون أنّ الرجال يشعرون بغيرةٍ شديدة إذا ما كان الرجل الذي يرافق الزوجة مسيطراً اجتماعياً. في المقابل، تشعر المرأة بالغيرة الشديدة عندما تكون الفتاة جميلة جداً. باختصار، يشعر الرجل بالخطر من وضع الخصم الاجتماعي فيما تهتم المرأة أكثر بمظهر الغريمة الخارجي. لكن ما السبب؟ تقيّم المرأة وضع الرجل الاجتماعي قبل الارتباط بعلاقة طويلة الأمد. ليس ذلك المعيار الوحيد الذي تأخذه في الاعتبار لكنّه مهم. فالرجل «المسيطر اجتماعياً» يمكنه تقديم الموارد الكافية للعائلة، لا سيّما الأولاد ما يجعل هذا المعيار هاماً بالنسبة الى النساء أكثر منه بالنسبة الى الرجال. إذن، يشعر الرجال بالتنافس الجنسي على هذا الأساس. وهم يولون وضع الخصم اهتماماً في حال محاولة إغراء الشريكة. من ناحية أخرى، يهتم الرجال أكثر من النساء بجاذبية شريك المستقبل الجسدية. نفترض أنّ جمال النساء شكّل في الماضي البعيد وعلى مدى سنوات طويلة مؤشراً يعتمد عليه الرجال لتحديد خصوبة المرأة. بالتالي، تتنبّه المرأة بشكل خاص الى جمال الغريمة لأنّ الرجل حساس على هذه الناحية. لاحظ علماء النفس أيضاً أنّ الخيانات «الجنسية» (الحالة أ) و{العاطفية» (الحالة ب) تثير مشاعر غيرة مختلفة. في الحالة أ، نرى ظهور الكثير من الحزن والرفض والغضب والشعور بالخيانة، في حين أنّ الحالة ب تثير مشاعر القلق والارتياب والإحساس بالتهديد. ويؤدي نوعا الغيرة هذان الدور نفسه: حماية العلاقة بغية حفظ حصريتها. وهكذا، نقوم بالوقاية تحسّباً لأيّ «فرار» محتمل للشريك بفضل الشكوك في الحالة ب أو عبر الغضب بعد التعرّض للخيانة جنسياً (الحالة أ). عموماً، يشعر الرجال بالغيرة أكثر عند التعرّض لخيانة جنسية فيما النساء أكثر حساسية على الخيانة العاطفية! وبالتالي، يعاني الرجل دوماً من مشكلة ريبة في ما يتعلق بأبوة أبنائه. وعندما لا تكون المرأة وفية جنسياً، يضطر الرجل الى أنّ يتحمّل تكاليف باهظة كالاستثمار بقوة ومن دون أن يدري في سلالة رجل آخر، ومن دون أن تكون لديه ذرية خاصة، أي على حساب جيناته الخاصة. بالتالي، لعل الغيرة الذكورية آلية قديمة هدفها منع تورّط الشريكة جنسياً مع شخص آخر بغية الحد من هذا الإمكان. إذن، تكون الغيرة شديدة ومتطرّفة في حال الخيابة الجنسية. يختلف الوضع بالنسبة إلى المرأة، إذ يكمن الخطر في إمكان تقاسم موارد الشريك مع امرأة أخرى أو في أن يتخلى عنها الشريك من أجل أخرى، وهذا أمر أدهى بالنسبة إليها. بما أنّ الرجال قادرون على إقامة علاقات جنسية مع نساء من دون أيّ تورط يذكر على المستويات كافة، يشكّل الرابط العاطفي بين الشريك وامرأة أخرى مؤشراً موثوقاً يعلم المرأة بوجود خطر محتمل قد يؤدي إلى خسارة الشريك. هوس التسوّق، هل هو اضطرابٌ نفسي نسائي بحت؟ أجرى كوران وزملاؤه دراسة فرنسية على عيّنة عشوائية من 2513 راشداً (رجال ونساء) بغية تقييم عدد الأشخاص المصابين باضطراب «هوس التسوّق» بشكل دقيق. وقد طرحوا أسئلة على المشاركين عن سلوك الشراء لديهم، ونتائج عمليات الشراء، فضلاً عن البيانات الإحصائية والمعلومات المالية. كذلك، استخدموا وسيلة «سلم التسوّق الهوسي» لمعرفة ما إذا كان الشخص مصاباّ بهذا الاضطراب. أظهرت نتائج هذه الدراسة أن شخصاّ من أصل عشرين في الولايات المتحدة مصاب باضطراب التسوّق الهوسي. والمصابون عموماً هم في سن الشباب، وذوو مدخول جيد (50 ألف دولار سنوياً). ومهما كان رأي الرجال المتعصبين لأبناء جنسهم، نشير إلى أن النساء لسن الوحيدات المعنيات بهوس التسوق، بل الرجال أيضاً. هل تفضّل الفتيات اللون الزهري؟ قدّمت دراسة نُشرت في مجلة Current Biology الدليل على أن الفتيات يفضّلن اللون الزهري أكثر من الرجال. وقد أصبح مؤكداً أنّ ثمة تبايناً بين الرجال والنساء عندما يتعلّق الأمر باللون المفضّل. فقد لاحظ الباحثون في الواقع أنّ النساء يفضّلن فعلاً اللون الزهري أو على الأقل الأحمر الموشّح بالأزرق في الألوان التي تتراوح بين الزهري والليلكي. وعلى رغم أنّ الباحثين توقعوا أن يجدوا فروقاتٍ بين الجنسين إلاّ أنّهم تفاجأوا بنتائج الدراسة. في هذه التجربة، دُعي ما يقارب الـ200 رجل وامرأة (إنكليز وصينيون)، تتراوح أعمارهم بين 20 و26 سنة ليختاروا سريعاً اللون المفضّل لديهم بين مستطيلات ملوّنة عُرضت عليهم على شكل أزواج ضمن سلسة طويلة. عندما حلّل الباحثون نتائج عملهم، تبين لهم أنّ النساء، وضمن المستطيل الذي يبدأ باللون الأحمر لينتهي بالأخضر، يفضّلن وبشكل واضح الطرف الأحمر ما يجعل من الزهري والليلكي اللونين المفضّلين لديهن. لم يسجل أيّ تفضيل لدى الفتيان لهذا المستطيل. هذا الفارق بارز بما يكفي كي نتمكّن من تخمين جنس الشخص انطلاقاً من المعلومات عن لونه المفضّل. من ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بالمستطيل الذي يبدأ باللون الأخضر وينتهي بالأصفر، اختار المشاركون من رجال ونساء الأزرق، ما يعني أنّ هذا اللون هو المفضّل عالمياً (وهذا ما بيّنته دراسات سابقة)، لكن النساء يفضّلن أيضاً اللون الزهري. وهكذا، أدخلن شيئاً من الأحمر في لونهن الأزرق! لكن هل هذه المسالة مسألة ثقافة أم بيولوجيا؟ للرد على هذا السؤال، قارن العلماء إجابات المشاركين الصينيين مع إجابات الإنكليز فلم يجدوا أيّ فارق. وقد جاءت نتائج الآسيويين مطابقة ما جعل هرلبرت hurlbert يطلق فرضية أنّ مسالة التفضيل هذه ذات طابع بيولوجي وهي مسجّلة في جيناتنا منذ زمن بعيد. بحسب هذه النظرية، قد تعود جذور هذا التفسير إلى أصولنا «كصيادين- قطّافين» وإلى التخصص في العمل في ذاك العصر. كانت النساء تتولى البحث عن الثمار الحمراء في محيط أخضر وقطفها، بما أنّ الثمار الحمراء هي الأكثر حلاوة ونضجاً وغنى. وإذا ما أدخلت النساء بعض الأحمر في لونهن الأزرق، فلأن عملهن في القطاف جعلهن يفضّلن الثمار الحمراء على سواها. التفسير الآخر الممكن هو أنّ الأحمر هو اللون الذي يكسو الوجه في بعض الأوضاع الاجتماعية كالإحراج (احمرّ خجلاً). أما في ما يتعلق بتفضيل الأزرق فيعتقد القيّمون على هذه الدراسة أنه مرتبط بالسماء الزرقاء والطقس الصافي وبظروف عيش أقل صعوبة. ويعتبر الأزرق الفاتح مرادفاً لنبع المياه الصافية، الصالحة للشرب. ويتحضّر هرلبرت hurlbert ولينغ ling لاختبار ما يفضله الأطفال الرضع من فتيات وفتيان على أمل الحصول على رد على سؤالهما حول ما إذا كانت مسألة تفضيل الألوان ثقافية (يعطى الزهري للفتيات الصغيرات والأزرق للفتيان الصغار) أم بيولوجية. 3- مسائل جنسيّة كم مرة يفكر الرجال بالجنس في اليوم؟ حين طُرح هذا السؤال على مجموعة رجال في إطار دراسة، أجاب 54% منهم بأنهم يفكرون في الجنس مرّات عدة في اليوم. أما النساء فتجاوزت نسبتهم الـ19%. إذن، يتجاوز عدد الرجال الذين يفكرون في الجنس مرات عدة في اليوم عدد النساء بثلاث مرات، لكننا لا نعرف عدد المرات هذه. ماذا عن النزوات والأحلام؟ في عام 1990، طلب إليس Ellis وسيمونز Symons من 307 طلاب أن يملأوا استبياناً يتعلق بنزواتهم وأحلامهم الجنسية وما يثيرهم. وقد استنتجا ما يلي: - الرجال أكثر ميلاً الى أن تراودهم أحلام ونزوات جنسية والى الشعور بالإثارة مرّة في اليوم على الأقل. تتخذ الأحلام الذكورية شكل شريكات عدة، لا سيّما شريكات لا يرغبن في الارتباط بهن في علاقة طويلة الأمد. وتتضمن أحلام النساء شريكاً وحيداً يشاركنه حياته راهناً أو عشن معه قصة رومنسية. نشوة الجماع يواجه 7,4% من النساء (لا سيّما الأكثر شباباً والأكبر سناً) مشاكل في الوصول إلى نشوة الجماع، في حين أن 2,5% من الرجال فقط يعانون من مشكلة في الانتصاب. يرتفع هذا الرقم كثيراً بعد سن الخمسين. لكن المفاجئ، أنّ هؤلاء الأشخاص يعلنون أنّ هذه الاضطرابات لا تؤثر سلباً في حياتهم الجنسية ولا تعيقها. الأمراض الجنسيّة المعدية 3,6% من النساء و2,4% من الرجال بين 18 و24 سنة حول العالم، يعانون من فيروس Chlamydia Trachomatis الذي يتسبّب بأمراض تناسلية. كذلك، تبيّن الدراسات أنّ حياة النساء الجنسية تستند دوماً إلى المودة والعاطفة أكثر من الرجال. ويسجَّل لدى الرجال تنوّع أكبر في الشريكات وعلاقات جنسية جسدية و/أو آلية أكثر. وتفضي هذه الطرق المختلفة في عيش الحياة الجنسية إلى فروقات في التصرفات والسلوك. لمَ من مصلحة الرجال الخائنين أن يسيطروا على قلوبهم؟ هل تعلمون أن الرجال الذين يموتون أثناء ممارسة الحب يسلمون الروح غالباً في أسرّة عشيقاتهم وليس بين ذراعيّ الزوجة؟ وهذا ما تبيّنه دراسة أجراها مركز الطب الشرعي في جامعة فرانكفورت. طاولت هذه الدراسة 30 ألف جثة مشرّحة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. لم يهتم الباحثون إلاّ بحالات الوفاة الناجمة عن توقف القلب خلال علاقة جنسية، أي 56 رجلاً (متوسط العمر: 59 سنة). اكتشف الأطباء أنّ نصف هؤلاء الرجال الـ56 توفّوا بسبب توقّف القلب أثناء ممارستهم الحب مع عشيقاتهم أو مع فتاة هوى! والنصف الآخر توفوا إما في السرير الزوجي أثناء ممارستهم الحب مع زوجاتهم، أو بسبب ذبحة صدرية أثناء ممارسة العادة السريّة. 4 - كفاءات ومواقف مَن الأذكى: الرجل أم المرأة؟ دعونا نقول فوراً إنّ ما من فرق بين المعدل الوسطي لذكاء الرجل ولذكاء المرأة، حتى وإن كان الفارق في المتوسط أهم لدى الرجال منه لدى النساء (14,1 للفتاة و14,9 للفتى). نشير هنا إلى أن الشخص الأذكى في العالم هو امرأة صحافية اسمها مارلين فوس سافونت والتي قارب معدل الذكاء لديها في سن العاشرة الـ230 . وعندما خضعت في سن الرشد لاختبارات ذكاء أخرى، سجّلت معدل 196. لعلّ الفروقات بين الرجال والنساء لا تظهر على مستوى معدل الذكاء الوسطي، بل ينبغي البحث عنها في أمكنة أخرى أي على المستوى النوعي. فقد تبيّن أن الرجال ينجحون عموماً أفضل من النساء في الاختبارات القائمة على البعد المكاني (كتحريك النرد الذي تظهر الجهة المرئية منه «4» عقلياً، وجعله يدور ربع دورة إلى اليمين ومن ثمّ نصف دورة إلى الأسفل واكتشاف الرقم الذي ينبغي أن يظهر). وبالتالي، فإن الرجال أكثر قدرة على تحديد الوجهة. ونجد هذا الفرق منذ الطفولة، في سن العاشرة تقريباً. وتبدو هذه الظاهرة كونية لأننا نجدها في الحضارات كافة... في العام 2001، قوّم غيري ودي سوتو رجالاً ونساءً من مجموعتين عرقيتين مختلفتين، أي صينيين وأميركيين. وأخضعاهم لاختبار يقضي بتحريك أشكال هندسية ذهنياً. وقد أكّدت النتائج تفوّق الرجال في هذا المجال وأثبتت أن هذه القدرة ليست مرتبطة بثقافة أو حضارة معيّنة لأننا نجدها في المجموعتين. أما النساء فهنّ أكثر خبرة من الرجال في البعد الكلامي، كسرعة نطق الكلمات المعقّدة بوضوح أو حتى قول العبارات بطريقة سليمة أنيقة. كذلك، نلاحظ أن أحاديث الفتيات وحواراتهن لا تتضمن الكثير من حالات التلعثم كما هي الحال لدى الرجال، وأنّ نسبة الفتيان الذين يتكلمون بعجلة فلا يُفهم كلامهم أكبر مرتين إلى أربع مرات من نسبة الفتيات. تجدر الإشارة إلى أن الفتيات يتمتعن بقدرات اجتماعية أكثر من نظرائهن الشبان مرتبطة باللغة أو الكلام (السلاسة في التعبير مثلاً) و{بنظرية الفكر» أيضاً (القدرة على فهم نوايا الآخرين). لمَ هذه الفروقات؟ لا تنسوا أننا طوّرنا محيطنا لكن دماغنا بقي نفسه لآلاف وآلاف السنوات، وذلك حتى يومنا هذا. إذن، يمكن تفسير هذه الفروقات بين الرجال والنساء على مستوى الحاجة إليها على مدى مئات القرون. لعل القدرة على التصوّر الثلاثي الأبعاد للرجال قد اختيرت لدى اسلافنا بهدف اكتشاف واستكشاف أراضٍ وأماكن جديدة للصيد. ولعل القدرات الكلامية والاجتماعية لدى النساء مرتبطة أيضاً بماضينا الذي يعود إلى ما قبل التاريخ. وتغيّر النساء مجموعاتهن الاجتماعية عندما يتزوّجن ويرتبطن فيندمجن في مجموعة الشريك. ويُعتبر التمتّع بعلاقات ودعم اجتماعي مستقر ومستدام أمراً أساسياً لصحة النساء وأولادهن. وقد سمحت الضغوطات الانتقائية للنساء بتشكيل مثل هذه العلاقات والحفاظ عليها. في الواقع، كان لا بد من تطوير القدرات الكلامية لفهم الكلام بشكل دقيق واكتشاف ما يفكر فيه أفراد المجموعة الجديدة. وقد سمحت هذه القدرات اللغوية للنساء بالاندماج سريعاً وبإقامة تحالفات عند الحاجة لتحضير ترسانة الدفاع عن أنفسهن. في عام 1987، بيّن كل من شارلز وورث ودزور أنّ الفتيات الصغيرات يستخدمن استراتيجيات تعتمد على الكلام، وهذا ما لا يفعله الفتيان الصغار في السن نفسه. لقد أنشآ وضعاً حيث كان طفل واحد يلعب بلعبة يرغب فيها الأولاد كافة. وراقبا الاستراتيجيات التي استخدمها الأولاد للحصول على الغرض المنشود، فاستعان الصبيان بقوتهم وأجسادهم لدفع الأطفال الآخرين. أما الفتيات فاستخدمن الكلام في محاولة لإقناع هؤلاء. لمَ الفرق بين أصابع الرجال والنساء؟ يرى الباحث مانينغ أنّ البنصر الطويل يمكن أن يساعد على تثبيت الإصبع الثالث (الوسطى) عند رمي أيّ غرض، ما يسمح بزيادة دقة الرمي. يدفعنا هذا الأمر الى الافتراض بأن الرماية الدقيقة، وهي شرط ضروري للنجاح في الصيد والحرب، مهمة بما يكفي كي يحافظ التطوّر على هذه الخاصية المتمايزة جنسياً. على الصعيد الوراثي، يبدو أنّ النساء لم يحتجن الى هذا الثبات الإضافي للإصبع الثالث. ولهذا، نرى اليوم أنّ الرجال يتمتعون بقدرة أكبر من النساء على الرمي أو الرشق. تقول الفرضية الثانية، وهي أقل ترجيحاً، إنّ التطوّر اختار الفرق في الطول لأنه يشكّل دليلاً للنساء كي يخترن «الرجل المناسب للزواج». وعلى رغم أن النساء لا يدركن تماماً هذا الفرق بين الأصابع، إلاّ أنه من الممكن أن يقيَّمن الرجال على هذا الأساس. بالتالي، قد يجدن الرجل الذي يسجّل فارقاً كبيراً بين البنصر والسبابة جذاباً أكثر من سواه. في الواقع، غالباً ما تقول النساء إنّ أيدي الرجال تسحرهن. هل حاسة الشم لدى النساء أقوى مما هي عليه لدى الرجال؟ ألم تتجادلي طويلاً مع زوجك حول من منكما يتمتع بحاسة شم أقوى؟ ماذا يقول العلم؟ هل تتفوق النساء على الرجال في القدرة على اكتشاف الروائح؟ الإجابة هي نعم، وهذه القدرة تتعلق بتحديد الروائح وشمّها. إليكم كيف اكتشف الباحثون هذا الفرق وكيف أن النساء يستخدمن أنفهن لاختيار أفضل أب لذرياتهن، بفضل الرائحة الخاصة التي تفوح منه والتي تعطيهن معلومات هامة. في العام 1985، أراد دوتي وزملاؤه من اختصاصيين في طب الأنف والأذن والحنجرة أن يتأكدوا من هذا الفرق بين الجنسين على مستوى القدرة على اكتشاف الروائح وتحديدها، فأخضعوا حوالي 2500 شخص من نساء ورجال من انتماءات عرقية مختلفة (أميركيون سود وبيض، وكوريون، ويابانيون) لاختبار UPSIT. الاختبار الذي قام به دوتي هو الأكثر استعمالاً في التجارب التي تُجرى في العيادات. ويقوم على فتح 40 كبسولة وشمّها. بعد شمّ كل منها، على المشارك أن يحزر (أو يحدّد بموجب استبيان ذي خيارات محددة) ما هي الرائحة. تفوّقت نساء المجموعات كافة على الرجال: النساء أفضل من الرجال في تحديد الروائح. واستنتج الباحثون أنّ الفرق بين الجنسين في ما يتعلق بالقدرة على تحديد الروائح لا يرتبط بأي عوامل عرقية أو ثقافية. وجاء بحث دوتي ليؤكد عمل الباحثين الهولنديين كواليغا وكوستر، وقد أجريا منذ العام 1974 اختبارات على مئات الرجال والنساء حيث جعلاهم يشمون روائح متنوعة: استيات الأميليك (ورنيش ذو رائحة كرائحة الفواكه)، مشتقات الأندروستيرون androsterone (هرمون ذكري نجده في البول وفي العرق)، مسك، زيلين (مذيب بترولي)، بيريدين (رائحة السمك الفاسد). سجّلت النساء على المواد التسع المعروضة قدرة شم أعلى من الرجال. ووجد كواليغا وكوستر أيضاً أن الفتيات قبل البلوغ يتفوّقن على الفتيان قبل البلوغ في تحديد الروائح. يبدو أنّ ذاكرة الروائح خصوصاً أقوى لدى النساء. وقد تكون النساء أكثر ميلاً الى استخدام علامات دلالة أو استدلال في استراتيجياتهن الهادفة إلى حفظ الروائح. وهن بالتأكيد أكثر قدرة من الرجال على تصنيف الروائح والتعبير عنها بكلمات وبالتالي العثور عليها بسهولة أكبر في الذاكرة. هذا ما برهنه شودهري، موبرغ، ودوتي في العام 2003. فدعوا في تجربتهم هذه 231 شخصاً من نساء ورجال تتراوح أعمارهم بين 10 و68 سنة لشمّ روائح داخل كبسولات. وبعد فاصل من الوقت تراوح بين 10 أو 30 أو 60 ثانية، طُلب من المشاركين التعرّف إلى رائحة معينة في سلسلة من أربع روائح عُرضت عليهم. وجاءت النتائج التي سجّلتها النساء أعلى عموماً من نتائج الرجال؛ كذلك لوحظ انخفاض في الأداء لدى المسنين من كلا الجنسين. إذن، يبدو أن ذاكرة الروائح أقوى لدى النساء. كذلك، برهن أوبرغ، ولارسن، وبكمان (عام 2002) أنّ النساء يتفوّقن على الرجال في اكتشاف الروائح وتحديدها إذا ما كانت هذه الروائح مألوفة وقابلة للتحديد. لكن، إذا استُخدمت روائح غير مألوفة، يختفي الفرق بين الرجال والنساء. هل النساء أفضل من الرجال في رئاسة الشركات؟ للردّ على هذا السؤال، لا بد من تحديد ما تعنيه كلمة «أفضل». فإذا عنت التوصّل إلى توازن مالي في الشركة فالإجابة هي أن النساء يتفوّقن على الرجال في إدارة الشركات. وهذا ما تظهره دراسة مهمة موّلتها «فودافون» وتصف المواقف والتيارات التي تشكّل سوق العمل في المملكة المتحدة. تهدف هذه السلسلة من الأبحاث إلى الإحاطة بشكل أفضل بصورة الشركات الأنجح في أيامنا هذه. على رغم أن عدد الرجال رؤساء الشركات ضعف عدد النساء، إلاّ أن النساء أكثر قدرة على النجاح من نظرائهن الرجال في هذا المجال. كذلك، يشعرن بالراحة أكثر من الرجال في دورهن كربات عمل. وهنا أيضاً، تتحدث الارقام: 16% من النساء راضيات أكثر من الرجال عن إدارتهن لشركاتهن وعن عمل هذه الشركات، ما يفترض أنهن يتوصلن إلى توازن مالي أفضل ويتمتعن بنجاح شخصي أفضل. من جهة أخرى، نلاحظ أنّ المنظمات التي لم تعتمد سياسات مساواة في الحظوظ بين الأجراء، لا سيّما على صعيد فروقات الأجور بين الرجال والنساء، وتلك التي لا تضم مجموعات من الأقليات، سجّلت خسارة بمعدل 20%. هل النساء أكثر ميلاً الى الثرثرة من الرجال؟ لعلكم تقولون في سرّكم إنّ هذه مجرد اتهامات لا أساس لها من الصحة... وإنّ الفتيات لا يهتممن بالشائعات والأقاويل أكثر من الرجال... أو إن النساء خبيرات في الثرثرة ويملن إلى الهذر أكثر من الرجال. فهل هذا صحيح؟ حاول ليبر وهوليداي (عام 1995) أن يعرفا المزيد، فسجلا محادثات الأصدقاء. تألف كل ثنائي سُجّلت محادثته إما من رجلين أو من امرأتين وإما من امرأة ورجل. أظهر تحليل نتائج المحادثات أن «علم النفس الشعبي» كان محقاً! إذ تنمّ النساء حين يتحدثنّ في ما بينهم أكثر مما يفعل الرجال أو أيّ ثنائي مختلط.... لكن إذا كانت النساء يستخدمن النميمة أكثر من الرجال، فلماذا هنّ أكثر حساسية على الأقاويل التي قد تطاولهن؟ لمعرفة الإجابة عن هذه الفرضية، قام هس وهاغن (2002، 2000) بسلسلة من الاختبارات والتجارب. في أحد الاختبارات، طلب الباحثان من رجال ونساء أن يتخيّلوا أنهم اكتشفوا شخصاً يغشّ كي ينافس صديقاً حقيقياً. في هذا السيناريو، يطلب الغشاش من المشارك ألاّ يفشي السر، وإلا: - سيتعرض للضرب من أصدقاء الغشاش (الحالة الأولى). - سيشيع الغشاش وأصدقاؤه أقاويل عنه (الحالة الثانية). أظهرت النتائج أن الرجال يوافقون على التزام الصمت وعدم كشف الاحتيال في حالة العنف الجسدي أكثر مما يفعلون في حالة الأقاويل أي الحالة الثانية. في المقابل، نجد العكس لدى النساء، إذ يخشين تلويث السمعة أكثر مما يخشين الضرب. يبدو أن «النميمة» شأن هام لدى النساء... لمَ تخشى النساء الأقاويل والشائعات أكثر من الرجال؟ استند هس إلى نتائج هذا الاختبار وإلى أبحاثه الأخرى ليشير إلى أنّ هذا الفرق يعود إلى فترة ما قبل التاريخ. في تلك الأزمنة السحيقة، تعاون الرجال في ما بينهم من أجل الصيد. وعندما كانوا يتنافسون، يعمدون إلى الحرب وإلى مواجهات جسدية أخرى. وبالتالي، يتم الحكم عليهم بناء على سمات واضحة كالقدرات الجسدية والقوة والقدرة على الصيد. لكن النساء لم تكنّ تتمتّعن بالقدرة على المقاومة جسدياً كالرجال. لذا، كان عليهن أن يتخيّلن وسائل أخرى للتنافس للحصول على الموارد التي يحتجنها وللصراع من أجل بقاء أبنائهن. لعل النميمة والأقاويل شكّلت مفتاح هذا البقاء. ميزات النساء الرئيسة (أي الخصوبة والوفاء) ليست واضحة للعيان وهنّ بالتالي أكثر حساسية على الشائعات والنميمة. كذلك، كانت النساء بحاجة الى ثقة الآخرين كي يصدقوا الأقاويل. وهكذا، توجّب عليهن أن يشكّلن تحالفات كي تنمو الثقة. وبتبادل المعلومات في ما بينهن، أصبح بمتناول النساء سلاح قوي يمكن استخدامه للانتقاص من قيمة المنافسات عبر إلحاق الضرر بسمعتهن وبوضعهن الاجتماعي. بحسب هس: هذا ما خصّصت له نساء المجموعات الاجتماعية التعاونية وقتهن... لقد بدأت الثرثرة مع النساء! حتى لو كانت النساء أكثر حساسية من الرجال على الشائعات التي تطاولهن، يظهر الجنسان اهتماماً بالقيل والقال والأقاويل التي تطاول الآخرين... هل النساء فعلاً ثرثارات؟ في الواقع، غالباً ما نسمع مقولة إنّ النساء ثرثارات فعلاً مقارنة مع الرجال! حسناً، هذا خطأ... في العام 2007، نشرت مجلة ساينس science أن ماتياس مل وزملاءه درسوا فترة كلام 210 نساء و186 رجلاً. ولهذه الغاية، جهّزوا هؤلاء الأشخاص من الجنسين بآلة رقمية صغيرة لتسجيل حواراتهم اليومية. كانت الآلة تعمل كل 12 دقيقة فتسجّل حواراً من 30 ثانية وذلك على مدى 17 ساعة في اليوم. أظهرت النتائج وجود فارق كبير أحياناً بين المشاركين، إذ يتلفّظ البعض بما يقارب الـ 47 ألف كلمة في اليوم فيما يكتفي البعض الآخر بسبعمائة. لكن الاستنتاج الأهم هو غياب أيّ فارق بين الرجال والنساء. في الواقع، لاحظ الباحثون أنّ النساء يلفظن 16215 كلمة قي اليوم كمعدل وسطي مقابل 15669 كلمة للرجال. وهذا الفارق الضعيف (حوالى 550 كلمة) لا يحمل أيّ دلالة إحصائية. كذلك، اكتشف الباحثون تباينات بين الرجال والنساء، لكن الفرق هنا يتعلق... بمواضيع المحادثات. فقد تبيّن أنّ الرجال يتحدّثون أكثر عن التكنولوجيا والمال والعمل والأرقام فيما تفضّل النساء التحدّث عن الموضة والعلاقات. إذن، وخلافاً للاعتقاد الشائع، ما من فرق في مدة الكلام بين الرجال والنساء الذين يتلفظون بحوالى 16 ألف كلمة في اليوم كمعدل وسطي. بالتالي، فالنساء لسن ثرثارات أكثر من الرجال. يقضي الرجال كمعدل وسطي 458 دقيقة في الشهر في التحدّث عبر الهاتف الجوال فيما تمضي النساء 453 دقيقة خلال الشهر نفسه، وذلك بحسب دراسة أجريت أخيراً على ألف شخص. وتشير الدراسة أيضاً إلى أنّ النساء يستخدمن الهواتف الجوّالة أكثر للتحدّث إلى الأصدقاء وأفراد الأسرة والأقارب بينما يستخدم الرجال رسائل إلكترونية أكثر من النساء. من جهة أخرى، تتفوق النساء مجدداً على الرجال في استخدام الهواتف الثابتة في المنازل والتي تُستخدم اليوم أقل من الهواتف الجوّالة. فيستخدمنه مدة 532 دقيقة مقارنة مع 237 دقيقة للرجال. وإذا ما أخذنا أرقام الهاتف الثابت بالاعتبار، يمكننا أن نقول فعلاً إنّ النساء يستخدمن الهاتف أكثر من الرجال. أخيراً، تظهر دراسة حديثة أنّ الرجال يميلون قليلاً إلى التحدّث أكثر من النساء، لكن عندما تظهر فروقات بين الجنسين، فهي غالباً ما ترتبط بالإطار العام. وهكذا، يبدو أن الرجال يثرثرون أكثر مع زوجاتهم أو مع الغرباء فيما تتحدّث النساء أكثر من الرجال إلى أبنائهن. ختاماً، نشير إلى أنّ الخلاف بين الجنسين يظهر ويختفي بحسب الظروف، كما هي الحال غالباً...
توابل - Healthy Living
النساء والرجال...حقائق مذهلة
21-05-2011