قال رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي إن عالمنا العربي شهد في مراحل عديدة دعوات لإصلاح شامل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، كما شهد إصلاحا على المستويين الوطني والقومي، يستجيب لمتطلبات العصر ويلبي تطلعات المواطن العربي للحرية والديمقراطية والعدالة، إلا أن تلك الدعوات "للأسف الشديد" لم تتحول إلى واقع ملموس ينتشل المواطن العربي من أوضاعه الراهنة ويضع الأمة العربية في ركب التقدم.وأضاف الخرافي في كلمته أمام المؤتمر السابع عشر للاتحاد البرلماني العربي الذي يعقد في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة من 6 إلى 8 من الشهر الجاري أن عثرات التنمية العربية ونتائج الأزمة الاقتصادية العالمية أضافت بعدا آخر للواقع العربي، وأدت إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، وزادت وطأة الضغوط على شعوب المنطقة واقتصادات دولها، وكان المواطن العربي أول وأكثر من عانى ذلك. وأوضح الخرافي أن جدول أعمالنا حافل بالقضايا والموضوعات بقدر ما تشهده منطقتنا العربية من أحداث وتطورات ستكون لها بالتأكيد نتائجها على حاضر امتنا ومستقبلها، مضيفا أن الصراع العربي- الإسرائيلي يدخل منعطفا خطيرا يهدد السلم الإقليمي في ضوء فشل عملية السلام في الشرق الأوسط نتيجة مواصلة الحكومة الإسرائيلية سياساتها الاستيطانية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، وتجاهلها التام لأسس ومبادئ عملية السلام والقرارات الدولية.واعتبر الخرافي أن الصمت الدولي تجاه ذلك وعدم قيام الدول الراعية لعملية السلام بالدور المطلوب منها لوضع حد لتلك السياسات يضيفان بعدا آخر للمشكلة، ويفسحان المجال أمام استمرار النهج العدواني الإسرائيلي ضد الحقوق العربية المشروعة، وفي ظل ذلك فإن الاعترافات الدولية المتتالية بالدولة الفلسطينية المستقلة هي احد الردود المهمة على ذلك النهج، ويتعين علينا جميعا حكومات وبرلمانات مواصلة الجهود لحشد التأييد والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.وزاد أن ردّا آخر لا يقل أهمية عن ذلك إن لم يكن يفوقه سيكون في المصالحة الوطنية الفلسطينية التي يتحمل مسؤوليتها جميع القادة الفلسطينيين، وهي مسؤولية تاريخية أمام شعبهم وأمام الشعب العربي ولابد أن تمارس البرلمانات العربية دورها في دعم جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية، بما يسهم في إعادة وحدة الصف الفلسطيني وتمكينه من استرداد حقوقه المشروعة.وقال الخرافي إننا اليوم في ظل ما تشهده منطقتنا العربية من أحداث وتطورات اشد ما نكون بحاجة إلى المصالحة لنضع أيدينا على الجراح ونشخصها، فالخطاب العربي الرسمي ليس كافيا لتفسير وتبرير العثرات، والممارسة الديمقراطية في الوطن العربي بحاجة ماسة إلى الإصلاح وتوسيع المشاركة الشعبية، والأداء الإنمائي العربي لم يكن في غالبيته بمستوى التحديات، وقضايا وأولويات المواطن العربي لم تحظ بما تستحقه من اهتمام وعناية ومعالجة، وإذا كان ذلك حال الداخل فإن الوضع على المستوى القومي ليس أفضل منه، إذ بقيت العلاقات العربية- العربية في أدنى أحوالها رغم مقوماتها القومية الصلبة، وتراجع الأداء الأمني للنظام الإقليمي العربي في مواجهة التدخلات الخارجية في شؤون المنطقة، ولم يتمكن العمل العربي المشترك في ظل ذلك من تحقيق أهدافه.وأشار الخرافي إلى أن مظاهر الاحتجاجات والمطالبات الشعبية التي نشهد بعضا منها في مواقع مختلفة في هذه المرحلة لا يمكن فهمها ومعالجتها إلا في ذلك الإطار، كما لا ينبغي التقليل من شأنها أو عدم الاكتراث بها، فهي تعبير عن السعي الدائم لامتنا العربية نحو الإصلاح والديمقراطية والتقدم، ولا شك أن البرلمانات العربية تتحمل مسؤولية كبيرة في دعم جهود الإصلاح على الصعيدين الوطني والقومي نحو مزيد من الحرية والديمقراطية والاستقرار، بما يؤدي إلى تنمية عربية شاملة متوازنة ينعم بثمارها المواطن العربي.وقال الخرافي إن ما جرى من تطورات في الشقيقة تونس كان دون شك في ذلك السياق وأكده الشعب التونسي الشقيق بتحول مهم في مسيرته نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وأتمنى على الشعب التونسي من هذا المنبر البرلماني العربي، استثمار طاقات التغيير الكامنة في أبنائه لترسيخ الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي والمضي قدما في طريق التقدم.وأضاف أننا إذ نعرب عن أمانينا ومساندتنا للشقيقة مصر للخروج من حالة عدم الاستقرار التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي فيها فإننا نتمنى على الشعب المصري الشقيق تغليب الحكمة والحوار الوطني البناء والإصرار على بناء دولة المؤسسات والقانون لتجاوز تلك الحالة ومواصلة دورها البناء في خدمة قضايا أمتنا العربية.وأكد الخرافي أن ذلك كله يضع أمام برلماناتنا وحكوماتنا والقمم العربية كذلك، مهام صعبة تتلاقى فيها أخطاء الماضي بتحديات المستقبل، والتغيير الذي شغل العالم خلال العقود القليلة الماضية جعل الإصلاح ضرورة تاريخية لابد من التعامل معها بوعي وجدية حتى لا تبقى امتنا العربية في دائرة الأزمات والصراعات وتتعطل فيها إرادة البناء والتقدم.وشكر الخرافي دولة قطر الشقيقة أميرا وحكومة وشعبا، والأمانة العامة للاتحاد البرلماني العربي، لجهودهما في تنظيم هذا المؤتمر، متمنيا لهما كل توفيق ونجاح.
برلمانيات
الخرافي: عثرات التنمية العربية أدت إلى ارتفاع التضخم والبطالة وزادت الضغوط على الشعوب
07-02-2011