لم تعد وجبات الطعام المحضّرة في المنزل تروق للأولاد، فهم يرغبون في أكل الهمبرغر والبيتزا مع أصدقائهم. فهل هذا أمر يستوجب القلق؟ فلنبحث ذلك مع اختصاصيي التغذية.نهى أم قلقة لأن ابنها، البالغ 15 عامًا، لا يتناول غذاءً صحيًا. يبدأ الأمر صباحًا. فبدل أن يأكل رقائق الحبوب كما كان يفعل سابقًا، يخرج من البيت من دون تناول أي طعام. كذلك، يتجنب مقصف المدرسة ظهرًا ليذهب مع أصدقائه لأكل الكباب أو الى مطاعم الوجبات السريعة. وبعد عودته من المدرسة، يلتهم حلوى البريوش والشوكوماكس. وعند العشاء، يطالب بأكل المعجّنات بالجبنة. باختصار، هو يتبع نظامًا غذائيًا معاكسًا لنظام التغذية المتوازنة التي كانت أمه تحاول دائماً تشجيعه على اعتماده. فلتطمئني يا نهى: حالة ابنك ليست حالة معزولة. تشير الدراسات الى أن ثلث المراهقين فقط يحترمون الهرم الغذائي التقليدي، بينما ينظر معظمهم الى التغذية على أنها لذة أكثر منها وسيلة للحفاظ على الصحة. من هنا تفضيلهم لأكل النشويات والبسكويت والمثلجات والوجبات الخفيفة المالحة عوضًا عن الخضار أو السمك. بحسب خبراء التغذية، لا يتبع المراهق تغذية منظّمة لأنه هو نفسه غير منظّم. كذلك، يحتاج الى بناء شخصيّته الخاصة من خلال تمييز نفسه عن والديه حتى في مجال غذائه. لهذا يضع لنفسه قوانين غذائية خاصة به، ويذهب الى الأماكن التي تباع فيها الوجبات السريعة، حيث لا مكان للبالغين وحيث يجد مأكولات دسمة ترضي غروره وتمنحه تصنيفًا خاصًا بتكلفة غير عالية.لا داعي للقلق إن كان لا يسمن: ما يثير العجب أنه على رغم ذلك يبقى معظم الأولاد نحيفاً كالهليون. بحسب اختصاصيي التغذية، يعود ذلك الى كون هؤلاء في حال نمو مستمر ما يؤدي الى استهلاكهم الكثير من الطاقة. هكذا، بإمكان الكثير منهم، خصوصًا الفتيان، أن يأكلوا الكثير من المأكولات الدهنية والسكريات من دون أن يكسبوا أي وزن. فطالما أن ما يستهلكونه لا يتخطى حاجاتهم، ما من سبب لكي يسمنوا. لكن أليس هذا النوع من التغذية مضرًا لنموّهم الجسدي والفكري؟ بحسب اختصاصيي التغذية، لا. أولاً، لأن ما يحبون أن يأكلوه ليس بالضرورة خاليًا من أي قيمة غذائية. فعلى رغم أن البيتزا أو الهمبرغر هي مأكولات كثيرة السعرات الحرارية، إلا أنها تشكّل وجبات كاملة. ثانيًا، لأن طعامهم لا يقتصر على هذه المأكولات فحسب. فمعظم الأولاد يتناول أيضًا طعامًا صحيًا في مقصف المدرسة وفي المنزل، ما يؤدي الى توازن غذائه. المهم هو أن يتناول المراهق في إجمالي اليوم طعامًا يتناسب مع المبادئ التوجيهية الغذائية المحددة لسنّه.إذاً، في حال كان المراهق يتناول طعامًا غير صحي من دون أن يسمن، فلا داعي للقلق أو لمنعه عن ذلك. إنما على الأهل أن يؤدوا دورًا في تثقيف أبنائهم حول التغذية السليمة، خصوصًا في بلد تعتبر فيه مائدة الطعام مرادفة للحياة العائلية المشتركة. بالفعل، تشير الدراسات الى أن الأهل هم مصدر المعلومات الأساسي لأولادهم حول التغذية، ويليهم في ذلك المدرسون والإعلان والإعلام المرئي والمسموع. لكي ينجح الأهل في تثقيف أولادهم حول التغذية السليمة، ينبغي عليهم أن ينصحوهم من دون أن يفرضوا عليهم شيئًا، وفي الوقت نفسه عليهم تصحيح مسار الأمور عبر تحضير وجبات متوازنة ومغذية لهم في المنزل، وعدم التردد في تخفيض مصروف جيبهم في حال أنفقوا الكثير منه في مطاعم الوجبات السريعة.تسبّب الكيلوغرامات الزائدة انزعاجًا نفسيًا: يصبح التدخّل لزامًا على الأهل حين يزداد المراهق سمنة. ليست الكيلوغرامات الزائدة فقط مضرة لصحة المراهق، بل قد تتسبب له أيضًا بعقدة نفسية كونه في سن تكون فيه العلاقة بالجسد دقيقة للغاية. ينصح الخبراء بعدم إجباره على اتباع حمية غذائية وبعدم تصوير بعض المأكولات على أنها الشيطان، بل بإفهامه أنه يستطيع الاستمتاع بالطعام الذي يحبه شرط عدم المبالغة في استهلاكه وشرط أن يكون ذلك ضمن وجبة متكاملة. المهم في الأمر هو أن يُعطى المراهق إطارًا معينًا يستند إليه، ما يمنحه نوعًا من الطمأنينة حتى لو ابتعد عن هذا الإطار. يكتسب المراهق الثقافة الغذائية في المنزل أولاً، لذا لا يجوز السماح له بتخطي تناول أي وجبة أو بأكل أي شيء كان حين يكون داخل المنزل. إجعليه يشاركك تحضير وجبات الطعام: من الضروري إقامة حوار مع المراهق في حال حدوث زيادة في وزنه. فهو على رغم معارضاته المستمرة، يسعى الى أن يأخذ رأيك على محمل الجد. ينبغي إذن اعتباره مسؤولاً عن غذائه وجعله يشارك في شراء الحاجيات وتحضير وجبات الطعام، فيشعر بأنه معني بغذائه وأنه يفهم أهمية ما يأكله. الهدف من ذلك هو التخلّص من جزء من المنتجات المحتوية على الدهون والسكريات التي كانت تملأ الخزائن (مشروبات غازية، رقائق البطاطس، شوكولا) والتقليل من كميات الدهون التي تضاف الى الأطباق. بما أن التغذية ليست السبب الوحيد لزيادة الوزن، من الضروري تشجيع المراهق على الحركة الدائمة عبر تنظيم نشاطات مع العائلة أو الأصدقاء أو عن طريق تسجيله في إحدى الجمعيات. هكذا، نتجنّب حدوث فراغ يؤدي الى الأكل بغير نظام. في حال عدم النجاح، يفضَّل الاستعانة بشخص ثالث لأن الكيلوغرامات الزائدة قد تخفي ضيقًا أكثر عمقًا. ماذا يجب أن يأكل؟على المراهق أن يأكل جيدًا كي ينمو بصحة جيدة ويكون شكله لائقًا. تابعي الدليل التالي لمعرفة ما الذي ينبغي عليه أن يأكله.احتياجاته من الطاقةيحتاج المراهقون الى كميات أكبر من الطاقة لدعم نموهم الجسدي.عملياً: تحتاج الفتيات الى 2200 سعرة حرارية بينما يحتاج الفتيان الى 2700 سعرة حرارية.لحوم وسمك وبيضيحتاج المراهق الى كمية إضافية من البروتينات لدعم نموّه وزنًا وطولاً. تتراوح كمية البروتينات الضرورية له بين 50 و70 غرامًا يومياً. تؤمن له هذه الأطعمة أيضًا الحديد، مركب ضروري ويساعد على تحسين نشاط الفتيات خلال الطمث.عملياً: 150 الى 200 غرام من اللحوم يوميًا، 200 غرام من السمك مرتين أسبوعياً على الأقل، و3 الى 4 بيضات أسبوعيًا.نشوياتتؤمن النشويات من خلال تحوّلها الى كاربوهيدرات معقّدة، الطاقة الضرورية لعمل العضلات والدماغ، كذلك تؤمن البروتينات النباتية والفيتامين B.عملياً: يجب تناول الخبز، المعكرونة، الرز، الحبوب، البطاطا... مع كل وجبة بكميات تتناسب مع الشهية والنشاط البدني. الأفضل عدم الاكتفاء بتناول النشويات من دون الخضار، بل أن يقارَن تناولها مع تناول الخضار (معكرونة بالطماطم، كسكس مع الخضار، رز بالفطر...).الألبانتحتوي الألبان على الكالسيوم الضروري للنمو وللحفاظ على كتلة العظام، وعلى الفوسفور والفيتامين D الضرورييين لامتصاص هذا المعدن.عملياً: يجب تناول ثلاث الى أربع حصص من منتجات الألبان يوميًا (لبن، حليب، جبنة...) مع تفضيل المنتجات شبه الخالية من الدسم وغير المحلاة.الفاكهة والخضارأطعمة قليلة السعرات الحرارية ومصدر مهم للألياف والفيتامينات والمعادن الضرورية لتوازن الجسم.عمليًا: يجب استهلاك 250 الى 400 غرام يوميًا من الخضار والفاكهة، ويفضّل استخدام الطبخ لتسهيل استهلاك هذه الكمية: غراتان الخضار، كعكات الفواكه، البوري أو الهريس، العصائر أو المقليات، كومبوت الفواكه، السلطة، الصلصة المصنوعة من هريس الفواكه أو الخضار، العصير.الدهونضرورية جداً لأنها تسهم في تطوير وظائف المخ.عملياً: 70 الى 90 غراماً يوميًا، ومن المفضّل ألا تكون دهونًا حيوانية بل نباتية، وأن تكون مضافة الى الطعام وليست دهونًا مخفية. مثلاً، 10 غرامات من الدهون= ملعقة طعام من الزيت أو الزبدة أو السمنة أو الكريما= 20 الى 50 غراماً من المشهيات أو الشوكولا أو رقائق البطاطس أو حلوى البراوني= 50 الى 100 غرام من البيتزا أو المعجنات.
توابل - Fitness
ابني المراهق مدمن الوجبات السريعة... ماذا أفعل؟
03-02-2011