تكثر الأحاديث حول الخلافات التي تقع بين الحماة والكنّة. فتُعتبر العلاقة بينهما أحد أكثر العلاقات العائلية صعوبةً، إذ إنّ الحماة تتمنّى الأفضل لابنها ولا تشعر بأنّ المرأة التي سيتزوّجها ستقدّم له الأفضل. ما هي إذاً أسباب المشاكل بين الحماة والكنّة، وكيف يمكن أن تتحسّن علاقتهما؟

لعلّ المنافسة على إرضاء الإبن هي الّتي تقف وراء تلك المشاكل، إذ تذكّر الحماة كنّتها غالباً بأنها أكثر خبرة منها، وأنّ سلطتها وسيطرتها تمتدَّان أيضاً على عائلة ابنها وعلاقته الزوجيّة. فتشعر الحماة بالغيرة على ابنها، ويعود ذلك الى تعلّقها الشديد به، وشعورها بأنه قد انتُزع مِنها، لا سيما حين يكون وحيدها، وهنا تصبح العداوة بينها وبين كنّتها حادة.

Ad

شعور الحماة هذا طبيعيّ جداً، إذ يشكّل زواج ابنها وانتقاله للعيش في منزل آخر خطوة جديدة تتّسم بأهميّة كبرى تنعكس على حياتها وحياة ابنها. غير أنه غالبًا ما يظهر هذا الشّعور في أشهر الزّواج الأولى ولا يدوم طويلاً، فتبدأ العلاقة بين الحماة والكنّة بالتحسّن تدريجاً.

فضلاً عن ذلك، ترغب الحماة قدر المستطاع في حماية ابنها إذ إنّها تسعى الى التأثير عليه عاطفياً وتحاول الاستئثار بحبه وحدها. غير أنّ الإبن في معظم الأحيان، لا يعير أمّه أيّ اهتمام ولا يكترث إلّا لزوجته وأسرته، ما يخلّف الصِراع العنيف بين الطّرفين غير المتكافئين. لذا من الأفضل أن تتقبّل الحماة حقيقة ضمّ فردٍ جديدٍ إلى العائلة، وأن تحترم قرار ابنها وزوجته، كذلك، يجدر بها عدم التدخّل في حياتهما الشّخصيّة بل يكفي أن تعطي النّصائح وتستمع إلى المشاكل من بعيد.

أمّا الكنّة، فينبغي أن تحترم أمّ زوجها وأن تتناقش معها بهدوء، للحدّ من المشاكل بينهما وذلك لأجل زوجها الذي غالباً ما يكون الضحيّة في هذا الصراع. ولا يجب أن تنسى أنّ حماتها هي أمّ زوجها ولا تستطيع فصلها عن حياته وعن حياة أولاده.

في أيّامنا هذه، شاعت حالات الطّلاق. فغالباً ما يسعى كلّ من الطرفين الى المضي في حياته وطيّ صفحة الماضي، فيبحث عن شريك جديد لبناء أسرة تكون متماسكة ومستقرّة أكثر هذه المرّة. فتظهر في بعض الحالات مشاكل عدة، خصوصاً في ظلّ وجود أطفال. فتُعتبر الزّوجة السّابقة كالحماة إلى حدٍّ ما وغالبًا ما تختلف مع الزّوجة الجديدة لأسبابٍ كثيرة وتنغّص عليها فرحتها وقد تعيق زواجها.

في الواقع، يصعب على زوجة الأب الجديدة وأولاد زوجها الاعتياد على هذه العلاقة. تنضمّ زوجة الأب إلى أسرة كانت قائمة سابقاً، ويتوقع منها الجميع أن تحل مكان شخص لا يمكن استبداله. أمّا الأولاد فليس من السهل عليهم أن يتقبّلوا المرأة الّتي ستحلّ مكان والدتهم. فقد يثير هذا الوضع مجموعة من المشاكل النفسيّة عند الأولاد، وقد يشعرون بالغيرة والغضب، فضلاً عن أن معظمهم لا يزال يأمل في جمع شمل الأسرة مجدداً. ولا شكّ في أن وجود زوجة الأب من شأنه أن يعرقل عودة والدتهم إلى المنزل. في هذا الإطار، ينصح بعض أطبّاء النّفس بإعطاء الأولاد الوقت الضروري للتأقلم مع الوضع الجديد. كذلك، يجدر بالزوجة بدورها أن توفر للأولاد الدعم والرعاية، فتكسب بذلك ثقتهم واحترامهم، ومع مرور الوقت والصبر، قد تصبح صديقتهم لمدى الحياة.

فضلًا عن ذلك، للزّوجة السّابقة دور مهمّ جدًّا، فإن كانت غير موافقة على العلاقة قد تسبّب مشاكل كثيرة للزّوجة الجديدة ما قد يؤدي الى نشوب خلافات مع الزّوج والأولاد. وفي هذه الحال ينبغي على الرّجل أن يضع حدًّا لزوجته القديمة وأن يتحاور معها بهدوء لحلّ المشاكل ولإنقاذ زواجه الجديد. كذلك، قد تتوصّل المرأتان الى تقبّل الواقع الّذي يربطهما فتتجنّبان المشاكل الّتي قد تؤذي الأولاد.

لا شكّ في أنه يصعب التأقلم مع التغيير لا سيّما حين يطاول العائلة، فيضطرّ أفرادها الى تقبّل وجود شخص غريب قد لا يتّفقون معه ولا يشاطرونه طريقة تفكيره. من جهةٍ، يُعتبر الوقت حلًّا لكلّ المشاكل والخلافات التي قد تقع في حالة مماثلة. ومن جهةٍ أخرى، يساهم الحبّ بشكل كبير في إزالة الحواجز بين أفراد العائلة ويساعدهم على تعزيز علاقتهم مع الفرد الجديد. كذلك، ينبغي على الزّوجة أن تتحلّى بالصّبر وأن تضحّي لسعادة زواجها على رغم الصعوبات الّتي قد تعترضها. يجدر بها أيضاً احترام جميع أعضاء الأسرة ومجاراتهم قدر المستطاع، فلا يجب أن تنسى أنّها أصبحت فرداً من هذه العائلة. في المقابل، من الضروري أن يبذل أفراد الأسرة جهداً كبيراً لتشعر الزوجة أنه مرّحب بها في منزلها الجديد.