«البيك» كلمة تركية تعني الحكيم أو الرئيس وهي أدنى مرتبة من الباشا التي تحمل عدة تفسيرات أعلاها رأس وأدناها حذاء، والأصح انها تعني العامل بأمر السلطان، والكلمتان أصلهما فارسي، وهما منتشرتان في الشام ومصر.

Ad

وتطلقان في ارض الكنانة على الجميع، فيقول الميكانيكي لصاحب الكراج يا باشا، وينادي المدرس الناظر بـ«يابيه» محولا الكاف الى «هاء»، لكن الكلمتين التركيتين ذواتي الأصول الايرانية لهما مدلول في السلك العسكري في القاهرة بشكل خاص، وفي باقي المحافظات سواء القابعة في الصعيد أو تلك الموجودة في الوجه البحري، فيقال للعقيد وما فوق باشا، والبيه يوصف بها المقدم ومن هو في الرتبة الادنى.

وفي مركز خدمة الحكومة مول في جابر العلي «بيه» يعتقد ان المكان خصص لخدمته وخدمة اصدقائه او من يعز عليه من «الربع»، وسخر لهذا الهدف العامل البنغالي الذي تدفع وزارة الداخلية راتبه.

والعامل المحظوظ، يأتي العمل باكرا، ويكون في العادة بانتظاره احد اصدقاء «البيه» الذي يسلمه المعاملة سواء كانت مرورا او هجرة، واذا اتاه مراجع يشتكي قيام العامل بتجاوز الدور امام الجالسين على الكراسي يرد كما «البيه»: «هذه معاملاتي!».

ويقول من ابتلاه الله وذهب الى هناك لانجاز معاملة: «استيقظت باكرا وتوجهت قبيل الساعة الثامنة الى المول، وعند الطاولة المخصصة للطباعين وجدت رجلا آسيوي الجنسية يتسلم اوراقا وجواز سفر هنديا من مواطن ويقول له (هذا معاملة رسوم 30 دينارا)، وبعد ان اخذ النقود منه سلم الاوراق الى الطباع وقال بلهجة تكاد تكون آمرة (انا يجي بعد شوي خله خلاص)»، ويضيف المراجع: «وبعد ان اخذت رقما وكانت الساعة لاتزال لم تبلغ الثامنة، جاءت موظفتان وجلستا على احد المكاتب، وعندما ابلغتهما ان لدي معاملة التفتت الي احداهن، وقالت: انطر شوي يجون الموظفين، ورجعت تتحدث مع زميلتها!»، ويستدرك: «والحمد لله جاءنا الانقاذ من الموظف الذي يجلس في المكتب الاول، حيث اطلق جهاز الانتظار وبدأت الارقام تصدح في الصالة، وفجأة رأيت هذا الآسيوي الذي كنت قد رأيته امام الطباعين يسلم معاملات بكل وقاحة الى الموظفتين»، وتابع المراجع: «فذهبت مستعجلا الى البيه واخبرته بما رأيت فالتفت إلي وقال إيه المعاملات لي، ونفث بعدها كمية من الدخان كان قد احتجزها في صدره لدى دخولي في وجه صديقه الجالس على الكرسي بانتظار معاملته».

ويقول أحد العارفين ببواطن الامور «يقولون وراءه كرسي أخضر!!!».