يهدف الكتاب إلى استكمال الصورة بالنسبة إلى الحديث عن تاريخ الجمرك البري في الكويت بشكل عام، اذ اهتم الباحثون والمؤرخون بتوثيق الجمارك البحرية، بينما لم تنل الجمارك البرية نصيبها من البحث والمتابعة، وبقيت مجهولة لان الجمارك البحرية طغت على الامر لأنها ذات مشاركة فعالة في حجم الدخل القومي للكويت قبل ظهور النفط. ويوضح الباحث مصاعب عديدة واجهته في طريق اعداد الكتاب، من اهمها صعوبة الحصول على المادة العلمية التي تسهم وبشكل علمي في اعداده، ويعود السبب في ذلك الى ان سجلات وملفات الجمارك القديمة ضاع معظمها او اتلف بواسطة عوامل الرطوبة والآفات، ما حدا به إلى الاعتماد على بعض الوثائق البريطانية غير المنشورة وبعض الوثائق العربية والاجنبية والمصادر المتاحة، وكذلك الروايات الشفوية عن طريق المقابلات. من الناحية التاريخية يشير الباحث الى نشأة الكويت على يد العتوب (آل الصباح - وآل خليفة - الجلاهمة) وظهورها على مسرح الاحداث ثم علاقتها مع جيرانها من القوى الاقليمية وكذلك القوى الكبرى كبريطانيا والدولة العثمانية وغيرها. مبارك الصباح ونظرا إلى اهمية مرحلة حكم الشيخ مبارك الصباح من الناحية السياسية وكذلك من الناحية الاقتصادية باعتباره مؤسس نظام الجمارك الحديث في الكويت فإن الباحث يتعرض لهذا الجانب بشكل مفصل، وقد اظهرت هذه اللحمات التاريخية اهمية موقع الكويت الجغرافي قديما باعتبارها نقطة التقاء الطرق التجارية القديمة القادمة من موانئ البحر المتوسط الى الهند او العكس، وفي الفصل الاول تعرض الكتاب لهذه الاهمية التجارية للكويت وتطورها وللاسباب التي ادت الى ذلك، وهي الموقع الجغرافي كما اشرنا ولجهود حكامها الاوائل ومؤازرة شعبها مما كان له اكبر الاثر في ازدهار النشاط التجاري بشكل كبير، وحيث إن الحديث يتركز على النشاط الانساني في ناحية البر فإن ثمة علاقات تجارية هامة نشأت بين الكويت وجيرانها ومنها العراق التي كانت تزود الكويت بكثير من احتياجاتها، فقد اظهرت الجداول التي استخدمت في هذا الكتاب اهمية الواردات والصادرات بين العراق والكويت، اما عن العلاقات التجارية مع نجد فقد كانت الكويت المحطة الاهم في حركة البضائع بين الطرفين ولاحتياجات سكن وسط الجزيرة، حيث اظهرت الارقام ان اعداد القوافل التي كانت تصل الى الكويت من الجزيرة تدلل بما لا يدع مجالا للشك عن حجم هذا الازدهار التجاري، الا ان هذه العلاقة مرت في بعض الاحيان بفترات من التوتر كما حدث في ازمة المسابلة عام 1921 بين الطرفين والتي عرض لها الكتاب بشيء من التفصيل. اما الفصل الثاني فقد خصص لنشأة الجمارك الكويتية من عام 1896 حتى عام 1921، وتمت الاشارة الى نسب الجمارك المفروضة على السلع القادمة من البر قبل تولي الشيخ مبارك الصباح الحكم عام 1896، وكانت متذبذبة الى حد ما ولكن ما ان تولى الشيخ مبارك الحكم حتى سارع الى انشاء اول ادارة للجمرك في الكويت، لتتمكن من تنظيم عملية استيفاء الرسوم الجمركية للانفاق على الخدمات، ثم عرض الكتاب تأثير الحرب العالمية الاولى على الجمارك في الكويت، وقد استمرت جهود الذين خلفوا الشيخ مبارك في الحكم في تطوير هذا الجهاز الهام من اجهزة الامارة، وكذلك عرض هذا الفصل التدخلات البريطانية في نشاط الجمارك في الكويت اثناء الحرب العالمية الاولى، ثم عرض تطور الرسوم الجمركية في الكويت وما كتبه الرحالة الاجانب امثال (كمبول) في عام 1845 بهذا الشأن واهمية هذه الرسوم وطرق تحصيلها كذلك منافذ الامارة البرية واهم الموظفين الذين انيطت بهم مهمة جمع هذه الرسوم امثال ارحمة الفضالة ومرزوق الطحيح وصالح الفضالة ومزيد الرجعان وغيرهم وبدايات تطوير النظام المالي والاداري لادارة الجمرك القديمة. اما الفصل الثالث فقد تطرق الى الجمارك البرية قبل تصدير النفط اي من عام 1821-1946 الى ارتباط البادية بالمدينة، وكذلك تحديد بوابة الشامية لدخول البضائع المختلفة الى الكويت وتم انشاء مبنى خاص بالجمارك البرية على بعد امتار من هذه البوابة على ان تدخل هذه المجموعات من البدو الرحل الى ساحة الصفاة لتتم عملية مقايضة للسلع عرفت بالمسابلة، ويعرض الفصل تطور ادارة الجمرك في عهد الشيخ احمد الجابر بعد عام 1921 وظهور أزمة المسابلة بين المملكة العربية السعودية والكويت التي كان جوهر الخلاف فيها طلب بن سعود إقامة مكتب جمركي له في الكويت، الأمر الذي رفضه الشيخ أحمد الجابر جملة وتفصيلا ثم التدخلات البريطانية في مسألة إقرار الرسوم الجمركية من قبل الكويت. ويعرض الفصل ايضا مؤتمر التجار الذي عقد في عام 1935 بين الكويت والسعودية لحل الخلافات بشأن هذا الأمر. كذلك يعرض الفصل المشكلات التجارية بين العراق والكويت في ما يخص الجانب البري والمراسلات التي تمت بين الطرفين في عام 1932 وعام 1934 واخيرا عام 1938، وكذلك استعراض أهم مشكلة بين الطرفين وهي مشكلة التهريب، وفي عام 1938 وبعد انتخاب المجلس التشريعي في الكويت الذي قام بتنظيم عمل الجمارك عندما قام باجراء الكثير من الاصلاحات في النظام الاداري في الكويت وقام بإنشاء قسمين للجمارك بحري وبري، ثم عرض الفصل مساهمة الدخل من الجمارك في دعم البلدية والمعارف وغيرهما من الكثير من البرامج الخاصة بالتنمية آنذاك. أما الفصل الرابع فقد خصص للحديث عن الجمرك البري من تصدير النفط حتى الاستقلال، اي الفترة ما بين عامي 1946 و1961، وقد شمل ذلك التطور الاداري للجمرك البري الذي اتسم بالبساطة في بداية الأمر، حيث تحول مقر ادارة الجمارك من كشك صغير في ساحة الصفاة إلى مكتب في قصر نايف، وتناول الحديث الهيكل الاداري للجمرك البري وظهور أولى الوظائف وهي وظيفة المدير وامانة الصندوق وأمين المستودع وباقي الموظفين، وتم استعراض بعض الأسماء التي تولت هذه المهام، وتناول الحديث ايضا شكل ومكونات مبنى الجمرك القديم وكذلك الحاق مخزن ذي سعة كبيرة بهذا المبنى، حتى عام 1951 وبعد انشاء المطار الذي اتبع إلى ادارة الجمرك البري ليتم ترسيم البضائع القادمة من الجو، وقد ألغي هذا المبنى القديم عام 1959 وبعد إزالة سور الكويت بعد ذلك بعامين، وقد تعرض الفصل ايضا طريقة لتخليص البضائع في دائرة الجمرك البري والمراحل التي مرت بها منذ أواخر الاربعينيات وتطور الرسوم الجمركية التي تراوحت ما بين 6 و4 في المئة حتى تم تثبيتها في عهد الشيخ عبدالله السالم إلى 4 في المئة وإلى يومنا هذا. ولكي تكتمل الصورة عن الجمرك البري لابد من التعرض لسيرة الرجال الاوائل الذين تسلموا مهام تنظيم الرسوم الجمركية وتحصيلها منذ العشرينيات إلى نهاية الخمسينيات، ومن هذه الشخصيات مرزوق راشد الطحيح، وكذلك المرحوم مزيد الرجعان وغيرهما، وقد خصص الحديث عن أول مدير للجمارك البرية التي كانت تسمى رسوم البر، وهو المغفور له المرحوم مرزوق الطحيح، حيث عرض الكتاب لسيرته الذاتية والسيرة العملية وانجازاته في تطوير هذا الجهاز، كذلك من عاونه من الموظفين امثال رجعان الرجعان ومزيد الرجعان وارحمة الفضالة وصالح الفضالة وغيرهم من الذين أسهموا في بناء هذا المرفق الهام من مرافق الدولة.
توابل
الجمرك البري في الكويت... نشأة الدولة وتاريخ التجارة
30-12-2010