ذاكرتنا هي بمثابة كنز صغير نملكه ويجب أن نحتفظ به لأطول فترة زمنيّة ممكنة. فمن دون ذلك، لا نملك أيّة حياة اجتماعيّة، ولا نتعلّم، ولا نحفظ الأمور. ويشكّل هذا الأمر قلقاً لدى الأشخاص الذين يعيشون مع مريض مصاب بمرض الزهايمر. «آلة» معقّدة تساعدنا الذاكرة في الحصول على المعلومات، وتجعلنا قادرين على معالجتها والاحتفاظ بها واستخدامها كلّما دعت الحاجة. التعلّم مرحلة أساسيّة، ذلك أنّ الذاكرة ليست فريدة من نوعها؛ فهي تشتمل على الذّاكرة البصريّة، والسمعيّة، والحسّية، والعاطفيّة، والفكريّة. وبالّتالي، تسمح لنا ذاكرتنا بإحياء الصّور وكتابة الرّسائل وإرسال الإشارات. تتكوّن الذّاكرة من طبقات عدّة، ويؤدي الدماغ دوراً هاماً في تلقّي المعلومات ومعالجتها وتخزينها. ولا يتمّ تذكّر المعلومات واسترجاعها بالطريقة نفسها نظراً الى تنوّع أنواع الذّاكرة؛ فثمة الذّاكرة الوقتيّة، والذّاكرة قصيرة الأمد، والذاكرة الدائمة، والّتي يتّسم كلّ منها بخصائص فريدة. وعلى رغم أنّ ذاكرتنا تحتفظ ببعض الذكريات أو المعلومات، يتعثّر علينا أحياناً أن نحفظ بعض الأسماء أو الوجوه أو حتّى أرقام الهاتف. هل علينا أن نقلق من النّسيان؟ النسيان هو فقدان التذكّر أو عدم إمكان استرجاع المعلومات عند الحاجة، وهذا أمر طبيعيّ تماماً في حياتنا اليوميّة. نعاني أحياناً من فقدان المعلومات التي حفظتها ذاكرتنا، والسبب هو أننا لم نكن منتبهين جيّداً، أو لأنّنا نثقل كاهلنا بآلاف الأمور التي علينا القيام بها، أو حتى لأننا، بوعي أو بغير وعي، لا نريد أن نحتفظ بهذه المعلومة أو تلك. لذلك، عليك ألا تقلق من أن تصاب بمرض النّسيان، لأنّ عدم تذكر بعض الأمور لا يعني البتّة فقدان الذاكرة أو الإصابة بمرض الزهايمر. تبقى ظاهرة فقدان الذاكرة محدودة جداً، ويعود السّبب في ذلك إلى خلل يشلّ عمل الدماغ، أو إلى أسباب نفسيّة وعاطفيّة. وأظهرت الدّراسات أنّ الّذين يحتسون الكحول معرّضون لفقدان الذّاكرة، كذلك المصابون بالصرع الذين لا يذكرون نوبات الألم التي يمرّون بها. ولكن، يبقى هذا الأمر استثنائياً. الذاكرة والشيخوخة خلافاً لما نعتقده، لدينا ما يكفي من الخلايا العصبيّة التي تسمح لذاكرتنا بأن تبقى بأفضل حال على رغم تقدّمنا في السن. والحقيقة أنه، مثلما تتراجع قوانا الجسديّة، تتراجع أيضاً قوانا الفكريّة. وهذا أمر طبيعي لأن الذاكرة والتعلّم يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً. وقد نواجه، أحياناً، مشكلة في الذاكرة المعروفة بالذاكرة الإدراكيّة، من دون أن يؤثّر ذلك سلباً في تصرّفاتنا وحياتنا. لذلك علينا اتباع علاج وقائيّ يسمح لنا بتعويض أيّ نقص محتمل للدوبامين. في الواقع، المسنّون هم الأشخاص الذين يعانون من العزلة والوحشة، ولا يستطيعون المشاركة في مختلف أنواع الأنشطة الاجتماعيّة، ما يسبّب تراجعاً في الحفاظ على ذاكرتهم. لذا لا ينبغي علينا أن نهمل هذه العوامل؛ فالحفاظ على الحياة الاجتماعيّة وديمومتها أمر ضروريّ للحفاظ على مستويات الذكاء الفكريّ. كذلك، علينا التحلّي بالإرادة لنتمكّن من بذل الجهود لنبقي ذاكرتنا حية. وفي أيّامنا هذه، تحثّ الأندية والجمعيّات المتقاعدين على المشاركة في الأنشطة إذا ما رغبوا في ذلك. إليك طرقاً وأساليب عدة للحفاظ على ذاكرتك وتجنّب النسيان: - للحفاظ على ذاكرتك، عليك دائماً اتباع أسلوب حياة صحيّ ومنتظم. وبالطّبع، لا ينطبق هذا الأمر على الذّاكرة فحسب، بل أيضاً على الصحة عموماً. مثلاً، تتأثّر الذاكرة بشكل خاصّ بنوعيّة النّوم. لذلك هو ضروريّ لتحسين قدراتنا الفكرية، بما في ذلك، قدرة الذّاكرة. - التّبغ والكحول يضرّان بالذّاكرة، لأنّهما يؤثّران سلباً على قدرة الناقلات العصبيّة خلال أداء دورها بشكل صحيح. - يمكن لبعض الأدوية أو الحبوب التي تساعد على النّوم أن يؤثّر في الذاكرة ويضرّ بها، وبالتّالي، يسبّب فقدان الذّاكرة. في هذه الحالة، عليك التوقّف عن تناول الحبوب والأدوية ما أن تنتهي فترة العلاج. - الجهد في العمل والقلق يضرّان بصحّتك، ويعطّلان عقلك وقدرتك على تخزين المعلومات. لذا، عليك أن تعلم كيف تخفّف الثقل عن كاهلك قبل أن تخشى من أن تخونك ذاكرتك. - كما تتطلّب عضلات جسمك تمارين رياضيّة للحفاظ على قوّتها، تتطلّب ذاكرتك أيضاً بعض التّمارين الفكريّة للحفاظ عليها وتجنّب الإصابة بمرض النّسيان. فالمطالعة، وحلّّ الكلمات المتقاطعة وغيرهما من النشاطات تنشّط الدّماغ، وبالتّالي، تساعد في الحفاظ على الذّاكرة. - يتطلّب إنعاش ذاكرتك القيام ببعض التّمارين الكتابيّة أو حفظ بعض المعلومات غيباً. مثلاً، تسمح لك كتابة عناوين الأصدقاء أو الشّوارع، وأرقام الهاتف، بأن تتذكّرها بطريقة أسرع. هذا بالإضافة إلى تعلّم الموشّحات والقصائد وتردادها مراراً. - تساعد الكتابة عمّا تشعر به أو عمّا تكنّه لأصدقائك من مشاعر وعواطف في عملية التذكّر. - استرجع أسماء أفراد العائلة والمقرّبين منك، خصوصاً الذين لم تلتقِ بهم منذ فترة طويلة. - لا تتردّد في السّير على طرق جديدة للوصول إلى أماكنك المعتادة. - شارك في حلقات العمل التي تنظّمها الأندية، والخاصّة بتقديم نشاطات للمسنّين، فلا تشعر حينها بالوحشة أو الوحدة. - لا تنسَ الألعاب الإلكترونيّة، خصوصاً تلك التي تنشّط الذّاكرة، كالنينتندو. مهما كان عمرنا، سواء كنّا كباراً أو صغاراً، نكرّر دائماً القول المأثور «العقل السّليم في الجسم السّليم». لكن، لا يتمّ هذا الأمر من دون بذل الجهود أو القيام بالتمارين التي تساعدنا في الحفاظ على ذاكرتنا. فماذا ننتظر إذاً؟
توابل - Fitness
ذاكرتي لم تعد تسعفني!
09-03-2011