تنظيف المناطق الحساسة بالطريقة المناسبة أمر جوهري للحفاظ على صحة المرأة، لكن لا بدّ في هذا المجال من اعتماد العادات الصحيحة والخطوات المناسبة.بعد أن كان هذا الموضوع من المحرّمات التي لا يتم التداول بها، ها هو يخرج إلى العلن ويشكّل محور الحملات الصحية الحديثة. تعاني 75% من النساء حول العالم من التهاب المهبل مرّة على الأقل في حياتهنّ، بينما تواجه 40% منهنّ الحالة عينها أربع مرات على الأقل. لكن، أين تبدأ النظافة الشخصية وأين تنتهي؟ في أوروبا، تتداول النساء الفرنسيات بموضوع استعمال منتجات النظافة الشخصية في المناطق الحساسة. وفقاً لأحد استطلاعات الرأي، أعلنت 47% من النساء أنهنّ استعملن منتجاً معيّناً لتنظيف تلك المناطق خلال السنة الماضية، وصرّحت 25% منهنّ بأنهن كنّ يستعملنه يومياً (علماً أن معظم تلك المنتجات كان مواد مطهّرة). كذلك، شهدت مبيعات منتجات النظافة الشخصية ارتفاعاً ملحوظاً، بنسبة 30%، في إيطاليا مقارنةً بالمعدل المسجّل في فرنسا. صحيح أنّ نظافة المناطق الحساسة لا تشكّل الهمّ الأول بالنسبة إلى الأطباء النسائيين وأطباء الصحة العامة الذين يتطرّقون إلى المشكلة عن غير قصد أحياناً، لكن لا بدّ من احترام هذا العضو المعقّد المسمّى الفرج، وفقاً للدكتور بوهبو، المدير الطبي في معهد فورنييه في باريس.بيئة هشّةالبيئة المهبلية إحدى أكثر المناطق هشاشة في جسم المرأة. في هذا الإطار، يقول د. بوهبو: «الفرج عبارة عن ثنية تتحرك باستمرار، وهو عضو يستلزم ترطيباً طبيعياً. قد تنجم مساوئ كثيرة عن عدم ترطيب مساحتين تحتكّان باستمرار». يتّسم هذا الجزء من المنطقة التناسلية بكونه يتألف من غلاف جلدي في المنطقة المحيطة بالفرج وبأغشية حساسة للغاية، وبالتالي يسهل أن يتعرّض للحساسية والالتهابات. يرتكز توازن المهبل الفيزيولوجي على بيئة هشّة تتكوّن في الأساس من وفرة عصيات لبنيّة. يؤدي إفراز حمض اللاكتيك الذي يرفع معدل الحموضة (أي الرقم الهيدروجيني) - وهو النظام المسؤول عن حماية المهبل- إلى منع تكاثر الجراثيم والفطريات. لكن يمكن أن يختلّ هذا التوازن في بعض الظروف بسبب عوامل مضرّة خارجية، ما قد يسبب التهاب المهبل وانتشار الفطريات...خطوات فاعلةهل أنت مدمنة على الرياضات المائية؟ عليك أن تعرفي إذاً أنّ المياه الغنية بالكلور قد تثير حكّة شديدة لدى المرأة الحساسة. يكمن الحل في الاستحمام فوراً بعد حصة السباحة والحرص على تجفيف المنطقة الحساسة جيداً بمنشفة نظيفة للتخلّص من أي أثر للرطوبة. في هذا الإطار، يقول د. بوهبو: «يجب اتباع الخطوات عينها خلال الدورة الشهرية، لأن استخدام السدادات القطنية أو الفوط الخارجية التي تُستعمل لفترة طويلة أو إطالة الفترات الفاصلة بين استحمام وآخر يعززان الالتهابات}. يشدّد الطبيب أيضاً على ضرورة الحفاظ على سلامة الفرج لضمان شعور اللذة في العلاقة.عادات صحيحةلا بدّ من غسل المنطقة التناسلية من الخارج يومياً للحد من تكاثر الميكروبات، غير أن الهوس بتنظيفها قد يسبب حساسية واختلالاً في توازن البيئة المهبلية. بالتالي، يجب الاكتفاء بغسل الفرج، من دون الوصول إلى داخل المهبل. من المناسب اختيار منتجات لها طبيعة كيماوية مشابهة، أي رقم هيدروجيني يتراوح بين 5 و7، أي أنها منتجات خفيفة. على صعيد آخر، يجب تجنّب ارتداء الملابس الضيقة، أو أثواب السباحة المبللة، أو الملابس الداخلية المصنوعة من النيلون، أو الجوارب النسائية التي تحبس الحرارة الجسدية والرطوبة، ما يخلق بيئة مناسبة لتكاثر الخمائر. بل يجب تغيير الملابس الداخلية يومياً. من الأفضل اختيار الملابس المصنوعة من الألياف الطبيعية والقطن والقِنَّب كونها لا تحبس إفرازات العرق.لا للغسل المهبلي الداخلي!لم يعد الغسل المهبلي الداخلي عملية شائعة بقدر ما كان عليه سابقاً. لكن يلجأ بعض النساء حتى الآن إلى هذه التقنية، ما يسفر عن مصاعب نسائية وجنسية جدّية. ما معناه تحديداً؟تعني هذه التقنية غسل داخل المهبل بالماء الصافي أو الماء المخلوط بمنتج «مطهِّر». نظراً إلى شكل المهبل، تتّضح الصعوبة التقنية لتطبيق هذا التنظيف الداخلي الذي يُجبِر على استعمال أنبوب أو أجهزة أخرى. لماذا يشعر بعض النساء بالحاجة إليه؟حين تصرّين على تنظيف منطقةٍ ما، يعني ذلك عموماً أنك لا تجدينها نظيفة بما يكفي. يحمل بعض النساء موروثات من تربيتهنّ، فينظرْنَ إلى جنسهنّ بطريقة سلبية جداً. لذا قد لا تحتمل المرأة في هذه الحالة مجرّد ترطيب المهبل أو الإفرازات البيضاء، فتعتبرها دليلاً على عدم نظافة هذه المنطقة الهشة. على صعيد آخر، إذا كانت المرأة تعتبر الحياة الجنسية عملية قذرة أيضاً، فقد يبدو لها وجود السائل المنوي داخل المهبل بعد العلاقة الجنسية أمراً لا يُحتمل ويستلزم حمّاماً عاجلاً لتنظيف المهبل. كذلك، تستعمل نساء أخريات تقنية الغسل المهبلي الداخلي ما بعد العلاقة الجنسية بهدف التخلّص من السائل المنوي لتجنّب حالات الحمل غير المرغوب فيها. أثناء هذه العملية، تستعمل المرأة منتجات حمضية أو عناصر أخرى على اعتبار أنها تحمل مزايا لمنع الحمل.ما هي آثاره الفعليّة؟في البداية، لا تساهم هذه العملية في منع الحمل بأي شكل. منذ عملية القذف، تصل الحيوانات المنوية إلى عنق الرحم، وقد تصل فوراً إلى داخل الرحم بكمية كافية تضمن حصول الحمل. كذلك، لا تشبه البيئة المهبلية- وهي عبارة عن جراثيم لها مفعول مفيد- البشرة مطلقاً. عند قذف المياه من الخارج إلى الداخل، تصل الميكروبات الموجودة على سطح البشرة إلى المهبل، ما يعزز احتمال الإصابة بالتهابات. وبما أن الشرج قريب من المهبل، فهو يتلقى جراثيم تسبّب غالباً التهابات مهبلية. أحد الآثار السلبية الأخرى للغسل المهبلي الداخلي، نذكر اختلال توازن الرقم الهيدروجيني، أي حموضة المهبل. يكون داخل المهبل حمضياً للاحتماء من الجراثيم أو الخمائر الموجودة على البشرة كونها لا تحتمل العيش في بيئة حمضية. إذا دخلت هذه الجراثيم إلى المهبل، غالباً ما تتدمر فوراً بسبب حموضة البيئة المهبلية. غير أنّ المياه المستعملة خلال الغسل المهبلي الداخلي تكون غير حمضية، وتؤدي بالتالي إلى تراجع مستوى الحموضة المهبلية. تتعزز آثار هذه العملية السلبية في حال استعمال منتجات مثل الصابون القلوي، ما يؤدي إلى تغيير الرقم الهيدروجيني بطريقة جذرية.ما مخاطر تطبيقه؟من أبرز المخاطر في هذا المجال، نذكر: حساسية متواصلة في المهبل والفرج، التهابات مهبلية (ذات طبيعة جرثومية)، ظهور فطريات... قد تؤدي هذه المشاكل أيضاً إلى إفساد الحياة الجنسية، لأن الحساسية والالتهابات في المنطقة التناسلية قد تسبّب الألم وتخفّض الشعور باللذة. باختصار، يشكّل الغسل المهبلي الداخلي عملية عدائية ومضرّة، لا بل خطيرة على الصحة الجنسية. لا يحتاج المهبل إلى هذه العملية مطلقاً، لأنه ينظف نفسه بنفسه ويستطيع الدفاع عن نفسه طبيعياً ضد الالتهابات. من الأفضل إذاً التغاضي نهائياً عن هذه العملية!من الخارج حصراًباختصار، يقضي تنظيف المناطق الحساسة لدى المرأة بغسل الفرج من الخارج حصراً بالماء الصافي أو الماء المخلوط مع منتج له تركيبة خاصة لهذا الغرض.الاعتناء يومياًتعني نظافة المناطق الحساسة غسل تلك المناطق بعناية، لكن تحتلّ الطريقة المعتمدة للاعتناء بالفرج يومياً أهمية كبرى بقدر الاستحمام بحدّ ذاته. لا بد من احترام المناطق الحساسة والعناية بها بكل نعومة. لكن لا يعرف الجميع أهمّ التفاصيل المتعلقة بالعناية بالفرج. البيئة المهبليّةإذا كنت لا تعتنين بالفرج كما يجب، سينعكس الأمر سلباً على صحة المهبل أيضاً، وبالتالي على الحياة الجنسية، لأنّ القناة الفرجيّة (أي المساحة الموجودة بين شفاه الفرج الصغيرة) تشبه تقريباً البيئة المهبلية، و{كل ما قد يؤثر بطبيعته على القناة الفرجيّة يؤثر أيضاً على البيئة المهبلية». بالتالي، لحالة الفرج، سواء كانت جيدة أو سيئة، انعكاسات كبيرة على البيئة المهبلية الداخلية.تنظيف خارجيتستلزم المنطقة الجنسية حول الفرج تنظيفاً خارجياً بصابون له رقم هيدروجيني محايد. لكن لا تكفي هذه الخطوة لضمان راحة الجسم التامة. قد يضرّ بعض العادات بالفرج، من دون أن تدركي ذلك بالضرورة، ما يؤدي إلى حساسية مزمنة، والتهابات، وفطريات، وأوجاع أثناء العلاقات الجنسية... أول عدوّ للفرج هو الفوطة الواقية للباس الداخلي، فهي تعزز بشكل ملحوظ نشوء الفطريات والالتهابات المهبلية إذا كنت تستعملينها يومياً. ما سبب هذا الأثر السلبي؟ في الواقع، تؤدي هذه الفوطة إلى تجفيف الفرج بشكل دائم. وبما أن الفرج عبارة عن غشاء، فهو يحتاج إلى الرطوبة لضمان توازن البيئة التي يتواجد فيها. كذلك، تمتدّ إصابة القناة الفرجية لتطاول داخل المهبل. تشكّل السدادات القطنية أيضاً عاملاً مضرّاً بالنسبة إلى المنطقة التناسلية. عند الإمكان، من الأفضل أن تستعمل المرأة الأكثر عرضة للحساسية والالتهابات الفوط الصحية. تُعتبر الملابس الداخلية المصنّعة والألبسة الداخلية الرفيعة مسؤولة أيضاً عن اختلال توازن المنطقة، بسبب تحمية الجسم والحساسية الناجمة عن الاحتكاك. تشكل السراويل الضيقة عاملاً سلبياً آخر يؤثر على راحة الفرج، ما يزيد احتمال الالتهابات. هذه المعلومات ليست مجرّد احتمالات، بل هي نتائج حقيقية لدراسة إيطالية مهمة عن الحياة الجنسية ونظافة المناطق الحساسة. لكن لم يثبت أثر ارتداء الجوارب النسائية مثلاً على نشوء الالتهابات.خلاصة الأمرباختصار، في حال الإصابة بحساسية في الفرج أو التهابات متكررة (فطريات، التهاب المهبل)، لا بد من اتخاذ قرارات سليمة بشأن المواد المستعملة: تجنّبي الفوط الواقية للباس الداخلي (بدّلي الملابس الداخلية خلال اليوم إذا لم تحتملي ذلك)، ارتدي سراويل داخلية مصنوعة من مواد طبيعية (قطن، حرير)، استعملي الفوط الصحية العادية بدل السدادات القطنية، وتجنّبي ارتداء السراويل الضيقة... ولا داعي للتوقّف عن ارتداء الجوارب النسائية! بالنسبة إلى المرأة التي لم تواجه يوماً أي مشاكل نسائية أو جنسية، يكفي أن تحافظ على عاداتها المعهودة. في الواقع، يكون الفرج لدى البعض أكثر حساسية تجاه هذه العوامل كلّها.الإبقاء على الحموضة المهبليّة!المهبل منطقة حمضية أكثر من بقية أعضاء الجسم. يبلغ الرقم الهيدروجيني فيه 4،5 تقريباً. تفيد نسبة الحموضة هذه في حماية المهبل من الميكروبات وفي الحفاظ على سلامة بيئته. بما أن المهبل عبارةٌ عن تجويف مفتوح نحو الخارج، قد تتحوّل هذه المساحة الساخنة والرطبة بسهولة إلى «عشّ من الميكروبات». في الحالات العادية، يحمي المهبل نفسه بفاعلية عالية.ما مصدر هذه الحموضة؟في المهبل، تعيش العصيات اللبنية، وهي جراثيم تُحوّل السكر الموجود في الخلايا المهبلية إلى حمض اللاكتيك. إنه أحد مصادر الحموضة. فضلاً عن ذلك، تحتوي المواد المخاطية في الخلايا المهبلية على حمض الهيدروكلوريك الذي يشارك بدوره في الحفاظ على البيئة المهبلية الحمضية.ما نفعها؟تساهم هذه الحموضة في إبعاد الجراثيم التي لا تحتمل البيئة الحمضية. تجد هذه الجراثيم بيئة لا تناسبها في المهبل، وبالتالي تعجز عن النموّ والتكاثر. فضلاً عن ذلك، يتّصل حمض الهيدروكلوريك الذي تنتجه الخلايا المهبلية بمادة مطهِّرة، أي بيروكسيد الهيدروجين الذي تصنّعه العصيات اللبنية بهدف تركيب مادة سامة للغاية تحارب الميكروبات المتناقلة جنسياً. يهاجم هذا الحمض مثلاً الجراثيم الضارة التي تسبّب داء السيلان وفيروس الإيدز... بالتالي، يتراجع خطر الإصابة بالأمراض المتناقلة جنسياً حين يكون المهبل بصحة جيدة.كيف يفقد المهبل حموضته؟تتعدّد العوامل التي قد تسيء إلى البيئة المهبلية مثل الغسل المهبلي الداخلي، واستعمال المنتجات المطهِّرة، وأخيراً تناول حبوب منع الحمل التي تغيّر المناخ الهرموني في المهبل. منذ اللحظة التي تتضرر فيها البيئة المهبلية أو تضعف أو تختفي، تتراجع نسبة الحموضة في المهبل الذي يصبح أكثر هشاشة وعرضة للالتهابات. بالتالي، يرتفع خطر الالتهابات المهبلية حين يفقد المهبل حموضته، وتتمثل تلك الالتهابات برائحة مزعجة جداً وإفرازات غير طبيعية. في هذه الحالة، على المرأة معالجة الالتهاب طبعاً، لكنّ الأهم من ذلك هو استعادة الحموضة التي يحتاج إليها المهبل، ومنحه بيئة مناسبة، وإلا ستنتكس حالات الالتهاب.حالة واحدةبعد علاقة جنسية من دون استعمال واقٍ ذكري، يصل السائل المنوي إلى المهبل. غير أنّ السائل المنوي ليس حمضياً بأي شكل، بل هو عكس ذلك، ما يعني أنه يؤدي إلى اختلال توازن البيئة المهبلية موقتاً. لهذا السبب، قد تفوح رائحة قوية من المهبل في الساعات التي تلي العلاقة الجنسية، لكن لا تكون هذه الرائحة شبيهة برائحة الإفرازات المهبلية ولا السائل المنوي نفسه، بل برائحة الجراثيم التي تستفيد من تراجع الحموضة موقتاً للتكاثر. ينجح المهبل الذي يتمتع بصحة جيدة في استعادة حموضته الطبيعية والقضاء سريعاً على هذه الميكروبات. يجب تجنب غسل المناطق الحساسة الداخلية بعد العلاقة الجنسية، إذ تؤدي هذه الخطوة إلى اختلال توازن نسبة الحموضة المهبلية ومنع المهبل من استعادة توازنه. يكفي تنظيف هذه المنطقة من الخارج بالماء الصافي أو الماء المخلوط مع منتج صحي خاص يكون حمضياً بما يتناسب مع هذه المنطقة الحساسة.
توابل - Healthy Living
المناطق الحسّاسة... حافظي على نظافتها
28-05-2011