رئيس الوزراء المصري يقول إن دعوة الرئيس إلى الرحيل دون إكمال مدته القانونية ليست من الأخلاق المصرية «يا راااجل»، وهل من الأخلاق المصرية تزوير الانتخابات؟ وهل من الأخلاق استخدام «البلطجية» لقتل المتظاهرين؟ وهل من الأخلاق زواج السلطة بالمال؟ وهل من الأخلاق تكوين رموز السلطة لإمبراطوريات مالية بينما أغلبية الشعب يعيش في فقر مدقع؟ وهل من الأخلاق المصرية خذلان القضايا القومية والعربية والتواطؤ مع العدو الصهيوني؟ وهل، وهل، وهل... بلا نهاية؟ «أخلاق إيه وكرامة إيه يا باشا؟ لو ساكت أحسن!».

Ad

***

وأيضا رئيس الوزراء المصري يدعو المتظاهرين إلى أن يعودوا إلى بيوتهم لأن مطالبهم ستتحقق! بذمتكم هل رأيتم قيام ثورة على نظام فاسد حتى يقول لهم نفس هذا النظام وبكل بساطة «رجعوا بيوتكم وسنحقق مطالبكم»! قيام ثورة شعبية «يا اللي ما بتفهمشي» يعني الرغبة باقتلاع وضع قائم من جذوره لا أن يعهد الإصلاح إلى المفسدين أنفسهم. والمثل يقول: «الضرس لي رقل، من شلعته لا بد».

***

آخر نكتة هي أن إسقاط الرئيس سيوجد فراغا دستوريا! وهل تقوم الثورات لكي تتبع دستورا مفصلا أصلا ليخدم نظاما فاسدا قامت بسببه الثورة؟ فالثورة الإيرانية لم تتبع الدستور الإيراني القائم على الملكية، بل فرضت واقعا جديدا على الأرض بحيث قامت حكومة انتقالية إلى أن أقر الدستور الجديد. وفي تونس، دعت المحكمة الدستورية إلى إجراء انتخابات في غضون ستين يوما بعد الإطاحة «بزين الفاسدين»، لكن تبين أن ذلك مستحيل في ظل الأوضاع الحالية التي أدخلت البلاد في مرحلة جديدة تتطلب أحكاما جديدة واستثنائية، وإذا أتينا إلى الانقلابات، فانقلاب العسكر في موريتانيا مثلا على الرئيس معاوية ولد الطايع لم يتبعه الاحتكام إلى الدستور المتبع في ذلك الوقت، بل قام المجلس العسكري بفرض مرحلة انتقالية إلى أن أقر الدستور الجديد باستفتاء عام. ثم هل جرى انتخاب الرئيس ومجلس الشعب في مصر بصورة نزيهة وشفافة ومن دون تزوير حتى يقال عن الوضع الحالي إنه دستوري وشرعي؟! فما بني على باطل فهو باطل، و»بلاش استهبال»!

***

لو كان في النظام ذرة حياء لرحل من نفسه غير مأسوف عليه بعد المجازر التي ارتكبها «البلطجية» التابعون له، والتي رأيناها في الإنترنت من صدم السيارات لمجاميع المتظاهرين عمدا، وكأنها داخلة في لعبة «بولينغ»، إلى قتل الشرطة لشاب أعزل فتح صدره أمام هؤلاء الجبناء، إلى الجرائم والمآسي التي لم تظهر بعد.

***

يبدو أن النظام بدأ بتنفيذ السيناريو الذي طرحناه في الأسبوع الماضي وهو زيادة رواتب الموظفين لامتصاص الثورة والنقمة عليه، وسيعقب ذلك بالتأكيد إغداق أموال أكثر وبمساعدة أميركا حتى يستطيع النظام إيصال مرشحه الجديد (الذي باتت وثائق ويكيليكس تكشف المزيد من أسراره) إلى سدة الرئاسة، وليبقى التحالف مع الصهاينة وأعداء الأمة قائما، و»كأنك يا بوزيد ما غزيت»!