يعبّر «الحكاية فيها منة» عن طموح بطلته الشابة بشرى وتطلعها المشروع لتصبح نجمة وبطلة أفلام، في مرحلة يسود فيها نجوم رجال يتيحون للبطلات أدواراً مساندة أو مساعدة فحسب، إذ يوظفون العناصر كافة بما فيها الإخراج لإبراز مهاراتهم عبر المساحة الغالبة من الفيلم والحفاظ على النجومية لأطول وقت ممكن!

حاول كل من ياسمين عبد العزيز ومي عز الدين تغيير هذه الحال ونجحتا حتى الآن نجاحاً محدوداً، وها هي بشرى تحاول اللحاق بهما على رغم أن محاولتها أضعف، والسبب عدم الاستناد إلى نص سينمائي قوي، سيناريو محكم، ومعالجة درامية تتسم بالترابط والمنطقية!

Ad

«الحكاية فيها منة»، الذي أخرجته ألفت عثمان وكتبه محمد حافظ وجسّد أدواره إلى جانب بشرى كل من إيساف ولطفي لبيب وعايدة رياض ولارا صبري، يصل إلى مستوى بعيد من التفكك والاضطراب، ويبدو واضحاً أنه مقتبس عن الفيلم الأميركي «لا تعبث مع روهان» من بطولة آدم ساندلر وعُرض قبل ثلاثة أعوام.

إحدى آفات السينما المعاصرة في بلادنا اقتباس الكثير من أعمالها عن الأفلام الأجنبية من دون ذكر المصدر، على رغم أن الاقتباس في ذاته ليس عيباً، شريطة ذكر المصدر والتعبير عن رؤية وروح جديدة، لكن للأسف غالبية الأفلام المقتبسة أخيراً لا تتوافر فيها جميع هذه الشروط، ومن بينها «الحكاية فيها منة».

يقدم الفيلم بطلته التي تؤديها بشرى واسمها منة كفتاة من الإسكندرية. بنت بلد «جدعة» تعمل في مهنة تزيين الشعر أو «الكوافير» وتنتقل إلى القاهرة للعمل في المهنة ذاتها في محل أحد الحلاقين لطفي لبيب، وكانت مرّت بتجربة عاطفية قاسية مع شاب طموح (إيساف) يتمنى أن يلتحق بكلية السياسة والاقتصاد، لكن أوضاع عائلته الاجتماعية وفقرها يجعله غير مؤهل لذلك، فيترك حبيبته فجأة ومن دون تبريرات كافية، أما هي فلا نلبث أن نراها متهمة بتعمدها انهيار أحد المنازل... بدا ذلك كله غريباً ومتلاحقاً من دون تبرير: ترك الحبيبة، التهمة التي لحقت بها، تبرئتها في ما بعد، ثم عودة الحبيب فجأة في الختام لإنهاء الفيلم على نحو سعيد. ليس في سرد الفيلم السينمائي ما يحمل منطقاً أو تبريراً درامياً حاداً: التلفيق سمة غالبة، والسيناريو يبدو مكتوباً على عجل ويفتقر إلى الحد الأدنى المعقول من التماسك والاتساق. كذلك جاء الإخراج باهتاً إلى حد بعيد، فهو لا يتوخى أصلاً أن يكون معبراً عن دراما ومشاهد عبر أدوات الإخراج الفنية: تغيب مثلاً العناية الحقيقية بتصوير يوظّف لغة الإضاءة في تجسيد معنى، والأدوات والعناصر كافة من تصوير ومونتاج وديكور وموسيقى تُقدّم في حالة بلادة.

إن لم يقبل أحد على الفيلم في دور العرض، فإن الفضائيات على مدار ساعات اليوم منتظرة وجاهزة لملء ساعات البث! أما البطلة التي أرادت تأكيد وجودها وجدارتها بالبطولة، فخاب مسعاها ومثل هذه المحاولات الخائبة لا تفيد المسعى إن لم تضره.