خبران مهمان شدا انتباهي خلال الأيام القليلة الماضية، الأول خاص بمنتج جديد لبيت التمويل الكويتي، وهو "بطاقة الأسرة"، الذي يوفر للعميل فرصة أكبر للتحكم في مصاريف أسرته، والثاني إطلاق شركة لمنتجات التقاعد والتوفير من قِبَل شركة مشاريع الكويت، فهل يا ترى بدأنا أخيرا نطرق أبواب أكثر الاستثمارات أمانا على الإطلاق وهو "الادخار"؟ وهل أدركنا أخيرا أهمية الادخار في حياتنا، ودوره في استقرار الوضع الاقتصادي على المستوى الفردي والجماعي على حد سواء؟إن منتجات الادخار والتوفير من بطاقات بنكية وصناديق تقاعد خاصة ذات اشتراكات شهرية ثابتة، بالإضافة إلى الاستثمارات طويلة الأجل، هي أمر مُسلم به في الولايات المتحدة الأميركية، ومعظم العالم الغربي منذ عقود من الزمن، فمنذ عام 1774، الذي شهد مولد أول صندوق استثماري تعاوني (Mutual Fund) في العالم على يد التاجر الهولندي إدريان فان كيتويتش، حتى يومنا الحاضر تُسهِم هذه النوعية من الصناديق في توفير ملاذ شبه آمن لمدخرات الأفراد ممن يرغبون في تنمية مدخراتهم بصورة دورية وغير مضاربية، بحيث لا تعتمد على أوضاع أسواق المال وتقلباتها على المدى القصير، كما أن هذه النوعية من المنتجات تعمل على تنمية الثقافة الادخارية في المجتمع بشكل عام، وهذا الأمر ملاحظ وواضح جدا لكل من يحتك بهذه المجتمعات، فالأفراد هناك يحرصون على تخصيص مبالغ شهرية ثابتة للتوفير والاستثمار، ولا يتركون مجالاً للتفاخر بالصرف الزائد والبذخ في ما بينهم، فتجدهم يقتصدون في المعيشة ويسعون باستمرار إلى إيجاد مصادر جديدة للدخل، بل إنهم يربون أطفالهم على هذه الثقافة الادخارية، فمن الطبيعي أن يعمل الفتى أو الفتاة في المجتمع الغربي خلال العطل الموسمية في المطاعم والفنادق، بل إن العديد من سلاسل المطاعم الشهيرة والفنادق العالمية تعتمد اعتمادا كبيرا على هذه الفئة من الموظفين. وعلى النقيض من ذلك فإننا نجد الوضع، وللأسف، معكوسا في مجتمعنا العربي، فالنهج الادخاري شبه منعدم، والاعتماد على الديون بلغ مستويات تبعث على الحسرة، ففي أحد أعدادها أوردت صحيفة الحياة اللندنية استطلاعاً للرأي قامت به مؤسسة "أصداء بيرسون مارستيلر"، وذلك للتعرف على نسبة الشباب العربي الواقع تحت وطأة الديون، وقد أظهرت نتائج هذا الاستطلاع أن 25 في المئة من الشباب العربي يعاني تراكم الديون، وهي نسبة كبيرة إذا ما عرفنا أن من شملهم الاستطلاع هم ما بين سن 18 و24 سنة، أي أنهم في الغالب من غير المتزوجين، فما بالك إذا ما قارنت هذه النسبة بالمدينين من المتزوجين؟أرجو أن يكون منتجا بيت التمويل الكويتي و"مشاريع الكويت" هما البداية الفعلية لفتح العيون والعقول على عالم الادخار الممتع الذي سيغير العديد من المفاهيم الخاطئة بشأن الادخار والاستثمار في الكويت والمنطقة العربية ككل.
اقتصاد
وجهة نظر: هل بدأ عصر الادخار في الكويت؟
11-03-2010