تستعد الأكثرية النيابية في لبنان لاستعادة زمام المبادرة السياسية بعد أسابيع من البلبلة الناجمة عن السجالات في شأن هل المتغيرات المرتبطة بمواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط بدلت في التحالفات وغيرت في التوازنات التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة.

وبحسب قيادات بارزة في قوى "14 آذار"، فإن الإستعدادات تظهر من خلال مبادرتين:

Ad

الأولى تتمثل في دعوة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الى لقاء في القصر الجمهوري في بعبدا، أو في مقر مجلس النواب في ساحة النجمة كمخرج شكلي لرفض عون زيارة الحريري في منزله في قريطم أو في وسط بيروت.

والثانية تتمثل في التحضيرات التي باتت شبه منجزة لانعقاد أول لقاء نيابي من نوعه منذ الإنتخابات الأخيرة يحضره النواب الواحد والسبعون الذين يمثلون تحالف الأكثرية الفائز في الإنتخابات والذي يعتبر العمود الفقري لتسمية الحريري لرئاسة الحكومة.

وأوضحت المصادر المذكورة لـ "الجريدة" بأن الرئيس المكلف سعد الحريري رمى الكرة في ملعب الاقلية عموما والنائب ميشال عون تحديدا من خلال اقتراح الاجتماع في بعبدا أو ساحة النجمة وهو اقتراح يصعب على عون رفضه لئلا يظهر أمام الرأي العام بمظهر المعرقل لتشكيل الحكومة من خلال رفضه الحوار مع الرئيس المكلف، من دون أن يعني مجرد قبول عون بانعقاد اللقاء أنه سينتهي الى اتفاق سياسي على المضمون بما يسهل ولادة الحكومة.

لكن الرئيس الحريري، وبمعزل عن النتائج المباشرة على المسار الحكومي يكون قد نجح في إحباط المحاولات الهادفة الى إخراج عملية التشكيل من أطرها الدستورية الى أطر سياسية موازية على علاقة بوساطات ومداخلات تسعى من خلالها الأقلية النيابية الى تجاوز نتائج الإنتخابات النيابية وآليات عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية في اتجاه تركيبة حكومية مبنية على موازين القوى المستندة الى الأمر الواقع وعلى تسوية من خارج المؤسسات الشرعية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.

وتعتبر الخطوة الثانية المتمثلة باجتماع الأكثرية النيابية بمثابة ورقة مهمة وفاعلة في يد الرئيس المكلف بحيث يدخل الى الاجتماع مع عون من موقع القوة وليس من موقع المربك، بما يمكنه من البحث في التسويات بحد أدنى من التكافؤ، بعيدا عن الحملات التي سعت الى إضعافه على مدى الأسابيع القليلة الماضية.

وترى المصادر القيادية في قوى "14 آذار" أن هاتين الخطوتين تضعان العماد عون في حال رفض التسويات التي ستعرض عليه في مواجهة مزدوجة مع رئاسة الجمهورية من جهة على اعتبار ان انعقاد الاجتماع في قصر بعبدا يعني عمليا رعاية سياسية لرئيس الجمهورية لهذا الاجتماع، ومع أكثرية نيابية موحدة وبالتالي مع المنطق الديمقراطي من جهة مقابلة لأن أي رفض للتعاطي بواقعية مع نتائج الإنتخابات سيظهر عون في موقع الساعي ليس الى المشاركة التي قبلت بها الأكثرية، وإنما الى الإنقلاب المقنع من خلال المطالب التي كان من حقه أن يطالب بها لو أنه ربح الإنتخابات النيابية مع حلفائه في قوى "8 آذار".

ومع ذلك فإن قيادات الأكثرية تجمع على الحذر في التعاطي مع التوقعات الخاصة بنتائج اللقاء، من منطلق قناعتها بأن عقدة العماد عون لا تعدو كونها واجهة لحقيقة العرقلة السورية – الإيرانية لمسار تأليف الحكومة. وبالتالي فإنها تعتبر اللقاء محكاً للنوايا وخطوة على طريق كشف حقيقة المواقف الداخلية والخارجية في شأن دوران عجلة السلطات الدستورية في لبنان في المرحلة المقبلة.