لم تمنع إدانة محكمة «أمن الدولة - طوارئ» المصرية جميع متهمي «خلية حزب الله - مصر» وإصدارها أمس أحكاماً بسجنهم، وصَفها محاموهم بأنها «قاسية»، تحليلات يتم تداولها في القاهرة تؤكد أن الفجوة بين مصر والحزب اللبناني قد ضاقت كثيراً عن العام الماضي، الذي شهد إلقاء القبض على أعضاء الخلية وظهور تلاسن إعلامي شرس بين الجانبين.

ولم تبرئ المحكمة أحداً من المتهمين الـ26 (لبنانيان و5 فلسطينيين وسوداني و18 مصرياً)، لكنها أيضا لم تحكم بالإعدام على أحدٍ منهم، كما كانت النيابة قد طلبت.

Ad

ونال القيادي الهارب محمد قبلان، الذي قال المتهمون إنه «رئيس وحدة دول الطوق في حزب الله»، حكماً بالسجن المؤبد مدة 25 عاماً، بينما صدر بحق محمد يوسف منصور، الذي يسمى بين أعضاء الخلية سامي شهاب، حكمٌ بالسجن المشدد 15 عاماً، في حين تراوحت بقية الأحكام بين السجن 25 عاماً و6 أشهر.

وشهاب هو عنوان الأزمة التي ستظل عالقة بين السلطات المصرية و «حزب الله» الذي طالب أمينه العام حسن نصرالله بإطلاق سراحه منذ إعلان القبض عليه الصيف الماضي، مؤكداً أنه عضو في الحزب كان مكلفاً تقديمَ الدعم إلى حركة «حماس» في قطاع غزة، وهو ما نفته مصر التي اتهمته بتهديد أمنها.

وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن المتهمين «أرادوا ضرب اقتصاد مصر وتمزيق أوصال شعبها، وإشاعة الفوضى، وعدم الاستقرار في أرجائها (...) وتشدقوا بأنهم إنما جاءوا إلى مصر لدعم المقاومة الفلسطينية، ويتجرأون ويزايدون على مصر، وما قدمته وتقدمه مصر من أجل شعب فلسطين والقضية الفلسطينية».

ووصف محامو المتهمين الأحكام بأنها «قاسية»، مؤكدين أنهم سيقدمون التماساً إلى الرئيس المصري حسني مبارك حتى لا يُصدِّق على الحكم، خاصة أنه نهائي ولا يحق لهم الطعن فيه أمام أي جهة قضائية أعلى.

وجرى القبض على المتهمين وسط أجواء من المواجهة السياسية والإعلامية بين القاهرة والحزب بعد حرب غزة 2009، غير أن حدة هذه الأجواء خفَّت تدريجياً حتى فتحت مصر الباب أمام التقارب بين الجانبين ببادرة زيارة وزير الخارجية أحمد أبوالغيط لبيروت السبت الماضي، حيث أطلق تصريحاً وصف فيه الاتهامات الأميركية بحصول «حزب الله» على صواريخ «سكود» من سورية بأنها «مثيرة للسخرية».

وذكرت تقارير إعلامية لبنانية أن أبوالغيط أبلغ قيادة «حزب الله» رسالة مفادها أن الحكم الذي سيصدر في قضية الخلية هو «قضائي ولا دلالات سياسية له». ولا يَستبعد محللون مصريون أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من توجيه الرسائل الإيجابية المتبادلة بين الجانبين، غير أن مصير العلاقة بينهما سيظل رهن الاستجابة لمطلب الحزب بإطلاق شهاب.