تنسب القوانين المقرة بصورة نهائية إلى من أصدرها وهو مجلس الأمة، ولم نعرف من قبل قانونا حمل اسم وزير أو نائب سوى قانون المطبوعات والنشر الذي صدر بإجماع نواب مجلس 2003، وأكرر إجماع لمن لا يجيد القراءة أو الفهم، وهو ما يعني أن كل الكتل والنواب المستقلين والتوجهات بمن فيها نواب التيار الوطني الديمقراطي قد استحسنوا ذلك القانون وبصموا عليه بالعشرة.

Ad

ما يحصل خلال هذه الأيام من تسخين ضد تعديلات وزارة الإعلام على قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع بهدف فرض المزيد من القيود على حرية التعبير احتوى الكثير من التشنيع الصريح على شخص وزير الإعلام الأسبق الدكتور أنس الرشيد في محاولة لنسب كل عيوب قانون المطبوعات الجديد إليه، واستبدال اسمه بقانون أنس فقط!

إن من يعطوننا دروساً بأهمية قراءة التاريخ تارة والموضوعية تارة أخرى نسوا، أو تناسوا، أن الوزير الذي وقع على إحالة قانون المطبوعات الحالي إلى مجلس الأمة هو الشيخ أحمد الفهد عندما كان وزيراً للإعلام، ووفق قاعدتهم في الاختصار يستحق قانون المطبوعات الحالي مسمى قانون أحمد وليس أنس.

إن كل ما فعله أنس هو اقتناص حالة الوئام بين السلطتين مع إضافة ما اعتبره الكثيرون حسنات القانون، وأهمها فتح باب الترخيص لظهور صحف جديدة، الأمر الذي عجل بولادة القانون بسهولة ويسر على أمل تعديله لاحقاً للأحسن.

وبعد أن أصبح القانون حقيقة وانهمر سيل الصحف الجديدة حتى بتنا لا نستطيع حملها بيد واحدة، لم يرفع أنس طبلة المبالغة ودار على شارع الصحافة متمنناً بصوت مجلل للصحف الجديدة، أنا من أوجدكم وأنا من حماكم من التعطيل الحكومي، بل وقف في «قاعة عبدالله السالم» بعد التصويت على قانون المطبوعات والنشر، مستذكراً بالخير كل الجهود التي بذلت لخروجه إلى النور وخص بالذكر النائب السابق المرحوم سامي المنيس رئيس اللجنة التعليمية بمجلس 99، وبعد استقالته الشهيرة من الحكومة لم يفعل أنس ما يفعله بعض الوزراء السابقين من حديث مسهب عن إنجازاتهم الوهمية، بل ظل بكل إخلاص يردد أن الدور الذي لعبه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد عندما كان رئيسا لمجلس الوزراء كان حاسما داخل مجلس الوزراء في شأن صدور قانون المطبوعات والنشر الجديد، وهو مَن يستحق أن يُنسب إليه ذلك الإنجاز وليس هو.

لقد كان أنس عوداً في حزمة، ولأنه فعل ما عجز عنه الكثيرون أصبح هدفاً لمن كانوا وسيبقون على هامش الأحداث.

** تبحث كتلة الإصلاح والتنمية تعديل القانون المتعلق بصحة انعقاد الجلسات دون حضور الحكومة، ومساهمة مني في اختصار الوقت عليهم سأورد لهم الرأي الدستوري للدكتور محمد الفيلي في هذا الشأن:

« الدستور يوجب أن تحضر الحكومة المجلس لأنها شريك أساسي في أعماله، ولكنه لم يقرر بطلان الجلسة التي لا تحضر بها الحكومة، فقيام المجلس بخلق حالة البطلان أدى من الناحية العملية إلى توجيه رسالة عملية إلى الحكومة بأنها كلما أرادت تعطيل اجتماعات المجلس يكفيها عدم الحضور. ومثل هذا التفسير للمادة (116) التي يوجب حضور الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء أو ببعض أعضائها أدى إلى جعل المادة (106) من الدستور، وهي التي تجيز تعطيل أعمال المجلس لمدة لا تزيد عن شهر وذلك بمرسوم»... نقول إن هذا التفسير أدى عملياً إلى إلغاء نص المادة (106)، فلماذا تصدر الحكومة مرسوماً بتعطيل جلسات المجلس إذا كان يكفي للوصول إلى هذه النتيجة مجرد عدم حضورها؟

وبشأن تهرب الحكومة مع جلسة المعاقين حتى لا ترد قانونهم كما قال وزير الشؤون، نوَّرني الفيلي بأن الحكومة خلقت فرضية جديدة للرد لم ترد في المادتين (65) و(66) من الدستور، والأخيرة تعطي الحق للحكومة برد أي مشروع قانون بمرسوم مسبب.

** الفقرة الأخيرة: على مدى يومين متتاليين يصلني على هاتفي النقال الخبر المزعج عن انقطاع التيار الكهربائي في محافظة الجهراء، إن مثل هذه الحوادث هي التي تغذي شعور سكان تلك المناطق بالتفرقة الاجتماعية وعدم العدالة وتدفعهم إلى اختيار أكثر النواب تطرفاً في التعامل مع الحكومة على أمل تحسين أوضاعهم، وكل الأعذار التي تساق لهم لن تبدد ساعات اليقين التي يعيشونها في الظلام الدامس ولحظات التساؤل المؤلمة: هل نعيش حقاً في دولة نفطية غنية؟ ألا يشعرون بنا؟ «إحنا وين والخطة التنموية وين»؟!