لم تستطع أسعار النفط، التي بدأ سوقها يشهد انتعاشا جيدا وصل معه سعر البرميل إلى نحو 80 دولارا، أن تسحب سوق مواد البناء، فحافظ هذا السوق على أسعاره دون ارتفاع، بانتظار مشاريع عقارية عملاقة تبث فيها روح الاستمرار.بدأت أسعار مواد البناء عموما وحديد التسليح على وجه الخصوص تشهد ارتفاعات طفيفة على مستوى السوق المحلي خلال الفترة الماضية، لكنها لم تستطع ان تواكب الارتفاعات التي شهدتها اسعار النفط. وذكرت مصادر لـ»الجريدة» أن سعر طن حديد التسليح ارتفع بنسبة 6.25 في المئة، عما كان عليه من قبل، مشيرة الى ان سعر طن حديد التسليح وصل الى نحو 150 دينارا كويتيا، بينما يتراوح اليوم بين 160- 165 دينارا كويتيا.واشارت المصادر إلى أن وزارة التجارة والصناعة أبقت على قرار حظر تصدير الحديد والأسمنت، بينما سمحت بذلك لمصانع حديد التسليح الكويتية عند الحاجة.واستندت «التجارة» في خطوتها تلك على تقرير رفع من ادارة التموين التابعة لها بشأن استمرار حاجة السوق المحلي الكويتي للكميات المتوافرة من مادة حديد التسليح، ما يجعل الإبقاء على قرار حظر تصدير الحديد ضرورة ملحة. غير أن سوق الحديد عانى بسبب الأزمة المالية العالمية لاسيما ان المصانع وشركات استيراد الحديد الكويتية سبق لها أن اشترت المواد الأولية اللازمة لصناعة حديد التسليح بأسعار ناهزت الـ420 دينارا كويتيا، ثم ما لبثت الأسعار ان هوت بسرعة، مع انخفاض اسعار النفط على حدود صارت تباع مصنعة جاهزة للمستهلك، عند حدود سعر 140 دنيارا كويتيا اي بانخفاض بلغت قيمته 280 دينارا وبنسبة انخفاض بلغت 66.6 في المئة.وقد اوقع هذا الانخفاض الكارثي بالأسعار الشركات المحلية بين خيارين احلاهما مر، فإما اللجوء الى البيع بالأسعار السائدة، وهو ما يحتم تعرضها الى خسائر باهظة، وإما الانتظار مع ما يترتب على ذلك من تعرض للمخزون الى تلف جراء عوامل الطبيعة، وهذا ايضا يخضع لاحتمال بقاء الأسعار على ما هي عليه او ان يشهد ارتفاعا غير مضمون.وحاولت الشركات الكويتية اللجوء الى استيراد كميات جديدة وفق اسعار السوق الحالية والابقاء على مخزونها حتى يشهد ارتفاعا معوضا، غير انها وجدت ابواب التمويل موصدة في وجوهها من قبل البنوك وشركات التمويل! ولم يبق امامها سوى البحث عن طريق آخر علها تعوض من خلاله بعضا من خسائرها متمثلا في المطالبة بفتح باب التصدير الى اسواق اخرى تشهد فيها الاسعار نوعا من الارتفاع، قياسا بالأسعار السائدة في السوق المحلي كالسوقين العراقي والقطري، وهذا الباب ايضا اخفقت الشركات في دخوله مصدومة بحائط قرار وزارة التجارة والصناعة حظر تصدير الحديد خارج السوق المحلي، مع الاشارة الى ان «التجارة» رأت وفق دراساتها الخاصة ان المصانع المحلية لا تغطي كل احتياجات السوق المحلي من المادة المذكورة.غير ان سعر طن الحديد في العراق كان مغريا للشركات الكويتية، إذ كان يباع بأسعار تتراوح بين 300 و350 دينارا كويتيا للطن الواحد، بينما تقدر اسعاره في قطر بنحو 200 دينار كويتي للطن الواحد، بينما يباع الطن الواحد من حديد التسليح في السوق المحلي الكويتي عند حدود اسعار تتراوح بين 160 و180 دينارا، بعد ان هبطت الأسعار الى حدود 145 دينارا للطن الواحد، وذلك مع الاخذ بالاعتبار التفاوت في الأطوال والمقاييس الاخرى.وقد كانت مادة الأسمنت أيضا مشمولة بذات التوجيه، اي الإبقاء على قرار حظر تصدير الأسمنت خارج السوق المحلي، بهدف العمل على سد حاجة السوق المحلي من هذه المادة قبل النظر في التصدير، مع الاشارة إلى أن السوق الكويتي ظهر وفق تقرير إدارة التموين بحاجة إلى الكميات الموجودة، ولا يمكن الاستغناء عن بعضها بتصديره.والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل استفادت الشركات الكويتية من الاتجاه نحو السماح بتصدير الكميات الفائضة عن حاجة السوق المحلي من الحديد والاسمنت؟ ثم ما هو حجم الاستفادة ان وجدت؟ ثم ما هي آخر التطورات بالنسبة الى بقية مواد البناء بعد استعادة سوق النفط بعض عافيته في الآونة الاخيرة، ذلك ان سوق مواد البناء مرتبط بشكل مباشر بأسعار النفط سواء من حيث اجور النقل والشحن، او من حيث تكاليف الإنتاج.وللوقوف على آخر التطورات حول سوق مواد البناء ومدى تأثرها بقرار السماح بتصدير الفائض من الإنتاج عن حاجة السوق المحلي الى الاسواق الخارجية، ومدى تأثرها ايضا بأسعار النفط، وما طرأ عليها من ارتفاعات ملحوظة كان لنا هذه الوقفات:الصراف: لم نستفد كثيراً من قرار السماح بتصدير الحديدأكد نائب رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية لصناعة حديد التسليح علاء الصراف أن شركات تصنيع الحديد في الكويت لم تستفد كثيرا من قرار السماح بتصدير الحديد للأطوال المختلفة، ذلك ان الاسعار السائدة في الأسواق المجاورة تقارب السعر السائد في السوق المحلي، بينما اخذ بالاعتبار أجور النقل والشحن وتكاليف الإرسال.وأكد الصراف أن الشركة الآن لديها مخزون يناهز الـ100 ألف طن، وهذه الكميات تم استيرادها بأسعار وصلت إلى نحو 330 دينارا كويتيا، بينما الأسعار السائدة الآن في السوق المحلي لم تتجاوز الـ180 دينارا للطن الواحد.وبين ان الفترة الماضية، التي كان ثمة طلب فيها على مادة الحديد من الدول المجاورة، خصوصا العراق بأسعار تنافسية، كانت الحكومة تحظر على الشركات الكويتية التصدير، وكان الوقت حينذاك الأنسب لاتخاذ مثل هذا القرار.وأكد أن القرار لن يفيد إلا في تسييل الكميات المخزنة من مادة حديد التسليح سواء المادة الأولية غير المصنعة، أو الحديد المصنع الجاهز للاستهلاك.كما أكد أن الطلب لا يزال منخفضا على مستوى السوق المحلي.الخرافي: السوق الكويتي لم يجنِ سوى فوائد قليلة من قرار التصديرأكد رئيس مجلس ادارة الشركة الأولى لصناعة الحديد احمد حسين الخرافي أن سوق الحديد الكويتي تأثر بقرار المنع، وهو ان فتح المجال للتصدير سيكون ارحم من الحظر، لكن في ظل سيادة الركود في الوضع الراهن لن يكون ثمة تأثر ايجابي، لافتا الى ان سوق الحديد سواء كان على المستوى المحلي او العالمي يعتمد في جله على مبدأ العرض والطلب، اضافة الى تحكم اسعار النفط فيه بدرجات متفاوتة.وبين الخرافي أن أسعار النفط التي تشهد في الوقت الراهن ارتفاعا لم تسحب معها اسعار الحديد، ذلك ان هناك حالة من شح الطلب على المادة المتكدسة اساسا لدى الشركات الكويتية، والتي لم تجد بابا للتصريف في الفترة السابقة والتي كانت اشترت المادة الخام بأسعار كانت مرتفعة للغاية.وقال إن قرار وزارة التجارة في الوضع الراهن السماح بتصدير الحديد خارج السوق المحلي لن يجدي نفعا، الا في حدود ضيقة جدا، ذلك ان اسعار المادة نفسها في الاسواق المجاورة مقارب من السعر المحلي في الكويت، بينما اخذنا بالاعتبار اجور النقل والشحن وتكاليف التصدير الى اي من الاسواق المجاورة كالسوق العراقي والسوق القطري.النعسان: 40% انخفاض أسعار الألمنيومقال مدير المشاريع في شركة الدوسري لصناعات الالمنيوم والحديد المشغول المهندس لؤي ابراهيم النعسان: «الألمنيوم أهم معدن يستخدم في الكويت حاليا خصوصا في المشاريع العقارية، وهو ثالث أهم معدن مستخدم في العالم».واضاف النعسان ان سوق العقار يعتبر المستهلك الرئيسي والأول والتي تصل فيه قيمة المادة الأولية للألمنيوم الى نحو نصف مليار دولار.وأكد ان الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت تأثيرا بالغا في قيمة الإنفاق الاستهلاكي في هذا المجال، إذ انخفضت هذه الاستثمارات إلى اقل من 150 مليون دولار مما انعكس على أسعار التداول بالنسبة الى المادة، مشيرا الى أن سعر الطن الواحد من الالمنيوم قبل الأزمة كان في حدود 5000 دولار، بينما اضحى بعد الأزمة وفي الوقت الراهن بالتحديد في حدود 3000 دولار اي بمعدل انخفاض بلغت نسبته نحو 40 في المئة.وبين أن سعر الطن المتري من الألمنيوم يتأثر بارتفاع وانخفاض سعر برميل النفط، إذ إن هذه الصناعة تعتمد على الصهر الذي يحتاج إلى الطاقة، ولذلك نجد أن تكاليف هذه الصناعة في دول الخليج اقل من غيرها. ولفت النعسان الى ان المصانع الخمسة التي تنتج مادة الألمنيوم في مجلس التعاون الخليجي تعتبر من أهم المصانع في العالم باستثمارات تصل الى أكثر من 3.5 مليارات دولار.وقال إن الكويت لديها حوالي 500 مصنع لتصنيع الألمنيوم، و3 مصانع لسحب الألمنيوم وغالبية المواد الخام يتم استيرادها من البحرين كمورد لها.وأوضح النعسان ان الكويت كانت تستهلك نحو 25 ألف طن المنيوم شهريا انخفضت حتى 18 ألف طن بعد الأزمة الاقتصادية.وتوقع استمرار الأزمة في ظل عدم استجابة السوق لعدة نواح تنشيطية وذلك أيضا لأن نشاط المشاريع وقطاعها يمر الآن بنهاية العام والذي لن يبدأ بالتحرك قبل ابريل المقبل.الصلبوخ خالف أسعار النفط وانخفضأكدت مصادر أن الصلبوخ تفاعل عكسيا، على غير المعتاد، مع أسعار النفط التي تشهد نوعا من الارتفاعات.وقالت المصادر إن مادة الصلبوخ من نوع ليموستون اضحت تباع عند حدود سعر 7.6 دنانير كويتية للمتر المكعب الواحد، بينما كان المتر المكعب يباع قبل الارتفاعات الأخيرة للنفط عند حدود سعر 8.25 دنانير للمتر المكعب الواحد.واضافت ان طن الصلبوخ من نوع الغابرو صار يباع بحدود 7.750 دنانير كويتية، في الوقت الراهن بدلا من 7.900 دنانير قبل الارتفاعات الاخيرة للنفط.وأكدت أن النفط لم يعد مقياسا لأسعار المادة، لاسيما في الوقت الراهن، مشيرة الى ان اللاعب الرئيسي حاليا هو فرص الاستثمار العقاري شبه المعدومة، مبينة ان المشاريع العقارية شبه متوقفة وقد مهدت الطريق امام سعر الصلبوخ كي ينخفض.واشارت المصادر إلى أن سعر المتر المكعب من مادة الصلبوخ من نوع الليموستون كان يباع في 1 أبريل 2008 بسعر 10 دنانير كويتية، بينما كان يباع المتر المكعب من الصلبوخ نوع الغابرو في فترة 2/ 8/ 2008 بسعر 11.5 دينارا كويتيا.الأسمنت ساير الصلبوخ في مخالفته لأسعار النفطشابهت حال الاسمنت حال الصلبوخ، من حيث عدم تأثرها بأسعار النفط ارتفاعا مرجعة مصادر اسباب عدم التجاوب مع اسعار النفط الى انها- اي اسعار النفط- لم تعد اللاعب الرئيسي في تحديد اسعار معظم مواد البناء بما فيها مادة الاسمنت، بالقدر الذي يحظى به شح المشاريع العقارية التي راحت تضرب بيد من حديد على الأسعار مخلفة حالة من الانهيار لم يحركها النفط.وقالت مصادر ان سعر طن الاسمنت من النوع العادي بلغ نحو 24.2 دنيارا كويتيا، بينما كان يباع في عز الأزمة المالية العالمية بنحو 24.2 دينارا كويتيا، اي بنسبة انخفاض بلغت نحو 11 في المئة، بينما بات الاسمنت من النوع المقاوم يباع الطن منه بحدود سعر 25.7 دينارا كويتيا، بدلا من 30 دينارا كويتيا، اي بنسبة انخفاض وصلت الى 14.3 في المئة.واشارت المصادر الى أن قرار وزارة التجارة والصناعة السماح بتصدير الفائض عن حاجة السوق المحلي من مادة الاسمنت لم يحرك الاسعار قيد أنملة، بينما حافظت على وضعها المنخفض مع توقع ان تشهد المزيد من الانخفاض في ما لو استمرت حالة الركود العقاري السائدة.
اقتصاد
العقار ومواد البناء أسعار مواد البناء تراوح مكانها بسبب الركود العقاري النفط لم يسحبها معه في صعوده
09-11-2009