إلى أي مدى نجح مسلسل «حرب الجواسيس» في إعادة أمجاد الدراما المتمحورة حول الجاسوسية والتي سجلت نجاحاً كبيراً مع «رأفت الهجان» و{جمعة الشوان» وغيرهما من المسلسلات التي أسرت انتباه المشاهد العربي ودفعته إلى متابعتها بحماسة كبيرة؟تتفاوت التعليقات حول {حرب الجواسيس}، يجزم البعض فشله بسبب السطحية التي عولجت بها الأحداث والسذاجة التي تسيطر على الشخصيات، في حين يرى البعض الآخر أن مجرد عرضه في هذا التوقيت بالذات دليل نجاح، ذلك أن الأمة العربية تمرّ بمرحلة غليان وتبرز إلى الواجهة مجدداً مسألة الصراع مع إسرائيل. يذكر أن معظم مسلسلات الجاسوسية مأخوذ عن روايات كتبها صالح مرسي من ملفات المخابرات المصرية.مشاهد كرتونيةمنذ الحلقات الأولى تذكرنا المطاردات بين رجال المخابرات المصرية والموساد بمطاردات الشاويش عطية في أفلام إسماعيل ياسين و{الجرنال المخروم» الذي يتيح للمراقب متابعة عمله بسهولة ويسر، ويعيد مشهد هروب عميلة الموساد إلى ذهننا مشهد هروب زكي رستم من فريد شوقي في فيلم «رصيف نمرة خمسة»... ومشاهد كثيرة لا يمكن القبول بها حتى في أفلام الرسوم المتحركة، ناهيك عن اعتماد مبدأ الصدفة في صياغة الأحداث وهو غير ممكن واقعياً عموماً وفي دراما الجاسوسية خصوصاً. هذه الأخطاء القاتلة كلها وغيرها كانت كافية للقضاء على مصداقية المسلسل لدى المشاهد.. يقول الدكتور نبيل فاروق أحد كتّاب دراما الجاسوسية إنه لا يجد مبرراً لتلك الأخطاء، مضيفاً أن المسلسل يتعامل مع ملف الجاسوسية بسذاجة شديدة لا تتوافق وطبيعة عمل رجال المخابرات الذين تأكدت عبقريتهم عبر أحداث وملاحم كانوا أبطالها.يلاحظ فاروق أن إيقاع المسلسل مملّ وبطيء بلا مبرر ويختلف كثيراً عن الرواية الأصلية التي كتبها صالح مرسي والتي امتازت بالإيقاع السريع والجذاب في الوقت نفسه، إلا أن فكرة تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني أفقدتها الكثير من قيمتها. كذلك يلاحظ فاروق أن السيناريست بشير الديك وقع في خطأ كبير يتعلق بتبرير خيانة الشاب المصري نبيل، معتبراً أن الظروف الحياتية القاسية هي السبب، «وكأن المسلسل يعطي لشباب هذه الأيام مبررات لخيانة الوطن، بدلاً من تقديم نماذج تقوّي علاقتهم ببلدهم، بالتالي كان يجب على صانعي العمل إزالة هذا التعاطف مع البطل».اختلاف عن الواقعيؤكد سيد الغضبان، الناشر الأصلي لرواية «سامية فهمي» التي كتبها صالح مرسي قبل سنوات، أن ثمة اختلافات كبيرة بين الرواية الأصلية وبين المسلسل، مثلما ثمة بالطبع اختلافات بين الرواية التي يدخل فيها إبداع الكاتب وخياله وبين الواقع الذي دارت حوله الأحداث، «فنحن نتعامل مع ملف من المخابرات المصرية ما يعني أن الحقيقة لن تُنقل كما هي، وهو ما كان يحرص عليه صالح دوماً من دون الإخلال بخط الأحداث الرئيس}.يرى الغضبان أنه كان ممكناً أن يظهر المسلسل بشكل أفضل لولا التطويل الذي يسيطر على حلقاته.من جهته يقول المخرج نادر جلال إن أي عمل فني في العالم لا يخلو من الأخطاء لكن المهم في النهاية هو العمل ككل و{أعتقد أن المسلسل نجح ولاقى ردود فعل قوية مع الجمهور». يضيف نادر جلال: «من حقي أن أجري تغييرات في قصة صالح مرسي وإلا ما فائدة وجود سيناريست بحجم بشير الديك ضمن فريق العمل، في النهاية أقدم عملاً فنياً أطرح من خلاله رؤيتي الخاصة».أخطاء صادمةيشير الناقد طارق الشناوي إلى وجود أخطاء صادمة في المسلسل لها علاقة باستسهال السيناريست بشير الديك في جمع المعلومات الخاصة في المسلسل، بالإضافة إلى أسلوب الكتابة نفسه والذي يعتمد طريقة قديمة جداً وهي تقطيع مشاهد الفلاش باك لتستمر الأحداث حتى آخر شهر رمضان، بتعبير أدق محاولة لحشو الأحداث وتكرارها من دون إضافة جديد، إلى جانب أخطاء المخرج نادر جلال كتصوير سيارات موديل 2009 في الشوارع مع أن إطار المشاهد الزمني يعود إلى الستينيات.تكمن إيجابيات المسلسل، برأي الشناوي، في توقيت تقديم المسلسل، لأن العالم العربي يغلي غضباً من ممارسات إسرائيل، وفي التعبير عن هذا الغضب في ظل التوازنات السياسية الحالية.
توابل
حرب الجواسيس أو سامية فهمي سابقاً... تطويل وسذاجة ومطاردات على طريقة الرسوم المتحّركة
08-09-2009