يروي الممثّل جيف بريدجز الذي يبدو أشبه بعراف من ماليبو بلحيته الكثيفة وابتسامته التي تدل على شخص عالم بأمور الحياة، أنه اختبر عودة بالذاكرة إلى الوراء خلال تصوير فيلم The Men Who Stare at Goats، الذي يصوّر المسيرة الغريبة لبرنامج عسكري أميركي حاول تدريب الجنود على استخدام قواهم العقلية كسلاح (أجل، قتل الحيوانات في المزارع من خلال التحديق فيها وحسب).

يعلّق بريدجز: «وجدت نفسي أتذكّر خبرتي الخاصة في سبعينيات القرن الماضي عندما كنت أتسكّع مع جون ليلي، الرجل الذي ابتكر حوض العزل وأجرى اختبارات محاولاً التواصل مع الدلافين. كنت أحد الذين خضعوا للاختبار في حوض العزل، مستوعب يحتوي على 60 سنتمتراً من المياه تقريباً ونصف طن من الملح، وبذلك يمكنك أن تطفو. اعتاد جون حقن نفسه بمخدّرLSD ويدخل إلى الحوض لمدة 24 ساعة».

Ad

ما الذي اكتشفه بريدجز فيما كان يطفو رأسه في الظلام؟

يجيب بريدجز: «صحيح أنه عندما لا تستطيع رؤية ما في الخارج، تبدأ بالنظر إلى الداخل، لمَ يرتدي جون ملابس «ستار تراك» تلك؟ لحظة، ماذا يوجد حقاً داخل الماء؟ ماذا لو كان باحثاً مجنوناً يقوم باختبارات عليّ؟ تتجاذبك أفكار غريبة».

إذا كان ثمة فيلم يأسر الاهتمام بسبب التلاعب النفسي المدروس فهو فيلم Goats الفريد الذي بدأ عرضه في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري ويشارك فيه كل من إيوان ماكغريغور، جورج كلوني، كيفن سبايسي وبريدجز.

تولّى كلوني إنتاج الفيلم الذي أخرجه شريكه في الإنتاج غرانت هسلوف والذي يستند إلى كتاب للصحافي جون رونسون يحمل العنوان نفسه. يجسّد الفيلم برنامجاً عسكرياً حقيقياً كما يظهر في المشاهد الأولى «معظم ذلك حقيقي أكثر مما قد تعتقدون».

يؤدي ماكغريغور دور بوب ويلتون، مراسل يعمل في بلدة صغيرة تتركه صديقته لتقيم علاقة مع المحرر، وكي يثبت نفسه كرجل وكشهيد، يسافر الى العراق لتغطية الحرب. فيلتقي برجل غامض وغريب الأطوار اسمه لين كاسادي (كلوني) الذي يبدو أشبه بشخصية انتُزعت من السلسة الكوميدية Doonesbury. يكشف كاسادي أنه كان جزءًا من وحدة عسكرية مدرّبة على استعمال طاقة الدماغ لعبور الجدران، نقل الوعي إلى بعد أميال، تضليل الأعداء والحصول على أسرار دولة.

أما بريدجز فيجسّد دور بيل دجانغو، {الحكيم} في الوحدة الذي يتعاطى المخدرات. في دردشة أثناء تناول الغداء في مطعم Four Seasons في سانتا باربرا، ضحك بريدجز على «سنوات الأبحاث» التي أمضاها في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته لإيجاد أزياء هذه الشخصية {الغبية} المصبوغة.

يعلّق بريدجز: «أجد أطباعاً موجودة فيّ تتطابق مع أطباع ذلك الرجل، وأفكّر في أصدقائي وفي الأشخاص الذين عرفتهم على مرّ السنوات. مررت بهذه التجارب أيضاً خلال تجسيدي شخصية دود (في فيلم The Big Lebowski للأخوين كون)، ويقول البعض إن هذه الشخصية تذكرهم بدود. لكني لا ألاحظ ذلك حقيقة. إنما أعتقد أنه لو دخل دود إلى الجيش، وأُمِر بأن يتجنّد وسمع بهذه الوحدة، New Earth Army، كان سينتسب إليها».

تستند شخصية دجانغو إلى الكولونيل جيم شانون الذي تولى في الواقع إدارة برنامج {العصر الجديد} New Age في فورت براغ، كارولاينا الشمالية، الذي درّب أفراده على القيام بالخدع الفكرية الخاصة بالجيش الأميركي والتي تشبه خدع شخصيات فرسان جداي. سعى بريدجز إلى مقابلة هذا المحارب النفسي وكتيبة الأرض الأولى للحصول على نصائح بشأن هذا الدور.

يضيف بريدجز: «جيم شانون حي وهو بخير في هاواي، وقد ردّ على أسئلتي كافة. وهو يكرّس نفسه لتغيير التوجّه الإنساني. ثمة أمور كثيرة ممتعة ومضحكة في هذا الفيلم لكن من وجهة نظري الشخصية، هو يسير في الاتجاه الصحيح. علينا إيجاد طريقة أخرى تختلف عن قتل أحدنا الآخر. هذه أمور غريبة لكني أراهن بأن كل ما يحصل في العالم أكثر غرابة بكثير».

يشير بريدجز الى أن هذا الفيلم الذي صوّر في بورتو ريكو وفي البوكيرك، نيو مكسيكو، كان ممتعاً جداً لأن ماكغريغور، وهو صوت الشك في الفيلم، يسخر في أحيان كثيرة من العلوم الغريبة ويقارنها بخزعبلات فرسان جداي.

يلفت بريدجز إلى أن اللحظة المفضّلة لديه كانت مشهداً حيث حقن دجانغو سراً نفسه والصحافي بمخدّر LSD. وهذا أمر آخر أعاد إليه الذكريات: «كنا نضع تلك العدسات اللاصقة الخاصة التي جعلت بؤبؤ أعيننا يبدو كبيراً جداً، وبرؤيتي إيوان ينظر إليّ وأنظر إليه كان من السهل جداً علي أن أستعيد تلك الذكريات».

يُذكر أن دجانغو مختلف عن دود بطريقة واحدة أساسية، فالأول يركّز على إحدى المهام الحياتية في حين أن الثاني يحب لعب البولينغ. يبدو أن بريدجز ينظر إلى مسيرته المهنية نظرة أشبه بنظرة دود.

يوضح بريدجز: «شعاري المقاومة؛ أحاول ألا أفعل شيئاً إطلاقاً. لا آخذ سوى المشاريع التي تصل إلى مرحلة حيث ما بيدي حيلة إلا القبول. كل ما يجذبني بشدة، كل ما يهزم مقاومتي، هذا هو نوع الأفلام التي أشارك فيها».

يبدو بريدجز (59 عاماً) أشبه بكريس كريستوفرسون هذه الأيام. لقد أطال لحيته من أجل فيلم Crazy Heart الذي يدور حول مغنٍ في بلدة أمامه مسيرة طويلة يعبرها مع موسيقي صاعد. كان هذا الفيلم مختلفاً إلى حد كبير عن ذلك الذي فرغ منه للتو Tron Legacy، إنتاج ديزني الرقمي.

يعلق بريدجز بأنه يأمل بأن يلقى Goats إقبالاً جيداً ويشير إلى أنه يشعر بالارتياح بسبب تقييم جيد أول من شانون.

يوضح بريدجز أنه لم يكن واثقاً مما إذا كان شانون يشعر بأنه تعرّض للسخرية إلى حد كبير من خلال طابع Goats التهكمي، لكن تبيّن أن المحارب النفسي المسن لا يشعر بالحاجة إلى الفوز بالمعركة للتأكيد على مصداقيته – هو يعتبر الفيلم فرصة للفوز في الحرب.

يضيف بريدجز: «قال شانون إنه يريد من الناس أن يزوروا موقعه الإلكتروني. وأوضح أنه على الأشخاص الذين يعتقدون أن الفيلم سخيف، إيجاد طريقة لفهمه. أما الأشخاص الذين يشعرون بالحيرة فيستطيعون رؤية الأمور على حقيقتها. يمكنهم أن يكتشفوا الحقيقة».