التحديات والصعوبات التي تواجهها دبي لا تكمن في التكاليف المرتبطة بإعادة تسمية البرج فحسب، إذ سيتعيَّن عليها اليوم إقناع الناس باستخدام الاسم الجديد، وذلك بعد عدم إفصاحها عن كل التفاصيل التي دفعتها إلى الإقدام على هذه الخطوة المفاجئة. يشكّل تغيير دبي المفاجئ لاسم أطول برج في العالم تكريماً لحاكم جارتها الغنية أبوظبي كارثة تسويقية قد تضرّ بسمعة الإمارة، وتجعلها تتكبد ملايين الدولارات في وقت هي في غنى عن الأمرين، على حد تعبير المحللين.وأعلن عميد العلاقات العامة البريطانية ماكس كليفورد لوكالة "زاويا داو جونز": "إن تغيير الاسم يشكل إحراجاً من نواحٍ متعددة، فلقد كان الأمر يمثل احتفالاً بالنسبة إلى دبي، وقد أمسى الآن بمنزلة تصريح حول وضع دبي المالي ومشاكلها. فقد تحوّل الأمر من نصر إلى مأساة".وفي التفاصيل، فاجأ حاكم دبي المشاهدين بإعادة تسمية أطول ناطحة سحاب في العالم تيمناً باسم نظيره في أبوظبي، وذلك خلال حفل تدشين فاخر في الإمارة.وقد بات اسم المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 828 متراً، المعروف منذ بداية تشييده باسم "برج دبي"، الآن "برج خليفة" تيمناً بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حاكم جارة دبي الغنية بالنفط، والذي قدّم لها مساعدة مالية في الآونة الأخيرة بقيمة 10 مليارات دولار.ومنذ إطلاق المشروع عام 2004، أطلقت دبي وشركة التطوير "إعمار العقارية" حملة إعلانية ضخمة لـ"برج دبي"، واصفة إياه بالحدث التاريخي في قلب المدينة. ويعتبر هذا المشروع رمزاً على طموح المدينة العالمي وقدراتها الهندسية.وقال عبد بيبي، شريك إداري في شركة "وولف أولنس" في دبي، التي تتضمن قائمة عملائها العالميين "جنرال إلكتريك" و"مرسيدس بنز" و"ماك دونالدز": "لقد كان "برج دبي" موضوعاً إعلانياً دسماً خلال السنوات الماضية والجميع يعلم ذلك. وإذا أرادت دبي المضي في طريق الدعاية نفسها التي اعتمدتها من قبل، فسيكلفها الأمر ملايين الدراهم هي في غنى عن صرفها".حملة تغيير أسماءفضلاً عن المهمة المجهدة المتمثلة في تغيير اللوحات الإعلانية ولافتات الطرق في أرجاء الإمارة، سيتوجب على المخططين في مدينة دبي تغيير اسم أجزاء من المترو الذي تم افتتاحه حديثاً وإعادة تسمية محطة "برج دبي" التي افتتحت الاثنين لتتزامن مع تدشين البرج.وتجدر الإشارة إلى أن كلّ من هيئة الطرق والمواصلات و"سركو"، اللتين تشغلان الشبكة، لم تجيبا عن الأسئلة أو الاتصالات الموجهة عبر البريد الإلكتروني المتعلقة بتغيير الاسم.غير أن المقاولين الذين يتولون العمل على نظام السكك الحديدية يرون أن عملية إعادة التسمية قد تكلف الحكومة نحو 500 ألف دولار.وسيتعيّن على حكومة دبي التخلص من منتجات تسويقية تحمل علامة "برج دبي" وتصل قيمتها إلى آلاف الدولارات كالقمصان، والقبعات، وقناني المياه التي يبلغ ثمن الواحدة منها 80 دولاراً وتحمل صورة البرج الماسية الشكل.ولا يبدو واضحاً حتى الساعة إنْ كان مشروع "إعمار" التطويري البارز البالغة تكلفته 20 مليار دولار أي "مشروع وسط مدينة برج دبي" الذي يحيط بالبرج سيخضع لتغيير الاسم، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة التكاليف التي ستتكبدها شركة التطوير. هذا ولم ترد "إعمار" على الاتصالات أو تجب عن الأسئلة التي أرسلتها "زاويا داو جونز" عبر البريد الإلكتروني.ومن المرجح أن يؤدي تغيير الاسم أيضاً إلى فرض تكاليف إضافية على الشركات في الإمارة، التي يتعين عليها إعادة تسمية منتجاتها المرتبطة باسم "برج دبي" الجديد.وفي هذا الصدد، صرّحت بيلي روتنباخ، مديرة العمليات في "بتر هومز" التي تعد إحدى شركات السمسرة العقارية في دبي، بأنهم سيتكبدون تكاليف إضافية من حيث تعديل اللغة التسويقية في الشركة.ويُذكَر أن التحديات والصعوبات التي تواجهها دبي لا تكمن في التكاليف المرتبطة بإعادة تسمية البرج فحسب، إذ سيتعيَّن عليها اليوم إقناع الناس باستخدام الاسم الجديد، وذلك بعد عدم إفصاحها عن كل التفاصيل التي دفعتها إلى الإقدام على هذه الخطوة المفاجئة.ولفت بيبي من "وولف أولنس" إلى أنه "سيكون من الصعب تغيير نظرة الناس إلى المبنى، وارتباطه بدبي بشكل خاص"، مضيفاً أن "استراتيجية التسمية الجديدة تكمن في الابتعاد عن دبي وحديث عن الإمارات، ولابد من وجود سبب وجيه وراء ذلك، ويتعيّن على الشيخ محمد إيضاح الأسباب التي دفعته إلى تغيير اسم البرج". (داو جونز - دبي)
اقتصاد
تغيير اسم برج دبي... يثير الأسئلة
10-01-2010