أهدى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس، السعوديين والعرب، بمناسبة العيد الوطني السعودي الـ79 «جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية»، التي تعتبر صرحاً علمياً مميزاً في المنطقة والعالم، والتي ستفتح أبواب المملكة على مصراعيها أمام الأبحاث والإنجازات العلمية، وستحفظ مكاناً للمملكة بين صفوف البلدان الأكثر اهتماماً بالعلوم والأبحاث.

Ad

وتحوَّل الافتتاح الذي رعاه خادم الحرمين، في منطقة ثول قرب جدة على ضفاف البحر الأحمر أمس، إلى تظاهرة سياسية وأكاديمية حاشدة، اذ شارك في الحفل ملوك وأمراء ورؤساء بينهم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورؤساء سورية بشار الأسد، واليمن علي عبدالله صالح وتركيا عبدالله غول، إلى جانب ممثل عن ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، وممثلين عن مختلف الدول العربية والإسلامية ودول العالم. كما شارك عدد من حائزي جائزة «نوبل»، من مختلف الاختصاصات والمجالات، فضلاً عن علماء وباحثين مرموقين.

وكان سمو الأمير أشاد بما حققته المملكة من إنجازات حضارية شملت مختلف الميادين، متمنياً لخادم الحرمين الشريفين موفور الصحة والعافية وللمملكة وشعبها الكريم كل الرفعة والتقدم والازدهار.

ولم يحُلْ الحدث العلمي، الذي تمثل بافتتاح الجامعة المختلطة الأولى في السعودية، التي ستحوي أهم التجهيزات التقنية الحديثة في العالم، دون أن يأخذ الحدث أبعاداً سياسية خصوصاً مع مشاركة الرئيس السوري، التي قد تُنشِّط المصالحة السعودية - السورية التي حدثت خلال قمة الكويت الاقتصادية في يناير الماضي، وقد تنعكس على العديد من الملفات في المنطقة.

ونُظّم حفل الافتتاح في خيمة تمتد على مساحة مليوني متر، وتتسع لخمسة آلاف ضيف، وهي الأكبر من نوعها في العالم. وبدأ الحفل بكلمة لخادم الحرمين الشريفين تلتها كلمة لوزير البترول والثروة المعدنية ورئيس مجلس أمناء الجامعة المهندس علي النعيمي، وبعده وزير التعليم العالي السعودي خالد العنقري، ومن ثم رئيس الجامعة البروفيسور السنغافوري تشون فونغ شيه.

ولاحقاً تناول الملوك والأمراء والرؤساء العشاء على مائدة الجامعة، وتم إطلاق ألعاب نارية. وبعد نهاية الحفل ظهرت منارة في وسط الجامعة على شكل شعلة، في إشارة إلى الدور المأمول من الجامعة وهو أن تنقل نور العلم إلى العالم. وتتضمن الاحتفالات، التي تستمر على مدى يومين، عقد ندوة اليوم بمناسبة الافتتاح بعنوان «الاستدامة في عالم متغير».

يُذكر أنه في غضون ثلاث سنوات فقط، أنشأ السعوديون مباني متطورة جدا لتشكل حرم الجامعة على مساحة 36 كيلومترا مربعا، على بعد ثمانين كيلومترا شمال مدينة جدة على البحر الأحمر. كما أدخلوا إلى الصرح الجديد مئات العلماء والطلاب من مختلف أنحاء العالم.

وتحظى الجامعة بحواسيب فائقة التطور والسرعة، إضافة إلى تجهيزات تقنية من الأحدث في العالم، بكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار. وتقتني كمبيوتر «الشاهين»، وهو الاسم العربي للصقر القناص، ومعروف أنه يملك سرعة في الانقضاض تصل إلى 213 ميلاً في الساعة.

ويعتبر هذا الحاسوب سادس أسرع حاسوب في العالم، وأسرع حاسوب عملاق في المنطقة، ويعادل أسرع حاسوب في أوروبا وفقا لقائمة أفضل 500 نظام في صناعة الحواسيب. وتصل سرعته إلى 222 «تيرافلوب» أو 222 تريليون عملية نقطة عائمة في الثانية الواحدة. ونتج هذا «السوبر كمبيوتر» عن اتفاق مشترك بين شركة «آي بي إم» وجامعة الملك عبدالله، ويهدف المشروع إلى الوصول إلى قدرة الحوسبة العالية الأداء في الجامعة.

ويعمل في الحاسوب 36 وحدة معالجة مستقلة عبر شبكة ثلاثية الأبعاد ونظام تخزين فرعي يوفر 109 «بيتا بايت»، وفيه آلة سرعتها تصل إلى واحد «بيتا فلوب» ستنفذها الجامعة والشركة خلال السنة أو السنتين القادمتين.

وسبق للجامعة أن أطلقت برامج مشتركة للأبحاث مع مؤسسات عريقة مثل جامعة سنغافورة الوطنية والمعهد الفرنسي للنفط وجامعتي كامبريدج البريطانية وستانفورد الأميركية. كما أنشأت الجامعة وحدات للأبحاث خاصة بها، وذلك في مجالات تكنولوجيا النانو والرياضيات التطبيقية والطاقة الشمسية وعلم الجينات.

وتُعطى الدروس في الجامعة باللغة الإنكليزية. وهي بدأت في سبتمبر الماضي مع 71 أستاذاً و374 طالباً، يشكل السعوديون بينهم نسبة 15 في المئة بينما يأتي الباقون من ستين بلداً. واستعان السعوديون بعلماء وأكاديميين رفيعي المستوى، لاسيما من الولايات المتحدة لإطلاق عملية توظيف الأساتذة وقبول الطلاب. وستحظى الجامعة بوقف بقيمة عشرة مليارات دولار بهدف تمويل الأبحاث، وقد سمح هذا الوقف للجامعة بدفع رواتب مرتفعة للعاملين فيها وبتقديم منح دراسية للطلاب.

إلى ذلك، أكد سفير دولة الكويت لدى المملكة العربية السعودية، الشيخ حمد جابر العلي الصباح، أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ستكون منارة علمية جديدة تضاف إلى رصيد المملكة العربية السعودية ودول الخليج والدول العربية ودول العالم.

وأشار الشيخ حمد الجابر في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) على هامش مشاركته في حفل الافتتاح، إلى أن الجامعة ستكون «مصدر إشعاع ثقافي وعلمي وبحثي متطور، وستعمل على إتاحة المعرفة لجميع الدارسين والباحثين العرب والأجانب».

وأشاد الشيخ حمد بـ«النهضة التعليمية الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي».

وأعرب حمد عن «سعادة دولة الكويت بهذا الإنجاز السعودي في مجال البحث العلمي»، مشيراً إلى أن «مشاركة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله في هذا الحفل تؤكد مدى مباركة وسعادة دولة الكويت بهذا الإنجاز العلمي السعودي الذي تحقق بإنشاء الجامعة».

وأشاد السفير الكويتي بـ«دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأبناء الكويت في مجال دراستهم في الجامعات السعودية، إذ يدرسون جنبا إلى جنب مع إخوانهم السعوديين والعرب والأجانب». واعتبر أن «الجامعة ستُحدث نقلة نوعية في مجال التعليم العالي، وستكون امتدادا لمجهودات خادم الحرمين الشريفين السابقة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وستكون محل استفادة لأبنائه وأبناء المنطقة».