الانهيار العصبي، أحد أبرز أمراض العصر، لا يقف عند سن معينة أو فئة مجتمعية محددة، إنما قد يصيب الأطفال والمراهقين والشيوخ على حد سواء، وهو بات ملازماً اليوم للضغوط والتوترات التي تفرضها الحياة المعاصرة في العائلة، في العمل، وفي العلاقات الاجتماعية... وحده الحوار بين المريض ومحيطه وأسرته يمكن إخراجه من محنته، على أن يترافق بالطبع مع علاج يشرف عليه الطبيب الاختصاصي. الانهيار العصبي مرض نفسي يصيب باكتئابٍ عميق ومزاج سيئ وعدم مبالاة بالنشاطات وإحساس حادّ ومزمن بالإرهاق والأرق والأفكار السوداوية. تترافق هذه الاضطرابات مع تقلّبات مزاجية تتفاوت حدّتها ونسبتها ومدتها (بين أسابيع وأشهر) تسبّب معاناة نفسية وتغيّراً في الأداء الاجتماعي. لا ينجم الانهيار العصبي عادةً عن صعوبات الحياة، فقد يرتبط بالتوتر الحادّ والمستمر أو بفترات معينة من السنة أو الحياة. تنعكس أعراضه بشكلٍ ملحوظ على أداء الوظائف اليومية، وتتأثر علاقات المريض الاجتماعية والزوجية والأسرية وحتى علاقاته مع أصدقائه وزملائه.يصعب على الأشخاص الذين يحيطون بالمريض فهم حالته المرضية، ما يدفعهم إلى الارتباك والقلق، إذ يصعب عليهم اختيار طريقة التصرّف الصحيحة لمساعدة المريض من دون الإضرار بأنفسهم. لا ينمّ هذا المرض عن ضعفٍ في الشخصية، لكنّ لا تكفي الإرادة وحدها للتغلب عليه، ذلك أن هذا المرض يولّد لدى المرء شعوراً بالدونية وأفكاراً سوداوية.شائع وغامضالانهيار العصبي أحد الأمراض النفسية الأكثر شيوعاً، إلا أنّ نصف المصابين به تقريباً يجهلون حالتهم. تعتبر نسبة لجوء الرجال والشباب والمسنّين إلى الطبيب متدنّية، ويجهل مرضى كثر إلى من يتجهون أو ما هي الإجراءات المتبعة. كيف يمكن تخطّي الانهيار والكآبة؟العلاج بالأدويةالأدوية هي الحلّ الأكثر شيوعاً ضدّ الانهيار. تعمل مضادات الاكتئاب على السيروتونين وناقلاتنا العصبية وتستلزم بعض الوقت قبل إعطاء المفعول المطلوب، كذلك يجب المرور بمرحلة أولية للتأكد مما إذا كانت كمية الدواء ونوعه مناسبين. ينصح الاختصاصيون المرضى بمتابعة العلاج عن كثب وعدم التوقف عنه فجأة، فهذا النوع من العلاج طويل الأمد، حتّى لو شعر المريض بتحسّن سريع، يجب المثابرة عليه. كذلك، توصف جرعات من الليثيوم للمرضى الذين يعانون أعراض الهوس الاكتئابي. على رغم صعوبة تحديد الجرعات الملائمة والغموض الذي يلفّ طريقة عمله، يمكن القول إنه دواء فاعل جداً.العلاج النفسييُنصح به للمراهقين والبالغين على حدٍّ سواء، إلا أنه لا يكفي وحده في حالات الانهيار العصبي الحاد، وله فائدة كبيرة لدى الأشخاص الذين يطاردهم القلق بشأن العلاقات. يندر ألا يترافق العلاج النفسي مع العلاج بالأدوية ويمكن اللجوء إلى التحليل النفسي أو العلاج التصرفي أو الإدراكي، لكن الأهم أن يتم العلاج طواعية وبمرافقة أسرة المريض ودعمها. أساليب أخرىيوصي الأطباء بأمور أخرى، إنما لا يمكن تطبيقها إلا في مراحل ما بعد العلاج. هنا يجدر القول إنّ مفاعيل الأنشطة البدنية جلية، فالعودة إلى إدراك أجسادنا مهمة لدمجنا في عالم الأحياء. من المعروف أنّ ممارسة الرياضة، ولو لفترة قصيرة، تطلق هرمونات تمنحنا مزاجاً جيداً، لذا يدمن كثر عليها، أليست أفضل من إدمان المهدئات؟في حالة الاكتئاب الموسمي، يعاني المريض من الخمول ويبحث عن الأمكنة المظلمة، من هنا يشكّل الخروج في نزهاتٍ الحلّ الأمثل، لكن لا يتمّ ذلك ما لم يتخطَّ المريض مرحلة الانهيار القصوى أولاً عبر الأدوية.الانغلاق على الذات والصمت أحد أبرز الأسباب التي تفاقم وضع المريض، لذا يشدد الأطباء النفسيون على ضرورة أن يفضي المريض بمكنونات قلبه إلى الأسرة أو الأصدقاء أو الطبيب، لأنه بذلك يختصر طريقة المعاناة ويسير على طريق الشفاء، ويتأكد من أن عجزه ليس إلا حالة موقتة.يعاني المريض غالباً من اختلال في نظامه الغذائي يسبّب له الهزال ويفاقم حالته المرضية، لذا ينصحه الأطباء النفسيون بالحفاظ على توازن غذائي غني بالفيتامينات والأحماض الأمينية.قد يواجه أشخاص معينون وضعاً صعباً في العمل يجعلهم فريسة التوتر والقلق ويوقعهم في الاكتئاب أو الانهيار العصبي، في هذه الحال يصبح البحث عن عمل جديد إحدى أبرز الأولويات، كذلك الأمر بالنسبة إلى المشاكل العائلية التي يجدر الإسراع في حلّها تجنباً لتأثيرها السيئ على النفسية.مهما تكن الأسباب الكامنة وراء الانهيار العصبي من صدمات أو مشاكل أو غيرها، ليست الأدوية والعقاقير إلا حلاً موقتاً.مضادات الاكتئاب تنتمي مضادات الاكتئاب إلى الأدوية ذات التأثير النفسي، وقد طرأ عليها تغيير كبير منذ ظهورها الأول في أواسط القرن العشرين. تؤثر على الحالة النفسية وقد تحفّز على النوم وفقاً لحاجة المريض. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأدوية لا تشبه المخدّر الذي يجب زيادة كميته بانتظام للحفاظ على المفعول نفسه، لذا لا تسبب الإدمان. من أبرز أنواع المضادات: - مثبطات امتصاص السيروتونين ومنها البروزاك (Prozac) والزولوفت (Zoloft).- مثبطات الأنزيم الأحادي الأمين، قد تحدث تغييرات غير مرغوبة على الناقلات العصبية الأخرى ما يستلزم مراقبة غذائية؛ لذا لا تستعمل هذه الفئة من الأدوية في حالات الانهيار الحادة نسبياً، ولا يجوز تناولها مع أي دواء من الفئات الأخرى. - مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات على غرار الأنافرانيل (Anafranil) والأتيميل (Athymil)، وقد تكون مضرة لمرضى القلب.أنواع جديدةتظهر باستمرار أنواع جديدة من مضادات الاكتئاب ذات مفعول مزدوج من بينها الميرتازابين (Mirtazapine). - مضادات الذهان التي لا تستخدم إلا في حالة التوعك القصوى أو فقدان الوعي.- المهدئات التي تعتبر دواءً تقليدياً وشائعاً. مهما تناول المريض من أدوية، يبقى الأهم أن يسير وفق العلاج الذي يصفه له الطبيب، ولا يجوز التوقّف عنه بطريقة فجائية.
توابل - Fitness
الانهيار العصبيّ... علاجه ليس مستحيلاً
21-07-2010