خلّف الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب وراءه أوراقاً خاصة، ومدونات في الحياة والسياسة والفن، كان قد كتبها على مراحل قبل وفاته. وبحسب قرينته السيدة نهلة القدسي، فإنه بدأ في كتابتها بعد زواجهما مباشرة. وبعد مضي ما يقرب من عشرين عاماً على رحيل الموسيقار المبدع، يتصدى الشاعر فاروق جويدة لهذه الأوراق، وبإيعاز من القدسي لتصدر في كتاب عن دار الشروق يحمل عنوان: «محمد عبدالوهاب: رحلتي الأوراق الخاصة جداً». يؤكد جويدة في تقديمه أن الكتاب ليس مذكرات شخصية، لأنه لم يبق من حياة عبدالوهاب ما لم يطلع الناس عليه، بل هو يحوي آراء سياسية حادة، وفنية جريئة وصريحة وقاطعة، وفيها تعرية لجوانب كثيرة من حياتنا، نخجل من الحديث المباشر عنها. ويقسم جويدة الكتاب إلى خمسة محاور أساسية، تدور حولها مجمل آراء عبدالوهاب. المحور الأول يتضمن رحلته الخاصة مع الفن وخواطره بشأن الموسيقى العربية والعلاقة بينها وبين الموسيقى الغربية، المحور الثاني يتعلق برحلة عبدالوهاب مع الناس، خاصة المشاهير منهم. أما المحور الثالث فهو مخصص لرحلة عبدالوهاب مع المرأة، وهي من أصعب الموضوعات لأنه عالجها بوضوح شديد، متطرقاً إلى الجنس والحب والزواج. المحور الرابع يحوي رحلة عبدالوهاب مع السياسة وآراءه في هذا الجانب. ويتطرق المحور الخامس إلى آراء عبدالوهاب ومواقفه الحياتية بشكل عام."الجريدة" تقدم لقرائها في حلقات متتالية رحلة محمد عبدالوهاب كما وردت في أوراقه الخاصة. تكشف الحلقة التاسعة من أوراق عبدالوهاب عن آراء ساخرة وجريئة في الوقت ذاته خصوصاً في ما يتعلق بالمتعة الجنسية، ودور الروح أو العقل فيها، سارداً بشيء من التفصيل الفروق النفسية والجسدية بين المرأة والرجل، بما يكفل استمرار الحياة الزوجية وإنجاب الأبناء، ويتحدث كذلك عن الحموات والفروق بين أم الزوجة وأم الزوج، لناحية نظرتهما إلى الزوجين.لماذا تعشق المرأة الفنان؟ما السبب في حب المرأة للفنان؟السبب أولا أن المرأة تحب اقتناء الشيء الغالي الثمين، والفنان شيء غال وثمين.وتحب المرأة اقتناء الشيء الذي لا يكون عند غيرها، أو انها تقتني الشيء الذي تستحوذ عليه وتنتزعه من الناس ويكون لها وحدها. وتعتبر ذلك نصرا بالنسبة لها. انه تكريم لجمالها وأنوثتها.والشيء الآخر هو المهم أن الفنان فيه عنصران متناقضان. فيه الروح بأسمى ما تكون فيها المشاعر، من الاحساس، والأحلام، والخيال، والحب «الحرّاق» وفي الوقت ذاته فيه المادة الصارخة. إنه يعيش الروح بأسمى ما فيها ويحلق بها الى السماء ويعيش المادة بأحط ما فيها على الأرض. عنصران قل أن يوجدا في شخص واحد.والمرأة لا تستغني عن أحدهما، فالمرأة تحب الحب، وتحب العاطفة، وتحب الأحلام، وتحب أيضا الجنس بشراهة، إنها الدنيا بروحها السامية وبمادتها الهابطة.هذان النقيضان قل أن يوجدا في شخص واحد، فلو حصلت عليهما المرأة وهما غالبا في الفنان فستحتفظ به بكل قوتها.الفنان بما فيه من روح صارخة، وما فيه من مادة صارخة، المرأة تحب ان تنعم بالعاطفة الرقيقة الحالمة فإن فيها الحب الذي لا يمكنها الاستغناء عنه وتحب ان تستمتع بجسدها ففيه الارتواء الممتع.والمرأة كأم عاطفية تحب الحب، تحب الخيال، تحب البكاء والحزن. وهي كأنثى تستقبل المتعة الجنسية صافية، تحب لجسدها الارتواء العاصف والدائم والمتوحش.وهي إذا عاشت مع رجل يغلب عليه الجنس فقط، فإنها تبحث عن اخر يشبعها عاطفيا، وإذا عاشت مع رجل تغلب عليه العواطف تبحث عن آخر يشبعها جسديا، ولا يوجد رجال كثيرون فيهم العنصران المتناقضان إلا القليل جدا.والفنان فيه العنصران، فهو بحكم أنه فنان فهو حساس، عاطفي يحلق في السماء، خيالي وهو كمتذوق للمتع يفهم في الماديات فهو يعيش حياته بالعرض إنه نهم في طعامه، وفي شرابه، ونهم في كل متعة مادية في هذه الحياة، وهو أيضا نهم في الجنس. فهو عاطفي يحلق بحبه إلى السماء، وفي الجنس يهبط بمتعته إلى الأرض.غضب الحمواتحماة المرأة، أي أم زوجها غير حماة الرجل، أي أم زوجته.فأم الزوجة تحب زوج ابنتها أكثر من الحماة الأخرى، لأنها أنثى كابنتها تحس بإحساسها وتشعر بمشاعرها وما يُسعد ابنتها يُسعدها، فهما من فصيلة واحدة وخلق وسلوك واحد وتصرف واحد، لذلك نجد أن الحماة أم الزوجة تسعد كل السعادة عندما تعلم أن ابنتها سعيدة مع زوجها ومتوافقة معه بمشاعرها الروحية وأحاسيسها المادية.وأما الحماة أم الزوج الفعلي فعلى العكس لأنها من غير جنس ابنها، فهي أنثى وابنها ذكر، ومن الطبيعي ان تحذر من زوجته وتخشى عليه منها.حذاء المرأةعجيب أمر المرأة، فنحن الرجال إذا طلع لأحدنا "فسفوسة" أو "دمّل" صغير في جسمه انزعج، وضاقت الدنيا به، وأقام الدنيا وأقعدها، والمرأة يطلع لها بني آدم، إنسان في بطنها فتكون في منتهى السعادة والهناء والبهجة.وأكثر من هذا ففي قوة تحملها أشياء مذهلة. مثلا لو جئت برجل قوي مثل كلاي. وألبسته "جزمة" بكعب عال كالتي تلبسها المرأة مدة ساعة واحدة لقضى في الفراش طول اليوم ليرتاح من هذا العذاب الذي تحمله في لبس الجزمة الحريمي.لن يختار أحد أبناءهلو أمكن للأب ان يختار أولاده قبل ولادتهم فلا شك أنه يتصور أن في ذلك راحة له. ولسوف يختار من وجهة نظره الابن المثالي خلقا وسلوكا وشخصية ويختار الشكل الذي يريده له، إلى آخره.والأب يعتبر الابن امتدادا له ويهمه أن يكون هذا الامتداد مثاليا في كل شيء. وسيختار لابنه ما يتصوره من محاسن فيه ويبعد عنه ما فيه من عيوب ولكن هل في هذا مثالية للحياة وهل هذه حكمة الدنيا؟ أبدا، إن الله سبحانه وتعالى له حكمة في الاختلاف الذي خلق عليه الإنسان، وهذا التباين بين الناس والأمم له حكمته، فالحياة لا تستقيم ولا تحقق حكمة وجودها إلا في هذا الاختلاف وإذا استطاع الإنسان أن يختار ابنه أو أولاده قبل خروجهم إلى الحياة لأصبحت الحياة متشابهة رتيبة لا معنى لها فلا صراع بين خير وشر، حياة لا طعم لها، ولن يكون هناك امتحان بين الإنسان والشيطان، للجزاء بالجنة والعقاب والنار، وهي حكمة الدنيا، حكمة الأرض، حكمة الله.الجنس عندي متعة الروح قبل الجسدمعجزات الله سبحانه وتعالى كثيرة... ومعجزة البصمة معروفة فلا توجد بصمة لإنسان تشبه بصمة لإنسان آخر في هذا العالم من عهد آدم الى الآن.وتوجد معجزة أخرى هي معجزة الوجه، فالوجه عينان وحاجبان وأنف وشفتان وأسنان وشعر. كل وجه في العالم لا يزيد على هذا،ومع ذلك لا يوجد وجه في العالم يشبه تمام الشبه وجها آخر، والمعجزة انك تعلم من هذا الوجه، أو من هذه المرأة كل شيء، لأنك ترى ما في أعماق صاحبه من إحساس وحب وذكاء واخلاص ووجدان ومتعة، ومن نبرات الصوت كل شيء، الغضب، الراحة، إلى آخره.قسمات تعرف منها كنه هذا الإنسان وما يختبئ في داخله،وإذا التقى رجل بامرأة فإن سعادته تقاس بمدى ما تتمتع به هذه المرأة من روح شفافة ووجه صبوح.وعلى سبيل المثال إذا كانت هناك معجزة تفصل الإنسان شطرين وأردت أن تصادق شطرا من الشطرين، فإنه لا يمكن ان تصادق مثلا بطنا ورجلين وأصابع، انظر إلى هذه الأشياء فإنك لا تفهم شيئا منها جسم خلايا انسجة مترابطة تحيا على عطاء الشطر الاعلى من الجسم اشياء لا تعاشرها.ولهذا فإن قسمات وجه المرأة مثلا تثير في الرجل أحاسيس معنوية أكثر من الأحاسيس الجنسية، لأن قسمات وجهها متحركة ومعبرة تعبرعن نفسها وما جبلت عليه، فعيناها مثلا يمكن أن تفهم منها هل هي رحيمة... قاسية... وفيّة... شريرة، لأن عينيها تتحركان لتعبرا عما فيها. ومثلا فمها ايضا يعبّر فهو ينفرج ويلتئم فتفهم منه ما في داخلها... فهو ينفرج قليلا مبتسما. ويلتحم فتفهم منه الإرادة القوية ويتبدل ويتغير وفي كل مرة له معنى. أو بمعنى آخر معناها هي، أما باقي قسمات جسدها فهو يثير الجنس. فرق كبير بين أعضاء يحركها الإحساس والوجدان الداخلي كالعينين والفم واليدين وبين الأرجل التي تتحرك بتلقائية غريزية.وليست المتعة في الجنس إنما الروح... في الوجه المعبر عما في الأعماق بالعينين بالشفتين بالصوت بالاحساس بالوجدان بالاخلاص بالعقل بالألفة بالترابط كل هذا وغيره روح وواجهتها الوجه، والمتعة ألفة روحين أولا...وفي تقديري أن الإنسان المؤمن يتمتع بجهازيه النفسي والعصبي وبالتالي فهو قادر على الإشباع أكثر من غيره لأنه هادئ الطبع يرضى بما قسمه الله له، ليس قلقا ولا ثائرا على شيء، فهو راض بما يعطيه الله له، تراه دائما راضيا عما يقوم به، لا شيء ينغص عليه تصرفاته فهو قرير العين، كل هذه الصفات تجعله قوي "النفسية"، والجنس قوة نفسية أما غير المؤمن القلق الثائر الذي لا يرضي عن شيء حتى عن نفسه فهو في حالة نفسية رديئة...باختصار شديد، قوة الجنس في راحة البال ومن أولى براحة البال مثل المؤمن الذي لا يغضب الله ويعيش مرتاح الضمير.... ولقد قال الله تعالى في القرآن الكريم "نساؤكم حرث لكم" أي أن المرأة كالأرض تبسط نفسها لمن هو كفء لها، وعلى الرجل أن يحمل الفأس ويسقيها بالماء ويلقي البذرة ويقلمها ويحرثها... تعب... مسؤولية... عرق.فالرجل هو المعطي والأرض هي المستقبلة، فالرجل هو المسؤول عن العطاء والمرأة هي المستقبلة للعطاء.الرجل هو المهموم بمتعة المرأة، وعليه يقع هذا العبء الذي يبعده من أن تكون متعته متعة صافية لا تفكير فيها. أما المرأة فلا يقع عليها هذا الهم لأن متعتها صافية.الزواج السعيد... أن يختلفالزوجان أحياناًكثيرون يتصورون أن الزواج هو التحام والتصاق مستمر، أي على رأي المثل، روح واحدة في جسدين، الزوج يتصور أن زوجته ينبغي أن تكون على خلقه وفهمه وطباعه ورغباته، تحب ما يحب، وتكره ما يكره، والزوجة أيضا ترى أن الزوج ينبغي أن يكون على طباعها وفهمها ورغباتها، ويتصورون أن هذا هو الزواج الموفق.وهذا ليس طبيعيا، فمن غير المعقول ان الإنسان الذي جاء من بيئة معينة وأخلاق اكتسبها من أبويه وأصحابه، يتزوج زوجة من بيئة أخرى في جوها، وفي فهمها وفي خلقها وفي تطلعاتها، ويريدها نسخة منه، ولكني أرى أن الاختلاف في بعض الأمور بين الزوجين هو توفيق في الزواج.فالزوجة يجب أن تظل امرأة، كما هي والزوج يجب أن يظل رجلا، وكلما ظهرت هذه الفوارق الطبيعية والضرورية بين الذكر والأنثى، كان هذا الاحساس في حد ذاته متعة، وضرورة لبقاء الزواج.وإذا أخذنا بالمثل القائل "روح واحدة في جسدين" فمعنى هذا أن الرجل يتزوج رجلا والمرأة تتزوج امرأة مثلها، والزواج الموفق كوتر العود.والواقع ان هذه التسمية "وتر العود" غير دقيقة، لأن كل وتر في العود به فتلتان متجاورتان تكادان تلتصقان ببعضهما وهما في حجم واحد من نوع واحد وفي سمك واحد.ومهمة العازف قبل ان يعزف هو ان يساوي فتلة على الاخرى بدقة بحيث اذا ضرب على الفتلتين يخرج الصوت منهما وكأنه من فتلة واحدة، بحيث انه لو ارتفعت فتلة او انخفضت عن الأخرى وضرب عليها العازف تعطي صوتا نشازاً مهتزاً لا يطاق سماعه.والزواج الموفق ليس فيه نشاز، نراه مؤتلفا، مترابطا، منسجما، سليما، صحيحا، كصوت وتر العود الأمثل لا كالأوتار «الخُلف».وفي رأيي ان الرجل تجريدي، يحب الشهرة، المواقف الوطنية، النجاح، الاختراع، الخيال، وكلها مسائل تجريدية. اما المرأة فهي تحب الاشياء المجسدة. تحب المنزل، تحب الاطفال، تحب الملابس، تحب الأسرة. كلها اشياء مجسدة، ولذلك وكل لها الله سبحانه وتعالى استمرار بقاء العنصر البشري. بأن جعلها تحب السيطرة على الرجل. تحب استبقاءه لها، تحب ان تقبض عليه ولا يفلت من يدها، لأن الرجل لو تُرك وشأنه لا يهتم بأسرة ولا بزواج ويدور «على حل شعره» فلا تتحقق للحياة هذه الاستمرارية التي حققتها المرأة من خلال هيمنتها على الرجل واخضاعه الدائم لها، وهذا ما يفعله الزواج بالبشر.علمتني المرأة...• لا يمكن للرجل ان يقبّل امرأة ويشعر بشيء... وهو مفتح العينين.• توجد سيدات هاجرت منهن الأنوثة.• تظل الحبيبة في قلب الرجل... حتى يتزوجها فتصبح على قلبه.• يعتز الملحن كلما زاد عدد المرددين لألحانه... كما تعتز المرأة كلما زاد عدد المعجبين بها.• كرامة المرأة واستمرار نضارتها في أن تكون معشوقة... لا عاشقة.• لماذا لا نرفق مع كلمة فلان «ماشي» مع فلانة، كلمة فلان «زوج مساعد»• الرجل مخلص عاطفيا وإن لم يكن بالضرورة مخلصا جنسيا.• والمرأة مخلصة جنسيا... ولو انها في أغلب الأحيان غير مخلصة عاطفيا.• من لا يحب الانسان... لا يحب الله• التقاء الجسد بالجسد اسمى وارفع ما في الحياة... لأنه الخلود... انه استمرار البشرية... ولا يمكن ان يجعل الله الخلود من شيء هابط.• اكثر ما يسعد الرجل ان يجد الحب في داخل بيته... والاحترام خارجه.• الوجه الجميل كعنوان لكتاب جميل لم نقرأه بعد.• الرومانسية تعني المغالاة في الخيال... تعني تقديس العاطفة، تقديس الحب، وتجعل من العاطفة اساسا لكل تصرف.• اذا اعجب الرجل بامرأة، ولا اقول أحبها، فإن هذا الاعجاب في الواقع هو حب اكتشاف... مجرد اكتشاف... يريد ان يكتشف ما طعم هذه المرأة وهي مسترخية بين احضانه، فإذا حقق اكتشافه ادار لها ظهره ليبحث عن اكتشاف آخر.• انني اعجب بعيني ولكنني احب بعقلي وقلبي... يمكن ان اعجب بفتاة من بعيد ولكي أحبها لابد من معاشرة القلب والعقل معا.• الروح تشد الانسان الى السماء.• والجسد يشد الانسان الى الأرض.• الحب العميق حزين... ففي اوج لقاء الحبيبين وفي فرحة خلوتهما الوردية، يحس كل منهما في داخله بمتعة حزينة لا يعلم مصدرها.• كثيرا ما اطلب من زوجتي ان تذهب الى أية صديقة لها وتكلمني بالتليفون واتكلم معها طويلا وذلك من اجل ان اشعر بأنني احيا حياة العشاق، وكثيرا عندما تكلمني اطلب منها وارجوها ان تراني من وراء زوجها... اي من ورائي أنا (!!) يا لنا من اغبياء، نصنع الحب، وننسى اننا نحن الذين صنعناه ومع ذلك نصدقه ونحب.• الزواج الفاشل "طلمبة" قوة 120 فولت تركبها على فولت قوة 220 ضروري ان يحترق... ان يفشل... او بمعنى آخر... يحترق الزواج اذا لم يكن الفولت واحدا فلا فائدة منه.• يمكن للانسان ان يباشر العملية الجنسية وهو محلق في السماء... ويمكن ان يباشرها وهو يترنح في اوساخ الارض.• لو مشيت وراء منطق جسدي لكنت هلكت.
دوليات
الجنس متعة الروح قبل الجسد
11-03-2010