خلال العامين الماضيين وعلى فترات متفاوتة كتبت مقالين عن النائب حسين الحريتي، أحدهما بعنوان "قفوا للحريتي احتراماً" بعد تصويته ضد طرح الثقة بوزيرة التربية السابقة نورية الصبيح، رغم أن النائب المستجوب نائب عازمي، والآخر عنونته بـ"ها هو الحريتي فما أنتم فاعلون؟" أشدت فيه بعدم خوضه للانتخابات الفرعية في الانتخابات قبل الماضية وطالبت أهالي الدائرة الأولى بالتصويت له.
اليوم ورغم التحول الكبير "إلى الأسوأ" في أداء الحريتي السياسي، فإنني لست نادماً على تلك المقالات، لأنني في نهاية الأمر أقيم أداءً برلمانياً، ولست أقيم شخص الحريتي الذي أكنّ له كل تقدير واحترام، فإن مدحنا سابقاً، فنحن نمتدح أداءً، وإذا انتقدنا اليوم فإننا ننتقد أداءً أيضاً. الحريتي تغير كثيراً للأسف الشديد، وأصبح ملكياً أكثر من الملك، بعد أن أصبح المدافع الأول عن الحكومة في الشاردة والواردة، ونسي أن من أوصله إلى مقعده البرلماني هم الناخبون وليست الحكومة، رغم أنه ليس لديَّ أي تحفظ على أن يكون النائب "حكومياً"، ولكن أن يدخل النائب في خلافات وجدل وخصومات مع زملائه النواب من أجل سواد عيون الحكومة، فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً، ولا يليق بشخص كحسين الحريتي. في استجواب وزير الداخلية لم تقل الحكومة إن الاستجواب غير دستوري، بل قبلت بالمسألة وصعد الوزير إلى المنصة، بينما الحريتي يصرح في كل مناسبة بأن الاستجواب غير دستوري، وعندما "علم" أن الحكومة قررت المواجهة، "غيّر رأيه"! وفي موضوع رفع الحصانة عن مسلم البراك، استدعى الحريتي بصفته رئيساً للجنة التشريعية بعض النواب الذين عليهم طلب رفع حصانة للاستماع إلى أقوالهم، ولم يستدع البراك رغم أن ذلك "عرف" وليس واجباً على اللجنة، لكن الحريتي انبرى للهجوم على زميله النائب البراك في الجلسة، منتصراً لوزير في الحكومة يستطيع أن يدافع عن نفسه. حتى في موضوع المعاقين، لم تتحدث الحكومة خلال اجتماع مجلس الوزراء أو خلال اجتماعها بلجنة المعاقين البرلمانية عن قضية "التبعية" للنائب الأول أو لغيره، لكن الحريتي تولى المهمة في الجلسة، وكأنه بات من يفتح الملفات التي تخاف الحكومة أن تفتحها، فتبحث عمن يقوم بهذا الدور الذي أصبح علامة سياسية مسجلة باسم الحريتي! حتى في موضوع مأدبة غداء البراك للصحافيين البرلمانيين، لم يدخل جميع نواب الأمة طرفاً في هذا الجدل، عدا الحريتي والراشد بالطبع، وإن كنا لم نستغرب موقف "أبو فيصل" من واقع خط سيره الأخير، فإن إقحام الحريتي لنفسه في هذا الجدل دون بقية النواب الآخرين هو بمنزلة سقطة ضمن عشرات السقطات التي بات الحريتي يترنح فيها صباح مساء. قد يكون الحريتي يغازل الحكومة من أجل المنصب الوزاري، لذلك فهو يدافع عنها حتى لو كانت على خطأ، لكنني لم أتوقع أن يكون المنصب الوزاري "غالي" عند الحريتي لدرجة أنه يدافع عن الزميل نبيل الفضل في إطار دفاعه عن الحكومة، إلا إن كان الفضل يملك القوة والتأثير في متخذي القرار لتعيين وزير، فهذا أمر آخر.
مقالات
الحريتي... وسياسة خلط الأوراق!
07-02-2010