في ندوة جماهيرية أقيمت قبل شهرين في محافظة الأحمدي أخذ "عباس الشعبي" يهتف أمام الجماهير، حينها دار هذا الحديث بين رجلين مسنين من أهالي المنطقة، الأول: "هذا منهو اللي يصيح"، الثاني: "يارجال هذا عباس اللي دايم مع مسلم"، الأول: "منهو منه؟"، الثاني: "والله مدري يقالهم الشعيبي"!

Ad

الرجل المسن كان يعتقد أن "الشعيبي" وليس "الشعبي" هو اسم عائلة عباس الذي أجزم أن أغلب من يعرفونه عن قرب، وأنا أولهم، لا يعرفون اسمه الثلاثي، فكل ما يعرف عن عباس أنه ارتبط بـ"كتلة العمل الشعبي" قولاً وفعلاً وحتى اسما.

في كل مساء تقريباً أجتمع مع عباس ومجموعة "محفوفة" من الأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، تتمحور أغلب أحاديثنا عن عباس والمواقف التي يتعرض لها، وكل يوم أكتشف مدى طهارة قلب عباس وحبه لوطنه، وجرأته غير الطبيعية في التعبير عن رأيه في أي مكان وزمان.

يحدثنا عباس عن خادمته "ليلى" التي باتت تحفظ حتى الآن سبعين مادة من مواد الدستور الذي يريد البعض تعديله، وهي في طريقها لحفظ جميع مواده خلال شهر حسب ما هو متوقع لها، ونعرج أحياناً للحديث عن ابنه فاضل الذي أخذ من والده الشيء الكثير، وعن مغامراتهما السياسية وحروبهما الكلامية مع بعض الأطراف، ومنها رحلتهما براً على متن سيارة عباس، إلى سورية قبل عامين مع صديقين لهما. خلال الرحلة اختلف عباس وابنه فاضل مع صاحبيهما حول "الشعبي" ومواقفه السياسية، فقرر عباس تأديبهما بأن انسل هو وابنه من الشقة وحملا حقائبهما وعادا إلى الكويت، وتركا رفيقيهما يواجهان مصيرهما المجهول فيما يشبه "الكعب الدائر" بين مكاتب السفريات البرية والخطوط الجوية.

لا أنسى كذلك قصة عباس خلال الاحتلال الصدامي عندما أخذ ضابط عراقي سيارة ابن اخته عنوة وقسراً، فقام عباس وارتدى بشته وركب "قاريه"- تخيلوا هذا المنظر- وذهب لمفاوضة العراقيين، وبعد ساعة عاد عباس بالسيارة حاملا "القاري" في "الدبة" من دون بشته الذي ذهب رشوة للضابط.

ومنذ أن ارتبط عباس بـ"الشعبي" بات يتعرض لهجوم وغمز ولمز من "جوقة" الكتّاب إياهم، لدرجة وصلت إلى حد الاستهزاء به وازدرائه، تلك النوعية من الكتّاب لا تعادل عندي "ظفر الخنصر الأيسر لعباس الذي ما إن ينصحه أحد برفع قضية عليهم، إلا ويكون جوابه جاهزا "حقي منهم سآخذه من قاض عادل لا يظلم أحداً يوم القيامة".

عباس الذي عاشر "جماعة الطليعة" والمنبر الديمقراطي يقول لي دائما "كل من عرفته على مدى ثلاثين عاما "تغير عليّ"، هناك من غيّر مبادئه، وهناك من تغيّرت قناعته... إلا ثلاثة أحمد الخطيب وغانم النجار وأحمد الديين".

عباس "شيعي" أحبه السُنّة، حضري عشقه البدو، وطني على فطرته، لا يتصنع ولا يتكلف في ردة فعله، يحمل في قلبه حباً للكويت لو وزع على أهلها لشاهدت مرزوق الغانم يتجول بسيارته مع طلال الفهد على شارع البلاجات، ولرأيت عادل الصرعاوي يحضن سعدون حماد في "قاعة عبدالله السالم"، ولهالك منظر الحشود الجماهيريه التي ذهبت لمتابعة كلمة محمد باقر المهري في افتتاح المقر الانتخابي لمحمد هايف.