تعددت زيارات زعماء العالم وقادته إلى منطقة الأهرامات، وغيرها من آثار مصرية، إلا أن قاسماً مشتركاً واحداً جمع بينها في العقود الأخيرة، وهو مرافقة الدكتور زاهي حواس (الأمين العام لـ{المجلس الأعلى للآثار» بمصر) هؤلاء الزعماء إلى المنطقة، لا سيما أن شهرته كخبير ومستكشف بارع في عالم الآثار واسعة جداً، وقد جعلته صديقاً شخصياً للزعماء والقادة الذين زاروا مصر، ووقعوا في عشق حضارتها القديمة.

روى د. حواس لـ{الجريدة» تفاصيل رحلات مشاهير العالم إلى مصر، تحديداً إلى منطقة الأهرامات.

Ad

يقول د. حواس إن رئيس الولايات المتحدة أحدث عشاق الإهرامات، فـ 90 دقيقة أمضاها في رحاب منطقتي الأهرامات وأبي الهول، كانت كافية لدخوله قائمة عشاق الأهرامات من ملوك العالم ورؤسائه، بل ربما يتفرّد أوباما، بأنه الرئيس الأميركي الوحيد الذي وصل إلى غرفة دفن الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر.

لم تكن الاستعدادات في الرابع من يونيو (حزيران) الجاري لاستقبال أوباما بمنطقة الاهرامات عادية، لكنها كانت استثناية بالمقاييس كافة، ورغم أن تلك المنطقة توافد إليها مشاهير كثر، إلا أن زيارة أوباما كانت مختلفة حتى بالنسبة إلى د. حواس الذي استضاف العشرات من مشاهير العالم.

وتضم قائمة المشاهير من عشاق الآثار المصرية أسماء عدة من رؤساء ومسؤولين أميركيين، أبرزهم جيمي كارتر وريتشارد نيكسون ودافيد روكفلر، إضافة إلى عائلة الرئيس بوش (الأب والابن)، خصوصاً النساء، وعائلة الرئيس بيل كلينتون أيضاً. ومن الملوك الذين «يعشقون» الأهرامات ملك إسبانيا كارلوس وزوجته صوفيا وملكة هولندا بياتريس وإمبراطور اليابان أكيهيتو.

يحكي حواس عن ذكرياته مع زوار الأهرامات قائلاً إن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر كان أول رئيس يصطحبه إلى زيارة الأهرامات برفقة الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

ويضيف حواس: «عندما زار الرئيس الأميركي الأسبق دافيد روكفلر وعائلته الأهرامات، وكنت أخبرهم عن تفاصيل المنطقة، لاحظت فجأة وجود سيارة تتجه ناحيتنا وإذا به الرئيس السادات، فنزل منها وتوجّه نحونا وقال لروكفلر ممازحاً إنه سمع أنه يزور منطقة الهرم وقد توقف ليحييه».

ودافع حواس عن فكرة أن بناة الأهرامات هم الفراعنة ليدحض ما زعمه رئيس وزراء إسرائيل الأسبق مناحم بيجين من أن الهرم بناه اليهود. فعندما حضر بيجن إلى مصر كان حواس قد أعد مفاجأة. يقول في هذا المجال: «عندما جاء رئيس وزراء إسرائيل الأسبق لزيارة الأهرامات، ولأنه كان قد أعلن في نيويورك سعادته بزيارة الأهرامات التي بناها أجداده، كنّا نكرهه، لا سيما أنه يحاول أن يسلب منا أعز ما نملك لذلك}.

يضيف حواس: }آنذاك رافق المفتش ناصف حسن الرئيس خلال جولته في الأهرامات، فيما ذهبت أنا لمقابلة الصحافيينالمرافقين، وبمجرد وصولهم ألقيت محاضرة شرحت فيها متى جاء اليهود إلى مصر، وألا صلة لهم بالأهرامات إطلاقاً. بعد انتهاء الزيارة أمام أبي الهول سألت صحافية بيجين سؤالاً مباشراً بناء على معلومات زودتها بها: «هل ما زلت تعتقد أن اليهود هم بناة الأهرام؟». فأجابها: «أقول الآن إن المصريين هم بناة الأهرامات»، وحملت الصحف في عناوينها الرئيسة هذا الخبر».

معروف عن ملكة إسبانيا صوفيا شغفهاً بالآثار، فقد جاءت مع زوجها الملك كارلوس لزيارة الأهرامات مرات عدة، وصممت على الذهاب إلى مقابر العمال بناة الأهرام رغم أن الزيارة لم تكن ضمن جدولها، لذلك فقد احتار مندوب الرئاسة، بحسب حواس، ماذا يفعل حيال هذا التصرف المفاجئ من الملكة، وفعلاً تمت الزيارة خلال فترة كانت تعاني فيها السياحة المصرية من الركود، ما أنعشها قليلاً.

اللافت، أنه لزيارة مقابر العمال بناة الأهرام لا بد من اجتياز قرية نزلة السمان، ولنا أن نتصوّر أن ملك أسبانيا وملكتها يسيران داخل قرية مصرية لزيارة الحفائر!

ويضيف حواس: «أهديت للملكة كتابي عن المرأة المصرية القديمة، الذي سعدت بأن تكتب مقدمته السيدة الأولى في مصر سوزان مبارك. كذلك التقيت بالملكة مجدداً في افتتاح مكتبة الإسكندرية عام 2002، وعندما قابلتها وضعت معي برنامجاً لزيارة الآثار المصرية ومن ضمنه الذهاب إلى منطقة الهرم. كانت المفاجأة إصرارها على زيارة مقبرة كاي بالمدافن الغربية غرب هرم الملك خوفو، ثم ذهبنا إلى الهرم الثالث لنزور تماثيل رمسيس الثاني المكتشفة حديثاً، وطرحت عليّ الملكة بعض الأسئلة حول مقبرة أوزوريس. أخيراً، طلبت مني مرافقتها إلى مقابر العمال، وكانت تلتقط الصور بنفسها».

بياتريس

سُعد حواس كثيراً عندما أبلغه سفير هولندا في القاهرة أن الملكة والأمير سيحضران إلى مصر، وأن الملكة تريد زيارة مقابر بناة الأهرام: «كان الطلب غريباً، لكنني عرفت بعد ذلك من الملكة بياتريس أن الملكة صوفيا نصحتها بضرورة زيارة المقابر. آنذاك هبّت عاصفة رملية تسمى زوابع خماسينية وكانت شديدة جداً، ورغم ذلك حضرت الملكة وهي تضع قبعة وأبقت يديها على رأسها طوال الزيارة».

يؤكد حواس أن الملكة لطيفة جداً وخفيفة الظل للغاية، وقد تحدثا عن لعنة الفراعنة وعن زيارة الملكة صوفيا لمصر.

ومن الزيارات المهمة أيضاً زيارة هيلاري كلينتون مصر خلال فترة رئاسة زوجها بيل كلينتون، ورافقتها آنذاك السيدة سوزان مبارك. يعلّق حواس: «تحدثت هيلاري عن الأهرامات وأبي الهول، وبعد الزيارة مباشرة أرسلت إليّ صورة لنا جميعاً في إطار ومعها خطاب تشكرنا فيه، وبعد حوالى ستة أشهر أبلغتني السفارة الأميركية أن هيلاري وابنتها تشيلسي ستقومان برحلة إلى باكستان وتتوقفان في القاهرة لزيارة الأهرامات مدة ساعتين».

بحسب حواس، كانت الزيارة لطيفة، وقالت هيلاري إن الرئيس كلينتون حزين لأنه الوحيد في الأسرة الذي لم يزر الأهرامات، لكنه زار الأهرامات لاحقاً بصحبة جمال نجل الرئيس مبارك.

لرئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ذكريات أخرى مع الأهرامات تستحق أن يرويها حواس: «أراد بلير تمضية إجازة عيد الميلاد في مصر مع عائلته. آنذاك أخبرني السفير البريطاني في مصر أن الرئيس لا يرغب في الإعلان عن زيارته، لذلك لا يريد أن تنشر صورته وأسرته في الصحف، فقلت لـه إن السياحة في مصر الآن تعاني من الركود نظراً إلى الظروف العالمية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لذلك لا بد من نشر الصور، ومازحته قائلاً: «إذا لم يقبل سأرسل أثرياً بدلاً مني معهم».

يوضح حواس أن بلير كان يرتدي «تي شيرت» وسروال «جينز» أثناء الزيارة، و{دخلنا الهرم الأكبر وهو يحمل طفله بين يديه ومشينا برفقة زوجته وأولاده وأصدقائهم إلى شرق هرم خوفو».

زارت باربرا بوش الأهرامات أيضاً ومعها زوجات أولادها كلهم، ثم جاء نيل بوش وأسرته وألقى حواس محاضرة أمامهم في أحد فنادق القاهرة. يذكر حواس: «حضروا جميعاً في الموعد المحدد ما عدا نيل، وعندما دخل القاعة لم أجد أمامي إلا أن ألقنه درساً في احترام المواعيد وعدم دخول المحاضرة بعد أن يبدأ المحاضر في الحديث، وقد تلقى كل ما قلته بأدب شديد. ثم طلبت زوجة نيل أن تدخل هرم خوفو ليلاً، وكانت ممن يعتقدون في إعادة التجسّد».

وحول الأميرة الراحلة ديانا يقول: «كانت تعشق الحضارة المصرية القديمة، إضافة إلى تمتعها بخفة ظل وروح إنسانية رائعة، وقد أبدت خلال زيارتها الأهرامات اهتماماً شديداً بالتعرّف إلى التفاصيل كافة الخاصة بتاريخ المنطقة».