أكثر ما يميّز أفلام الموسم السينمائي الصيفي الأخير تركيزها على مناقشة الواقع، بين محاولة تغييره إلى الأفضل وتجاوز سلبياته أو التأقلم معه.في «ألف مبروك» أحدث أفلام الفنان أحمد حلمي جاء النقاش حول فكرة تغيير الواقع واضحاً، فيما حاول «طير أنت» من بطولة أحمد مكي الترويج لفكرة الرضا بالواقع كما هو أو التكيف معه، وهذا ما اجتهد صناع «الفرح» في التأكيد عليه أيضاً. هل دفعت الصدفة بهذه الأفلام كافة إلى مناقشة الواقع؟ يقول خالد دياب الذي شارك في كتابة «ألف مبروك»: «ليس من الطبيعي أبداً أن يرضى الإنسان بالواقع كما هو، خصوصاً إذا كان مليئاً بالأخطاء، سواء كانت بفعل الإنسان أو أوضاعاً سيئة من حوله، ففي الحالتين الاستسلام للواقع ليس الحل، بل المحاربة بهدف التغيير نحو الأفضل».ويضيف: «الأهم من ذلك الطريقة التي نحاول من خلالها تغيير الواقع، فبطل «ألف مبروك» مثلاً، في بداية الأمر كان قد قرر تغيير الواقع، لكنه بدأ خطواته بشكل خاطئ لذلك لم يتغير في الأمر شيء».اختياراتالسيناريست أحمد عبد الله مؤلف «الفرح» يؤكد وجود واقع من الصعب تغييره ويمكن تقبله كأن يولد المرء بعيب خلقي غير قابل للعلاج، في هذه الحالة عليه أن يتأقلم مع الواقع ويتكيف معه ويرضى به.ويتابع: «مثلاً في «الفرح» لا يمكن للبطل أن يتعامل مع وفاة والدته ببرودة أعصاب، فهذا ليس موقفاً عرضياً يمكن تجاوزه، لأن موت الأم كان وسيظل في وجداننا أقرب إلى الكارثة، أي أنه واقع أليم لا يمكن أن نتجاهله، لكن البطل تجاهله وتصرف بشكل خاطئ. لا أطالب بفكرة الخضوع للواقع مهما كان مؤلماً، بل أطالب بأن يتم التعامل معه بالشكل السليم كي نتغلب عليه ونعالجه قدر الإمكان».في المقابل، يقول مؤلف «طير أنت» عمر طاهر: «الواقع الذي نواجهه في مصر غير قابل للتغيير، يسوده جهل وتلوث وفقر... وكل ما نستطيع تقديمه في السينما محاولة الإشارة إليه من منظور آخر نستطيع عبره أن نتحمل حياتنا».ويوضح طاهر أن هدفه من «طير أنت» لم يكن مناقشة الواقع، بل تقديم فيلم مضحك وخفيف، وليس معنياً بسبل تغيير الواقع.بدورها، تؤكد الكاتبة فتحية العسال على «ضرورة أن تتحدث السينما عن «التغيير» إذا تناولت الواقع ورصدته تأملاً وانتقاداً، ولا يجوز الترويج سينمائياً لفكرة القبول بالواقع والرضا به، خصوصاً في ظل ما نواجهه في مصر اليوم أو في العالم العربي عموماً، فكيف نتجاوز كل ما يحيط بنا من سلبيات ونطالب الجمهور أن يتعامل معها وكأنها ليست موجودة؟ كيف نجرؤ على مطالبته بالتأقلم معها؟
توابل
السينما... بين رفض الواقع والتأقلم معه
27-07-2009