أكد سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، في كلمته أمام القمة الخامسة عشرة لـ"حركة عدم الانحياز"، التي افتتحت أعمالها في مدينة شرم الشيخ المصرية أمس، أن "الكويت تتابع باهتمام تطورات الأوضاع في العراق، والتي شهدت تقدماً ملحوظاً على صعيد الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، مؤكدة استمرارها في دعم الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لتحقيق المصالحة الوطنية وفرض الأمن في جميع المحافظات العراقية، بما يساعد على عودة العراق لأخذ مكانته الطبيعية في محيطه الإقليمي والدولي".

 وقال سمو الأمير، إن الكويت تؤكد "تطلعها إلى تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع العراق الجديد على أساس علاقات مبنيّة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار والالتزام بقرارات الشرعية الدولية".

Ad

وكانت قمة "حركة عدم الانحياز" افتُتحت بحضور ممثلين عن أكثر من خمسين دولة، إذ ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية بظلالها على معظم الكلمات، فضلاً عن الأوضاع المتفجرة التي تشهدها الدول النامية، بدءاً من القضية الفلسطينية التي تمرّ بإحدى أخطر مراحلها مع وصول اليمين الإسرائيلي المتشدد إلى الحكم، مروراً بالأوضاع في مجمل القارة الإفريقية، وصولاً إلى إيران وملفها النووي والأوضاع في أفغانستان وباكستان، إلى جانب الاستقرار النسبي الذي تعيشه دول أميركا اللاتينية، الذي لا يخلو من بعض الهزّات وآخرها الانقلاب في هندوراس.

وركَّزت القمة في يومها الأول، على العديد من القضايا التي تسيطر على اهتمام الدول الأعضاء، إذ شدد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية، على ضرورة وقف استغلال الدول الكبرى لأزمة الغذاء لرفع الأسعار بما يفوق قدرات الدول النامية، كما أكدوا أن الدول النامية تدفع بسبب الأزمة المالية العالمية فاتورة باهظة لأخطاء لم تقترفها أو تشارك فيها.

ودعا الرؤساء في كلماتهم إلى إقامة نظام دولي جديد أكثر توازناً، يأخذ في الاعتبار مصالح دول الجنوب النامية، لافتين إلى أن هناك مجالاً واسعاً لإسهام الحركة في توفير الأمن والسلم والرفاهية في العالم.

وقال الرئيس المصري حسني مبارك في كلمته، إن "وجهة الحركة في السنوات المقبلة ستكون تحقيق السلام والتنمية للدول الأعضاء فيها"، داعياً إلى "قيام نظام دولي جديد يحقق مصالح الجميع ويرسي ديمقراطية التعامل بين الدول"، ومشدداً على  الأهمية التي توليها حركة عدم الانحياز لحل النزاعات في الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأكد سمو الأمير في كلمته، على التزام الكويت بـ"مبادئ وأهداف الحركة، وعلى دورها البارز الذي تقوم به في مواجهة التحديات والمخاطر الدولية، وتنسيق مواقف الدول الأعضاء في الحركة في المحافل الدولية بما يحقق ويدافع عن مصالحها ويعزز من قدراتها في التأثير على القرارات التي يتم اتخاذها"، مشيراً إلى أن "العالم اليوم يشهد بروز تحديات ومخاطر دولية جديدة تعيق وتعطل جهود التنمية المستدامة في كثير من الدول، وعلى وجه الخصوص الدول النامية، أهمها الأزمة الاقتصادية والمالية والأزمة الغذائية وظاهرة التغير المناخي، إضافة إلى التحديات الأمنية كالإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وانتهاكات حقوق الإنسان".

وتحدث سموّه عن الأزمة المالية العالمية، قائلا: "لقد استحوذت الأزمة المالية العالمية على اهتمام المجتمع الدولي وبُذِلت جهود حثيثة من دول عدة وتجمعات لمواجهة التداعيات السلبية لهذه الأزمة ووضع الحلول المناسبة للخروج منها بأسرع وقت ممكن، وللتخفيف من آثارها خاصة على اقتصادات الدول النامية"، داعياً إلى "مواصلة هذه المساعي لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي والمؤسسات المالية الدولية بشكل يضمن تعزيز مشاركة الدول النامية في عملية صنع القرار وتمثيل أوسع يتناسب مع حجم هذه الدول وتأثيرها في النظام الاقتصادي العالمي".

ولفت سموّه إلى أن الكويت تواصل "تقديم المساعدات التنموية للدول النامية انطلاقا من قناعتها بأن النهوض باقتصادات الدول النامية سيعود بالمنفعة على الجميع ويوسّع من آفاق الشراكة والتعاون، ويعيد من متانة النظام التجاري والاقتصادي العالميين، ويتغلب على بعض آثار وتداعيات الأزمة الاقتصادية على الدول الفقيرة والنامية". مذكِّراً بأن الكويت أطلقت خلال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الذي انعقد في الكويت خلال الفترة من 19 إلى 20 يناير 2009 "مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والقائمة على استغلال الموارد المحلية المتاحة من سلع وخدمات برأسمال قدره مليارا دولار، وقد ساهمت دولة الكويت في هذا المشروع بمبلغ 500 مليون دولار لتفعيل انطلاقة هذه المبادرة التنموية".

وأشار سموّه إلى أن "تحقيق التنمية يتوقف إلى حد كبير على قدرة دول الحركة والمجتمع الدولي على التعامل مع القضايا والتحديات الأمنية التي تشكل مصدراً دائما للتوتر، ولا يسعنا في هذا الصدد إلا الإشادة بموقف الحركة الحازم الثابت تجاه القضية الفلسطينية والمطالبة باستمراره بنفس القوة والعزم والإصرار، على أن يتم التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي العربية التي احتُلت عام 1967 وبما يؤدي إلى نيل الشعب الفلسطيني كل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس".

وجدد سموّه تأكيد "أهمية العمل الجاد لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كل أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية وضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع منشآتها لنظام التفتيش الدولي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع تأكيد حق دول المنطقة في الحصول واستخدام تكنولوجيا الطاقة الذرية للأغراض السلمية. وتدعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الرئيسية المعنية بالملف النووي الإيراني للاستمرار في الحوار الجاد والبنّاء للوصول إلى حل يكفل إزالة المخاوف والشكوك التي لاتزال تحيط بهذا الموضوع ومعالجة كل المسائل العالقة".