الزواج هو رباط مقدس ذكر في القرآن الكريم، وميثاق غليظ ليس من السهل فسخه والرجوع فيه، فعقد الزواج وإن كان رضائيا، فهو من العقود الشكلية التي يتطلب لانعقادها شكل معين فيرتب حقوق والتزامات على طرفيه، وقد شرعه ديننا الإسلامي صونا للحرمات وحماية للأعراض، وتنظيم للأنساب والنسل ووقاية للمجتمع فنحن نختلف عن الغرب في أننا نعتز بأنسابنا ونعرف أصولنا وانتماءاتنا، ونعرف تاريخنا، بينما الغرب والأمم الأخرى لم ترسم ضوابط ولم تضع حدودا لعلاقة الرجل بالمرأة، فبالتالي جرهم هذا الانفتاح والتحرر إلى أزمات أخلاقيه نتجت عنها حمل السفاح وزنا المحارم وجرائم الاغتصاب والأمراض العضوية والتناسلية الناتجة عن هذه العلاقات غير الشرعية.

فلا يخفى على أحد، فقد بات الزواج فناً شاقاً يحتاج إلى براعة ومثابرة مستمرين إلى بلوغ الهدف الأسمى وهو تكوين أسرة، ويحتاج كذلك من الأطراف إلى قطع شامل لكل الموجات الانحرافية والسلوك السلبي اللذين يزعزعان الثقة، ويفككان أركان الأسرة فتعد قوانين الضبط الذاتي والمراقبة المسؤولة لكل مرء هي المسؤولة عن إنهاء الخلاف والاختلاف ونبذ الفرقة والشقاق وتستبدل ثقافة النهاية والنضوب والموت بثقافة الجمال والإبداع والاستمرارية، فأحيانا يعد التنظير السطحي الاعتباطي غير المدروس من كلا الزوجين يؤدي بالعلاقة إلى العقم والتوقف، وهي جوهر الاختلاف عندما تستبدل لغة الحوار الراقي بلغة أسماك القرش.

Ad

فالزواج هو مسيرة عطاء لا تنضب وإخلاص لا حدود له وتضحية لا سقف لها، فالزواج هو نبع الإلهام وكنز من الذكريات التي رسبت في أعماق الإنسان، ففي الزواج يطرد الإنسان أوقات الوحشة والغلظة، ويتخطى أسوار الظلام، فالزواج المبني على أسس صحيحة يبعدك عن العواطف المعلبة والمشاعر المصطنعة والأحاسيس المزيفة إلى أحلام ورؤى لا آفاق لها، فأنا شخصيا قررت أن أعرف سر الحياة وسعادتها بكل أنماطها اللغوية، وبكل أنساقها فتقلبت في حياة متنوعة هزمت الصعاب وجاريت الشدائد وضحيت براحتي لتنعم أسرتي بالدفء والاستقرار مضيت في كل طريق في هذه الحياة، رافضا أن أكون كائنا زائدا مثيرا للقلق والأسئلة، استفز راحة وطمأنينة المجتمع بالرؤى والتصورات والأخيلة، ومن هنا ومن دون تخطيط مسبق اخترت طريق الألفة طريق الحب مع الآخر فمنحتني الحياة ما أريد، وأشكر الله تعالى على ذلك، لأننا بشر أولا وأخيراً ونحمل رسالة ألا وهي أن تحمل مسؤولية جيل كامل كما فعل آباؤنا وأجدادنا نغرس فيهم التضحية والإيثار لإسعاد الآخرين والاعتزاز بالنفس وتفعيل قيم الأخذ والعطاء والتحلي بالصبر والتمسك بأخلاق المسلم، فلم تكن الحياة يوماً سهلة، فما يهمنا هو التقارب الروحي، وهو أهم من التقارب الجسدي فلم يكن الزواج يوماً رحلة ترفيهية أو وقتا يمضيه المرء، ومن ثم يتخلى عن أعبائه، بحكم مهنتي كمحامٍ فإنا على اتصال بلجنة الشؤون الأسرية بقصر العدل وإدارة تنمية المجتمع التابعة لوزارة الشؤون، ألمس المفاهيم مغلوطة في كل الحالات المشتركة، التي أصلحها وأترافع في قضاياها بجهد مشترك مع الإدارات المعينة أعلاه، فأهم ما توصلنا إليه هو افتقار الأسرة الكويتية إلى وسائل لضبط النزاع وعدم، وجود لغة الحوار والاختلاف دوماً على تحديد من يقول الصواب، فالكل يعتقد أنه على حق والآخر خطأ لا يوجد وقت كاف لتفعيل قيم الأسرة والتفاعل الإيجابي مع أفرادها بعضهم مع بعض، فما اختلف رأيان إلا وكان أحدهما على ضلالة.