في قراءة أولية لنتائج الانتخابات النيابية وللمعاني السياسية التي عكستها الأرقام الخاصة بها، لاسيما بالنسبة إلى اتجاهات الناخبين وحصة الفرقاء السياسيين من النواب، توقف المراقبون عند الملاحظات الآتية:1 - تقارب النتيجة النهائية لعدد النواب الذي حصل عليه كل من فريقي الأكثرية والأقلية (71 – 57) في الانتخابات الأخيرة، مع العدد الذي أفرزته انتخابات عام 2005 (72 – 56)، ما يشير الى أن أربع سنوات من المواجهات السياسية وغير السياسية الداخلية في لبنان لم تؤد الى تغيير في موازين القوى الشعبية على الرغم من محاولات المعارضة بقيادة حزب الله وحلفائه تغيير هذه الموازين بالقوة العسكرية (7 مايو 2008) والضغط الشعبي (حوادث قطع الطرقات والتظاهرات في 23 يناير 2007 والاعتصام في ساحة رياض الصلح). 2 - لم تشكل الانتخابات النيابية مدخلا الى حل للأزمة السياسية الناجمة عن الخلافات السياسية بشأن صحة التمثيل النيابي للاتجاهات الشعبية. ذلك أنه ما ان أشارت النتائج الأولية لفرز أصوات الناخبين الى نجاح قوى 14 آذار في الاحتفاظ بأكثريتها، حتى سارع "حزب الله" الى إعلان أن فوز الأكثرية يعني استمرار الأزمة السياسية الناجمة عن موقف قوى 14 آذار من سلاح "حزب الله". وبالتالي فإن المعارضة القديمة - الجديدة تمسكت بضرورة إعطائها حصة في الحكومة الجديدة تسمح لها بتعطيل أي من القرارات السياسية أو غير السياسية التي لا تناسبها (الثلث المعطل).3 - على الرغم من أن الانتخابات الأخيرة تمت وفقا لقانون انتخابي فرضته المعارضة نتيجة لموازين القوى المستجدة على أرض الواقع بعد حوادث 7 مايو 2008، وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات تمت في ظل التأثيرات السياسية والمعنوية والإعلامية لهذه الحوادث، فإن النتيجة جاءت لتؤكد أن انتقال "حزب الله" من موقع التحالف الانتخابي مع قوى 14 آذار (الحلف الرباعي عام 2005) خصوصا في دائرة بعبدا - عاليه يومها، لم يؤد الى إفقاد قوى 14 آذار أكثريتها، لا بل على العكس من ذلك، فإن المقاعد التي فقدتها قوى الأكثرية في بعبدا (6 مقاعد)، عوضت عنها في زحلة (7 مقاعد).4 - تغييرات جذرية في اتجاهات الرأي العام المسيحي تمثلت في التراجع الكبير في شعبية العماد ميشال عون مقارنة بما كانت عليه عام 2005. فحتى في الدوائر التي فازت فيها المعارضة، جاءت أصوات المسيحيين في غير مصلحة عون (بعبدا – جبيل)، وكانت أصوات "حزب الله" هي التي أمالت الدفة، وبالتالي فإن "الاتهام السياسي"، الذي كان العماد عون يواجه به خصومه بأنهم سرقوا منه الأكثرية عام 2005 بأصوات الحلف الرباعي (حزب الله)، بات اليوم ينطبق عليه، لاسيما في دائرتي جبيل وبعبدا، علما بأن نسبة الأصوات التي حصل عليها في كسروان تراجعت الى ما يزيد على النصف بقليل، في حين كانت تتجاوز السبعين في المئة عام 2005.5 - ربح "تكتل التغيير والإصلاح" برئاسة العماد عون عددا من المقاعد الإضافية، بحيث بات بإمكانه تشكيل كتلة من 26 نائبا تقريبا مقارنة بكتلة من 22 نائبا في المجلس النيابي المنتهية ولايته، لكن التيار الوطني الحر الذي هو حزب العماد عون خسر رموزا أساسية، أبرزها نائب رئيس الحكومة الحالي عصام ابو جمرة والوزير جبران باسيل (صهر العماد عون)، في حين أن حلفاء العماد عون خسروا نتيجة لمواقفهم الداعمة له، بعدما غاب الوزير الياس سكاف عن المعادلة النيابية في زحلة، وفشل حزب الطاشناق الأرمني في الحصول على أكثر من نائبين، علما بأن قوى 14 آذار كانت قد عرضت عليه أربعة مقاعد في مقابل السير في التحالف معها.
آخر الأخبار
أربع سنوات من المواجهات في لبنان انتهت بتكريس «14 آذار» أكثرية... وبأزمة مستمرة
09-06-2009