لم تتردد الحكومة أثناء حل مجلس الأمة في أن تقرّ قانون الاستقرار في خطوة انعكست إيجاباً على السوق المالي وحسَّنت ثقة الناس به وأخرجت كثيرين من الإحباط، فغير معقول أن تقف بعد مباشرة المجلس الجديد نشاطه موقفَ غير المستعجل على إيصال القانون إلى قاعة المجلس، وكأن الأولوية والضرورة اللتين دفعتا إلى إصداره بمرسوم في ظرف استثنائي صارتا في أسفل السلم أو أنه أصبح من الكماليات. كانت جلسة مجلس الأمة أمس عينة على أجواء التوتر المتجددة بين السلطتين، وهي لا تعطي الناس أي شعور بالارتياح أو أي ضمانة بأن البلاد في أيد أمينة وفي ظل حكومة حازمة تمتلك قوة القرار لا عشوائية الاستقواء... إنها بداية سيئة للمجلسين غير انها لا تعفي الحكومة من واجب الوفاء بواجباتها، فمشكلة الاستجوابات هي في النهاية مشكلتها التي كان يجب التحسب لها أثناء التكليف والتشكيل، فإما أن تكون على قدر الأحمال، فتعمل كحكومة جدية لا كحكومة تصريف أعمال حتى في ظل الاستجوابات، أو أن تُصارح الناس بعجزها ليخفضوا سقف التوقعات ولا يعلقوا عليها الآمال. لو استرشدت الحكومة بأي مستشار مبتدئ لنبّهها إلى أن الاستجواب شيء والعمل الجدي المطلوب منها شيء آخر، وإلى ان المساءلة الدستورية التي تعيش هاجسها اليوم يجب ألا تثنيها عن مهمتها الحقيقية وهي الإنجاز لإزالة هواجس المواطنين الذين باتوا شبه يائسين من إمكان أن تحقق الحكومات المنقّحة قفزة في مجال اطلاق عجلة التنمية وتنفيذ ما وعدت به على الدوام. يقدّر المواطن الذي لا حول ولا قوة له أن العلاقة صعبة بين مجلس الأمة بنُسخه القديمة والجديدة وبين الحكومات المتعاقبة التي لم تدهش أحداً بتشكيلها، ويتفهم المواطن نفسه أن التبكير في الاستجوابات استخدام متعجّل للحق الدستوري في وقت لم يظهر خير أداء الحكومة من شره حتى ولو كان المكتوب مقروءاً من العنوان. لكن لا يستطيع المواطن أن يستوعب كيف أن حكومة اختبرت مواقف أصعب من مجرد استجواب لوزير تفقد فوراً نبض البدايات ودفْع الثقة التي منحها إياها سمو الأمير لتبدو مُكبّلة برهبة المنصة وحائرة في أسلوب مواجهة ثلاثة محاور يُفتَرض أن لها أجوبة لا تحتاج إلى جهود حكومية جماعية وانصراف عن أخذ قرارات أساسية. تدّعي الحكومة أنها آتية بنفَس جديد لتحقيق إنجازات وتنفيذ توجيهات سامية بمعالجة من دون تأخير للوضع المالي بهدف تحفيز الاقتصاد. وأبسط سؤال يُطرَح عليها الآن: لماذا التأخير في قانون الاستقرار ومَن يتراخى في مطالبة اللجنة المالية بالتعجيل في بت مصير هذا القانون الذي ترتبط به مصلحة الاقتصاد الوطني بمؤسساته وأفراده، ومَن يتحمل تبعات تفشي الإشاعات التي تعصف بالسوق المالي ومصالح البلاد والعباد؟ الجريدة
آخر الأخبار
ألم يعد الاستقرار الاقتصادي ضرورة؟
10-06-2009