الآن، قدم النائب فيصل المسلم الاستجواب، ولم تعد هناك تكهنات أو استنتاجات، بل أصبح الاستجواب أمراً واقعاً وحقيقياً، وهذا طبعاً حقٌ كفلته المادة (100) من الدستور للنائب اتفقنا أو اختلفنا معه، وكما نعلم فإن الاستجواب الذي قدمه المسلم هو للاستفسار عن أموال خاصة بالشعب (مصروفات رئيس الوزراء)، وإن حاول البعض إيجاد مخرج بقولهم إن محور الاستجواب في يد القضاء، فإن ذلك لا يُعفي المستجوِب ولا المستجوَب من توضيح الحقائق أمام الشعب.

Ad

الحكومة كان لها تصريحات بأنها ستواجه الاستجواب، والرئيس قال إن المجلس سيستمر حتى نهاية فترته (أربع سنوات) ما يعني أن الحكومة أو الرئيس بمعنى أدق عازم على صعود المنصة، وهذا سيكون بالطبع أمراً جيداً لأنه من الواجب على الرئيس أن يصعد إلى المنصة ليوضح الحقائق للشعب، ويفند الاستجواب، ويجيب عن الأسئلة، ويقول لنا أين ذهبت أموال الرئاسة؟ وفيمَ أنفقت؟ بل على الرئيس أن يرد بشفافية شديدة مدعماً قوله بوثائق وأدلة قاطعة حتى يقطع الشك باليقين، ويؤكد للشعب أنه كان على حق والنائب على خطأ... هذا إن كان الرئيس على حق فعلاً.

أما محاولات الهروب من الاستجواب فهي مرفوضة، وحل المجلس لن يكون الملاذ الآمن لرئيس الوزراء، بل إن حل المجلس يؤكد فعلاً مقولة النائب مسلم البراك التي قال فيها تعقيباً على حل المجلس إثر تقديم أي استجواب لرئيس الورزاء، إن قسم النائب يتعين أن يكون: «أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وألا أستجوب رئيس الوزراء»!

المواطن الكويتي يريد أن تواجه الحكومة الاستجوابات، وأن يشاهد ويكتشف ويتأكد أنها على صواب، وذلك حتى يثق بها، لكن الحكومة مع الأسف دائما ما تخيب آمال المواطن وتلجأ إلى طرق ملتوية وتحاول الالتفاف على الدستور والقوانين، وإذا ما حاولت هذه المرة أن تلجأ إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية فهذا لن يؤتي ثماره كما تعتقد، وستكون المسألة مجرد وقت لأن هناك سابقة مماثلة مع المحكمة الدستورية لم تؤتِ ثمارها كما كان يظن البعض.

اللجوء إلى مخارج الطوارئ أمر ليس في مصلحة أي طرف، وما هو إلا محاولة لدفن الرؤوس في الرمال، والتفاف على الاستجواب، وهروب من مواجهة الأزمة التي ستشتعل وتزيد ولن تهدأ، فهذا الاستجواب ليس هو الأخير سواء لرئيس الحكومة أو أي من الوزراء أصحاب السطوة والمدللين، بل هو سيفتح شهية النواب أكثر من اللازم، وإن هربت الحكومة من استجواب رئيسها، فماذا تفعل في استجواب وزير الداخلية الجديد؟ وماذا تفعل في الاستجوابات القادمة لصفر والشمالي وبقية وزراء التأزيم وللرئيس نفسه مرة أخرى؟!

الأمور في ظاهرها لا تبشر بخير، ولا حل مناسباً أمامنا إلا أن يصعد الرئيس المنصة، ولا خوف عليه لأن لديه الأغلبية كما نعلم جميعاً، وكما حدث سابقا مع وزير الداخلية، فما بالنا عندما يتعلق الأمر بالرئيس؟ وقتها سنجد النواب الحكوميين يتبارون في الدفاع عن الرئيس، خصوصا السندباد والأفوكاتو... أما إذا ما كان مبدأ الصعود على المنصة مرفوضاً فعلى الرئيس تقديم استقالته ليريح ويستريح، ويأتي من يستطيع أن يواجه بكل شفافية، ودون خوف من أي مساءلة.

خارج نطاق الموضوع:

المادة الثانية عشرة من الدستور:

تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي، وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية.