لم يلق إقرار قانون العمل الأهلي الجديد الذي حدد موعد عمل المرأة قبولا لدى الكثير من مؤسسات المجتمع المدني والنواب، إذ رفضت رئيسة الجمعية النسائية الثقافية شيخة النصف تقييد حرية المرأة في اختيار أوقات العمل التي تناسبها وتتماشى مع تخصصها المهني، مؤكدة أن الكويت "تخضع الى قانون دولي ولا يجوز تجزئته".

Ad

وقالت النصف لـ"الجريدة" إن ذلك القانون "سبق أن قدم السنة الماضية حين حدد عمل المرأة حتى الساعة الثامنة مساء، وكان لمؤسسات المجتمع المدني موقف منه، حيث أثيرت بشأنه ضجة، وتراجع النواب وقتها وحددوا فترة العمل حتى الساعة العاشرة مساء".

ورأت أن "قانون العمل الأهلي الذي أقر في المداولة الأولى خالف مواد الدستور الذي نص على المساواة بين الرجل والمرأة"، مبينة أن "هناك سيدات يعملن في مهن كالمحاماة والهندسة والمدارس الخاصة وطبيعة عملهن تقتضي منهن العمل الى ما بعد العاشرة مساء".

وأضافت أن "المحلات في المجمعات التجارية وغيرها تعمل حتى الساعة الحادية عشرة مساء والثانية عشرة ليلا، فهل المطلوب من صاحب العمل أن يستبدل المرأة بعد هذه الفترة برجل؟"، لافتة الى أن هذا الأمر من شأنه خلق مشكلة أخرى. وطالبت النصف باحترام المرأة واختيارها، رافضة الوصاية عليها، مؤكدة أن للمرأة "ارادتها واختيارها ويجب أن تترك لها الحرية في اختيار ما يناسبها من أوقات العمل".

ومن جانبه، أكد نائب رئيس جمعية الخريجين الكويتية د. بدر الديحاني أن إقرار قانون العمل في القطاع الأهلي "يتعارض مع الدستور الذي لم يفرق بين المواطنين على أساس الجنس"، مضيفاً أن القانون يشوبه بعض الضبابية في ما يتعلق بتعريف المهن الشاقة، مطالبا بتعريف محدد وواضح لماهية هذه المهن.

وأعرب الديحاني في تصريح لـ"الجريدة" عن تخوفه من استغلال عدم الوضوح في تعريف المهن في تقييد المرأة، موضحاً أن موقف جمعية الخريجين واضح وصريح في معارضة أي قانون يتعارض مع الدستور، معتبراً أن هذا القانون الجديد يقيد عمل المرأة وحركتها، آملاً إدخال تعديلات على القانون في المداولة الثانية.

أما نائبة رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مها البرجس فأعلنت رفضها للقانون، مؤكدة أنه غير دستوري وغير قانوني ويعتريه قدر كبير من عدم احترام المرأة وقدراتها، وتشكيك كبير بها.

وتساءلت البرجس في تصريح لـ"الجريدة" أمس: "هل الأطباء والممرضون والمهن المتعلقة بالأعمال الإنسانية الأخرى ينطبق عليها هذا التقييد، خصوصا في ظل عجز كبير في هذه المهن في وزارة الصحة؟"، مستغربة الحديث عن تحجيم المرأة بهذا الشكل في وقت حصلت فيه على كافة حقوقها السياسية.

نيابيا، أكدت النائبة د. معصومة المبارك أن "واضعي قانون العمل الجديد لا يزالون ينظرون الى المرأة على أنها قاصر وغير قادرة على حماية نفسها"، مشيرة إلى أنهم "يسعون الى تحجيم دورها ووضع القيود أمامها". وقالت المبارك في تصريح لـ"الجريدة" أمس أن "مسألة التحجج بالاتفاقات الدولية وبأن القانون يأتي متوافقاً معها أمر غير صحيح"، مؤكدة أن هذه الاتفاقات "بريئة من تقييد دور المرأة في المجتمع"، لافتة إلى أهمية أن ننظر للمرأة على أنها شريك وقادرة على القيام بدورها بكل ثقة وإخلاص.

وأشارت إلى أن "تحديد ساعات العمل للمرأة حتى الثامنة أو العاشرة ليلاً أمر غير مقبول". وشددت على ضرورة النظر إلى العادات والتقاليد "فكثير من الأعراس تبدأ عند الثامنة مساء وتستمر إلى ما بعد منتصف الليل"، متسائلة: "عندها هل نأتي برجال ليقوموا بخدمة أعراس النساء؟".

وأضافت المبارك أن "القانون مفرط في الحماية، ولماذا لا نضع ضوابط تحمي العامل رجلاً كان أم امرأة من صاحب العمل طوال فترة العمل؟".

وطالبت بتحديد نوعية الأعمال الشاقة في القانون، مشيرة إلى أن تركها لتكون من صلاحيات الوزير "يفتح الباب واسعا أمام المزاجية وهذا غير معقول"، لافتة إلى وجود مقترح بقانون لجعل التعليم مهنة شاقة "فهل نأتي ونمنع المرأة من العمل في سلك التعليم؟".

أمّا النائب عبدالرحمن العنجري فأكد لـ "الجريدة" أن قانون العمل الجديد المزمع مناقشته في دور الانعقاد المقبل "يأتي ضد تحفيز المرأة ويكسر روح المبادرة لديها"، مشيراً إلى أن بنود القانون "تهدف إلى تقديم دوافع وحوافز وإغراءات للمرأة لدفعها إلى الجلوس في المنزل، وهو ما سيخسِّر الدولة كفاءات يمكن الاستفادة منها في مجال التنمية والتطوير". وأوضح أنه تقدم مع بعض زملائه النواب والنائبات بتعديلات على القانون تهتم بقضايا المرأة وعملها، موضحاً أن القانون يحوي كلمات مطاطة مثل الأعمال الشاقة، وواضعوه "يستندون إلى قوانين منظمة العمل في جنيف ولا ينظرون إلى اختلاف طبيعة الأعمال لدينا عن الدول الصناعية".