أشار عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت فهد يعقوب الجوعان إلى أن الحكومة الكويتية تأخرت في التعامل مع الأزمة العالمية، منذ بدايتها، إذ أخذت وقتا طويلا في تشكيل اللجان المختصة لمناقشة تداعياتها على الاقتصاد المحلي، مضيفاً أن اللجنة التي تم تشكيلها من قبل محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، والتي ضمت مجموعة من الاقتصاديين من جهات معنية كغرفة التجارة ووزارة التجارة والصناعة واتحاد المصارف الكويتية ومجموعة من الشخصيات الاقتصادية لعبت دوراً إيجابياً خلال الأزمة، من خلال اقتراح قانون تعزيز الاستقرار المالي في الدولة.وذكر الجوعان في حوار خاص مع «الجريدة» أن مسؤولي الجهات الحكومية المختصة أكدوا في البداية أنه لا يوجد أي أثر سلبي من الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي والوضع العام في البلد، إلى أن بدأ سعر النفط، وهو مصدر الدخل الوحيد للدولة، بانخفاض شديد بسبب قلة الطلب العالمي عليه، مضيفاً أن الحكومة المتمثلة في بنك الكويت المركزي كجهة مسؤولة عن الشركات الاستثمارية المسجلة والبالغ عددها ما يزيد على الـ100 شركة، كان يجب عليها أن تراقب أعمال وأداء تلك الشركات، إذ إنها لم تستشعر مدى الخطر الذي سيحل على الاقتصاد الوطني، بسبب أدائها واستثماراتها المختلفة، وخاصة الخارجية والتي تأثرت بشكل كبير من الأزمة العالمية في القطاعات المختلفة، مشيراً إلى الدروس المستفادة من الأزمة، وعن دور الغرفة في مواجهة آثارها على الاقتصاد الكويتي وغيرها من الأمور المتعلقة بالغرفة وقطاع الصناعة في الكويت، وفي ما يلي تفاصيل الحوار: تموت ولا تمرض• ما الدور الذي كان يجب أن تقوم به الحكومة لتقليل تداعيات الأزمة العالمية؟كان من الممكن تقليل الخطر وحجم الأزمة محلياً من خلال وضع القوانين التي تشدد على عملية اقتراض الشركات من البنوك المحلية، كذلك من خلال عدم تدخل الحكومة المباشر عبر انشاء صندوق لشراء أسهم الشركات، إذ كان عليها تنمية الاقتصاد الحقيقي للبلد عبر ضخ أموال في البنوك لدعم الشركات القائمة والتي كانت ومازالت تحتاج إلى سيولة لتستمر في مزاولة أعمالها خاصة الشركات الصناعية التي «تموت ولا تمرض» بسبب ارتباط نشاطها ومنتجاتها بفترة زمنية محددة قد تأثر على صلاحية المنتج بعكس الشركات الأخرى كالعقارية والتي يتمثل نشاطها في أصول موجودة تتغير قيمتها سواء بارتفاع او انخفاض إلا أنها «لا تموت»، بالإضافة إلى التركيز على خلق بنية استثمارية مشجعة وجذابه للاستثمارات الخارجية والحد من خروج رؤوس الأموال لاستثمارها في السوق المحلي.• باعتقادك، ما الدروس المستفادة من الأزمة العالمية؟يجب على الشركات ان تنظر إلى الفرص الاستثمارية الواقعية وتتحفظ في اتخاذ قراراتها الاستثمارية، وعدم التسرع في الدخول في مشاريع واستثمارات تحمل مخاطرة عالية لجني عوائد ضخمة، والاكتفاء بالاستثمارات المتحفظة التي تحمل عوائد معقولة ذات مخاطرة قليلة حتى تحافظ على استمراريتها في السوق، بالإضافة إلى عدم الاقتراض بصورة كبيرة من البنوك، والتي ترهق ميزانيات الشركات.وعدم الدخول في فرص استثمارية تم خلقها لندرة الفرص المتعارف عليها مثل التعامل في المشتقات المالية والسندات المالية والتي كانت السبب الرئيسي للأزمة التي مرت بنا.• ما المطلوب من الحكومة لإنعاش الاقتصاد الكويتي؟إلى جانب قانون الاستقرار المالي، يجب على الحكومة توفير ميزانية ضخمة توجه لخلق فرص ذات مردود اقتصادي للدولة، وتوفير البنى التحتية الجديدة وقسائم سكنية جديدة للمواطنين، وإعطاء القطاع الخاص دورا كبيرا لتطوير وتنفيذ تلك المشروعات حتى تستفيد تلك الشركات من المشاركة في تلك المشاريع وبالتالي تعود الفائدة إلى أصحابها وحملة الأسهم والشركات المساندة الأخرى.الكويت مركز مالي• ما الذي نحتاج اليه لتحقيق الرغبة الأميرية لتحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي؟الرغبة السامية من سمو أمير البلاد، حفظه الله، تستحق الوقوف واعداد خطة ذات رؤية واضحة حتى يتم تطبيقها، كما أن بعض القوانين والتشريعات تحتاج إلى دراسة قبل أن تتم دعوة المستثمر الأجنبي لتشجيعه كقانون الشركات القائم، والذي بحاجة إلى إعادة النظر فيه.وعلينا تهيئة وتوفير المقومات اللازمة لتحويل الكويت إلى مركز مالي عبر تطوير مشاريع البنى التحتية الحديثة لتسهيل وجود المستثمر الأجنبي، وتوفير الطرق المثلى لتسهيل عملية النقل، والتركيز على التعليم وتدريب الشباب للمشاركة في دعم الدولة. • كيف تصف دور الغرفة ومساهمتها في مواجهة آثار الأزمة على الاقتصاد الكويتي؟الغرفة كانت منذ بداية ظهور آثار الأزمة العالمية على دراية بأن تبعاتها ستلحق بالاقتصاد المحلي، وذلك من خلال اطلاع الغرفة ومتابعتها للتقارير العالمية حول ظهور أزمة ائتمان واضحة لذا على ضوئها حرص أعضاء الغرفة على المشاركة في اقتراح الحلول المناسبة للحد من الأزمة والمشاركة في قرارات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، واللجنة المشكلة من قبل محافظ بنك الكويت المركزي، كما اجتمع رئيس الغرفة ونائبه مع سمو أمير البلاد لتباحث وجهة نظر الغرفة تجاه الأزمة، واقتراح بعض الحلول المناسبة للحد من تأثيرها، كما ساهمت الغرفة في وضع وانجاح قانون الاستقرار المالي، وتشجيع الحكومة على الإنفاق الرأسمالي.وفي دراسة توني بلير المقدمة الى الحكومة ابدى الكثير من الملاحظات الهامة التي تعزز وجهة نظر الغرفة التجارية على مدى سنوات سابقة في كثير من القضايا، التي تتعلق بالتنمية والتي اثيرت مع الجهات الحكومية المعنية وورد ذكرها في دراسات وتقارير الغرفة وفي مؤتمراتها، ومنها مؤتمر اقتصادي بعنوان «كلام مكرر وقرار مؤجل«.• ما ردك على من يقول إن دور الغرفة تحول من جهة ممثلة للتجار وتشكل رأياً عاماً أمام الحكومة إلى اقتصار دورها في استقبال الوفود الأجنبية؟من يبدي ملاحظاته على الغرفة لا يكون على دراية واطلاع تام على طريقة تحرك الغرفة تجاه القضايا الاقتصادية المختلفة ومشاركة الغرفة في اللجان الاقتصادية والمالية، فالغرفة تلعب دوراً كبيراً في الفترة الحالية والمستقبلية في خدمة أعضائها المنتسبين وحل مشكلاتهم من خلال اتحاداتهم، وخدمة الاقتصاد لتحقيق مستوى عالٍ من التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية لمصلحة الاعضاء المنتسبين والاقتصاد ومصلحة الوطن والمواطن بشكل عام.وكوني عضواً في الغرفة فإنني أرحب وادعو كل من يريد أن يطلع على اداء الغرفة وأفكارها، بأن يتواصل معنا من خلال حضور اجتماعات الغرفة والمؤتمرات التي تعدها الغرفة لتباحث الأمور المتعلقة بالقطاعين التجاري والصناعي في الكويت، وايضا متابعة صفحة الغرفة على الانترنت وقراءة رأي الغرفة في اخر مستجدات من القضاية المطروحة.قانون الاستقرار • ما المخاوف التي تحوم حول قانون الاستقرار المالي في حال عدم الموافقة عليه أو تأجيله؟البنوك لا تملك الرغبة في معالجة أوضاع شركات الاستثمار وغيرها من الشركات إلا من خلال مظلة قانون الاستقرار المالي، فالشركات المقترضة مازالت ملتزمة بسداد التزاماتها تجاه البنوك مع الفوائد، بالرغم من أن عام 2009 يعتبر من أصعب الأعوام التي مرت بها تلك الشركات بسبب ندرة الفرص الاستثمارية الجيدة، التي قد تجني منها عوائد مجزية تستطيع منها سداد التزاماتها تجاه دائنيها.ورفض القانون من قبل مجلس الأمة سيدفع البنوك الى تسييل أصول الشركات المرهونة لديها من عقارات وأسهم وغيرها لتغطية التزامات تلك الشركات تجاهها، وبالتالي ستتأثر بعض الشركات من بيع أصولها مما يؤدي إلى إفلاسها.• هل قانون الاستقرار المالي وحده كافٍ للخروج من الأزمة؟وجود القانون ضروري إلا أنه يجب أن يوازيه انفاق استثماري من الدولة، وذلك عبر تنفيذ مشاريع بنى تحتية عبر رصد ميزانيات للوزارات والجهات المختلفة للتشجيع على انشاء مجموعة من المشاريع الانمائية في الدولة كالمدارس والمستشفيات ومحطات التحلية والكهرباء، مع اشراك واعطاء الدور الأكبر للقطاع الخاص في انشاء وتطوير تلك المشاريع.نحتاج الى زيادة الانفاق على المشاريع الإنمائية إلا أن الحكومة توجهت الى خفض الموازنة وإلغاء معظم تلك المشاريع بعكس ما قامت به حكومات بعض دول الخليج، كالسعودية والتي أتت بالموازنة الأعلى في تاريخها، وذلك لتشجيع الدورة الاقتصادية في البلد، وبالمثل قامت دولة قطر بشراء ديون البنوك وشراء حصص من شركات مساهمة، كما قامت دول أخرى بإصدار سندات لحماية اقتصادياتها من التدهور.تخصيص المشاريع• ما رأيك في توجه بعض النواب في مجلس الامة إلى تعميم عملية تأسيس الشركات المساهمة عبر الاكتتاب العام لأي عملية تخصيص جديدة؟نشكر جهود النواب، لكن المشكلة أن البعض منهم يملك أجندة قصيرة المدة، إذ يشترط على النائب أن يكون له وجهة نظر ويدافع عن مصلحة المواطن من خلال المشاركة في سن القوانين والتشريعات، إلا ان مانراه من بعض أعضاء المجلس أن له بعض الاطروحات التي تخرج عن نطاق المصلحة العامة وتنحصر في المشاركة بإعطاء الهبات والهدايا للمواطنين، كالمشاركة في انشاء الاكتتابات التي لا يوجد لها مردود اقتصادي على الدولة، وتعتبر استفادة مالية آنية من خلال بيعها في البورصة، وقد تختفي فوائد تلك العطايا بعد أشهر قليلة من اهدائها.وفي ما يخص التخصيص اجد أن في جهود بعض الأعضاء في عملية تخصيص المشاريع القائمة توجها جيدا وذلك للاستفادة القصوى من الخدمات التي تقدم الى المستخدم على سبيل المثال قطاع الاتصالات، الذي تم تخصيصه ففتح باب المنافسة بين شركات الاتصالات التي تتنافس على تقديم أفضل الخدمات للمستخدمين، فالمنافسة المفتوحة تولد أفضل خدمة للمستخدم.فالدعوة الى أن يكون هناك قانون خاص في تخصيص قطاعات حكومية تقدم خدمات مختلفة هي مطالبة جيدة، ولكن لابد من اشراك الشركات المحلية أو إيجاد شركات اجنبية تمتلك الخبرة المتميزة لتطوير الخدمة المقدمة.• مارأيك في شراء هيئة الاستثمار ديون الشركات المتعثرة؟في اعتقادي هو جزء من الحل وليس الحل كاملاً، فالأفضل من الهيئة أن تقوم بشراء حصص من الشركات، فمن أخطأ في عدم التحفظ في استثماراته، عليه ان يتحمل نتيجة خطأه، فلماذا تكافئ الدولة من قام بالمخاطرة في اتخاذ قراراته المالية؟• ما هو مستقبل القطاع الصناعي في الكويت؟الكويت تأخرت في دعم قطاع الصناعة كون الصناعات الوطنية محدودة، وفي اقرار المدن الصناعية وتوفير الأراضي الصناعية وتوزيعها، فلم يتم توزيع أراض وقسائم صناعية لفترة طويلة.فالدولة مقصرة في دعم الصناعات الوطنية من خلال تسويقها في المعارض المختصة وتوفير المواد المطلوبة، كما يجب تفعيل دور البنك الصناعي من خلال اعطاء تسهيلات مخفضة أكبر لإنشاء المصانع وتسهيلات تجارية لتشجيع الشركات الصناعية.• ما هو مستقبل قطاعات النفط والبتروكيماويات في الكويت، ومقارنتها بالدول الخليجية؟مستقبل قطاعات النفط والبتروكيماويات في المنطقة له مستقبل واعد بعد أن توسعت دول الخليج فيه، وأعطت دورا كبيرا للقطاع الخاص والشركات الاجنبية في تطويره، ولذا نرى أن تلك الدول الآن تستفيد من عوائد ضخمة من تلك المشاريع، بينما في الكويت هناك تخبط في اتخاذ القرارات على الرغم من أن النفط هو مصدر الوحيد للدخل في الدولة، فنرى خطط التوسع في هذا القطاع معدومة، كما تم إلغاء عدة مشاريع كالمصفاة الرابعة وحقول الشمال دون تحديد اسباب إلغائها.والنقطة الإيجابية الوحيدة في هذا القطاع حينما تم تخصيص شركة «إيكويت» بإشراك القطاع الخاص ومستثمر اجنبي، والآن نرى مدى نجاح الشركة، كما أن هناك مشروعا صغيرا تم تخصيصه، وهي شركة الكوت للمشاريع الصناعية والتي تقوم بتصدير ملح والكلورين لدول الخليج ودول إفريقية وأوروبية بعد ان رفعت انتاجيتها من 30 طنا إلى 100 طن، كما تتوجه حالياً الى المشاركة في صناعات مشابهه، مما يؤكد نجاح القطاع الخاص في توفير الوظائف والموارد الجديدة.بنك وربة قال الجوعان إن فكرة انشاء بنك وربة الاسلامي ومنحه للمواطنين لا يمثل استثماراً طويل المدى، ويعتبر ربحاً قصير الأجل وهو كأحد الحلول المؤقتة لإرضاء بعض أعضاء مجلس الأمة من خلال تقديم الهبات والعطايا الى المواطنين، موضحاً أنه في السنوات القادمة ستشهد ميزانية الدولة تآكلاً من خلال الباب الأول من الميزانية وهو الرواتب، وستحل فترة شديدة وقوية على الاقتصاد المحلي.وأوضح أنه كان من المفترض أن ينظر الى بنك «وربة» كجدوى اقتصادية لها عوائد على الدولة، وأن البنوك الحالية كافية، وبعضها بحاجة إلى متابعة وزيادة لرؤوس اموالها بعد الأزمة التي أمرت بها.وتوجيه هذه الاموال نحو قطاعات انتاجية وتشغيلية مما يدعم الاقتصاد على المدى البعيد ويرفع من دخل الفرد.قانون العمل الأهليذكر الجوعان أن قانون العمل في القطاع الأهلي هو حفاظ على حقوق القطاعات المختلفة، وبالأخص القطاع الصناعي، لأن المشكلة سوف تظهر في القطاع الصناعي أكبر من أي مكان آخر كون العمالة الفنية الموجودة هي عمالة أجنبية وليست كوادر وطنية، وبالتالي تنفيذاً للمقترحات الموجودة في القانون بهذا القرار ستكون تعسفية لصاحب المنشأة الصناعية، لذا يأمل تقبل الجهات المعنية ومجلس الأمة لرأي الغرفة تجاه هذا القانون، بما في مصلحة للقطاع التجاري والصناعي بشكل خاص في الكويت.
اقتصاد
الجوعان لـ الجريدة: توزيع أسهم بنك وربة على المواطنين لإرضاء بعض النواب لا لجدوى اقتصادية الدولة مقصرة في دعم الصناعات الوطنية من خلال تسويقها وتوفير المواد المطلوبة رفض قانون الاستقرار سيدفع البنوك إلى تسييل أصول الشركات المرهونة
18-10-2009