قالوا "من صادها بالأول عشّى عياله"، وقالوا أيضاً "من سبق لبق"، وكلنا نعرف "أنهم" الأوائل في الصيد دائماً، و"أنهم" الأسبق في "التلبق"، وإذا كان كل إناء بما فيه ينضح، فالكويت بالمحسوبيات والواسطات تنضح ويفيض إناؤها ويُغرِق طلاب العدل والمظلومين.

Ad

النائبة رولا دشتى سألت وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عن أسماء شاغلي الوظائف القيادية وما يعادلها في الوزارات والإدارات الحكومية... وتضمن سؤالها استفساراً عن "الأسس والمعايير التي يتم على أساسها الترشيح للوظائف القيادية وتجديد التعيين فيها"؟

لو كنت مكان الوزير لتكلمت بصراحة، وقلت لها: إنك تعرفين وأنا أعرف... وكلنا عيال قرية... فلماذا هذا السؤال المحرج، فالتعيين والتجديد في الوظائف القيادية  وحتى ما دون القيادية، يجريان حسب قاعدة الذين اصطادوا أولاً عشّوا أقاربهم ومعارفهم ومحاسيبهم، فالوزير عندما يصل المنصب يسارع إلى زرع المعارف في المناصب القيادية... وهؤلاء يردّون الجميل بدورهم في شتل الوظائف الأدنى لأحبابهم ومحاسيبهم، وتمتد الأمور بهذه الصورة من بداية رأس الهرم الإداري حتى القاعدة، وهكذا يُعمَّم الفساد الإداري وتُقنَّن المحسوبية، وإذا كان هناك قانون مثل قانون الخدمة المدنية لضبط الأمور،  فنحن ندرك أن مجال الاستثناء واسع، وفتح المنافذ في حوائط النص سهلة متى فسدت النفوس.

كتب مرة مظفر عبدالله وسنجار محفوظ في جريدة الطليعة "...إن الحديث عن توزيع المناصب صار يعلو على التطوير والإصلاح في أعمال الوزارات، وبذلك فقَدَ المنصب القيادي ميزة الاستقرار والثبات التي تُعين على التفكير الهادئ الذي يتطلبه أيُّ عمل من أجل التطوير  والإصلاح، وخلقت هذه المعادلة الجديدة جواً من النفاق أو الخضوع الذي يفرضه ميزان القوة بين الوزير والوكيل، وما لم يكُن الأخير سائراً على هوى الأول، فإن التهديد بعدم التجديد هو أقل ما يمكن أن يناله أصحاب المناصب القيادية...".

وفي لقاء جريدة الطليعة كانت آراء نواب مثل عبدالله الرومي وحسن جوهر متفقة مع هذا الرأي، وبدوره اجتهد النائب وليد الطبطبائي وقدم اقتراحاً بقانون تنص المادة الثانية منه على "...إن التعيين في المناصب القيادية بمرسوم ولمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرتين متتاليتين،  ولا يجوز بعد انقضاء هذا التجديد تعيين ذات القيادي في أي وظيفة قيادية أخرى... ويكون التعيين بعد الإعلان بشفافية عن الوظيفة المطلوب شغلها والشروط الواجب توافرها فيها...".

محاولة جيدة من النائب وليد لكن، كما يقولون "الشق عود"، والقضية أكبر من القانون ونصوصه، هي أولاً وقبل كل شيء قضية "قبائلية" لا "قبلية"، في إدارة كل الدولة، والفرق بين القبلية والقبائلية تجدونه عند المفكر السعودي عبدالله الغذامي في كتابه تحت عنوان "القبلية والقبائلية"، فالقبلية ظاهرة طبيعية، أما الثانية فهي مرض معدٍ ووباء أصاب أبناء العوائل قبل أبناء القبائل والطوائف... لا فرق...  وفرَّخ لنا المحسوبية والواسطة والفساد... فضاع العدل والإنصاف والمساواة في الفرص.

في النهاية، لننتظر الإجابة من السيد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء على  سؤال رولا...! لكن لماذا يُتعِب نفسه في البحث عن معضلة حل السؤال؟ ليجيبها بأن... الشيوخ أبخص يا سيدتي...!