بينما اعلنت طهران انها ستبدأ اليوم مناورات عسكرية كبيرة في الخليج وبحر عمان تشارك فيها طائرات حربية تستطيع التزود بالوقود في الجو وسمعت ليل امس اصوات الرصاص في ضاحيتين شمال العاصمة، بات الانقسام سيد الموقف على ساحة الصراع الداخلي بين المحافظين من جهة، والإصلاحيين ومعهم بعض المحافظين من جهة أخرى، في الشارع والجامعات، مروراً بمؤسسات النظام الأساسية، وصولاً الى الحوزة الدينية نفسها، وسط إصرار من المرشحين الرئاسيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي على مواصلة الاحتجاجات على نتائح الانتخابات الرئاسية حتى إلغائها.

ولعلّ التحركات والمواقف التي تُنسب الى رئيس "مجلس تشخيص مجلس النظام" علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في شأن معارضة المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي، وسط تقارير عن سعيه الى تشكيل "مجلس قيادة" أو تحريك "مجلس الخبراء" ضد المرشد، تشكل الدفة الحقيقية في قيادة "الرأي الآخر"، ترفدها تصريحات نارية لكل من الرئيس السابق محمد خاتمي ونائب الإمام الخميني الموضوع في الإقامة الجبرية آية الله حسين علي منتظري.

Ad

هذا الانقسام اتضح أمس بقوة مع اعتقال السلطات ابنة رفسنجاني وأربعة من أقربائه، في ظل استمرار الاحتجاجات في شوارع طهران، التي تغيب الصحافة عن تغطيتها بسبب الحظر الرسمي، في حين تجتاح صورها الحية مواقع الانترنت، علماً ان تقارير صحافية أشارت الى قطع السلطات لخدمة البريد الالكتروني لـ"Yahoo" و"Gmail"، مشيرة الى ان موسوي طلب من المواطنين مراسلته عبر بريده الالكتروني الخاص.

وإذ بدا لافتاً أمس الانتشار الكثيف لميليشيا «الباسيج» في طهران وسائر المدن التي تشهد اضطرابات، ومحاولة الشرطة الإيرانية منع تشكل التظاهرات، عبر المنع الفوري لتجمع شخصين أو ثلاثة في الشارع، أبدى خاتمي قلقه من الانتشار التدريجي لقوات الأمن والجيش في المدن كافة، محذّراً من أن البلاد تتجه نحو فرض الأحكام العرفية.

وشدّد الرئيس السابق على ان "منع الشعب من الاحتجاجات القانونية يعني فتح الباب أمام إجراءات خطيرة لا يعلم مداها إلا الله".

وقال خاتمي، في إشارة إلى وزارة الداخلية و"مجلس صيانة الدستور" المعني بالرقابة على الانتخابات، ان الحكومة أوصت بإحالة الشكاوى بشأن التلاعب في الانتخابات إلى "تلك المصادر التي هي نفسها موضع للانتقادات والشكاوى".

وعلى الجبهة الدينية، وجّه آية الله منتظري انتقاداً شديد اللهجة الى النظام الإيراني، قائلاً ان "مقاومة مطلب الشعب محرمة شرعاً"، وداعياً الى الحداد العام لثلاثة أيام اعتبارا من يوم الأربعاء.

في المقابل، وجهت طهران، انتقادات إلى الدول الغربية لـ"تدخلها في الشأن الإيراني".

وقال الرئيس محمود أحمدي نجاد: "ليس عن طريق الإدلاء بتصاريح متسرعة تدخلون الى حلقة أصدقاء الأمة الإيرانية". وأضاف: "لهذا السبب أطلب منكم أن توقفوا تدخلكم في شؤوننا الداخلية".

إلا ان وزير الخارجية منوشهر متكي كان أكثر وضوحاً، عندما انتقد بصورة خاصة فرنسا لاتخاذها "مناحي تتسم بالغدر وعدم الإنصاف"، معتبراً من جهة أخرى، ان بريطانيا "دائماً ما تثير مشكلات في العلاقات مع إيران". وكرّر الانتقادات رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، الذي قال ان "الإيرانيين بإمكانهم حل مشكلاتهم ولا حاجة إلى إيماءات الانتهازيين والإمبرياليين".

وفي سياق متصل، تلقى أمس، مراسل هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" في طهران، جون لايني، أمراً من السلطات بمغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، بسبب "دعمه مثيري الشغب".وهددت طهران وسائل الإعلام البريطانية بإجراءات أكثر شدة إذا واصلت "تدخلها في الشؤون الداخلية" الايرانية.

في المقابل، تصاعدت أمس الانتقادات الغربية خصوصاً الأوروبية، لطهران، إذ اتهمت باريس وبرلين وروما السلطات الايرانية بقمع المتظاهرين.

الى ذلك، أكد "مجلس صيانة الدستور" أمس، ان "عملية التدقيق ودراسة الشكاوى الانتخابية المقدمة من المرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية جارية وستستمر حتى النهاية"، داعيا الى "عدم إتاحة الفرصة للأعداء لتحقيق مخططاتهم المشؤومة في ايران".

وقال المتحدث باسم المجلس عباس علي كدخدايي، في تصريح لقناة "العالم" الاخبارية، ان "مسؤولية مجلس صيانة الدستور هي التدقيق في الشكاوى المقدمة اليه حول الانتخابات، والذي تم خلال هذا الاسبوع".