على الرغم من غياب الإعلام عن الأزمة الإيرانية التي اندلعت على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية، بفعل الرقابة الشديدة التي يفرضها النظام على وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لاتزال بعض الأنباء والصور تُسرَّب عبر مصادر عديدة، مفيدة بأن الوضع في طهران مازال يشهد اضطرابات واحتجاجات، وسط إصرار المعارضة على عدم القبول بنتيجة الانتخابات التي أعلنت الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيساً لولاية ثانية.

وبعد الاحتجاجات التي وقعت في العاصمة الخميس الماضي، وسُرِّبت صورها إلى وسائل الإعلام، أعلن قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني أحمدي المقدم أمس، أن السلطات باتت تعتبر المنطقة الواقعة بين بلوار كشاور حتى آخر نقطة شمال شرق العاصمة "منطقة أزمة". ويُذكَر أن المرشح مير حسين موسوي في هذه المنطقة التي تقطنها النخب الإيرانية، حصل على 91 في المئة من أصوات الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 من شهر يونيو الماضي.

Ad

وذكرت مصادر قناة "العربية" الفضائية أن السلطات أخلت مكتباً تابعاً لموسوي، واعتقلت أحد رموز حركته.

في غضون ذلك، أفتى المرجع الديني الإيراني آية الله منتظري بوجوب التصدي للحكومة الظالمة، وقال إن "الخوف من المواجهة شرك بالله". وجاء ذلك في رده على استفتاءات أحد تلاميذه حول الأوضاع الجارية في إيران بعد الانتخابات.

وقال منتظري، رداً على سؤال عن مواجهة الحاكم وبقية المسؤولين إذا فقد أحدهم العدالة والأمانة، وقام بقمع الأكثرية من الشعب، إن "فقدان هذه الشروط يعني عزل الحاكم أو المسؤول تلقائياً ولا تجب حينئذ طاعة أوامره".

وألمح منتظري، الذي كان نائبا للإمام الخميني قبل عزله في عام 1988، إلى أن "الحكومة الحالية غير شرعية، وعلى الشعب إسقاطها برعاية مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي بالتدرج".

وقال في فتواه، إن "الظلم ومخالفة أحكام الدين لا يمكنهما حفظ النظام"، وشدد على "حرمة انتزاع الاعتراف بواسطة التهديد والإكراه والتعذيب وبثه على شاشة التلفزيون"، معتبراً القائمين بذلك "مجرمين ويستحقون العقاب".

وكانت منظمة "الحملة الدولية من أجل إيران" المدافعة عن حقوق الإنسان، أعلنت في وقت سابق أمس، أن الشرطة الإيرانية اعتقلت الباحث الاجتماعي الإيراني- الأميركي كيان تاج بخش من منزله في طهران مساء الخميس الماضي، من دون أي مبرر قانوني، واقتادته إلى جهة مجهولة.

وأوضحت الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في إيران، أن "العناصر لم يقدموا أي مبرر قانوني لاعتقاله، واقتادوه إلى مكان مازال مجهولاً".

وأشارت المنظمة إلى أن "تاج بخش ينضم إلى أكثر من 240 آخرين من المحامين اللامعين والناشطين والصحافيين والأساتذة والمدافعين عن حقوق الإنسان والطلبة الإيرانيين، الذين اعتُقلوا من دون مذكرات، من منازلهم أو أماكن عملهم، من قبل عناصر غير معروفين، واقتيدوا إلى أماكن لاتزال مجهولة".

وكان تاج بخش اعتُقل في مايو 2007، وأُفرِج عنه بكفالة مالية قدرها 100 ألف دولار، بعد أن بث التلفزيون الإيراني ما قال إنه اعترافات بشأن "التجسس والمساس بالأمن القومي الإيراني".

وفي خطوة هي الرابعة على التوالي، منذ اندلاع الاحتجاجات، غاب رئيس "مجمع تشخيص مصلحة النظام" هاشمي رفسنجاني، عن إقامة صلاة الجمعة في طهران أمس الأول، في حين تردّد أن حوارات مكثفة تُجرى للتوصل إلى صفقة، تخرج الحكومة من حرجها المفتوح دولياً، بإبقاء ملف الانتخابات مفتوحاً.

وفي هذا السياق، ذُكِر أن لجنة الأمن القومي والخارجية في البرلمان ستلتقي الرئيس الإيراني، في إطار جهودها التوفيقية، بعد الاجتماع برفسنجاني وموسوي، ومرجعيات كبيرة في قمّ أيّدت الإصلاحيين.

ويحاول أقطاب نافذون من المحافظين القضاء سياسياً على كثير من زعماء الإصلاح، وفتح ملفات قضائية لهم تمنعهم من خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، غير أن الإصلاحيين المشغولين هذه الأيام بملف المعتقلين، يعيدون ترتيب أوضاعهم للدفع بقادة جدد من الشبان.