حضر مهرجان برلين العالمي للآداب «9th international literature festival berlin»، في دورته التاسعة قبل أيام، عدد كبير من أدباء العالم، إضافة إلى أدباء وكتّاب وصحافيين من العالم العربي، كون المحور الأساس في مهرجان هذا العالم كان بعنوان «آداب العالم العربي».

Ad

وكان حضور المترجمين الأوروبيين وأصحاب دور النشر لافتاً، للخروج بعقود ترجمة لأعمال روائية عربية إلى مختلف اللغات الأوروبية.

برنامج المهرجان اليومي كان حافلاً، يبدأ في العاشرة صباحاً ويستمر حتى العاشرة مساءً، في أحد المراكز الثقافية ببرلين، وإلى جانب المحاضرات والندوات والعروض الفنية، كانت هناك خيمة كبيرة في وسط حديقة المركز، خيمة تبقى مفتوحة طوال الوقت، تحتضن اللقاءات والحوارات والتعارف، وحكايا الوصل، بين مختلف ضيوف المهرجان، وكان مدير المهرجان آرك شرايبر، موجوداً بين الضيوف، ينتقل بخفة وعفوية من مائدة إلى أخرى، بما يبعث روحاً من الوصل الإنساني الجميل بين مختلف الحضور.

وفي الوقت المحدد صعدنا إلى المنصة، التي تعلو درجة واحدة عن أرض القاعة، جلسنا: الروائية اللبنانية علوية صبح، ومديرة ومترجمة الأمسية، والفنانة المؤدية، وأنا.

تراءى لي الحضور وقد غلب عليهم الحضور الشبابي، وبدأت مديرة الأمسية تقديم جزء من سيرة ذاتية باللغة الألمانية، وتابعتها من خلال جهاز الترجمة الفورية، بعدها طُلب مني قراءة قصة قصيرة قدمتها للمهرجان سلفاً بعنوان «سرقات صغيرة»، في مدة تصل إلى سبع دقائق، وكان الجمهور الألماني يتابعني عبر أجهزة الترجمة، بعدها أنصتُّ والقاعة إلى الأداء التمثيلي الرائع الذي قدمته الفنانة الألمانية، وكانت دكتورة في معهد التمثيل، وكم فاجأني تأثرها بالنص، وتقمصها روح الحوار، وكان يكفيني، أنا الذي لا أعرف الألمانية، أن أتابع مخارج حروفها لأدرك روح النص على وقع تأثرها وأدائها التمثيلي الموحي.

الأمر نفسه تكرر مع تقديم الروائية علوية صبح وقراءتها، بعدها دار حوار بشأن عوالم القصة، والظروف الأسرية والاجتماعية التي أكتب فيها، ولقد لفت نظري في مجمل الأمسية:

- دقة التزام المنظمين والجمهور بوقت الأمسية.

- الأداء التمثيلي المقنع الذي قدمته الممثلة الألمانية، وكان بمنزلة الجسر الإنساني الذي ربط بين أجواء القصة القصيرة الكويتية التي قرأتها وجمهور الحضور.

- الأسئلة التي دارت، وكان همها الأساسي يدور حول طبيعة الحياة الاجتماعية في الكويت، وبما يوحي بأن الجمهور الألماني بالعموم، والمثقف منه على وجه الخصوص، يحمل صورة غير صحيحة، وبعيدة عن الوقع، للوضع الاجتماعي والاقتصادي لدول الخليج العربي.

- لفت نظري أن الجمهور يدخل إلى الأمسية بتذاكر مدفوعة الثمن، وحسب رأي مدير المهرجان: «هذه أفضل طريقة للتواصل مع جمهور مهتم، يأتي للفائدة لا للفرجة المجانية». ولحظتها انعقدت مقارنة عابرة في ذهني بين جمهورنا الثقافي العربي، وجمهور الحضور.

كان واضحاً لي إن المهرجان في خلاصته، كان قادراً على إلغاء كل الحدود بين المشاركين، وكان ناجحاً في مدِّ جسور الود والإنساني، والوصل الثقافي بين مختلف الثقافات.