تلك الضجة المثارة... وهذه الأصوات التي تتعالى منادية بتأجيل الدراسة خوفاً من انتشار إنفلونزا الخنازير أصواتٌ لا سند لها ولا علم عند أهلها ولا دراية لأصحابها بما ينادون به.

إنهم يصدرون سلسلة من الفتاوى في أمور فنية لا يفقهونها، والدعوة إلى اتخاذ قرارات مصيرية على مستوى الوطن أقلُّ ما يقال عنها بإنها عبث برلماني و"لا مسؤولية" سياسية وحتى أخلاقية في دفع البلاد إلى تحمل أعباء قرارات ارتجالية تضر المواطنين وتعوق تطورهم ورقيهم أكثر مما هي إرضاء لناخبين يتكسب بعض البرلمانيين من ورائهم. هؤلاء الناخبون سيكونون أول المتضررين، وأول من يدفع الثمن.

Ad

إن لمعالجة الكوارث والمصائب قنوات آخرها القناة السياسية التي يجب أن تبني قراراتها على ضوء معطيات فنية بحتة، تقدمها أجهزة ومؤسسات ذات خبرة وتخصص، وفي الحالة التي نحن أمامها يريد بعض النواب إلغاء هذه الخبرات وتفضيل تهديدهم ووعيدهم عليها.

ونحن نتساءل: ما هي الخبرات الفنية والبحثية التي استند إليها هؤلاء النواب المنادون بتعطيل الدراسة؟ هل هي أكثر من تلك التي تمتلكها منظمة الصحة العالمية أو المنظمات الإقليمية أو الخبرات الفنية العالمية في العالم المتطور؟

وإذا كانوا ينادون بذلك خوفاً من انتشار الوباء فيطلبون تأجيل الدراسة أسبوعاً أو أسبوعين أو شهراً، فهل لديهم العلم اليقين بأن الوباء سينجلي ويتبخر بعد هذه المدة؟ ولماذا لا يكون التأجيل عاماً  أو عامين مثلاً؟ ولماذا لا ينادون بإغلاق أماكن التجمعات كالأسواق والأندية والمساجد؟

أليس ما نشهده عبثاً في عبث خولتهم كراسي البرلمان الخضراء ممارسته؟

إن الأمم والدول والشركات والمؤسسات وحتى البقالات لا تدار بهذه الطريقة. إنها فوضى مدمرة تلك التي ستقود البلاد الى مستقبل مظلم.

تبقى هذه الأصوات البرلمانية ودعوتها هي الاختبار "الشفهي" الأول للحكومة في القيام بدورها لأنها "المهيمنة على مصالح الشعب"، وتتحمل مسؤوليتها في إرساء قراراتها على أسس فنية لا على طاولة المساومات السياسية، وكسب ود وإرضاء الأصوات النيابية.

فلا خير في سياسة تحصين "الكراسي" وحفظ المناصب على حساب حماية الوطن وحفظ مستقبل أهله.

الجريدة