الكاتب المسرحي عبد العزيز السريع علامة بارزة في ازدهار الحركة المسرحية الكويتية وتطوّرها وأحد أبرز رواد الحركة المسرحية العربية والخليجية. تميّز طوال مسيرته الحافلة بتنوع الإنتاج وموسوعية الثقافة، كانت له إسهامات في التأليف القصصي، والكتابة للدراما التلفزيونية، وفي إعداد البرامج الثقافية.

بدأ السريع نشاطه المسرحي مع الفنان الراحل صقر الرشود في فرقة «مسرح الخليج العربي»، بعد لقاء تمّ بالصدفة بينهما، وقدما معاً مجموعة من الأعمال المسرحية المهمة والمميزة في مجال المسرح الاجتماعي خصوصاً، له إسهامات بارزة في بث الروح الإبداعية في الأعمال المسرحية، التي كانت وراء ازدهار الحركة المسرحية الكويتية وتميّزها في المهرجانات في الوطن العربي.

Ad

تجاوز في إبداعه الصادق حدود وطنه وساهم في مسيرة المسرح العربي بهدف الوصول إلى واقع أفضل وحياة مشرقة للإنسان.

«مجنون ليلى»

شكلت مسرحية «مجنون ليلى» لأمير الشعراء أحمد شوقي، نقطة البداية في تعرفه على المسرح، كان آنذاك في الصفوف الابتدائية، وقد لفته خصوصاً أداء استاذ التاريخ، الذي كان يعلمه هذه المادة، دور قيس، وبما أنه لم تكن في المدرسة فتيات كان من الضروري أن يمثل أحد الطلاب دور ليلى. في ما بعد أدى دور أبي جهل في مسرحية أعدتها إحدى الجمعيات تحديداً في مشهد إسلام عمر.

منذ العام 1956 يواظب السريع على حضور عروض «المسرح الشعبي» التي يقدمها الأستاذ محمد النشمي وزملاؤه، وينتابه شعور بالسعادة عندما ترفع الستارة ويبدأ التمثيل، وينتظر الدقات الثلاث كأنها تضرب في قلبه، ولم يخفت شغفه بالمسرح يوماً بل استمر في وتيرة متصاعدة لغاية اليوم.

شكل عام 1958 نقطة تحوّل في حياة السريع الفنية، إذ تسنّت له مشاهدة مسرحية «تقاليد» لصقر الرشيد، فأعجب بها وسرعان ما تطورت العلاقة بينهما. في تلك الفترة، كان المسرح الكويتي يمرّ بفترة خمول ويقتصر نشاطه على العروض الزائرة، التي كان يقدمها المسرح القومي المصري، من بينها مسرحيتا «مجنون ليلى» و{القضية» اللتان شاهدهما السريع برفقة صقر الرشود.

عام 1960، حضر محاضرتين حول المسرح للأستاذ زكي طليمات ألقاهما في ثانوية الشويخ، وشاهد عروضه التي قدمها مع «فرقة المسرح العربي».

عام 1963، تعرّف السريع إلى مجموعة من الممثلين في «مسرح الخليج العربي» الذين كانوا يخطون خطوتهم الأولى نحو تأسيس الفرقة وصار واحدًا منهم، بعدما استهواه الاتجاه الجديد الذي يعتمده هذا المسرح خلافاً لما كانت تقدمه «فرقة المسرح الشعبي».

تجربة الكتابة

دخل السريع عالم الكتابة خفية في البداية، ولم يطلع أحداً على تجربته الأولى «أنا محتار»، بمن فيهم صقر الرشود، وكان يحملها معه أينما ذهب حرصًا عليها، وبعدما اكتملت قدمها بحياء وفوجئ بالقبول الذي لقيته فقرر بعدها التركيز على مجال الكتابة.

عام 1964، شارك في المسابقة الأولى في التأليف المسرحي في الكويت، وكانت المفاجأة فوز مسرحيته بالجائزة، بعد ذلك خاض تجارب التأليف والإنتاج من خلال عضويته في فرقة «مسرح الخليج العربي».

ساهمت علاقة السريع مع فرقة «مسرح الخليج العربي» في استيعابه كل صغيرة وكبيرة سواء كان في مجال الكتابة أو الإدارة، فتجاوز في عطائه حدود وطنه وشارك في لجان المهرجانات والمؤتمرات المساهمة في مسيرة المسرح العربي، وما زال لغاية اليوم، يشارك في دعم الشباب وتشجيعهم لتطوير الحركة المسرحية الجادة وإدخالها إلى المهرجانات المسرحية في الوطن العربي.

مع «مسرح الخليج»

«الأسرة الضائعة»، أول مسرحية قدّمها السريع مع فرقة «مسرح الخليج العربي»، وكانت من فكرته وإعداد اللجنة الثقافية المؤلفة من: عبد العزيز السريع، صقر الرشود، محبوب العبد الله. عرضت على مسرح كيفان في 25 ديسمبر (كانون الأول) 1963، وشارك فيها: سالم الفعقان، عبد العزيز الفهد، محمد المنصور، حياة الفهد، عبد العزيز السريع، وكانت المرة الوحيدة التي اعتلى فيها خشبة المسرح ممثلاً.

تدور أحداث المسرحية حول أسرة كويتية، لكل واحد من أفرادها رأي خاص ووجهة نظر، أب قاس أناني يهتم بنفسه، أبناء يسير كل واحد منهم في اتجاه، أم تعيش بعقليتها القديمة، إبنة متناقضة مع نفسها وحياتها بين زحام الفقر والثراء.

تقع المسرحية في فصول ثلاثة: تجري أحداث الفصل الأول أيام الفقر، حيث يترك أكبر الأبناء المدرسة ليعمل ويرفع من دخل الأسرة، كذلك تترك الإبنة المدرسة لتخدم في البيت وتساهم الأم من أموالها التي تلقتها من التثمين لترفع مستوى معيشة زوجها.

في الفصل الثاني يستولي الأب على المال ويقرر الزواج من فتاة شابة. يصدم الابن في حبه، ويضيّع الثراء ويبدأ نوعاً جديداً من الحياة التافهة، الأولاد لاهون لا يجدون من يوجههم ويؤدبهم، الأم تتعذب بسبب ما يجري حولها.

أما أحداث الفصل الثالث فهي في مشهدين: الأول في لبنان حيث يقرر الأب الزواج من فتاة شابة صغيرة في عمر ابنته باعها أهلها. أما المشهد الثاني فتجري أحداثه في بيت العائلة، حيث تبدأ مأساة الزوجة الأولى التي طلقها زوجها، ومأساة الزوجة الثانية اللبنانية التي تكره زوجها وتنتحر.

أعمال مسرحية

كتب السريع مجموعة من المسرحيات، من بينها:

- «الجوع»، عرضت على مسرح كيفان في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 1964، إخراج صقر الرشود، شارك فيها: حياة الفهد، أسمهان توفيق، عبد الأمير مطر، خالد العبيد، سالم الفقعان، محمد المنصور، منصور المنصور، نوال باقر، ليلى عبد العزيز.

- «عنده شهادة»، عرضت في 8 ديسمبر 1965، إخراج صقر الرشود، شارك فيها: منصور المنصور، سعاد عبد الله، أسمهان توفيق، نوال باقر.

- «لمن القرار الأخير»، عرضت في 4 ديسمبر 1968 على مسرح كيفان، إخراج صقر الرشود، شارك فيها: صقر الرشود، منصور المنصور، محمد المنصور، محمد السريع.

- «فلوس ونفوس»، عرضت في 10 يونيو (حزيران) 1970، إخراج صالح حمدان، شارك فيها: سعد الفرج، حياة الفهد، صقر الرشود، محمد المنصور، عبد الرحمن العقل.

- «الدرجة الرابعة» إعادة كتابة لمسرحيته السابقة «لمن القرار الأخير»، عرضت على خشبة مسرح كيفان في 25 يوليو (تموز) 1972، وكانت عرضت في دمشق والقاهرة عام 1971، إخراج صقر الرشود، شارك فيها: سعاد عبد الله، محمد المنصور، عبد الرحمن العقل، علي المفيدي، منصور المنصور، سليمان ياسين، عبد العزيز المنصور، محمد السريع، أحمد الضرمان، محمد المنيع، حسين المنصور.

- «1، 2، 3، 4 بم» بالاشتراك مع صقر الرشود (أول تجربة للرشود والسريع في التأليف المشترك) عرضت في 27 يناير 1972 على مسرح كيفان، شارك فيها: حياة الفهد، صقر الرشود، إبراهيم الصلال، عبد الرحمن العقل، خالد العبيد، محمد السريع، أحمد الضرمان، مريم الغضبان، حسين المنصور، سليمان ياسين، عبد الله الحبيل، علي المفيدي، محمد المنصور، خليل إسماعيل، هدى حمادة.

- «ضاع الديك» عرضت في 7 نوفمبر 1972 على مسرح كيفان، إخراج صقر الرشود، شارك فيها: محمد المنصور، عبد العزيز المسعود، حياة الفهد، خالد العبيد، سليمان ياسين، عبد الله الحبيل، عبد الرحمن العقل، مريم الصالح، عصرية الزامل، منصور المنصور، محمد السريع.

- «شياطين ليلة الجمعة» بالاشتراك مع صقر الرشود الذي تولى مهمة الإخراج وقد عرضت على مسرح كيفان في 5 ديسمبر 1973 شارك فيها: محمد المنصور، خالد العبيد، محمد السريع، عبد الله الحبيل، سليمان ياسين، هيفاء عادل، حميد السلمان، أحمد الضرمان، فهد العباد، أحمد المسعود، عبد العزيز الطراروة.

- «بحمدون المحطة»، بالاشتراك مع صقر الرشود الذي أخرجها أيضاً وقد عرضت على مسرح المعاهد الخاصة في 18 ديسمبر 1974، شارك فيها: محمد المنصور، حياة الفهد، خالد العبيد، محمد السريع، عائشة إبراهيم، عبد الرحمن العقل، حميد السلمان.

مسرحيات أخرى

ساهم السريع في إعداد مسرحية «الأصدقاء» وإخراجها وهي التجربة الوحيدة له في مجال الإخراج، من تأليف هربرت فاجيون، عرضت في 2 مارس (آذار) عام 1971 على مسرح كيفان شارك فيها: علي المفيدي، سليمان ياسين، أحمد الضرمان، عبد العزيز الحداد، عبد الله الحبيل، عبد الرحمن الصالح، عبد العزيز المنصور.

أعدّ مسرحية «الثمن» لآرثر ميللر وأخرجها فؤاد الشطي، إنتاج المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. عرضت في أبريل (نيسان) 1988 على مسرح الدسمة شارك فيها: سعاد حسين، إبراهيم الصلال، كنعان حمد، جاسم النبهان، وقد مثلت الكويت في «المهرجان الخليجي المسرحي الأول» لدول مجلس التعاون - الكويت (1987).

تولى السريع إدارة الإنتاج في فرقة «مسرح الخليج العربي» منذ تأسيسها عام 1963 حتى عام 1978، أشرف خلالها على إنتاج أكثر من 30 عملاً مسرحيًا.

نبذة مختصرة

- حائز إجازة في اللغة العربية من جامعة الكويت

- ساهم في تأسيس فرقة «مسرح الخليج العربي» في 23 مايو (أيار) 1963 مع مجموعة من الهواة بينهم صديقه صقر الرشود .

- رئيس مجلس إدارة «مسرح الخليج العربي» لسنوات.

- انتخب لتمثيل الفرق المسرحية الأهلية الكويتية في «اللجنة الدائمة للمسارح الأهلية» التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي منذ تشكيلها عام 1986، حتى عام 2002 .

- عضو اللجنة العليا للمسرح (1988 - 1990).

- أصدر مجموعة قصصية بعنوان «دموع رجل متزوج» (1985)، وكانت القصص نشرت متفرقة بين 1965 و1978، في المجلات الأدبية المحلية والعربية.

- له سلسلة من الكتب من بينها:

- «المسرح المدرسي في دول الخليج العربي» بالاشتراك مع تحسين بدير، لمكتب التربية العربي لدول الخليج - الرياض (1993).

- «ابن الكويت المخلص.. حمد الرجيب» شارك في التأليف صالح الغريب، صدر عن اتحاد المسارح الأهلية الكويتية (1998).

- كتب مجموعة من التمثيليات التلفزيونية من بينها «الخادمة» ( 1963) و{نقطة ضعف» و{كلمات متقاطعة».

- أعدّ المسلسل التلفزيوني الشهير «الإبريق المكسور» لتلفزيون الكويت (30 حلقة) وكتب حواره، قصة وسيناريو الكاتب اللبناني فارس يواكيم.

- كتب قصة وسيناريو وحوار مسلسل «حيرة البداية» للتلفزيون.

- كتب قصة وسيناريو وحوار مسلسل «الحظ والملايين الستة».

- كتب للإذاعة مجموعة من البرامج والمسلسلات من بينها: «نماذج مرفوضة» (90 حلقة) .

- ساهم في إعداد برامج ثقافية لتلفزيون الكويت منها:

-{الأدب في أسبوع» مع صدقي حطاب وسليمان الشطي .

- «خمسة في ستة» و{حروف ومربعات» ثقافي أسبوعي منوّع .

- «يوميات التلفزيون» برنامج ثقافي يومي مع زميله محبوب العبد الله .

- منحته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل جائزة «التأليف المسرحي» عن مسرحية «عنده شهادة» (1965) وتتالت من ثم سبحة الجوائز وشهادات التقدير.

- كرّم عام 1995 في مهرجان «أيام قرطاج المسرحية» (الدورة السابعة).

- منحه رئيس جمهورية تونس وسام الاستحقاق الثقافي من الطبقة الثانية (أكتوبر 1995) .

- أصدرت مؤسسة «جائزة عبد العزيز سعود البابطين» للإبداع الشعري، كتاب «تكريم وتحية» (2002) احتفاءً بمرور عشر سنوات على تولي السريع الأمانة العامة للمؤسسة، شارك فيه مجموعة من الباحثين والأكاديميين والأصدقاء، أقيمت له حفلة تكريمية بهذه المناسبة خلال «دورة علي بن المقرب العيوني» في المنامة في أكتوبر من العام نفسه.

- تمّ تكريمه في «المهرجان المسرحي لدول مجلس التعاون- دورة أبوظبي} (2003).

- كرمه «مهرجان دمشق المسرحي» في دورته الـ 14 (2008) تقديرًا لعطاءاته للمسرح العربي.

- كُرِّم في «يوم الأديب الكويتي» في 9 أبريل 2008 في كلية الآداب في جامعة الكويت.

- كرّمه «مهرجان المسرح الأردني» تقديرًا لمسيرته (يناير 2009).

من أقواله

- من الأساس هناك ندرة في كتّاب المسرح وفي الأعمال المسرحية المكتوبة.

- من أبرز ملامح التغيير الذي حدث في المسرح ضعف الإهتمام بالنص المسرحي المكتوب واعتباره إلى حد ما عملاً أدبيًا، وأن العرض المسرحي عمل فني والحوار مجرد مسألة ثرثرة، وهذا ما يحصل في العالم ككل وليس في وطننا العربي فحسب.

- المسرح الآن 80 % منه مسرح هزلي خفيف له جماهير عريضة، وربما الحسنة الأساسية لهذا النوع من المسرح أنه يخلق حالة من الاستمرارية في العروض المسرحية، وهذا شيء طيب يخلق حالة من التواصل مع الجمهور ويزيد أعدادهم.

- لكل لون من ألوان المسرح وظيفة وخدمة يقدمها، وللمسرح دور مهم وخطير إذا تصدّى له من يملك الثقافة والوعي والموهبة.

- الممثل يلعب الدور الأول والدور الأساسي في العرض المسرحي ومن دونه العرض غير موجود.

- التطوير لا يأتي بقرار ولا برغبة ولكن يأتي بالمثابرة والممارسة والتجربة المستمرة.

- المتابعة النقدية الصحافية تلعب دورًا هامًا في تنبيه الناس على الظاهرة المسرحية وتطورها ما يجعلها تؤسس لتطور جديد في هذه العملية.

- هناك الكثير من الأعمال المسرحية التي قدمت على مدى ثلاثين عامًا تناولت القضايا الاجتماعية والوطنية كافة وعبرت بصدق عن واقع هذا المجتمع واستشرفت المستقبل بل أقول تنبأت بما حدث لهذا الوطن.

- المسرح حاليًا يعيش حالة من القلق وعدم الاستقرار ولا أعتقد أننا ننفرد في هذا الوضع، بل أستطيع القول إن هذه الحالة عامة تشمل المسرح في دول مجلس التعاون والدول العربية كلها بل والعالم أجمع.

- المرأة لم تأخذ حظها في كل شيء وضمن ذلك المسرح لأن أغلب البطولات المكتوبة رجالية والمرأة مساندة للرجل. وأظن أن ذلك يصدق على المسرح في العالم.