الحديث عن يوسف إبراهيم الغانم يلخص مسيرة الكويت. رجل اختزل بسيرته العطرة حقبة نهوض وصعود.

Ad

هو رجل الزمن الجميل وممَّن تبقى من أولئك الرجال المحترمين الذين لم يبخلوا في العطاء لوطنهم.

ولم يكن عطاء يوسف ابراهيم الغانم من ذلك النوع المشتت المتقلب، بل كان شديد التركيز والوضوح، فالوطن القادم، بذهنه، هو وطن حر، مستقل، يحكمه الشعب، تتكافأ فيه الفرص، ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وفق دستور يفصل بين السلطات.

لم يتوقف، رحمه الله، عن دفع تلك الصورة لكي تتحول من ومضات تخبو حينا وتضيء حيناً إلى حقيقة واقعة في عام 1962. فلم تشغله تجارته عن التركيز على هدفه، ولم يتوانَ عن اتخاذ مواقف قد تُحسب عليه، بل ظل شامخاً دافعاً بذلك الحلم، منافحاً عن المكاسب الدستورية بكل وسيلة وفي كل وقت.

ولئن كان، رحمه الله، قد اختار العزوف عن الظهور الإعلامي، فإنه ظل عنصراً مؤثراً وفاعلاً في كل الأحداث المفصلية، ولم يتوقف عن ذلك حتى في أواخر أيامه.

عطاء والتزام يوسف ابراهيم الغانم من النوع السلس، لا ادعاء فيهما ولا مغالاة، لا حديث فيهما عن الذات أو الانجازات، فالرجل لم يعتبر اسهاماته شيئاً يذكر، وظل ملتزماً بهذا النهج، يفعل ولا يتكلم، يسعى ولا يدَّعي، بينما جردة بسيطة لدوره في بناء الكويت تكفي.

وتبقى الحقيقة الناصعة بأن يوسف ابراهيم الغانم ورجالاً آخرين معه، بعضهم توفّاهم الله، وبعضهم ما زالوا بين ظهرانينا أطال الله في أعمارهم، هم من صاغ واجتهد وعمل لخلق معالم الزمن الجميل والذي نأمل أن يعود.

ويبقى رحيل رجل بشموخ يوسف ابراهيم الغانم غصة في القلب، وحزنا على وطن يتدهور، ولم يكن تلك الصورة التي أحبها أو أرادها.

ويبقى السؤال الرئيسي: هل كان يوسف ابراهيم الغانم عنواناً لحقبة النهوض الوطني أم كانت تلك الحقبة عنواناً له أم الاثنان معا؟ أم أنه كان شعلة لا تخبو أنارت الطريق لنا؟ ربما كل ذلك.

لا نملك اليوم إلا أن نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة لأبي إبراهيم، وأن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.

الجريدة