ذاع صيته أخيراً بعد عرض أعماله في صالة مزادات «كريستي» العالمية التي عرضت سابقاً أعمال عظماء الفن أمثال بيكاسو، سلفادور دالي، فان غوخ. إنه الفنان المصري محمد طمان (كبير المخرجين الفنيين في مكتبة الإسكندرية) الذي تحدث إلى {الجريدة» عن عشق الرسم في الطفولة وصولاً إلى ابتكاره تقنية جديدة في التشكيل أطلق عليها اسم «الوتر».متى وكيف بدأت علاقتك بالفن التشكيلي؟ بدأت خلال طفولتي، لا سيما أن والدي فنان موهوب بالفطرة وقد علَّم نفسه الفن بنفسه، ورغم عمله كضابط في القوات المسلحة إلا أنه لم يغفل موهبته إلى اليوم، وحتى أثناء حرب 1973 كان يستثمر أوقات فراغه على الجبهة في رسم اللوحات.تلك العلاقة المبكرة بيني وألوان والدي ولوحاته شكّلت داخلي إحساساً طبيعياً بأن جزءاً من تكويني مرتبط باللوحات والألوان، ولأن كان لا يمكنني ممارسة الفن بحرية (أثناء الإجازة الدراسية فحسب) كنت ألجأ إلى الرسم خلال أوقات الدراسة ثم أخفي ما أرسمه بين الكتب.هل اخترت الدراسة في كلية التربية الفنية لصقل موهبتك؟كنت أهوى الرسم، لكن لم يكن يخطر في بالي أنه سيصبح مهنتي، وقد استنفدت فيه معظم وقتي، ما أثّر على تحصيلي الدراسي في الثانوية العامة، وبالتالي حصلت على مجموع صغير، لكن لنجاحي في امتحانات القدرات الخاصة بالعمارة والفنون تمكنت من الالتحاق بالكلية حيث تعلّمت أنه ليس بالموهبة وحدها تستحق أن تكون فناناً، بل لا بد من صقلها بالدراسة والعمل.لماذا لم تفكر في استكمال مشوارك أكاديمياً عبر الجامعة؟كان ذلك أحد أهدافي، إذ أهوى مهنة التدريس ونقل الخبرات العلمية والفنية المختلفة وتطوير الجانب الفكري والإبداعي لدى الطلاب، لكن في عام تخرجي لم يتم تعيين غير خمسة معيدين وكان ترتيبي السابع.من الناحية العلمية استكملت دراساتي العليا وأنا في مرحلة الدكتوراه، وفي الوقت نفسه أنا طالب في مرحلة الماجستير بجامعة «ليون» الفرنسية المتخصصة في علوم الملتيميديا والهندسة الرقمية في الفنون.«الوتر» تقنية جديدة ابتكرتها في التشكيل، حدثنا عنها؟في صيف عام 1998 وعندما كنت أستعد للمشاركة في معرض «صالون الشباب» بالقاهرة الذي يهتم بتقديم أفكار الشباب الجديدة في الفن التشكيلي، كنت أجرّب الألوان وأخلطها بأحماض وشمع ومواد كيماوية أخرى وبعد جفافها لاحظت أنها أعطت تأثيراً بصرياً يُشبه الخلايا البشرية عندما نراها تحت الميكروسكوب، لذا حاولت صنع هذا التأثير مجدداً إلى أن تمكنت من إنتاجه؛ وإن بدرجة لونية واحدة، ثم بدأت في التقديم في المعارض المختلفة مستخدماً المادة نفسها التي ارتبط اسمي بها؛ وأصبحت علامة مميزة لأعمالي وكانت طبيعة أعمالي في هذه الفترة تتسم بالتجريد، وفي عام 2005 تمكنت لأول مرة من رسم بورتريه شخصي من خلالها، ثم طورت المادة بعد ذلك ولونتها بألوان مختلفة.إلى جانب شكلها اللافت، بماذا تتميّز هذه المادة؟من مميزاتها أن كل قطعة فنية منها فريدة بحد ذاتها، أي لا يمكن تقليدها أو تكرارها نظراً إلى أنها تعتمد على تفاعلات كيمياوية بين المادة ولا يمكن توقع النتيجة النهائية إلا بعد الجفاف. كذلك من ميزاتها أنها تقاوم عوامل التلف المعتادة التي قد تصيب أي عمل فني مثل تغير الألوان على مدار الوقت أو التأثر بالرطوبة. كيف اختيرت أعمالك للانضمام إلى صالة مزادات «كريستي» العالمية؟عبر غاليري «كريم فرنسيس»، إذ تقوم لجنة من صالة المزادات بزيارة الغالريهات لاختيار أعمال الفنانين، وأشير هنا إلى أن «كريستي» إحدى أعرق الصالات عالمياً، وعُرضت فيها أعمال أسماء مرموقة في تاريخ الفن.مَنْ أبرز الفنانين العالميين الذين عُرضت أعمالهم في هذه الصالة؟من مصر: محمود مختار، محمود سعيد، جاذبية سري، طه حسين، عادل السيوي، سيف وانلي، فرغلي عبد الحفيظ، محمد عبله، تحية حليم.عالمياً: بيكاسو، سلفادور دالي، فان غوخ، رمبرانت، آندي ورهول، فريدا كاهلو، فرانسيس بيكون، ماتيس...صف لنا طبيعة عملك في مكتبة الإسكندرية ككبير مخرجين؟بدأت عملي في المكتبة عام 2005 كمصمم بقسم الغرافيك وارتقيت إلى أن صرت كبير مخرجين، وأقوم بأعمال التصميم والإخراج الفني لمطبوعات المكتبة. أخيراً، أوُكلت إليَّ السكرتارية الفنية لـ{ذاكرة مصر المعاصرة» وهي مجلة ستصدرها المكتبة قريباً.كونك لا تزال في مقتبل العمر، هل واجهت صعوبات في مشوار حياتك العملية؟الصعوبات هي التي تجعلك تشعر بطعم النجاح. صدمت من عدم تعينني في الكلية رغم تفوقي فيها، ذلك كان كفيلاً بتحطيم معنوياتي كما حدث مع كثير من زملائي، لكنني استفدت أيضاً من الخبرة العملية التي أكسبتني قدرة على مهارة توصيل المعلومة والتحدث بلغة يفهمها الطالب.كذلك كان عنصر اللغة إحدى أهم الصعوبات التي واجهتني أثناء الدراسة في الخارج، ناهيك عن إحباطات متوالية ممن هم حولي والتقليل دوماً مما أنجزه وهي للأسف سمة لصيقة بمجتمعاتنا العربية، بينما في الغرب لا عمل تافه، فأي عمل طالما أنفقت فيه وقتاً وجهداً يجب احترامه.على المستوى التعليمي أبرز الصعوبات الراهنة هي تلك المتعلقة بالدراسة في مجال الملتيميديا، فنحن لا نفتقر إلى فنانين سابقين متخصصين في هذا المجال يمكن الرجوع إليهم.كيف تصف واقع الحركة التشكيلية في العالم العربي؟ظهر تأثير الثورة الرقمية في مجال الفنون، وثمة جيل جديد من الفنانين بدأ في الظهور على الساحة يختلف عن الأجيال السابقة لاهتمامه بالجانب التكنولوجي في أعماله. كذلك أصبح الجمهور عنصراً فاعلاً في العمل وليس مجرد متفرج. أما على المستوى النقدي فأعتقد أن النقاد سيواجهون مشكلة قريباً في تحليل الأعمال الرقمية التي تتطلب منهم أن يكونوا على معرفة واسعة بمثل هذه الفنون.ماذا عن أحلامك؟أحلم بتخريج فنانين قادرين على التعامل مع التكنولوجيا عبر الفن والعلم، وهو الاتجاه السائد راهناً في العالم. أشير هنا إلى أن د. شادي النشوقاتي أتاح لي هذه الفرصة عبر إعطاء دروس في الورشة المتخصصة في فنون الميديا التي ينظمها سنوياً بكلية التربية الفنية، حيث تقدّم دروس حول الاتجاهات الابتكارية والمنتجة بواسطة الكمبيوتر.
توابل
الرسّام محمد طمان: التشكيل العربي يشهد ثورة رقميّة لا يستوعبها النقّاد
14-06-2009